ما لا أحبه في الألعاب الشبكيَّة: القمار!
زائد: كيف نستشعر أوجاع النّعم في جمعة العائلة


لو كتبنا لك عنوان النشرة: «الفئران الصالحة للأكل آخر صرعات البث الرقمي الصينية» مع عنوان فرعي «طبخها أمام الكاميرات يؤمن مدخولًا أعلى من العمل في المصنع»، ما أول فكرة ستخطر على بالك؟
أنَّ آخر صرعة صينية هي التهام الفئران بعد طبخها أمام ملايين الصينيين في بث حي، صح؟ 🐭🍽️
هذا هو العنوان نفسه الذي قرأته لتقرير على الإيكونومست، والفكرة نفسها خطرت على بالي، ولهذا قرأته. يتحدث التقرير عن تأقلم أهل الريف في الصين مع ثقافة البث الحي (اللي هو تك توك عندنا)، بحيث يعرض المزارعون محاصيلهم الزراعية والحيوانية، وحتى الورود الموسمية، للبيع، وكيف أنَّ أهل الريف نجحوا في بيع المحاصيل مباشرةً للزبائن في المدن من خلال البث وتحقيق مدخول أعلى. وهذا النجاح يخفف حركة الهجرة من الريف إلى المدينة.
وبدعم من برامج الحكومات المحلية، يتعلَّم أهل الريف الآن كيفية البيع من خلال المنصات، وبعضهم تحوَّل إلى إنفلونسر زراعي يشارك حياة المزرعة والريف. من ضمن الإنفلونسرز أخوان يربيان نوعًا من الفئران شبيهة بالهامستر، تدعى فئران البامبو، ويضيف التقرير بين قوسين (فئران البامبو فئران كبيرة الحجم وثمة قرى في الريف الصيني تأكلها).
وبس!
هذه هي الإشارة الوحيدة لفكرة أكل الفئران في التقرير بأسره، والإيكونومست قررت تحويل معلومة هامشية للغاية إلى عنوان رئيس!
يا عيب الشوم!😡
في عدد اليوم، والذي عنوانه يعبّر تمامًا عن الموضوع الأساسي، يشاركنا عبدالله المهيري السلبية الأساسية في الألعاب الشبكية. وفي خيمة السكينة ترينا أريج المصطفى كيف يكون الشعور بأوجاع النّعم. ونختم في لمحات من الويب مع معرفة كيف يمشي الفائز بجائز نوبل للرياضيات، ونلعب لعبة المليون رقعة شطرنج.♟️
إيمان أسعد

ما لا أحبه في الألعاب الشبكيَّة: القمار!
في آخر تدويناتي عن ألعاب الفيديو تحدثت عن الألعاب الشبكية، وكيف أنها ألعابي المفضلة لأنها اجتماعية. واليوم أتحدث عن مشاكلها، إذ لا يمكنني الحديث فقط عن مميزاتها وتجاهل سلبياتها. وأهم تلك السلبيات أنَّ الألعاب الشبكية تتطلب تطويرًا مستمرًا وصنع محتويات جديدة وتحتاج إلى مزودات تعمل طوال الوقت، وهذه تكلفة مستمرة يتحملها مطورو الألعاب؛ فكيف يغطون تكاليفها ويحققون ربحًا منها مع أنهم يطرحون ألعابهم مجانًا؟
نماذج التربَّح لألعاب الشبكة مختلفة، وأبدأ لك بأبسطها: اشترِ اللعبة وستحصل على شهر اشتراك مجاني، بعد ذلك عليك أن تشترك شهريًّا لكي تدخل عالمها. هذا النموذج يعطي اللاعب إمكانية الوصول إلى كل المحتوى بدون أي عوائق سوى شراء اللعبة والاشتراك. لكن الشركة قد تضع عائقًا زمنيًّا وتحدُّ من إمكانية استهلاك المحتوى. مثلاً قد تضع حدًّا لعدد المهمات اليومية التي يمكن إنجازها في المحتوى الجديد. وهكذا سيحتاج اللاعب إلى تسجيل الدخول يوميًّا ولمدة أسابيع وأشهر.
وثمة أسلوب «اشترِ لتلعب» وهو يتطلب فقط شراء اللعبة؛ لكن كيف تغطي الشركة تكاليف التطوير والاستضافة؟ في هذه الحالة يجد اللاعب متجرًا إلكترونيًّا يقدم منتجات رقمية مختلفة يمكن أن يشتريها، مثلاً مركبات تزيد سرعة التنقل في عالم اللعبة. أو قد تضع اللعبة حدًّا لما يمكن أن يحتفظ به اللاعب في خزانته أو حقائبه، وعليه أن يشتري توسعة للمخزن.
أما الأزياء فهي إحدى أهم ما تبيعه هذه المتاجر! فالألعاب الشبكية تعطي الفرد فرصةً للتعبير عن نفسه تمامًا مثلما يفعل الناس على أرض الواقع، الفرق أن اللعبة تعطيه فرصة لفعل المستحيل مثل ارتداء زيٍّ مصنوع من النار! والتميز بالأزياء أهم ما يفعله الناس في هذه الألعاب.
لذلك هناك من يصف هذه الألعاب بأنها دمية باربي رقمية، وهم محقون في ذلك. وهذا ما يدفع المطورين إلى تصميم أفضل الأزياء لبيعها في المتجر، وأحيانًا بأثمان باهظة.
ثم هناك نموذج «العب مجانًا» الذي يعتمد كليًّا على المتجر الإلكتروني لكسب الأرباح، وهو النموذج المتبع في أغلب الألعاب. بعضها قد يعرض اشتراكًا اختياريًّا يمنح المشترك مميزات أكثر، وهنا تضع الشركة حدودًا لما يمكن لغير المشترك فعله، أو حتى تمنعه من الوصول إلى أجزاء من المحتوى.
ستجد البعض يحاول خوض أصعب التحديات للحصول على أفضل الأسلحة والدروع المصممة لإظهار مدى قدرة اللاعب على الانتصار في التحديات الصعبة.
وفي العديد من الألعاب يجد اللاعب صناديق كنوز لا يمكن فتحها؛ هذه الصناديق يجمعها من الأعداء، أو اللعبة نفسها قد تعطيه بعض الصناديق عند إنجاز المهام. بعض الألعاب لديها مهمة مصمَّمة لتخبر اللاعب بوجود هذه الصناديق، وتعطيه صندوقًا ومفتاحًا مجانيًّا لكي يفتح الصندوق ويجد شيئًا يعجبه.
الصناديق قد تحوي أسلحة ودروعًا بتصميم رائع ومواصفات عالية، أو مركبات نادرة. وغالبًا الصندوق الأول الذي تعطيه اللعبة للاعب يحوي شيئًا من هذه المكافآت المرغوب فيها، فيظن اللاعب أن الصناديق ستحوي المزيد مما يريده، فيجمعها. لكن الآن لا يوجد لديه مفتاح مجاني، بل عليه شراء مفاتيح من متجر اللعبة. وبعض الألعاب لديها عدة مستويات من المفاتيح؛ فهناك مفاتيح عادية، وهناك مفاتيح ذهبية تعطي فرصة أفضل للحصول على أشياء يريدها اللاعب.
ما الذي يحدد محتويات الصندوق؟ تعتمد اللعبة على نظام أرقام عشوائي، وهذا النظام يحدد ما الذي سيجده اللاعب من الصناديق، بمعنى آخر هذا قمار! وقد أتقنت شركات ألعاب الفيديو تصميم أنظمة القمار ونجحت في تحويل العديد من اللاعبين إلى مدمنين، تمامًا كما تفعل أنظمة كازينوهات القمار.
عدة بلدان منعت هذه الصناديق، أولها اليابان التي منعتها في عام 2012. الصين لحقتها بعد أربع سنوات في 2016، ثم هولندا وبلجيكا في 2018. وينبغي أن تنتبه الحكومات العربية إلى هذه الصناديق لأنها قمار، ولأنها قد تجعل الفرد يدمنها ويخسر أمواله.
هناك فئة من اللاعبين يُسمَّون بالحيتان لأنهم ينفقون الكثير على الألعاب. لهذا يطور بعض مطوري الألعاب لعبتهم على أساس جذب عدد قليل من الحيتان مَنْ سيصبحون المصدر الأكبر للأرباح؛ وجاءت هذه الفكرة من عالم ألعاب الفيديو على الهواتف الذكية.
بعض الشركات تعتمد على الخوف من الفَوات المعروف بالـ«فومو»، فتعرض مكافآت مؤقتة لا يمكن الحصول عليها بعد نهاية حدثٍ ما في اللعبة. بعضهم يفعل ذلك في المتجر الإلكتروني، ويعرض أشياء ستختفي بعد ساعات أو أيام. كذلك كثير من هذه المتاجر لها عملات رقمية خاصة بها لا يمكن استخدامها في أي مكان آخر. وتتعمد الشركات بيع هذه العملات بكميات أقل أو أكثر مما يحتاجه المستخدم. هكذا عندما يشتري اللاعب بعملة المتجر ويتبقَّى له القليل، سيندفع إلى شراء المزيد لأن من الخسارة الاحتفاظ بمال المتجر الرقمي وعدم إنفاقه!
لاحظتَ الآن أنَّ كل ما تحدثتُ عنه متعلق بتمويل الألعاب، وكيف تعلمت الشركات الكثير من الحِيَل من صناعة القمار (نعم هذه صناعة!) لكي تجعل اللاعبين يدمنون اللعبة وينفقون أموالهم عليها. وعندما تحركت بعض الحكومات لمنع هذه الممارسات، اعترض بعض مدراء شركات ألعاب الفيديو، وأحدهم أسماها «نظام مفاجآت»!
كما سبق وقلت؛ الألعاب الشبكية هي الألعاب المفضلة لديّ، لكن لن أتجاهل مشاكلها خصوصًا أنها قد تدمر حياة الفرد إن لم يتحكم بالوقت والمال الذي ينفقه عليها. وشركات ألعاب الفيديو بدأت منذ سنوات في تحويل الألعاب الفردية إلى ألعاب شبكية، فقط لكي تطبق الممارسات نفسها التي تؤدي بلاعبيها إلى الإدمان، وبالتالي زيادة أرباحها.


هل شعرت بأوجاع النِّعَم؟
في جمعة عائلية جاء فيها القاصي والداني من كل أنحاء العالم لحضور مناسبة عائلية، كان كلٌّ منا يحمل بِضْعَةً من قلبه معه والأخرى حيث غربته. فالأغلب لم يستطع المجيء مع بقيّة عائلته الصغيرة لظروف مختلفة ما بين انشغال أفرادها بالدراسة وبالعمل.
كانت اجتماعات تلك الأيام المتتالية ضرورةً يشحن كلّ منا طاقته فيها لعامٍ على الأقل، وهذه ليست مبالغة، بل وصف دقيق. فهذي اللقاءات غالبًا لا تتكرر إلا مرة كل عام -في أحسن الأحوال. ومع كل الرضا والامتنان الذي كنا نحسّه، إلا أن غصّة تختبئ في قلب كل فرد.
المضحك والمبكي في آن، أن العكس صحيح. فنحن هنا نغصّ بمن هم هناك، وهناك نغصّ بمن هم هنا
هذه المعادلة الصعبة، ما هي إلا ابتلاءٌ لطيف إذا ما قارنّاه بابتلاءات أعظم. فماذا لو لم يتوفر خيار السفر إلى اجتماع العائلة كل عام؟ وماذا لو لم يكن كل فرد مستقرًّا ومرتاحًا مع عائلته ولو في غربة؟
كل النتائج في تلك الحالات أسوأ. وهذه الغصّة تأتي نتيجة زحام من النّعم حين يقدر المرء أن يكون مع عائلته الصغيرة مرة، والكبيرة مرة أخرى، فيعود لكل طرف مشتاقًا، ومتلهّفًا أكثر.
فالفكرة كلها تكمن في النظرة، وكيف نوجّه تفكيرنا فيها؛ فإذا نبعت من عدم رضا، ما استمتع أحدُنا في أيّ مكان أو بلد. ولو تأملنا أكثر ونظرنا إلى فكرة السفر والعودة بصفتها منحةً لا محنة لرضينا وسكنّا.
ما حيزت الدنيا لأحدنا يومًا ولن تُحاز، والهدف أن ننظر إلى هذه الأوجاع -وحالات كثيرة تشبهها- بصفتها أوجاع نِعَم لا بؤس وشقاء، وشتّان بين الحالتَين.
🧶إعداد
أريج المصطفى

«إن الظلام والسكون والوحدة..والأعصاب المتوترة..يمكن أن تفعل بعقولنا الأفاعيل». مصطفى محمود
كيف يمشي الفائز بجائزة نوبل للرياضيات؟
من قلب عمَّان.
متملل؟ جرِّب لعبة «المليون رقعة شطرنج» حيث المتعة كلها في تحريك القطع. (للمبرمجين: هنا تفصيل برمجي للعبة قد يثير اهتمامكم.)
زيح شوي..كمان شوي..صاحبي بيركب معنا.

العاب الفيديو ليست فنًّا؟!
كيف يعمّق تركيب الأثاث علاقة الأب بابنته؟


نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.