كنتُ أشتكي -ساخرًا- لأحد زملاء العمل في يومٍ من الأيام عن الفوائد التي تصاحب الموظف المدخن. فالمدخن قادر مثلًا على اقتطاع أوقات مطولة يوميًا لأخذ فسح تدخين، وهو امتياز لا أحظى به لو أردتُ أن أستقطع الأوقات نفسها للعب السويتش في أوقات العمل.
كما أنَّ المدخن يحظى بفرص توسيع نطاق علاقاته المهنية وتشبيك رؤسائه في حال كانوا من المدخنين أيضًا، ولا سيما أنَّ لمجتمع المدخنين قوانين غير مكتوبة تجعلهم يتشاركون الولاعات والسجائر حتى لو لم يعرفوا بعضهم بعضًا، وعليه فهي فرصةٌ إضافية لكسر بعض الحواجز.
ما إن أنهيت «حلطمتي» حتى اعترف صديقي أنه لم يبدأ رحلته في التدخين إلا حين صار موظفًا، إذ منحته السجائر في المقام الأول فرصةً للتعرف على الناس في بيئة جديدة. وحتى لما استبدل الفيب بالسجائر في مرحلةٍ لاحقة، ظل التخالط الاجتماعي عاملًا رئيسًا في تحديد أوقات تدخينه وتسكعه. ومن باب تطييب خاطري وتخفيف غيرتي، سألني زميلي عما إذا كنت قد فكرت باقتناء فيب واستعماله في «تدخين» الماء وحسب.
لم أصل بعد إلى مرحلة تجعلني أُعرّض مجرى الهواء لألسنة البخار فقط بغية التسكع والتخالط، ولكن سؤاله معبرٌ فعلًا عن مدى تطبيع فكرة فسحة التدخين وعدّها ممارسةً ضرورية ضمن نسيج الحياة اليومية. ولقد أصاب حين أشار إلى غيرتي من المدخنين، إذ أود طبعًا لو أحظى بأوقات مشابهة ضمن أوقات الدوام لممارسة ضرورياتي دون القلق بشأن أي عواقب.
فلو سأل رئيسي عني مثلًا، لا أظنه سيتلقى خبر «ذهب ليقرأ بضع صفحات» بمثل إعلامه أني ذهبت للتدخين، ناهيكم بوقع الأمر لو وجدني جالسًا أقرأ على مكتبي مثلًا. وفي حين أن القراءة ولعب السويتش مثالان شاطحان وسيجدان نصيبهما من المستنكرين، فالحقيقة أنه ثمة الكثير مما يصعب تسويغه في بيئة العمل التي تشجع بنيتها على أدائيات وشكليات محددة.
قبل بضع سنوات، تقدم موظف من شركة «بيالا» (Piala) في اليابان بشكوى رسمية -دون سخرية- بشأن هذا الموضوع، متذمرًا من أن فسح التدخين تقلل من الإنتاجية الكلية. ونجم عن هذه الشكوى سياسة جديدة تمثلت في إعطاء غير المدخنين ستة أيام إضافية لرصيد إجازتهم السنوية تعويضًا عن الدقائق التي يجمعها المدخنون من فسحهم طوال العام.
أتخيل لو انتشرت مثل هذه القرارات. ألن يكون من الأسهل على الشركات حينها تطبيع الممارسات التسكّعية الأخرى دون دفع الناس إلى تفييب الماء؟
مقالات أخرى من نشرة أها!
ماكينة الخياطة وتطبيق «توكَّلنا»
عملية التعليم متبادلة وتربط بين جيلين؛ الأول يأتي بخلفية ثقافية عريقة ومهارات يدوية، والثاني بمعرفة التقنية الحديثة والأجهزة الذكية.
رويحة عبدالربالسعادة هي أن تسكن حيث تعمل
لا يجد بعض الزملاء بدًّا من إسداء النصيحة: «ليش ما تسكن في الخبر أقرب لك؟» فيأتيهم ردي: «من قال إني أبغى الدوام يصير محور حياتي؟!»
حسين الإسماعيلالجهود الكبيرة لا تعني النجاح
جودة التخطيط العقلاني لا تستدعي في أحيان كثيرة بذل جهودٍ استثنائية، بل تستدعي الالتزام التام بالخطة مع بعض التعديلات الطفيفة.
أحمد مشرفلا تنخدع بلغة التواضع
أجادل أنَّ التواضع اليوم ليس إلا بديلًا آمنًا للمتكبّر لإظهار كبره، ووسيلة إضافية لمضاعفة رأس المال الاجتماعي.
حسين الضوتجرأ وكن سيئًا
حكاية الهاكاثون قصة فشل لن يذكرها أحد غيري، ورغم ذلك فقد تعلّمت الكثير من هذه المشاركة التي كانت بعيدة جدًا عمّا اعتدته.
رويحة عبدالربالتطوُّر يزداد والاكتئاب يزداد
نعيش عصرًا تصبح فيه الحياة أسهل كلَّ يوم، مع ذلك نشهد ارتفاعًا غير مسبوق في نسب الاكتئاب. وكأنَّ الإنسان ضاقت به الحياة بكلِّ تقنياتها.
تركي القحطاني