“نيوم”

عندما تراقب المكان، "قد تنظر إلى تلالٍ قديمة، فلا ترى شيئًا. أو لعلك، لا ترى شيئًا يقف في طريقك. حيث لا قوالب جاهزة للتفكير. لا قيود. قد تكون للبعض صفحة بيضاء ترسم فصلًا جديد." وعندما تراقب الزمان، تجد أن الأفكار الجريئة، تخلد أصحابها للأبد. نقلب صفحات التاريخ، ونعود إلى زمن الإمبراطورية البريطانية. عندما كانت تحرك جيوشها وتستعمر البلدان يمنة ويسرة.

عندما تراقب المكان، “قد تنظر إلى تلالٍ قديمة، فلا ترى شيئًا. أو لعلك، لا ترى شيئًا يقف في طريقك. حيث لا قوالب جاهزة للتفكير. لا قيود. قد تكون للبعض صفحة بيضاء ترسم فصلًا جديد.” وعندما تراقب الزمان، تجد أن الأفكار الجريئة، تخلد أصحابها للأبد. نقلب صفحات التاريخ، ونعود إلى زمن الإمبراطورية البريطانية. عندما كانت تحرك جيوشها وتستعمر البلدان يمنة ويسرة.

وكونها تملك ما تملك من الأراضي والبلدان، قررت أن تسدد دينًا ضخمًا عليها لشخص يدعى ويليام بين من خلال منحه أرضًا شاسعة. أبحر ويليام إلى أرضه الجديدة، البعيدة، حاملًا معه أحلامه وتساؤلاته، فما عساه يفعل في أرض بكر لا يوجد بها بشر. كان ينظر لها. فلا يرى شيئًا. أو لعله لم يرَ شيئًا يقف في طريقه. كان عليه أن يجد لتلك الأرض السكّان والمستثمرين. تلك الأرض تعرف اليوم باسم، ولاية بينسيلفينيا، كانت تلك الأرض حينها، في أقصى العالم بعيدة عن كل شيء، عن أي شيء. تلك المدينة، أصبحت لاحقًا حجر الأساس لاتحاد الولايات الأميركية.

وصل وبدأ العمل، اتخذ من فيلاديلفيا اسمًا وعاصمة ليبني ويعيش المستقبل، “لا يحده تاريخ أو زمان” في تلك الأرض الجديدة، أرض الأحلام. راح في عام 1701 يشرّع لها قوانين خاصة، لا تنطبق عليها القوانين البريطانية السائدة. ساوى بين الجميع، قمع التفرقة الدينية أو العرقية أيًا كانت. لقت القوانين الجديدة هذه صدى باهرًا في أنحاء أوربا، أتاه على إثرها البشر من ألمانيا و هولندا وكافة الدول الأوربية. أرض جديدة؟ أناس جدد؟ تعني أسواق تجارية جديدة، مدارس تعليمية جديدة، فرص وظيفية جديدة، ومصادر دخل هائلة لأهل الأرض الجديدة والمهاجرين لها. واستمرت أرض بينسيلفينا والعاصمة فيلاديلفيا بالإزدهار. حتى أن الدستور الأميركي الذي وضع عام 1787 استوحى الكثير من تجربة ويليام هذه.

حسنًا لنعترف، أنه من الصعب أو من المستحيل حتى فرض قوانين جديدة على أرض عاشت طويلًا تحت إرث قوانين قديمة. وما قام به ويليام في تأسيس مدينة من الصفر على أرض خالية، غير مأهولة بالسكان، بعيدًا عن الإطارات والقوانين السائدة، أعطاه فرصة البحث والتجربة لتطوير القوانين والخروج بنظام مزدّهر يمكن تطبيقه لاحقًا.

فيصعب اليوم، أن تقوم بتغيير منظوم مدينة قائمة، يعيش سكانها بها، فتخاطر بهم، وهم لا يملكون خيار البقاء أو الرحيل. لكن، تستطيع استحداث مكانٍ جديد، يذهب إليه الحالمين المبدعين المؤمنين. يكون للناس الخيار، الذهاب لتجربة نمط جديد من الحياة، أو البقاء حيثما كانوا.
إلّا أن تطبيق القوانين الجديدة هذه بمحدودية، في قرية مثلًا أو على نطاق ضيّق لن يكون مجديًا ولن يعكس مدى نجاحها وقّوتها. وعلى العكس أيضًا، تطبيقها على مستوى واسع كدولة كاملة، سيكون أقرب للخيال والمستحيل.

ما الحل إذن؟

الحل أن تطبَّق على نطاق مدينة متوسطة، وقابلة لإستيعاب هذه التغيرات والتجاوب معها بمرونة ولنا في هونغ كونغ المثال الناجح، ففي القرن التاسع عشر خضعت مدينة ”هونغ كونغ“ الصينية للاستعمار البريطاني لفترة تقارب 99 سنة. خلال هذه الفترة، كانت هونغ كونغ وحدها مختلفة تمامًا أو جذريًا عن المدن الصينية الأخرى في القوانين والمعالم. فالإزدهار أعلى والاستثمار فيها مشجّع، وناطحات السحاب تنتشر في الأنحاء، وكل شيء يبدو مثاليًا. وهنا أحسّت الحكومة الصينية بالخطر، فأسعار العقار والاستثمارات بدأت تنخفض تدريجيًا بمرور الزمن، فعندما تنتهي فترة الاستعمار هذه عام 1997، قد يتوقف البشر والمال أو يتردد في القدوم للعمل والسكن والاستثمار في هونغ كونغ، عندما تعود وتخضع لقوانين وأنظمة الحكومة الصينية مجددًا.

فما كان للحكومة الصينية حينها، إلّا أن تشرّع لها قوانين جديدة خاصة ومنفصلة عن قوانينهم السائدة، يستمر تطبيقها لمدة 50 سنة من انتهاء الاستعمار، لتضمن بقاء هونغ كونغ كما هي عليه. وجدت هذه القوانين، لتشجّع المستثمرين والعاملين للقدوم من أقطاب العالم لهونغ كونغ، بقوانين تجارية مستقلة عن النظام الصيني وأنظمة استثمارية وعلاقات خارجية مستقلة. إلا أنها في ذات الوقت، لا تزال تقع تحت السيادة الصينية، والقوانين العسكرية وأنظمة الدفاع للإمبراطورية الصينية. ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم، تتخذ الكثير من المصانع والشركات التجارية من هونغ كونغ مقرًا لها. فتنظر إليها فترى نظامين مختلفين في دولة واحدة.

من هذا النظام المختلف وفكرة الأرض الجديدة، قد يبنى لنا المستقبل الجديد فعلًا، المستقبل الذي تحدثنا عنه لمرّات: المساواة، الطاقة الشمسية، هندسة الانسان، الذكاء الاصطناعي، تدوير النفايات، وسائل النقل كما يجب أن تكون. ماذا لو كان هذا المستقبل على شكل أرض؟ وليست ببعيدة عنّا؟ وليست بغريبة عنّا؟

أرض قد تعتقد أنها تلال قديمة، فلا ترى شيئًا. أو لعلك، لا ترى شيئًا يقف في طريقك. هنا لا قوالب جاهزة للتفكير. لا قيود. ولا أعذار. هنا أرض الإمكانات اللامحدودة. صفحة بيضاء يرتسم عليها فصل جديد من فصول الإنسانية. نيوم… عالم خاص، [لنا] أولائك الأشخاص الذين يريدون تغيير العالم. أرض وجدت لتحرر العقول وتبهج النفوس… هنا، [نسجل صياغة جديدة لفصل من فصول التقدم البشري.] البعض، ينظر إلى هذه التلال التاريخية فلا يرى شيئًا. أما بقية العالم، فسيرون فيها بداية طريقة جديدة للحياة.

الذكاء الاصطناعيالسعوديةالطاقةالمستقبلنيوم
مقالات حرة
مقالات حرة
منثمانيةثمانية