المعاملات الإلكترونية لم تقض على وحش كافكا 😨
لا تزال المعاملات الإلكترونية معرَّضة للهشاشة أمام العيوب الأساسية في أي معاملة حكومية.
هل أنت جالس اللحظة على مكتبك في مكان العمل، وصوتٌ يصرخ في عقلك «مو مووري! مو مووري!»؟ 😫
«مو مووري» عبارة يابانية معناها «لا أستطيع التحمُّل أكثر!»، أو بمعنى أقرب «أنا زهقت وطهقت وجبت آخري!». وهي أيضًا اسم شركة يابانية (Mo Muri)، تتعهَّد بتقديم طلب الاستقالة نيابةً عن الموظف الذي سئم العمل، لكن يخشى من تقديم الاستقالة. ففي اليابان، يصعب على الموظف تقديم استقالته، ويتعرض لمختلف أنواع الاستفزاز والترهيب لكي يتراجع عنها.😟
لذا قبل أن تستغرق في تذمرك من العمل، تذكر أنَّ الموظف الياباني يحسدك على نعمة المدير الذي يقبل استقالتك فورًا.😏
المعاملات الإلكترونية لم تقض على وحش كافكا
أكتب هذه التدوينة مرهقة الأعصاب، بعد ليلة طويلة من الأرق والقلق، زاد عليه هاجس أني قد أكون ضمن الأربعينيين الذين يموتون فجأة في أسرّتهم فجرًا بأزمة قلبية, بسبب ارتفاع في ضغط الدم. ولن يكون اكتشاف موتي سهلًا، لأن أهلي سيضطرون إلى كسر الباب بعد الساعة العاشرة صباحًا، لأني لا أنام إلا وباب غرفتي مقفل بالمفتاح، مع احتمال عثورهم على أنفي مقضومًا لأنَّ قطي لم يتناول وجبة فطوره المعتادة الساعة الرابعة! 😰
هذا القلق نتاج محاولتي إتمام معاملتين تخصان العاملة المنزلية التي تعمل لدى والدتي: البصمة البيومترية في الكويت، واستصدار فيزا إلكترونية للأردن.
نبدأ مع استصدار الفيزا. سابقًا، قبل عصر المعاملات الإلكترونية، اعتدت الذهاب صباحًا إلى السفارة الأردنية، قبل موعد السفر بأسبوع. أقصى مدة انتظار لن تتجاوز ساعة. أسلّم الأوراق المطلوبة مع الاستمارة إلى الموظف المسؤول، وتنتهي القصة بخروجي من السفارة وقد أتممت معاملتي.
الآن، اكتشفت أنَّ الأمر يتطلب أخذ موعد مسبق عن طريق موقع وزارة الخارجية الأردنية، ولا يسمح لك بالدخول بدونه، ووجدت المواعيد محجوزة لأيام. أصبت فورًا بالهلع، لكني وجدت موعدًا قبل يوم رحلة السفر. بعدها اكتشفت أنَّ عليَّ تقديم معاملة الفيزا إلكترونيًّا من موقع وزارة الداخلية الأردنية قبل ذهابي للسفارة. الأمر يبدو سهلًا. لكن منذ يومين وأنا أحاول دخول الموقع، وغالبًا في منتصف تعبئة البيانات ينقطع الاتصال، لأن الخادم في الموقع لا يتجاوب بسبب الضغط، ربما بسبب الانتخابات هناك.
نأتي إلى البصمة البيومترية، وحتى أكون صادقة أنا ملامة هنا إلى حد كبير لتأجيل هذه المعاملة رغم إلحاح أمي منذ شهور لإتمامها، لكن سمحت لانشغالي الدائم بتأجيلها. حاولنا العثور على موعد على منصة «متى» لحجز مواعيد المعاملات الإلكترونية، والأيام الأربعة المقبلة محجوزة بالكامل. فقررنا الذهاب لإجرائها في أحد المجمعات التجارية الكبرى حيث لا حاجة لطلب موعد مسبق. لكن الموظف المسؤول أبلغنا أنَّ المجمعات حاليًّا للمواطنين بسبب ضغط قرب الموعد النهائي لأخذها (آخر يوم في سبتمبر).
هكذا، سهرت حتى الساعة الثانية عشر ليلًا، رغم إرهاقي الشديد، في انتظار إضافة مواعيد يوم جديد على قائمة الانتظار (الإثنين القادم)، وحاولت الدخول على منصة «متى» قبلها بدقائق، ولنصف ساعة الموقع لم يستجب بسبب الضغط. بعدها، طبعًا، المواعيد كلها حجزت.
الليلة سأعاود السهر، لكن مع جوّال العاملة المنزلية، لكي أدخل من تطبيقها الحكومي «سهل» على منصة حجز المواعيد، لأنها لا تعرف التعامل معه. وأيضًا لا ضمانة بحصولنا الليلة على موعد.
وأنا أكتب الآن، أتذكّر مشاهد من رواية «المحاكمة» الشهيرة لكافكا. إذا قرأتها، فأنت تعرف أنَّ العنصر الكابوسي فيها يتمثَّل في محاولة بطلها إنهاء معاملة. وأكثر ما علق في ذاكرتي منها هي السلالم، سلالم لا تنتهي، وانتقال ما بين طوابق لا نهائية، ومحاولة معرفة من بالضبط لديه صلاحية إنهاء المعاملة.
والمعلومة التي أتذكرها الآن عن كافكا، أنه يكتب دومًا في الليل، في حالة ذهنية ما بين اليقظة والنوم، ولذلك تبدو كتابته كابوسية، لأنه يكتب تحت هاجس القلق. ولا أدري كيف كان سيكتب كافكا، بصفته موظفًا مسؤولًا عن إنهاء معاملات التأمين صباحًا وكاتبًا كابوسيًّا ليلًا، روايته «المحاكمة» بعد انتقالها إلى عصر المعاملات الإلكترونية؟
لا أنكر أنَّ المعاملات الإلكترونية أراحتنا إلى حد كبير من التعامل وجهًا لوجه مع وحش البيروقراطية الحكومية، وخففت إلى حد كبير من كابوس السلالم اللا نهائية، لكنها لا تزال معرَّضة للهشاشة أمام مخاطر المعاملة الحكومية التقليدية: فترات الضغط العالي، وتأجيل صاحب المعاملة الأمر إلى آخر لحظة.
وبوسعي تصوُّر كافكا قلقًا منها إلى اليوم، ويقضي ليلةً كابوسية شبيهة بليلتي. (مع اختلاف بسيط للغاية: هو سيكتب قصة تخلّد اسمه، وأنا أقضي الوقت أندب حظي!)
فاصل ⏸️
شبَّاك منوِّر 🖼️
قرأت الكثير من التوصيات لمسلسل «سمر سترايك» (Summer Strike)، الذي يحكي قصة امرأة تدعى «يو روم» تعيش في سيؤول وتعمل في بيئة مسيئة ومستغلة. بعد وفاة والدتها تقرر الاستقالة، وأخذ إجازة لمدة سنة تعيش بها في قرية ساحلية وتمارس العشوائية، وطيلة اثنتي عشرة حلقة، تتكشف الأحداث بشكل غير متوقع! 🫣
بعد انتقال «يو روم» إلى القرية الصغيرة، تكوّن صداقات متعددة، فأصبحت صديقة طالبة مشاغبة، وصديقة امرأة مسنة تعلمها الكتابة والقراءة. ومع أنها انتقلت لكي تأخذ استراحة طويلة، لم تتهرب من صعوبات الصداقات، بل وقفت مع كل شخص في ظروفه الصعبة. هنا يتضح أن متانة العلاقة تقاس بالمواقف، ورغبة الآخر في المساعدة والوجود لأجل الآخر. 🫱🏽🫲🏻❤️🩹
في أول أيامها بالقرية تذهب «يو روم» للمكتبة، وتصادف أمينها الذي يتواصل معها بكتابة ملاحظات ورقية، فتظن أنه لا يتحدث. بعد فترة يتكلم معها، وتكتشف أنه يواجه صعوبة في الحديث مع الغرباء. غالبًا نثق بالانطباعات الأولى الظاهرية، ولكنها قد تحيدنا عن الحقيقة، وربما يكون للتصرفات تفسير لا يخطر على بال. 🤔📝
بعد مدة تتوطد علاقة «يو روم» بأمين المكتبة، ولكنه يخفي الكثير من صدمات الطفولة؛ وبدون إدراكٍ منها، تحيي بعضها لديه. في كثير من علاقاتنا، نؤجج جروح الآخر فنظن أنه شديد الحساسية، بينما يرانا الآخر غير مبالين بمشاعره. ويمكن هنا علاج سوء الفهم من خلال التواصل. 🗣️🎧
دائمًا تراودني رغبة التوقف عن كل شيء معتاد لفترة، ولكن الصعوبات التي واجهت البطلة أعادتني إلى الواقع. فهي لم تدِّخر ما يكفي من المال، مما أجبرها على العيش في مبنى مهجور توفي فيه شخصان، ويتعرض للأعطال باستمرار. أحيانًا تكون حاجتنا إلى الهرب، أو الخروج من موقف صعب، حاجةً ماسّة إلى حد نتخلى فيه عن أماننا أو راحتنا. لذا علينا أنَّ ندخر، لكي نكون جاهزين لتلبية هذه الحاجة. 💰🆘
🧶 إعداد
شهد راشد
لمحات من الويب
قد تظن أنَّ تصميم إيموجي جديد أمرٌ سهل، في الحقيقة يتطلب خطوات كثيرة!
رتّب لقطات الفلم وفق الترتيب الزمني.
هذا حصاني، أشده واركب.
قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀
إذا كنت عاجزًا عن تقديم خدمة تقنية فعالة فلا تفعل، ودعنا نحن المستفيدين نتعامل بالطرائق التقليدية. فالتخلُّف عن ركب التقنية أهون. 🦖
المواساة لا تخفف ألم الآخر وتسنده في مأساته فحسب، إنما تخرجنا أيضًا من تقوقعنا على أحزاننا الشخصية وتضخيمها. ☎️
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.