ارتفاع القيمة السوقية للاعبين الشباب

يعمل الموقع العالمي الشهير «ترانسفير ماركت» -المتخصص في تحديد القيم السوقية للاعبين والدوريات وكل ما يخص التقييم المالي- على تحديث قيم اللاعبين كل 3 أشهر. وفي التحديث الأول لهذا الموسم بعد السوق الصيفية، شهد تقييم بعض اللاعبين بالدوري السعودي ارتفاعًا في القيم السوقية.

خصَّت الزيادة تحديدًا اللاعبين الشباب القادمين للدوري السعودي، أو ما يطلق عليهم في الوسط الرياضي السعودي «لاعبو المواليد». وهذا الارتفاع مهم جدًا لصورة الدوري على مستوى العالم، ومهم تجاريًّا أيضًا برفع قيمة أصول اللاعبين الموجودين بالدوري في الوقت الحالي.

يجب أن تنعكس هذه الارتفاعات بشكل إيجابي على الدوري بمرور الوقت ومع التعديلات المتوقعة على نظام المواليد. وأكَّد هذا الارتفاع أن هناك إمكانيةً لنمو أي لاعب تجاريًا بالانتقال إلى الدوري السعودي؛ وهذا ما تبحث عنه الأندية التي تتحول إلى شركات، والتي تبحث عن نموذج مستدام على المدى الطويل.

كما يجب أن نفهم جيدًا أننا نحاول منذ عام 2023 خلق سوق جديدة في عالم كرة القدم، وهو أمر يتطلب تضحيات مالية من أجل خلق هذا السوق؛ ليصبح في المستقبل سوقًا طبيعيًّا في الصناعة. وما نعمل عليه الآن في كرة القدم لم يحدث سابقًا بالطريقة نفسها، من المشروع الصيني المنهار إلى المشروع الأمريكي الذي يعمل بطريقة مختلفة عن ممارسات كرة القدم في العالم.

ومع مرور الوقت سيتحسن السوق السعودي ويصبح جزءًا من السوق العالمي، وبشكل تدريجي ستنخفض التكاليف. وستبحث الكثير من الأندية، التي ستكون ملكًا لمستثمرين، عن النمو والأرباح والارتفاع في الأصول؛ ولا يوجد أهم من اللاعبين في أصول كرة القدم القابلة للبيع. وهذا الارتفاع الذي يحدث للمرة الأولى في الدوري بهذا الشكل مؤشر إيجابي للمشروع السعودي من جانب سوق الانتقالات.

من هم أكثر اللاعبين الذين ارتفعت قيمتهم السوقية؟

إحدى أكبر مفاجآت الموسم الحالي في الدوري السعودي، والصفقات التي قد تكون الأكثر مفاجأةً على مستوى العالم وليس الدوري السعودي فقط، لاعب النصر جواو فيلكس الذي يعد اللاعب الأكثر ارتفاعًا بالقيمة السوقية بعد 3 أشهر أولى بالدوري السعودي.

ارتفعت قيمة جواو فيلكس السوقية من 20 مليون يورو إلى 25 مليون يورو بهامش ارتفاع بلغ 5 مليون يورو، وهو الأعلى بالارتفاع مساويًا للاعب خط وسط نادي الأهلي فالنتين أتانقانا، والذي ارتفع بهامش 5 مليون يورو أيضًا لتصبح قيمته السوقية 15 مليون يورو.

نموذج صفقة جواو فيلكس مهم لمستقبل الدوري السعودي، وربما يكون نموذجًا مهمًا لجذب بعض اللاعبين المشابهين لجواو. من لاعب اتجهت مسيرته إلى الأسفل بقيمة مالية متراجعة إلى لاعب يعيش فترةً رائعةً جدًا وتصاعد في حالته الفنية والبدنية، وفي الوقت نفسه يعيش ارتفاعًا في القيمة السوقية. وهذا قد يجذب بعض اللاعبين المتعثرين، الراغبين بإعادة إحياء مسيرتهم في الدوري السعودي؛ مما يعطي أنديتنا موقف قوة، وقدرة أيضًا على الإقناع والتسويق للذات خلال الأسواق المقبلة.

وفي المرتبة الثالثة من الارتفاع، يبرز مدافع نادي الهلال التركي الشاب يوسف أكتشيشيك والذي ارتفع بهامش 4 مليون يورو لتصبح قيمته السوقية 16 مليون يورو. وعلى الرغم من نظام المواليد الذي يحرمه من المشاركة الدائمة، فقد حقق اللاعب ارتفاعًا. وهذا مؤشر لحاجتنا إلى فك القيود عن المواليد، هذا النظام الذي يعاني مشاكل عديدة لا تحفز الاستثمار، بل تقيده.

ويأتي بهامش الارتفاع نفسه (4 مليون يورو) مدافع الاتحاد يان كارلو سيميتش الذي أصبحت قيمته السوقية 12 مليون يورو. وأنجيلو لاعب النصر ارتفع أيضًا بهامش إيجابي (4 مليون يورو) لتصبح قيمته كذلك 12 مليون يورو.

ويأتي بعد ذلك في الارتفاع ثلاثي نيوم، أولًا بالجناح الذي أبهر الكثير من متابعي الدوري سايمون بوابري بتحقيق هامش ارتفاع إيجابي 3.7 مليون يورو لتصبح قيمته السوقية 4 مليون يورو. ثم ناثان زيزي الذي ارتفع بهامش إيجابي 3 مليون يورو لتصبح قيمته السوقية 18 مليون يورو، ثم يأتي ثالث لاعبي نيوم لوسيانو رودريقيز، الذي حقق ارتفاعًا بهامش إيجابي 3 مليون يورو لتصبح قيمته السوقية 10 مليون يورو.

لاعب نادي القادسية كريستوفر بونسو باه -القادم أيضًا الصيف الماضي- ارتفع بهامش إيجابي 2.5 مليون يورو لتصبح قيمته السوقية 10 مليون يورو. ثم ماركوس ليوناردو الذي ارتفع بهامش 2 مليون يورو لتصبح قيمته السوقية 20 مليون يورو.

ويأتي في القائمة أيضًا لاعب الأهلي ماتيوس قونسالفيس الذي ارتفع بهامش إيجابي 2 مليون يورو لتصبح قيمته 9 مليون يورو. وأخيرًا لاعب نيوم أمادو كونيه الذي حقق ارتفاعًا بهامش إيجابي 2 مليون يورو لتصبح قيمته السوقية 6 مليون يورو.

سيأتي في ذهنك مباشرةً سؤال: لماذا دفعنا أكثر من القيمة السوقية في بعض الصفقات؟ لأن قيم انتقال اللاعبين الشباب تعتمد تحديدًا على ما سيصل إليه اللاعب مستقبلًا وليس ما هو عليه الآن؛ لذلك ستكون بعض الأسعار منطقيةً جدًا في صفقات المواليد. ولكن غير المنطقي أن يوجد لدينا نظام لا يسمح لهم بالمشاركة في بطولة الدوري، ويقيد تطورهم الطبيعي في كرة القدم.

من أكثر المستفيدين من هذا الارتفاع ؟

بوجود 4 لاعبين بالقائمة، يعد نادي نيوم أكثر الأندية استفادةً، بل إنه النادي الوحيد في دوري روشن -بعد التحديث الجديد للقيم السوقية- الذي حقق هامش ربح في قيمة اللاعبين 6 مليون يورو، لتصبح قيمة النادي السوقية 84.7 مليون يورو. بينما حقق الهلال أكبر انخفاض بالقيمة المالية بهامش خسارة 23 مليون يورو، لتصبح قيمة الفريق السوقية 192 مليون يورو، وهذا طبيعي بسبب أعمار اللاعبين.

ركَّز نيوم الصاعد حديثًا من دوري يلو -وهو أحد الأندية التي تخصصت مع بداية مشروع التخصيص في الكرة السعودية- على جذب اللاعبين الشباب، وهي سياسة يعتقد النادي أنها ستحقق استدامةً أفضل للفريق. ربما أفقدت هذه السياسة الفريق عامل الخبرة في بداية الدوري، ولكن يعزز النادي ذلك عبر جلب اللاعبين السعوديين أصحاب الخبرة ودمجهم بالفريق.

حقق نيوم هامش ربح بنسبة مهولة في اللاعب سايمون بوابري، الذي وصل النادي بقيمة سوقية تقدر بـ0.3 مليون يورو ليصبح الآن بقيمة تقدر ب 4.0 مليون يورو، كان الارتفاع بنسبة 1233% من قيمته التي وصل بها.

وارتفع ناثان زيزي من 15 مليون يورو إلى 18 مليون يورو، ولوسيانو رودريقيز من 7 مليون يورو إلى 10 مليون يورو، وأمادو كونيه من 4 مليون يورو إلى 6 مليون يورو، ولويس ماكسيميانو من 3 مليون يورو إلى 3.5 مليون يورو.

تتخذ استراتيجية نيوم -التي شرحناها هنا في عدد سابق- من اللاعبين الشباب حجرًا أساسيًا لبناء فريق مستدام. ويشير المؤشر الأول إلى ارتفاع في القيم السوقية، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي إذا أراد النادي بيع أحد اللاعبين الشباب مستقبلًا.