من راقب الناس زاد فهمًا 🌝

في مشاهدة الناس عابرين في أيامهم ومنشغلين بأمور حياتهم يمكنك أن تتخيل شخصياتهم وماذا يعملون وأين يتجهون.

إحدى ميزات التنافس ضد منافس جدًا مشهور أنَّ الأعين عليه بينما ليست عليك. هذا بالضبط حالة شركة «أنثروبك» (Anthropic). 

فبينما تحرص كبرى مواقع الصحف والمنصات مثل رويترز على حماية نفسها من بوتات «أوبن إيه آي» الطفيلية التي تختلس منها المعلومات لتدريب الذكاء الاصطناعي، وتحدِّث أنظمتها باستمرار ضد تلك البوتات، تغفل تلك المواقع تحديث أنظمتها أولًا بأول ضد بوتات «أنثروبك» التي تسرح وتمرح دون عين الرقيب.

ملاحظة: منذ إطلاقها، تدَّعي «أنثروبك» أنها تأسست على مبادئ أخلاقية لا تتمتع بها «أوبن إيه آي»، لكن في النهاية التجارة شطارة! 😏


مراقبة الناس / Imran Creative
مراقبة الناس / Imran Creative

من راقب الناس زاد فهمًا

شهد راشد

صادفتُ قبل عدة سنوات وثائقيًا بعنوان «العثور على فيفيان ماير» (Finding Vivian Maier) اكتشفت من خلاله فن تصوير الشارع. أُخِذتُ بأعمال فيفيان التي لم تدرس التصوير بل كانت حاضنة أطفال، تحمل كاميرتها وفضولها وتتجول في شوارع العالم. ومنذ اكتشفتُ أعمالها أصبحت أشد انتباهًا للأشخاص حولي في الشارع والمطعم والمطار والحديقة، وبدأت أتفهَّم دوافعها إلى تصوير آلاف الصور لأُناسٍ لا تعرفهم عبروا أمامها في لحظة خاطفة، في يوم عادي. 

تملك فيفيان نظرة مختلفة تجاه ما حولها نبعَت من فعل بسيط ويومي يكمن في مراقبة الناس وتأملهم من بُعد غالبًا ومن قربٍ أحيانًا، وهذا ميّز أعمالها من غيرها ومنَحها أصالة حقيقية؛ لأنها تصوِّر ما تراه يستحق دون مؤثرات خارجية ودوافع مادية.

يبدو نشاط تأمّل الناس (كما مارسته فيفيان) فعلًا ينم عن قلة الذوق وربما التهديد والعدائية، وكنتُ أستنكر صنيع الأشخاص الذين يجلسون في مقهى لا يعملون أو يقرؤون أو يتصفحون هواتفهم، بل يتأملون من حولهم فقط. ولكنني بتّ أفكر بالموضوع من جانبٍ آخر لأني بدأت أنا في تطبيقه. 

فنحن نعيش حقبةً تضاءَل التواصل المباشر فيها، وبدلًا من تداول القصص بين الأصدقاء بعفوية صرنا نلتهمها طوال اليوم بشكل ممنهج وبصياغات حيكَت لتظهر بمظهر معين. فقدنا حس الاتصال الحقيقي أو مقدرتنا على قراءة الناس، وشيئًا فشيئًا صرنا داخل فقاعة من الاتصال المستمر من بعد تعزلنا عمن حولنا، ليأتي نشاط تأمل الناس ومراقبتهم فعلًا مضادًا يمكنه دعم شعور ارتباطنا بالعالم وتخفيف إحساس الوحدة المفروض أحيانًا. ففي مشاهدة الناس عابرين في أيامهم ومنشغلين بأمور حياتهم يمكنك أن تتخيل شخصياتهم وماذا يعملون وأين يتجهون، ولماذا يرتدون ما يرتدون هذا اليوم بالتحديد، وما الذي يشغلهم وما هواياتهم.

ولا يقتصر الأمر على تخفيف الوحدة بل زيادة التفهم لمن حولنا وفهمهم، بقراءة تحركاتهم وإدراك الاختلاف الأكيد والتشابه اللطيف بين البشر. يشبه الأمر فتح نافذة على إطلالة تتغير كل مرة، ويحمل المارّة أحيانًا مرآة تجعلنا نتأمل أنفسنا ونتعرف إلى جوانب جديدة فيها، فنتفكر في دوافعنا وأفعالنا، ونتعلّم كيف نسير في العالم. 

وأثبتت الأبحاث أن الدلالات الجسدية أقوى من اللفظية في كثير من الأحيان؛ لأننا نفكر كثيرًا قبل أن نتحدث، لكننا لا نعير تحركاتنا اهتمامًا بالغًا. في دراسة أُجريَت عام 1993 ثبت أن الطلبة يمكنهم معرفة كفاءة الأستاذ بدقة خلال مشاهدته مدة عشر ثوان دون استماع إلى ما يقول! 

أظن أن تأمل الناس في عفويتهم مهارة، وكأي مهارة لا بد أن تُشحَذ لنتمكن من التعرف إلى الإشارات وقراءتها أفضل، فذلك يعود علينا بالنفع في نواحٍ عدة، فنميز بين الأشخاص ونعرف كيف نتعامل معهم. 

وحتى تبدأ ممارسة تأمل الناس بالطريقة الصحيحة، تقدِّم مجلة «Psychology Today» دليلًا لتأمل الناس يبدأ بتحديد ما الذي تتأمله وتبحث عنه، مثل تعريف المظهر وتأمل ما يرتدي البعض وهل يدل على اهتمامهم الموسيقي أو منطقة يعودون إليها أو علامة تجارية معينة توضح حرصهم على اتباع آخر صرعة. كما يمكنك ملاحظة كيف يتحرك البعض وقياس ثقتهم بأنفسهم، أو تأمّل حالة الشخص العاطفية من تعابير وجهه وتحركات يديه ونبرة صوته.

عن نفسي أستفيد من تأمّل الناس بطريقة أخرى، ربما تكون استغلالية نوعًا ما، ولكنها مثالية لبناء النصوص والقصص التي أكتبها أحيانًا. فأجلس معي دفتري وقلمي، أراقب المارين والقاعدين، عامل النظافة والباريستا ومصففة الشعر، وأتخيل حيواتهم، أعطيهم أسماء لا تنتمي إليهم وأكتب قصتهم المتخيلة، على حين يستعين البعض بتأمل الناس لمساعدتهم على الرسم وخلق شخصيات مستوحاة من الغرباء، أو على بناء مكتبة صور ضخمة، مثل فيفيان ماير.

أو ربما تراقب الناس كي تزداد فهمًا، وتجد نفسك. 


فاصل ⏸️


خبر وأكثر 🔍📰

إقصاء؟ / Giphy
إقصاء؟ / Giphy

باريس تأخذ بثأرها من كوريا الجنوبية! 

  • عجَّت وسائل التواصل الاجتماعي من كوريا الجنوبية باتهامات غاضبة ضد منظمي أولمبياد باريس بالتمييز والثأر الشخصي، وذلك بعد سلسلة من الأخطاء التي وقعت بعد افتتاح الألعاب مباشرة.كان أولها تقديم كوريا الجنوبية على أنها كوريا الشمالية خلال حفل الافتتاح.  🇰🇷🎙️

  • بعدها مباشرةً، أخطأت اللجنة في تهجئة اسم أول لاعب من كوريا الجنوبية يفوز بالذهبية، المبارز «أوه سانق وك» في المنشورات الرسمية، فازداد استياء المستخدمين. وظهرت الصورة التي اختيرت لتمثيل كوريا الجنوبية على إنستقرام للألعاب الأولمبية بشكل سيئ، حيث بدت غير واضحة والعلَم فيها غير بارز. 😡❌

  • ردت اللجنة الأولمبية الدولية على هذه الأخطاء بالاعتذار، وأعرب رئيس اللجنة توماس باخ عن أسفه للأخطاء التي وصفها بأنها نتيجة خطأ بشري! لكن العديد من  الكوريين الجنوبيين عدّوا هذه الأخطاء متعلقة ببروتوكول دبلوماسي بدلًا من كونها مجرد مشكلة تتعلق بمنظم الألعاب الأولمبية. 😥🤝

  • سيناريو ثأر باريس من كوريا الجنوبية أساسه أنَّ الوفد الفرنسي كان مُعَلَّمًا بعلَم روسيا خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونق تشانق بكوريا الجنوبية عام 2018، وهذه بتلك! من ناحية أخرى، دخل الصينيون في منصاتهم الاجتماعية على الخط، هازئين من حساسية كوريا الجنوبية المفرطة، وأنَّ الأخطاء لا تعدو كونها تصرفات فرنسية تقليدية واللامبالاة تجاه الآخرين! 🇫🇷🫢

🌍 المصدر


شبَّاك منوِّر 🖼️

حضرتَ مقابلة عمل ووجدت أن مسؤول التوظيف مهتم بالنقاش حول شخصيتك واهتمامات حديثك وهواياتك دون التطرق إلى مهاراتك وخبرتك العملية؟ بعد انتشار مفهوم الاستقالة الصامتة والإجازة الصامتة، يكتسح مفهوم «التوظيف القائم على الشخصية» سوق العمل! 😑👨🏻‍💼

  • انتشر مؤخرًا مفهوم التوظيف بناءً على الشخصية (Personality Hire)، أي لجوء مسؤولي التوظيف إلى اختيار  بعض الموظفين بناءً على شخصياتهم المرحة والاجتماعية أكثر من مهاراتهم. والهدف من هذا التفضيل جعل بيئة العمل رحبة، وتخفيف حدة التوتر والضغط. أما شرط الخبرة فمستعدون للتغاضي عنه إن وجدوا لدى المتقدِّم استعدادًا للتعلم. 🤪 🫱🏽‍🫲🏻

  • عليك الحذر إن كنتَ مسؤول التوظيف، فلا بد من الموازنة بين المهارات والخبرات والشخصيات الاجتماعية. عند استقطاب موظف في مجال دقيق وصعب أو في قسم ناشئ أو بحاجة ماسّة لإعادة هيكلته والارتقاء به، فعليك اختيار الشخص الأكثر خبرة، ولكن يمكنك اختيار الموظف المرح في المجالات السهلة أو الأقسام المستتبّة. ✍🏽 📊

  • ماذا إذا كنتَ المُرشّح؟ عليك تقييم نفسك ومعرفة نقاط قوّتك التي يمكنك الاعتماد عليها في أثناء المقابلة، والجوانب التي عليك تحسينها. احرص على الاطلاع على حسابات الجهة التي ستقدم عليها لمعرفة بيئتها، أو سؤال شخص يعمل هناك، واسعَ إلى الموازنة بين مهاراتك العملية والاجتماعية، بخاصة إذا كان العمل يتطلب حضورك. وإن قُبِلتَ لشخصيتك فعليك التعلم باستمرار وإظهار الحرص للحفاظ على عملك. 📚 👩🏻‍💻

  • التوازن ضروري، فلا يمكن الاعتماد على إنجازاتك دون مهاراتك الاجتماعية، والعكس صحيح، ولكن عليك معرفة متى تستخدم شخصيتك لتحسين عملك، ومتى يمكنك استخدامها لإضفاء بعض المرح على جمود العمل. وإن كنت تفتقر إلى الجرأة فستساعدك المبادرات اللطيفة مثل إعداد القهوة للزملاء على إيجاد مساحة للحديث، أو اقتراح اجتماع لتجربة لعبة جديدة يمكن تضمينها مفاهيم تخدم العمل. 🎲 ☕️

🧶 المصدر


لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

  • ما أتمناه لمسلسل «خيوط المعازيب» أن يخلق حالةً نقدية إيجابية تتجاوز التعليقات السطحية والنزاعات المناطقية. 📺

  • أتحدّث هنا عن الشعر، فصيحه وشعبيه، فهو أداة للسلوان في خضم نكبات الدهر. ❤️‍🩹

نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+280 متابع في آخر 7 أيام