هل تنحصر المعرفة في توصيات قوائم القراءة؟

تنتشر قوائم القراءة في كل مكان: عشرة كتب يجب عليك قراءتها قبل أن تموت؛ الأعمال الكلاسيكية في الأدب الروسي؛ الروايات المؤسسة....

تنتشر قوائم القراءة في كل مكان: عشرة كتب يجب عليك قراءتها قبل أن تموت؛ الأعمال الكلاسيكية في الأدب الروسي؛ الروايات المؤسسة لجنسي الخيال العلمي والفانتازيا؛ كتب تأسيسية في الفلسفة؛ أهم الكتب الاقتصادية في القرن العشرين؛ عناوين للمبتدئين في عالم القراءة.

تبدو القوائم ظاهريًا محايدة، إذ لا تتعدى في الغالب كونها مداخل لا مناص منها لعوالم أوسع وأكبر، خصوصًا لمن يعدّون أنفسهم حديثي عهدٍ بالقراءة. أو لعلها على أقل تقدير، مرجعٌ للمصادر التي يمكن التزود بها في مباشرة البناء المعرفي بمجالٍ أو تخصصٍ ما، دون تفرقة بين متبحر أو مستجد. 

لكن قوائم القراءة ليست كذلك تمامًا. إذ تتضمن العديد من الافتراضات والخرافات التي من شأنها أن تودي بالقراء لفخ التنميط ومحدودية الفكر وقتما فشلوا في التنبه لها. وفوق كل ذلك، اللحظة التي تتشكل فيها قوائم القراءة هي اللحظة التي تخرج فيها القراءة من كونها فعلًا ذاتيًا لفعلٍ مفروض، وشتان بين الفعلين.

وفي سبيل تقويض مفهوم قوائم القراءة، أتناول في هذه المقالة خرافتين وافتراضًا: خرافة حدود المجال/التخصص وخرافة القارئ المثالي من جانب، وافتراض أفق الفكر من جانبٍ آخر. ولا أضمّن في حديثي قوائم القراءة أو التوصيات التقليدية فحسب، بل المقررات الأكاديمية أيضًا، لارتكازها على ذات الأسس. 

هيمنة تصنيف قوائم الكتب 

يقول دومينيك لاكابرا في مقال «إعادة التأمل في تاريخ الفكر وقراءة النصوص» المنشورة عام 1980: «لا يمتلك أي مجال حق الهيمنة الاستبدادية على فرويد أو ماركس أو نيتشه أو جويس». تعني هذه العبارة أن أعمال فرويد وماركس ونيتشه وجويس وغيرهم عصية على التصنيف، لأنها تضم بين كنفيها ما لا يمكن اختزاله في مجالٍ وحيد.

هل من المفترض أن توضع أعمال نيتشه في قسم الفلسفة أم الأدب؟ وهل تصنف كتابات ماركس تحت السياسة أم الفلسفة أم الاقتصاد؟ وهل يجب أن يقرأ عملٌ من قبيل «صورة الفنان في شبابه» بوصفه عملًا أدبيًا بحتًا، دون أي اعتبار لحيثيات وظروف ما عاصره جيل جويس بإيرلندا مطلع القرن العشرين، وهي ذات الحيثيات التي صاغت بعض أحداث الرواية وتطور شخصيتها الرئيسة، ستيفن ديدالوس؟

قد يبدو الجواب واضحًا وبديهيًا: «لا بد طبعًا من إعطاء هذه الأبعاد حقها، ولا يمكن اختزال الأعمال في جانبٍ دون إيلاء الأهمية البقية. ولكن في الوقت نفسه، بما أن لكل قارئ أهدافه الخاصة من قراءة الأعمال، فمن الطبيعي أن ينهمك المهتم بالاقتصاد مثلًا على الأبعاد الاقتصادية وحسب عند ماركس، أو المهتم بالأدب على التقنيات الأدبية عند جويس.» 

الأمور حتى الآن على ما يرام. لكنها سرعان ما تتعقد ما إن نأخذ بعين الاعتبار بعض ما يترتب عن هذا الانهماك وعواقبه على طريقة تفكيرنا بشأن الأعمال. نتيجةً لعمل المنشغلين والمنهمكين، يتراكم نتاجٌ ثقافيٌّ خاصٌّ مبنيٌّ على بعض أبعاد العمل دون غيرها. ويؤدي تراكم هذا النتاج في نهاية المطاف إلى الهيمنة الاستبدادية التي أشار إليها لاكابرا.

بعبارة أخرى، تتراكم الكتب المعرفية التخصصية التي تنهل من كتب محددة وزوايا محددة، فتصيّرها كما لو أنها حكرٌ على هذه المجالات وحسب. وتتبلور قوائم القراءة والمقررات بما يكرّس من هذا التلازم بين الكتب والأبعاد التي تقرأ من خلالها.

قوائم الكتب واحتكار النص

دعونا نأخذ مثالًا سريعًا للكتب المطلوب قراءتها في مقرر مادة «مدخل إلى الفكر السياسي» المعروضة بفصل الربيع عام 2004 في «جامعة ماساتشوستس» (MIT). حُدّدت ثمانية كتب رئيسة مقررة على طلاب البكالوريوس، من ضمنها بعض «محاورات أفلاطون» وكتاب «السياسة» لأرسطو و«الأمير» لمكيافيلي و«اللفياثان» لتوماس هوبز.

في كل هذه الأمثلة، تُقرأ الكتب من خلال ما تحتويه من أبعاد فكرية-سياسية، عطفًا على تصورنا المعاصر لماهية السياسي. لكن الأمر ليس بتلك البساطة. فمن يقرأ كتاب «الأخلاق النيقوماخية» لأرسطو، سيدرك أن هذا العمل في الأخلاق يشكّل عند أرسطو مدخلًا للحديث عن السياسة أساسًا. إذ بالنسبة له، يجمع المجالين ارتباط وثيق. يصدق الأمر أيضًا على ارتباط الأخلاق عنده بالروح، وارتباط الروح بالتصورات الأرسطية بشكل عام عن العالم.

ويمكن ملاحظة الأمر ذاته في ارتباط طرح مكيافيلي في «الأمير»، بتصوراته المادية عن الواقع والمعرفة ودعواه لضرورة تجاوز الأمور. كما يمكن ملاحظته في نقد هوبز للمنظور المسيحي للإنسان والعالم من حوله، وللطريقة التي اختار بها إعادة تعريف البديهيات المرتبطة بمدارك الإنسان بعيدًا عن الماورائيات. وتشكّل كل هذه الأبعاد جزءًا لا يتجزأ من أطروحة الأعمال ككل، وتهميشها يعني أن الأعمال نفسها لن تُفهم إلا فهمًا منقوصًا. 

وبالتالي فإن من شأن الانطلاق من مقاربة أو منهجية التخصص نفسه أن يؤدي إلى استنطاق النصوص على ضوء أبعاد محددة دون غيرها. مما يعني أن الأسئلة التي يطرحها القارئ محصورةٌ بشكلٍ رئيس بهذه المقاربات. ولا شك أن القراءات المتعمقة لأي نص تُثري فهمنا له عمومًا، لكن هذا لا يعني بأي حالٍ أن النص حكرٌ على هذه الأبعاد.

النص كانعاكسٍ للواقع

قراءة «الحارس في حقل الشوفان» مثلًا دون وضعها في سياق ما تكتنزه من مشاعر اغتراب جيل سالينجر ما بعد الحرب العالمية الثانية، يعني إغفال محورٍ رئيس بالعمل. وهو ذات المحور الذي يمكّن مقارنة الرواية برواية أخرى لفيتزجيرالد «هذا الجانب من الجنة»، والتي كتبت خلال وبعد مشاركة كاتبها في الحرب العالمية الأولى.

تتشارك الروايتان العديد من الثيمات المتعلقة باغتراب الفرد وعلاقاته بمن حوله. ومن المثير للاهتمام مقارنة وقع الحربين العالميتين -باختلاف الدور الأميركي فيهما- على جيلين مختلفين من خلال الأدب.

ولعل الآراء المناهضة للنقد الثقافي للأدب مندرجةٌ أساسًا تحت محاولات الاحتكار هذه، كاحتكار النصّ وحبسه وراء قضبان الأكاديميا. تُقرأ الرواية أو القصيدة أحيانًا كما لو كانت عالمًا قائمًا بذاته، عالمٌ يمتلك قوانينه ومقارباته الخاصة، وينبغي ألا نقرأه كانعكاسٍ لعالمنا فنلطخه برذائله ووقائعه.

يتطرق ألفين كيرنان في كتاب «موت الأدب» بشكل مفصل لمضامين الصراع بين مدارس النقد الأدبي التقليدي، وما تعرضت له جراء حملات المنعطف الثقافي أو اللغوي. كما يناقش تغير مفهوم تخصص الأدب إثر تلك الحملات.

وقد توصل في إحدى النتائج أن موضوع الأدب صار اليوم أكثر تشعبًا وتوسعًا ليدرس العديد من الأبعاد المتعلقة بسياقات النص الروائي إضافةً لتقنياته وأدبيته. وهما تشعب وتوسعٌ محمودان لأنهما يمكنان القارئ من امتلاك أكثر من مفتاح لفهم تعقيد نصٍّ أُنتج في حيز واقعٍ معقد هو الآخر. 

تفشل قوائم القراءة -المقررات الدراسية خصوصًا- في قولبة هذا التعقيد وكثيرًا ما تقتصر بدلًا من ذلك على تنميط الأعمال التي تتضمنها القائمة وتنميط مخرجاتها ضمن حدود التخصصات الأكاديمية ومقارباتها.

خرافة القارئ المثالي

تتشكل قوائم القراءة بافتراض مخرجاتٍ محددة للأعمال التي تتضمنها. ومن أجل أن تتحقق هذه المخرجات فعلًا، لا بد من افتراض وجود قارئ مثالي للكتب، قادرٍ بالفعل على التوصل إليها. والقارئ المثالي بشكلٍ عام هو من يقبل على العمل مدركًا لأهمية العمل في مجاله، ومن ثم يصبح قادرًا على التوصل إلى القراءة المنمطة التي تفترضها قوائم القراءة بمختلف أشكالها.

بعبارةٍ أخرى، هو القارئ الذي يعرف أهمية العمل ولو بشكلٍ فضفاضٍ قبل قراءته؛ بحيث يتأتى له توكيد أهمية العمل بعد إنهائه.

لذا على من يقرأ «دون كيخوته» أن يدرك أهمية العمل في عدّه مثلًا من أوائل الروايات الحديثة. وعلى من يقرأ «البحث عن الزمن المفقود» وضعها في سياق الأدب الحداثي ومعاناة مارسيل بروست قبل أن يباشرها، أو من يقرأ نيتشه أن يعرف مسبقًا أنه ينادي بنسبية الأخلاق وفوقية العرق الآري المزعومتين، إلى جوار غيرها من الافتراضات التي من شأنها تقرير مخرجات الأعمال وأهم محاورها حتى قبل البدء فيها.

ليس القارئ المثالي الذي تفترضه قوائم الكتب قارئًا فاعلًا بالمعنى الحقيقي للكلمة. بل على العكس من ذلك، يرتهن نجاح قائمة القراءة في تحقيق أهدافها بكونه قارئًا يحقق تمامًا كل الغايات التي وُضعت القائمة لأجلها من البداية. إذ تسعى قائمة القراءة إلى تنميط مخرجات المعارف، لكن هذا السعي بدوره يفترض الكثير عن عملية التفكير نفسها. فلا بد من التعريج سريعًا على بعض هذه الافتراضات لفهم ما يجعل القارئ المثالي خرافة يجبُ تفنيدها.

هل تجعلنا قوائم القراءة نفكر بالطريقة نفسها؟

تقول إحدى شخصيات رواية موراكامي في «الغابة النرويجية»: «إذا كنت تقرأ الكتب التي يقرؤها كل شخص سواك فقط، فلن تستطيع التفكير إلا بالطريقة التي يفكر بها كل شخص سواك، وهذا يعني عالم الريفيين والسذج». يمكن إعادة كتابة الاقتباس بذات الصياغة التي وصلتني في رسالة واتساب: «إن اكتفيت بقراءة ما يقرأه الآخرون، فستفكر حتمًا كما يفكرون.»

ترتكز الجملة على العديد من المغالطات في تصور العلاقة بين القراءة والتفكير أو القراءة الفاعلة. بل يمكن القول أن الجملة تقوم على افتراض القارئ المثالي، حيث أن عملية القراءة فيها عمليةٌ تؤدي لنتائج محددة مسبقًا، بحيث يمكن أن نتشارك ذات طريقة التفكير وقتما قرأنا الكتب نفسها. لكنها بالرغم من ذلك مدخلٌ جيد لتفنيد خرافة القارئ المثالي.

الحقيقة أن العلاقة الخطية الأحادية التي تفترضها الجملة مغلوطةٌ. لا نقبل على النص صفحاتٍ بيضاء يملي النص كلماتها ومعانيها، بل يقبل كل منا محملًا بحصيلة معرفية وتجربة حياتية متفردتين من نوعهما. لا يمتلك أي شخصين على هذه الأرض لا التجربة ولا أطر المعنى نفسها. ويعني هذا أن الكتب تنكشف لكل قارئ ضمن أطرِ حصيلته وتجربته هو قبل أي شيءٍ آخر. 

وتنطلق فاعلية القراءة من هذه الحقيقة تحديدًا. إذ أن كل عملية إدراكية قائمة على توليف ما هو مألوف مسبقًا عند القارئ، بما يواجهه من احتمالاتٍ تُعيد تشكيل هذه المألوفات أثناء قراءته. بعبارةٍ أخرى، ليست عملية القراءة أحادية الجانب، فلا تبدأ من النص وتنتهي بالقارئ، بل هي عملية تفاعلية ثنائية الاتجاه والأثر.

إذ يفهم القارئ النص على ضوء معارفه، ويخاطبُ النصُّ ما هو مألوفٌ عند القارئ لإيصال معناه. وبقدر التجارب التي تزيح المعاني المتزمتة في مخيلة القارئ، تنكشف طبقات النص والعلاقات بينها بشكلٍ أعمق. من هذا المنطلق، يبدو افتراض القارئ المثالي عصيّا على التحقق إلا بالتخلي عن فاعلية القراءة.

قوائم القراءة وآفاق الفكر 

لكن هذا الاستعراض السريع لا يعني أن مشكلة قوائم القراءة كامنةٌ في تنميطها للمخرجات ولا في افتراضها للقارئ المثالي وحسب، إذ أن هناك من القوائم ما لا يهدف بشكلٍ رئيس لتحقيق نتائج مفروضة مسبقًا، وبالتالي لا يصح وضعها في نفس سياق القوائم المغرضة.

هناك مشكلة أكبر كذلك، سأسميها مشكلة تحديد آفاق الفكر. بشكلٍ عام، تشير هذه المشكلة إلى قدرة قوائم القراءة ضمنيًا على ترسيم حدود الأفكار والمقاربات التي يستطيع القارئ تشكيلها أثناء قراءته. كأن تمتلك قوائم القراءة في جوهرها سلطة معرفية خفية كامنة في قولبة نطاق الأفكار والمصادر بحد ذاتها، بحيث تصبح عناوينها مراجع مطلقة للمعاني المنشودة.

وفي سبيل الخروج من عباءة التجريد، يمكن التمثيل على هذه القولبة بقائمة قراءة قصيرة عن الفلسفة الوجودية. تتضمن القائمة خمسة عناوين: «الوجودية: إعادة بناء» (Existentialism) لديفيد كوبر و«الغثيان» لسارتر و«الإنسان يبحث عن معنى» (Man’s Search for Meaning) لفيكتور فرانكل و«قارئ الوجودية» (The Existentialist Reader) بتحرير بول ماكدونالد و«مقدمة لهايدقر» (Heidegger: an Introduction) لريتشارد بولت.

الفلسفة الوجودية في حدود القائمة 

تتشارك جميع هذه العناوين في خصلة جوهرية. حيث تبشّر جميعها بالفلسفة الوجودية المتبلورة في السياق الأوربي تحديدًا، مكررة ذات الخصلة في مدخل والتر كاوفمان للوجودية أيضًا، فالنصوص المفتاحية التي يراها كاوفمان مؤسسة للفلسفة الوجودية، كلها في الأصل منقولةٌ عن فلاسفة أوروبيين حصرًا.

على إثر ذلك، قد يتهيأ للقارئ أن ماهية الفلسفة الوجودية وحدودها مرسومةٌ ضمن النطاق التي تحدده هذه القوائم. إذ تبدو القائمة مطلقةً في موضوعها، وقد تهمّش أي محاولةٍ للتفلسف حول وجود الإنسان في بقاعٍ أخرى من العالم، طالما لم تتبن هذه الماهية والحدود والمصطلحات.

وكان الروائي التشيكي ميلان كونديرا أحد الذين وقعوا في فخ هذا التصور. ففي كتابه «فن الرواية»، وبعد تعريفه للعمل الروائي الحقيقي بالعمل الذي يكشف لنا جانبًا مجهولًا من الوجود؛ يشير كونديرا لوجود روايات لا تضيف لنا قيمة حقيقية، لأنها تكتفي بتكرار تجربة وجوديةٍ تمكنت رواية قبلها من كشفها:

«غير أن هذه الروايات لم تعد تمدد غزو الوجود. فهذه الروايات لا تكشف أي جزيء جديد من الوجود، إنها تؤكد فقط ما قيل سابقًا. أكثر من ذلك: إن في تأكيد ما قيل (وما يجب قوله) تكمن علة وجودها ومجدها وجدواها في المجتمع الذي هو مجتمعها. وبما أن هذه الروايات لم تعد تُسهم في توالي الاكتشافات الذي أسميه تاريخ الرواية، فإنها تضع نفسها خارج هذا التاريخ أو إنها روايات ما بعد نهاية تاريخ الرواية.»

ينبني هذا الاستنتاج عند كونديرا على التجربة الوجودية الأوربية. وبما أنه ينزع في حديثه للتوكيد أصلًا على أولوية الرواية الأوربية، فليس من المستغرب أن يُلحِق حديثه بالتوكيد أيضًا على أولوية التجربة الوجودية قياسًا على أوربا. حيث يتجلى في مثال كونديرا وما قبله من الأمثلة الخطر السلطوي-المعرفي الذي تمتلكه قوائم القراءة بمختلف أشكالها.

القراءة كفعلٍ ذاتي 

لا يعني إدراك ما تعتريه قوائم القراءة من إشكالات حتمية التملص من فخاخها. ففي النهاية كل قائمةٍ -أو مقرر أو لائحة توصياتٍ- موضوعةٌ لأهداف وغايات قد لا تتواءم مع ذات القارئ نفسه، وهنا الإشكالية الجوهرية الأخرى. أن تكون القراءة استكشافًا وتحريرًا للذات، يعني أن تكون مدفوعةً بتساؤلات الذات وهمومها وتطلعاتها، وهذا ما يتناقض جوهريًا مع ما تنبني عليه قوائم القراءة.

وحين تكون القراءة مدفوعة ذاتيًا، لن يحتاج القارئ للسعي وراء قوائم القراءة أو للسعي وراء ما يكفيه عناء البحث والاطلاع والاستكشاف. لا يعود ذلك لكون هذه المحطات جزءًا من لذة القراءة وحسب، بل لكونها تصبغ تساؤلاته بما من شأنه توجيه ذائقته وسعيه بشكلٍ أكثر تناسبًا مع ما يلائمه هو. فتبدأ الكتب بالإشارة لبعضها البعض، وتتشكل روابط جديدةٌ بين أفكارٍ لم تكن في السابق متشابكة، بل ستكثر في درب القارئ العناوين التي تبدو كما لو أنها لطالما كانت الضالة المنشودة. 

التصنيفالقراءةالكتبالمعرفةالثقافة
مقالات حرة
مقالات حرة
منثمانيةثمانية