هل مجتمعنا آخذٌ في التحول نحو الفردانية؟
يتداول المثقفون سؤال تحول المجتمع السعودي إلى الفردانية، لكن يظل السؤال الأهم غائبًا عن نقاشاتهم: ماذا نعني أصلًا بمفهوم الفردانية؟
قبل بضعة أعوام، كتب عبدالعزيز السماري مقالةً يحاول فيها تشخيص تحولات المجتمع السعودي من القروية إلى الفردانية. يقول السماري إن المجتمع السعودي مر خلال الخمسين عامًا الماضية بأربع مراحل مختلفة: مرحلة القروية منذ التأسيس حتى عام 1975، ثم مرحلة الصحوة من السبعينيات حتى مطلع الألفية، تليها مرحلة البداوة حتى عام 2012. وانتهاءً بمرحلةٍ دشنها تويتر وما زلنا نعيش في ظلها اليوم: الفردانية.
تتسم مرحلة الفردانية، حسب السماري، بسمتين رئيستين: يمرق الفرد عن النمط الشمولي الذي يميز المراحل التي قبلها أولًا، ثم يتجاوز الثقافات المحلية المتعددة من خلال انفتاحه على العالم ثانيًا.
والنموذج الأشهر حيث تتجلى هذه المرحلة انشغالُ الأفراد بهواتفهم المحمولة أثناء التجمعات الأسرية وعزوفهم عن الانخراط في المحادثات. إذن يعرّف الكاتب الفردانية بشكلٍ رئيس من خلال ميول الفرد المخالفة للسائد زعمًا.
وفي لقاءٍ معه منتصف العام الماضي، يشير عمر المديفر إلى الظاهرة نفسها بقوله إن العالم بأجمعه اليوم سائرٌ نحو الفردانية. ويؤكد على تضافر القوى في صنع إنسانٍ ينزع نحو الاستقلالية والاهتمام بنفسه على حسابِ العائلة.
في مقالة السماري ولقاء المديفر، تُوظَّف فكرة الفردانية بطريقتين: الفردانية بوصفها مرحلةً تسير المجتمعات إليها، والفردانية بوصفها مصطلحًا قادرًا على تفسير بعض الظواهر الاجتماعية.
يستتبع هذا التوظيف أن واقع المجتمع السعودي يصبح قابلًا للتحليل والتشخيص على ضوء الفردانية وما يرتبط بها، وأن تاريخه حتى اليوم ليس إلا جزءًا من التاريخ العالمي. مما يعني أن محطاته التاريخية هي الأخرى قابلة للتحليل ضمن هذا التاريخ. لكن هذيْن التحليليْن للفردانية قد يحملان مغالطاتٍ تحليلية شائعة.
ظاهرة المغالطة التحليلية
ليس توظيف الفردانية بهاتين الطريقتين مستغربًا، ولا يعدو كونه انعكاسًا لظاهرة متفشية في العلوم الاجتماعية والإنسانيات. نجدها مثلًا في تقرير قيرت هوفستيد الذي يحاول فيه تصنيف ثقافات الدول المختلفة على ضوء معايير يحددها ضمن المجال المهني. إحدى هذه المعايير هي الفردانية، وتقبع الدول العربية حسب دراسته في مرتبةٍ دنيا نسبيًا.
كما نجد نفس الظاهرة في بحثٍ حول الفروق الثقافية بين العرب والأميركيين. إذ يخلص البحث لكون الثقافة الأميركية فردانيةً قياسًا بجماعاتيّة الثقافة العربية، ولكون الثقافة المصرية أكثر فردانيةً من بقية الدول العربية. ونجدها أيضًا في مقالة يوون عن ضرورة تبني الفردانية والجمعية في تحليل الثقافة السياسية-النفسانية، ومقالة دانفورد التي تتقصى فردانية المجتمع اليوناني القديم، ومقالة لور عن تاريخ الفن الصيني من خلال الفردانية.
تتشارك هذه الدراسات افتراض كون المصطلح قادرًا على تفسير وتوضيح الظواهر المتناولة بغض النظر عن زمانها ومكانها. أي تنطلق الدراسات من كون الفردانية عدسةً تحليلية صالحةً لكل السياقات دون اعتبار لاحتمالية امتلاك الظواهر معاني خارج إطار الفردانية. أي دون تقصٍّ لما إذا كانت الظواهر المتناولة مؤطرةً بشكلٍ مختلف عند من يعيشونها.
هنا تشكل ضبابية المصطلح نقطة انطلاق للتساؤل عما إذا كانت الدراسات الآنف ذكرها مبنية على مغالطةٍ تحليلية. ومفاد هذه المغالطة أن الفردانية ليست ظاهرةً كونية أساسًا، بل تبلورت ضمن نطاق ظروف تاريخية محددة لا يمكن استقراؤها بمعزلٍ عنها.
يعني أن محاولات إسقاط الفردانية كما لو أنها صالحة لكل زمانٍ ومكان لن تؤدي إلا لإساءة فهم الوقائع المتناولة أولًا، ولترسيخ تصورٍ غربيّ-المركز عن التاريخ واتجاهه ثانيًا.
كيف تتشكل المفاهيم؟
لإدراك ما يعنيه كل ذلك، لا بد من التعريج سريعًا على بعض الأسس التي تنطلق منها المقالة. أولها افتراض امتلاك كل مفهومٍ إبان تشكّله بالضرورة بُعدين: بعدٌ أفقي اجتماعي وبعدٌ عمودي تاريخي. يشير البُعد الأول للمعاني المسبغة اجتماعيًا على المفهوم والعناصر المؤلفة له.
أما البعد الثاني فيشير لتشكّل المفهوم ضمن أفق تاريخي يتزامن ويتشابك فيه مع مفاهيم أخرى، بحيث لا ينفصل تشكله عن النسيج الذي يوجد فيه. وبالتالي فإن أي تقصٍّ لتاريخ تبلور أي مفهوم يقتضي وضعه في راهنيته إلى جوار نقائضه وتوازياته.
تلخص عالمة الاجتماع الأميركية مارقريت سومرز أهمية هذا الأساس فيما تسميه بـ«علم اجتماع تشكل المفاهيم التاريخي». ويقوم هذا العلم على ثلاثة محاور رئيسة: التأملية والعلائقية وتاريخانية ثقافات المعرفة.
أولًا، يصبح لزامًا على الباحث التأمل في البداهة الظاهرة للمفاهيم وإخضاعها للمراجعة قبل توظيفها في تفسير الظواهر الاجتماعية. ثانيًا، بدل الارتكان إلى تصور جوهرانيّ عن المفهوم، ينبغي رسم خارطة تموقعه معرفيًا إلى جوار غيره من المفاهيم بغرض إعادة بناء المناخ الفكري في زمنه. وأخيرًا، من خلال أرخنة ثقافتنا المعرفية، نكتشف أن ما نعده «الحقيقة» لا يعدو في أغلب الأحيان تشييدًا اجتماعيًا له سياقاته الزمانية والمكانية.
نبذ التصور الاختزالي للعولمة
لا يقتصر تصور العولمة كأساسٍ ثانٍ على كون العالم قريةً صغيرة. أقصد العولمة بوصفها الظاهرة التي أخذت تتسارع بعد سبعينيات القرن الماضي إثر تطور وسائل المواصلات والاتصال وتغلغل السوق في العديد من بقاع العالم.
هل تساعدنا العولمة على فهم العالم من حولنا؟
لا شك يُمكِّن هذا التصورُ الباحثَ من إدراك مدى آثار الاتصال على الظواهر الاجتماعية، لكن لا يعني بالضرورة كونه ذا جدوى في التحليل التاريخي. إذ يرتبط هذا التصور غالبًا بالفضاء المكاني أكثر من ارتباطه بتباين موازين القوى ووسائل المعرفة.
نجد مثل هذا التصور الاختزاليّ عند عالم الاجتماع الإنقليزي آنثوني قيدنز. إذ يعرّف العولمة بكونها محض امتداد للحداثة التي بدأت في غرب أوربا ثم انتشرت لبقية أرجاء العالم. وفق هذا التصور، ترتبط العولمة جوهريًا بمؤسسات محددة وغايات محددة، كما ترتبط ضمنيًا بالآليات التي تتمكن هذه المؤسسات عبرها من الامتداد، كأدوات الاستعمار الجديد مثلًا.
ولأن هذه العولمة تفترض علاقة أحادية الاتجاه بين المركز وغير-المركز، تأخذ المفاهيم هي الأخرى ذات المنحى؛ ينشأ المفهوم ويتبلور في المركز، ثم ينتشر لغيره ويصبح أساسًا لتفسير الواقع حيثما كان. بل إن هذا أحد استنتاجات قيدنز نفسه في كتابه الحداثة وتشكل الهوية. إذ يؤصل مفهوم الهوية الذاتية ضمن إطار الفردانية الغربية تحديدًا، ويدعي انتقالها إلى خارج الغرب جزئيًا على يد قوى السوق.
ضرورة المقاربة العولمية للفردانية
لا يؤدي تبني هذا النموذج غربي-المركز إلى إلغاء المعارف المنتجة خارج نسقه وحسب، بل إلى إعادة صياغة أنماط الإدراك وأدواته كذلك. بعبارةٍ أخرى، تصبح موضوعات المعرفة وسبل تحصيلها مقصورةً على ما يقر النموذج بصحته دون اعتبارٍ للمعاني والإمكانيات المحتملة خارجه.
في حالة الفردانية مثلًا، تُلغى كل مفاهيم الفرد التي لا تجعله أساس ومعيار كل شيء. وتُهمّش تصورات المجتمع التي تتجاوز كونه جمعًا من الأفراد المنخرطين في عقدٍ اجتماعي ضمني. كما يُرسم حد فاصل ضد كل المصالح المُعرّفة خارج المنظومة الرأسمالية، إضافةً لغيرها من الأبعاد المقولبة مسبقًا.
يؤدي ذلك إلى اعتبار الفردانية مفهومًا يُفسر كل الظواهر التي تتضمن أفرادًا منخرطين في مجتمع، أو التي يُبدي فيها الأفراد نوعًا من التفرد أو السعي وراء مصالح ذاتية. أو حتى التي يُعبّر فيها الفرد عن ذاته بطريقةٍ ما مثلما نجد في بعض الدراسات الأدبية التاريخية.
وعليه فإن إحدى الخطوات الأولى في سبيل تقويض هذا النموذج مقاربة الفكرة ضمن نسيج المعاني المحتملة خارج النسق الغربي، أي مقاربتها مع الأخذ في الحسبان ما يتولد بانفصالٍ عن الخطاب المهيمن حاليًا.
مقاربة الفكرة عولميًا تعني بشكل رئيس تصورها ضمن ثلاثة محاور رئيسة: محورٌ اتصالي يتقصى الروابط بين تجليات الفكرة عبر الفضاءات المكانية. ومحورٌ مقارن يتناول الفكرة من حيث تبايناتها وتشابهاتها في أماكن أو أزمنة مختلفة. ومحورٌ تقويضيّ يتناول الأسس التي تقوم عليها الأفكار بغرض بحث انزياحات المعنى المحتملة.
فردانية أم فردانيات؟
متى ما قاربنا الفردانية عولميًّا، يمكننا البدء بفهم التباينات الهائلة في تواريخ الفردانية أو مفاهيمها عند مختلف باحثيها أو أنصارها. وإحدى أهم المحاولات في تأريخ المفهوم هي الدراسة المقارنة التي أجراها ستيڤن لوكس لتقصي معاني الفردانية في الغرب، تحديدًا في فرنسا وإنقلترا وألمانيا وأميركا.
يؤكد لوكس في بداية الدراسة على أن مفهوم الفردانية أيضًا ابن القرن التاسع عشر إلى جوار غيره كالاشتراكية والشيوعية. كما يشير إلى ارتباط تبلور المفهوم بالسياقات الاجتماعية والثقافية المختلفة التي تسبغه معان مختلفة.
فيجد لوكس أن الفردانية في فرنسا ذات مضامين أكثر سلبية مما كانت عليه في ألمانيا. إذ ترافقت في الأولى مع مفاهيم التفكك والأنانية وحب الذات، فيما ارتبطت في الثانية بالتوكيد على الدور الفاعل للفرد في تشكيل ذاته وتطويرها لتحقيق غاياته وإمكانياته.
وكلا التصورين مختلفٌ عما كانت الفردانية عليه في السياق الإنقليزي والأميركي، حيث ارتبطت بمنظومة سياسية-اقتصادية جعلتها تخوض حروبها الخاصة ضد سياسات الحكومة الاجتماعية.
الأصول الرأسمالية
وهناك أيضًا تاريخ آلان ماكفارلن لأصول الفردانية الإنقليزية، والذي يهدف فيه لتفنيد الصورة الشائعة عن كون المجتمع الإنقليزي مجتمع فلاحين تقليدي حتى القرن السابع عشر. فالفردانية وفق التعريف الذي يتبناه الباحث مرتبط بشكلٍ رئيس بالملكية الخاصة والمواطنة، أي بالشقّين الاقتصادي والسياسي.
هذا ما يجعل ماكفارلن يخلص إلى أن فردانية المجتمع الإنقليزي ليست وليدة القرن السابع عشر وما بعده كما يدعي باحثون مثل فيبر أو ماركس. فوفق وثائق حرية التملك والبيع والتنقل كانت الفردانية موجودةً بشكل فعلي قبل ذلك بخمسة قرون على الأقل.
كما يخلص في الوقت نفسه إلى تمايز الفردانية الإنقليزية عن كل الظواهر التي تشبهها في دول الغرب، معللًا هذا التمايز بمأسستها منذ زمنٍ مبكر بالمجتمع الإنقليزي.
لآين راند تصوراتها الأكثر تطرفًا حول ما تعنيه الفردانية، إذ تتخذ معها منحىً يقف بشراسة ضد كل كينونةٍ أعلى من مستوى الفرد. وتستحضر راند تصوراتها غالبًا في سياق الحقوق الفردية والعقلانية. كما نجدها في أحيان أخرى تكرس ارتباطها برأسمالية السوق الحر والتقدم وكون الفرد الوحدة الأساسية والنهائية لكل الأنظمة من حوله.
لهذا ما تنفك راند تكرس الخطابات والسرديات غربية-المركز ذاتها عن اتجاه التاريخ وتصنيف الشعوب داخله.
ويعود هذا التفاوت في تصور الفردانية لتبني المفردة كما لو أنها متساميةٌ عما نشأت ضمنه، مما يعني افتراض وجود تلازمٍ مطلق بين العناصر المكونة للمفهوم والمفهوم نفسه. وبالتالي يصبح من الضروري تقصي ماهية هذا التلازم وأنه لا يعدو كونه راهنيًا أو ظرفيًا.
الظرفية والتخالط الاجتماعي
إن التحليلات المنطلقة من كون مجتمع ما مجتمعًا فردانيًا أم لا غالبًا ما تُبنى على هذا الاختزال: يؤمن أفراد المجتمع بالفردانية أو تبدر منهم ممارسات توصم بالفردانية، إذن المجتمع فرداني.
لكن يتجاهل هذا التصور التساؤل عما يعنيه أن يكون الفرد فردًا في مجتمعٍ ما، وعن الهوية التي يتبناها الأفراد في انخراطهم ضمن مجتمعٍ ما. كما يتجاهل الأسئلة الأكبر حول الروابط المتشكلة بين الأفراد أنفسهم.
فمن البديهي أن تختلف أنماط التخالط الاجتماعي في مجتمع قروي عما نجده في مجتمع مدني. إذ تسبغ الروابط المتشكلة بين أفراد القرية وفق حياتهم اليومية معنى لا يتحقق بالضرورة ضمن ظروف المدن.
كما تعجز الفردانية بتصوراتها الاختزالية عن بحث الظواهر ضمن السياقات الاجتماعية المغايرة لما تتبناه. فلو افترضنا أن المجتمعات ليست إلا مجموع أفرادها وأنها لا تمتلك كينونةً أكبر منهم، إن صح التعبير، لما أمكننا فعليًا الممايزة بين المجتمعات ولا الجماعات المختلفة. فمن شأن البحث فيما يجعل الفرد جزءًا من مجتمعٍ دون آخر أن يسلط الضوء على الأسئلة المتعلقة بالروابط المتجاهَلَة في تصورات الفردانية الشائعة.
وتشكل ثيمة التخالط الاجتماعي ضمن أفق الحياة اليومية إحدى ثيمات رواية وزارة السعادة القصوى لأرونداتي روي. إذ تحاول روي استكشاف الآليات التي تُعاد بها صياغة الهويات الذاتية في الصراعات الديالكتيكية القائمة بين بعض شخصيات الرواية والظروف الاجتماعية-الاقتصادية التي تجد أنفسها فيها.
فتسلط روي الضوء على أنماط التخالط الاجتماعي في دلهي القديمة والمدن المتروبولية الحديثة بالهند وما يصاحبها من عمليات على مدى أكثر من نصف قرن. كما تتقصى في الوقت ذاته تداعيات الصراعات السيكولوجية والاجتماعية والسياسية المتولدة من هذه العمليات.
ولا يجد قارئ الرواية مناصًا من أن يخلص في نهايتها إلى بطلان السرديات الكبرى حول سيرورة التاريخ وما سيصبح عليه العالم في المستقبل ضمن أطر الحداثة والعولمة. وأيضًا إلى كون نموذج الانتشار بحد ذاته جزءًا من خطاب الهيمنة الغربي.
المجتمع السعودي في القرن الحادي والعشرين
عطفًا على كل ذلك، يستحيل الإجابة على سؤال ما إذا كان مجتمعنا سائرٌ نحو الفردانية بالإيجاب دون القبول ضمنيًا بالسردية التاريخية غربية-المركز، والتي بدورها قائمة على تصورات محددة عن العالم والقوى الرئيسة الآخذة في تشكيله.
والأهم من كل ذلك، يستحيل الإجابة بنعم دون استبطان مفاهيم الفرد والمجتمع والتخالط الاجتماعي والمصالح المتضمنة ذاتها في مفهوم الفردانية. مما يؤدي بالضرورة إلى استيراد المفاهيم التي تبلورت خارج سياقاتنا، وإلى إلغاء رؤانا الخاصة عن ذواتنا وما يفترض أن تكون عليه أنماط معيشتنا وتعايشنا.
أجل، من الطبيعي أن تتغير ظروف الحياة وسط التحولات التي يخوضها مجتمعنا اليوم على جميع أصعدته. ومن البديهي أن يصاحبها تغيرات على مستوى الأدوار التي يلعبها الأفراد والفرص المتاحة فيما يتعلق بأفق تطلعاتهم. لكن التغيير ليس مرادفًا للتقدم، وانفتاح الأبواب بوجه البعض لا يعني بالضرورة انفتاحها أمام الجميع.
اعتبار الفرد مسؤولًا وحده عن حياته ومستقبله وكأن تقرير ظروف الحياة كلها بيده ليس إلا جزءًا مما تحاول خطابات الحداثة ورأسمالية السوق الحر تمريرها. لكن الحقيقة أن مستقبل الفرد وظروف حياته ليسا مستقلين عن السياقات الاجتماعية الأكبر. Click To Tweet
لا شك أن التحولات في مجتمعاتنا ليست منفصلة عما يمر به العالم أجمع، لكن لا يعني هذا أن مضامينها خاضعةٌ لما يتولد خارجنا. المستقبل الذي نسير إليه ليس مصاغًا مسبقًا ولا مهيئًا لكي نقتحمه من أوسع أبوابه أو أضيقها، بل جزءٌ مما نسهم في تشكيله على ضوء ما نصبو إليه ونبتغيه نحن.