ضياع أصالة اللعبة في عصر الريميكات

الريميكات تلعب على وتر النوستالجيا، وفي الوقت نفسه تتكيّف مع تطلعات الأجيال اللاحقة، الأمر الذي يحقق أرباحًا عالية.

في يونيو الماضي، تلقَّى عشاق لعبة «ذا لاست أوف أس» (The Last of Us) خبر إصدار إعادة إنتاج اللعبة على «بلاي ستيشن 5» بمشاعر مختلطة. فمن جهة، يمنح «الريميك» الحصري من اللعبة –الحاصلة على جوائز عديدة– سببًا إضافيًّا لاقتناء الجهاز أو الاحتفاء باقتنائه. لكن من الجهة الأخرى، يثير هذا الإصدار تساؤلات كثيرة حول المعنى من إصدار ريميك جديد للعبة سبق أن حصلت على نسخة محدثة عام 2014؛ أي بعد قرابة عام فقط من صدورها. 

في السياق الأكبر للأمور، يبدو إصدار الريميك أمرًا معتادًا. فمن المتوقع هذا العام مثلًا، في 27 يناير، نزول ريميك لعبة «ديد سبيس» (Dead Space) -حسبما نشرت قناة اللعبة الرسمية على يوتيوب. كما سيصدر في 27 مارس ريميك الجزء الرابع من «ريزدنت إيڤل» (Resident Evil)، السلسلة التي حظيت أجزاؤها الثلاثة السابقة بريميكاتها الخاصة. لكن أن يصدر ريميك جديد للعبة لم يتجاوز عمرها عشر سنين، فهذا ليس بالمعتاد نهائيًّا.

لا يمكن إغفال قدرة الريميكات على جذب اللاعبين، سواء كانوا مخضرمين أو جددًا. فالريميكات تلعب على وتر النوستالجيا، وفي الوقت نفسه تتكيّف مع تطلعات الأجيال اللاحقة، الأمر الذي يحقق أرباحًا عالية قياسًا بتكلفة إنتاج ألعاب جديدة كليًّا

لكن لا يمكن أيضًا إغفال ما ينطوي عليه الأمر من تأطير أفق الممكن في عالم ألعاب الفيديو؛ أي من إعادة إنتاج نطاق محدد من خصائص الألعاب وعدِّها الأمثل على الإطلاق.

تنبني إستراتيجية «إعادة الإنتاج» جزئيًّا على فكرة مفادها أن اللعب على المضمون أصلح للمبيعات. فليس الأمر هنا معنيًّا بإنتاج أجزاء جديدة من اللعبة (ولهذه الاستراتيجية فلسفتها الخاصة من الاستمرار والتجديد)، بل معنيٌّ بالقوى الخفية للألفة والاعتياد في توجيه قراراتنا. تتجلى هذه القوى في العملية اللاواعية التي تربط جودة لعبةٍ ما بوجود خصائص محددة.

بعبارةٍ أخرى، يصبح ثمة ارتباط بين ميلنا للإعجاب باللعبة ومدى شبهها بصورة متشكلة في أذهاننا عما ينبغي أن تكون عليه، وهي الصورة التي تبلورت من جراء ألعاب أخرى في الفئة نفسها. لهذا يمثّل ريميك اللعبة قمة الشبه المنشود، إلا أنه في الوقت نفسه تكريسٌ للخصائص وتكرار بلا إبداع.

ولا مناص هنا من التساؤل: ما مدى الأصالة التي يمكن لألعاب الفيديو أن تحققها، ما دام شبح القديم مهيمنًا يعيد إنتاج ذاته؟

الألعابالإنسانالتقنيةالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+640 مشترك في آخر 7 أيام