الرابط بين التعزيل وكتابة اليوميات 🤔
كتابة اليوميات شكل من أشكال «التعزيل»، وإن كانت هذه الكتابات ستغدو لاحقًا أول ما يُرمى إلى سلة القمامة.
الرابط بين التعزيل وكتابة اليوميات
تتحدث كثير من المقالات عن عادات الكتّاب وطقوسهم عند شروعهم في الكتابة، لكني هنا أود أن أفرد الحديث عن واحدة من عاداتي في الترجمة، أو ما بعد الترجمة إن أردنا الدقة. فقد ألزمت نفسي منذ سنوات بأن «أعزّل» مكتبي، إن لم يستحوذ عليّ الحماس وأعزّل البيت بكامله! كلما أنهيت عملًا، ولا سيّما إن كان العمل مضنيًا. لم أجد هذه المرة ما أعزّله، بعد شن حملة شعواء تخلصت فيها من كل ما لا أود الاحتفاظ به؛ لذا فتحت صندوقًا أحفظ فيه دفاتر يومياتي. وقد ألزمت نفسي بعادة أخرى منذ بضع سنين، تقضي بأن أتخلص من هذه الدفاتر بعد مضيّ عدد من السنوات (خمس أو ست سنوات في أحسن الأحوال).
تسألني إحدى صديقاتي: لماذا تكلفين نفسك عناء كتابة اليوميات إن كنت تضمرين نية التخلص منها؟ وهذا سؤال وجيه. لكني أرى في التخلص من الدفاتر، بغثها وسمينها، فوائد جمة، أولها التحرر من عادة الاكتناز التي يتسم بها كل هاوٍ للقراءة والكتابة (يصدق هذا في حالتي إلى حد ما، فأنا من محبي الأقلام بكل أنواعها وعلى مكتبي أربعة أكواب منها، ومن محبي جمع الدفاتر بمختلف صنوفها، لكن هذا ليس اكتنازًا، وإذا قالت بثين فصدّقوها).
أما الفائدة الثانية فمردّها إلى «الطريقة السويدية في تحرير أقربائك من فوضى حياتك بعد الموت». إنها طريقة في ترتيب متاع البيت شبيهة بطريقة ماري كوندو، والفرق الوحيد أن المرء يقدم عليها وهو عازم على ترتيب منزله لما بعد موته. أفردت مارقريتا ماقنوسون في كتابها التأهب للرحيل فصلًا بعنوان «إن كان لديك سر فاحفظه بهذه الطريقة». وفيه تدعو إلى التخلص من كل سر قد يسبب الأذى والتعاسة للأهل «إذ يبدو أننا نعيش تقاليد حيث يعتقد الجميع أن لديهم الحق في الاطلاع على كل سر، إلا أني لا أتفق مع ذلك». ليس عندي أسرار تسبب الألم لمن حولي، ولكن لكل امرئ الحق في الاحتفاظ بلحظات خيبته وألمه وحزنه لنفسه فقط.
وأما السبب الحقيقي لإقدامي على هذه العمل الرائع في نتيجته، والمريع في أثنائه،، فلأني مؤمنة كل الإيمان بأن الكتابة تتخذ أشكالًا مختلفة بمرور السنين. إن كتابة اليوميات في نظري تدريب مستمر على الحياة، ولا جدوى من الرجوع إلى خط البداية في كل مرة. إنها سباق تتابع يسلّم فيه كل دفتر العصا للدفتر الذي يليه، وهذا ما سمته سارا مانقوسو «الاستمرارية» في كتاب يحمل الاسم نفسه؛ فبعد اعتيادها كتابة اليوميات طوال خمسة وعشرين عامًا آثرت ألّا تعيد النظر في ما كتبته. كانت مانقوسو تظن أنها بكتابة اليوميات تنتزع الوقت، وأنها توقف الزمن بصورة ما، لكنها عرفت، مثلما نعرف جميعًا، أن الأمر ليس إلّا وهمًا. وأنا مثل مانقوسو أعزف أحيانًا عن النظر إلى ما كتبته قبل سنوات؛ اتّقاء لما سيثيره ذلك في النفس من مشاعر لدى قراءة وقائع حدث ما أولًا، ورغبة مني في ألّا أكرر نفسي بشكل أو بآخر ثانيًا. أعني أن تخلص المرء من الكتابات القديمة، سواء أكانت تأملية أم كتابة إبداعية، من علامات النضج وتملّك المقدرة على المضيّ قُدُمًا والتطلع إلى الأمام وترقّب ما سيحمله المستقبل، إلى جانب تفادي اجترار الكتابات والأفكار القديمة «فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».
بعد هذا كله قد يتبادر إلى ذهن القارئ تساؤل عن الرابط بين «التعزيل» وكتابة اليوميات، على الرغم من وضوح ما يجمعهما، فكتابة اليوميات شكل من أشكال «التعزيل»، وإن كانت هذه الكتابات ستغدو لاحقًا أول ما يُرمى إلى المجمرة أو سلة القمامة أو فرامة الأوراق، إذ لا يتاح للمرء أن يدوّن وقائع حياته بحذافيرها، بل سيعمد إلى سلسلة من أفعال الانتقاء والحذف، وهذا هو جوهر حملات «التعزيل» التي تتعدد أسبابها وأشكالها.
عليك أيها القارئ اللبيب إذن بفن التخلي (مع حفظ حقوق العبارة للقاص الأستاذ عبدالله ناصر)، وتعلّم مهارة التعزيل، التي ستمدّ أمام ناظريك أرحب المساحات.
فاصل ⏸️
توجت الكاتبة الألمانية جيني إربنبيك بجائزة «البوكر الدولية» (The Booker Prizes) عن روايتها «كايروس» التي تدور أحداثها في ألمانيا الشرقية قبل سقوط جدار برلين وبعده، وتحكي قصة حب محكوم عليها بالفشل. والجائزة من أهم الجوائز الأدبية المخصصة للروايات المترجمة إلى الإنقليزية، وتبلغ قيمتها 50 ألف جنيه إسترليني تنقسم مناصفة بين الكاتب والمترجم.
أعلنت جمعية الأدب والأدباء تنظيم معرض الكتاب الخيري بالمدينة المنورة، في حدث هو الأول من نوعه على صعيد المنظمات الثقافية غير الربحية، ويهدف المعرض إلى نشر الثقافة وتشجيع الشباب على اقتناء الكتب التي ستباع بمبالغ زهيدة، حيث سيكون ريع المعرض بالكامل مخصصًا لدعم برامج الجمعية. ومن المقرر أن تنطلق فعاليات المعرض أواخر أغسطس المقبل جوار مركز الملك سلمان الدولي للمؤتمرات بالمدينة المنورة.
اقتربت جي كيه رولينق مؤلفة سلسلة «هاري بوتر» (Harry Potter) من لقب المليارديرة وفقًا لقائمة صنداي تايمز للأغنياء. تعد رولينق أول كاتبة تحقق ثروتها من الكتابة ومن سلسلتها الشهيرة التي رفض نشرها عدد كبير من دور النشر قبل أن تصل إلى دار نشر قبلت السلسلة التي ما زالت حتى اليوم تحقق أرقام مبيعات قياسية في دول العالم.
ظفر الروائي البوسني فيليبور تشوليتش بجائزة «ويست فرانس/ إيتونان فواياقور» (Ouest-France Étonnants Voyageurs) عن روايته «حرب ومطر» التي تحكي تجربته كجندي خلال حرب البوسنة والهرسك. تُمنح الجائزةَ لجنةُ تحكيم مكونة من عشرة قرّاء شبّان تُراوح أعمارهم بين 15 و20 عامًا، ويبلغ قدرها 2000 يورو.
توصيات النشرة من أسامة الواصلي:
في صالون العقاد كانت لنا أيام، أنيس منصور
دراسة السير الذاتية للكتّاب والأدباء والمؤثرين تُضيف إلى رصيد الإنسان عمرًا إلى عمره وتمنحه خلاصة تجاربهم من نجاحات وإخفاقات. وأنيس منصور أحد الكتاب الذين تميزوا بعذوبة الأسلوب وجمال العبارة، ويجيد صناعة الدهشة في ذهن القارئ في معظم ما يكتب.
عَرض لنا سيرة رائعة في كتابه «في صالون العقاد كان لنا أيام»، تحدّث فيها عن نفسه في تلك المرحلة التي عاصر فيها عملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد بأسلوب سهل وممتع. وتنقّل بين الأحداث والقصص بشكل سلس، وذكر بعض الوقائع المهمة في تلك الحقبة وتحدّث عن كثير من الشخصيات المهمة مثل عباس العقاد صاحب الصالون وعبدالحليم حافظ والآنسة مي زيادة وطه حسين وغيرهم.
دهاة العرب: رجال صنعوا التاريخ، محمد إبراهيم سليم
قيل قديمًا إن دهاة العرب أربعة: معاوية بن أبي سفيان (للروية)، وعمرو بن العاص (للبديهة)، والمغيرة بن شعبة (للمعضلات)، وزياد بن أبيه (لكل كبيرة وصغيرة).
تحدّث الكاتب في كتاب «دهاة العرب: رجال صنعوا التاريخ» لمحمد إبراهيم سليم عن سيرة دهاة العرب الأربعة والمواقف التي العصيبة التي أثبتت فطنتهم ودهاءهم وحسن تخلصهم وكيف استطاع هؤلاء الدهاة الوصول إلى أعلى المراتب التي أرادوها، في قصص مشوقة وملهمة من تراثنا العربي.
قصص من التاريخ، علي الطنطاوي
في هذا الكتاب الذي يستحضر قصصًا ملهمة من عبق الماضي، ويعود بك إلى أزمنة مختلفة وبلدان شتى، في سرد سينمائي وكأنك تشاهد الأحداث على طريقة الشيخ علي الطنطاوي، فقد بث الحياة من جديد في الشخصيات التي صنعت جزءًا من التاريخ وأذكى المشاعر فرحًا وحزنًا وحيرة، بشكل مختصر وبسيط في 23 قصة من عدة حضارات، فهو بمثابة المدخل المبسط واليسير للدخول إلى عالم القصص التاريخية بأسلوبه الأدبي الرفيع.
ولعلّي أقتبس من الكتاب جملة تنبئك عما فيه حين قال:
«وهل الغرام إلا قصة واحدة تتكرر أبدًا ولا يمل البشر تمثيلها..»
وراء كل بيت شعر قصة أو حكاية، سلمى مجدي
للشعر في حياة العرب مكانة لا يُزاحمها فن من فنون الأدب، فهو ديوان العرب الخالد، ومَعينهم الذي لا ينضب. أبياته سارت بيننا أمثالًا نستلهمها في كل موقف لما فيها من معانٍ وقيم ومواعظ، كقول الشاعر:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا
ليوم كريهة وسداد ثغرِ.
وقول الآخر:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا
ويأتيك بالأخبار من لم تزودِ.
ولكن كثيرًا من هذه الأبيات السائرة بين الناس مضرب الأمثال لا نعرف قائلها ولِمَ قيلت.
كتاب «وراء كل بيت شعر قصة أو حكاية» لسلمى مجدي، يعطيك البيت ومَن صاحبه وقصته والبيت الذي يليه، بإيجاز ودون تكلف أو توسّع في هذا الباب.
سواء كنت صديقًا للكتب أو كنت ممن لا يشتريها إلا من معارض الكتاب، هذه النشرة ستجدد شغفك بالقراءة وترافقك في رحلتها. تصلك كلّ أربعاء بمراجعات كتب، توصيات، اقتباسات... إلخ.