كيف تبدو الحياة بدون تقاعد؟ 😬

زائد: هل شاركت في ترند «عشرة كتب لتتعرف عليّ؟»

هل شاركت في ترند «عشرة كتب لتتعرف عليّ»؟

أنا فكرت بالمشاركة، لكن هنا سأتفلسف قليلًا: أتذكر فيما مضى أني قرأت مقالًا لا أتذكر صاحبه، لكن يقول بما معناه أننا نتبدل كل عشر سنوات، حتى إن لم نشعر بهذا التبدل الجذري الكبير. وتذكرت ما قال وأنا أفكّر في الكتب العشرة. وأستطيع القول إنَّ قراءاتي تغيرت كل عقد، حتى إن لم يكن التغير جذريًّا.

هذا لا يعني أنَّ الكتب الأسبق تقل معزتها، بل العكس، تزيد؛ لكن ما عادت أنا. أنا ممتنة أني قرأتها حين قرأتها، لكن عددًا منها ما كنت لأقرأها الآن، وما كانت لتعبر عني كما عبرت من قبل.

الآن وقد تفلسفت، لا تدع فلسفتي تقف في طريق بهجتك واستمتاعك بالمشاركة في الترند. ❤️📚

في عددنا اليوم، أتأمل شكل الحياة بدون أي احتمال للتقاعد، والاستمرار في العمل حتى مع التقدم في السن لما بعد التسعين. وفي «شباك منور» أشاركك أقصوصة قصيرة عن الذاكرة والنسيان من كتاب «أدب النسيان» ومن ذاكرتي حول تفضيل صدر الدجاج على الفخذ. وفي لمحات من الويب، نودعك مع اقتباس عن الأمل، وهل أمثولة الـ«عشرة آلاف ساعة» صحيحة؟ ⏱️

إيمان أسعد


رسم: الفنان عمران
رسم: الفنان عمران

كيف تبدو الحياة بدون تقاعد؟ 😬

إيمان أسعد

قررت حكومة اليابان تعديل مسميات عطلها الرسمية. مثلًا، بدل يوم «عيد العمال»، تحوَّل الاسم إلى «عيد الامتنان لمجرد البقاء على قيد الحياة»؛ وبدلًا من يوم «توقير كبار السن»، تحوَّل الاسم إلى «تشجيع كبار السن». لماذا؟ لأنَّ كبار السن الآن، بمختلف أطيافهم العمرية من المسنين الشباب في عمر الستين إلى المسنين الكهول مما تزيد أعمارهم عن التسعين، يشكلون الطبقة العاملة التي تحمل اقتصاد البلد واستقراره على أكتافها الهرمة.

بالطبع، ما ذكرته أعلاه ليس خبرًا من مجلة ذي إيكونوميست عن قسمها المخصص لاقتصاد اليابان، بل مقتطف من رواية يابانية قصيرة عنوانها «المبعوث» (The Emissary) للروائية اليابانية يوكو تاوادا. 

الرواية من 138 صفحة، ووصلت صفحتها الخمسين، لكن فكرة العمل حتى سن التسعين والمئة ظلت تستحوذ على تفكيري. ولم يهوِّن عليّ الأمر مشاهدة فلم «نومادلاند» (Nomadland) عصر البارحة الجمعة، حيث العمّال من كبار السن يدخلون أفواجًا إلى مراكز أمازون الكبرى، في ذروة مواسم الشراء، للعمل مقابل أجر يومي في تغليف الكراتين وإرسالها. 

الرواية ديستوبية عن مستقبل لا نعرف عامه تحديدًا، بينما الفلم واقعي عن ماضٍ وقع في عام 2011 بعد أزمة 2008 المالية. المسبب الرئيس لعمل كبار السن وحرمانهم من التقاعد في الرواية يعود إلى ولادة أطفال ضعفاء البنية، رؤوسهم ضخمة وعظامهم هشة، وأقصى مرحلة قد يصلونها هي سن الثلاثين، ولن يعملوا أبدًا في مهن تتطلب قوة جسدية مثل الزراعة والبناء والمصانع، بل أقصى ما يمكن أن يمتهنوه هي مهن مكتبية لا تتطلب منهم الحركة بتاتًا.

بينما في الفلم الواقعي، المسبب الرئيس لعمل كبار السن يعود إلى فقدان عدد كبير منهم مدخراتهم التي استثمروها طيلة حياتهم الوظيفية بسبب الأزمة المالية، وخسارة بيوتهم التي اشتروها بالرهن العقاري وهبطت قيمتها، هذا إذا لم تستردها البنوك أصلًا ليجدوا أنفسهم بلا مسكن يأويهم. مما دفع عددًا منهم إلى حياة العمالة المياومة بعدما كانوا معلمين أو موظفين ضمن الإدارة الوسطى في الشركات.

في الرواية، حين يقشر الجد «يوشيرو» الذي بلغ المئة عام، برتقالة لحفيد حفيده «مومي»، ويقطّعها إلى شرائح صغيرة كي لا تؤلم أسنان حفيده وهو يحاول مصّها، يتذكر كيف اعتاد في شبابه التهرُّب من الإرهاق الوظيفي بادعاء المرض، بينما كان باستطاعته، بمنتهى البساطة، تقديم استقالته من وظيفة لا يحبها. 

تأمَّل كل الرحلات التي لم ينطلق بها لأنه لم يعطِ السفر الأولوية، ولظنّه أن العالم سيظل ينتظره. هذا بالطبع قبل أن تقرر الدول، في هذا العالم الديستوبي، إغلاق الحدود على نفسها؛ أصبحت مسؤولية كل دولة أن تحل مشاكلها بنفسها وبقدرات شعبها فقط دون مهاجرين وأغراب، وواجبها ألا تصدِّر مشاكلها للآخرين. 

في الفلم، تذكر إحدى العاملات المتقدمات في السن قرارها التقاعد المبكر من وظيفتها في شركة كبرى وامتهان العمالة المياومة والتنقل في البلاد في مقطورتها. والسبب، وفاة صديقٍ لها في الشركة اشترى قاربًا منذ أعوام وتركه في مدخل بيته في انتظار التقاعد لكي يمارس حلمه في ركوب البحر والصيد، ليموت سريعًا من السرطان في تشخيصٍ متأخر وقبل تقاعده بعشرة أيام. ما كانت لتفعل مثله، وتترك حلمها بالسفر عبر البلاد مركونًا على مدخل بيتها في انتظار التقاعد.

ما بين الديستوبيا المتخيلة والسينما شبه التوثيقية، يظل التقاعد وخسارة فقدانه واقعًا قد يصيب الكثير منّا. لا يحتاج الأمر إلى كارثة بشرية مهولة، أو أزمة مالية عالمية، أو انكماش البشرية مع تفوق عدد المسنين على عدد المواليد الآخذ منذ أعوام بالانخفاض. يكفي أن تجد نفسك، حتى بعد أن بلغت سن التقاعد، في حاجة إلى مواصلة العمل لأنَّ الراتب التقاعدي قد لا يكفيك، أو لتزايد ضغوط الحياة على أبنائك -أو عائلتك في حال كنت أعزبًا- مما يتطلب منك المساعدة في الصرف والميزانية، وفي رعاية الأحفاد أيضًا رعاية كاملة لا تقتصر فقط على تدليل الحفيد بين يومٍ وآخر.

وبالطبع، ما تشترك به الرواية والفلم وحتى الأخبار الواقعية من ذي إيكونوميست عن اليابان وكوريا وأمريكا وأوربا، أنَّ الوظائف المتاحة لكبار السن أغلبها الأعمال اليدوية الكادحة وزهيدة الأجر، أي الوظائف الأولى التي يؤديها عادةً المهاجرون من الدول الفقيرة متى دخلوا الدول الغنية. لهذا لا يصنع أي فرق التاريخ المهني لكبير السن، لأنه في المرحلة القادمة، ديستوبيًّا وواقعيًّا، لن يشكل المسن أكثر من عمالة رخيصة في غياب المهاجرين. ليتحوَّل التقاعد من حلم إلى مجرد سراب قد يتلاشى ما أن يصل أحدنا السن المفترضة للقياه.

يعني، وباختصار، إذا في بالك سفرة هاليومين، توكّل على الله وسافر واستمتع. 🧳✈️


قرأت كتاب «أدب النسيان: ثقافة تجاوز الماضي» للكاتب لويس هايد قبل عدة سنوات، قبل ترجمته إلى العربية. وأظنه أحد الكتب التي أثَّرت في أسلوب كتابتي في نشرة أها! (فعليًّا لا يمكنك تقفي جذور أسلوبك جذرًا جذرًا). ويتمثَّل هذا التأثير على الأخص في الانطلاق من قصاصة من قصاصات التجربة الشخصية للوصول إلى الفكرة الأعم. 

وأود هنا مشاركتك مقالًا قصيرًا للغاية من الكتاب، بترجمة جوهر عبد المولى، بعنوان «الكعكة العادية»: 🍰🤦🏻‍♂️

«عندما كان عمري سبع سنوات تقريبًا، قرأت كتابًا فيه حكمة أخلاقية مفادها أنَّ من الأفضل عندما يُعرَض على المرء خيارات عدة ألا يأخذ أحسنها بل أكثرها بساطةً. حين ذهبت إلى المخبز مع السيدة براون، عرضتْ عليّ أن تشتري لي أي كعكة أريدها. كان هنالك كعكٌ ساخن مغطى بالكريمة البيضاء، وكعك مزيَّن بالفواكه المحلاة، لكني اخترت كعكة عادية للغاية، مما أثار دهشة السيدة براون (ثم شعرتُ بخيبة الأمل عندما بدأت في أكلها).

عندما كان عمري حوالي عشر سنوات، وقفت في المطبخ بعد أن عدت من المدرسة. فجأة سألتني أمي التي كانت بجانب المغسلة تحت أشعة الشمس: هل آن الأوان لأن تقص شعرها؟ لم يكن لديّ أي رأي حول هذا الأمر على الإطلاق، لكني شعرت أنها كانت ترغب في قص شعرها. ولذلك قلت: نعم، يجب أن تقصيه.

لماذا أتذكَّر هذه الأحداث يا ترى؟ لأنني كنت أثناءها أؤدي سيناريوهات من تأليف أشخاص آخرين. عندما أتصرَّف على سجيتي، يصبح النسيان سهلًا، وهو أمرٌ طبيعي. ذلك لأنَّ تصرفات الذات العفوية لا تترك أي أثرٍ يُذكَر في الذهن.»

وأنا أكتب هذه الفقرة تحضرني ذكرى شبيهة من الطفولة. كنا أطفالًا على سفرة رمضان، وأمي كانت مرهقة للغاية وهي توزع علينا قطع الدجاج. كنت أرغب في الفخذ لأني لا أحب الصدر، لكن لم أرد إرهاق أمي بإعادة قطعة الصدر، فقبلتها. منذ ذاك، ولسنوات، ظللت أتناول الصدر لأنَّ أمي سجلت في ذاكرتها تلك اللحظة أني أفضِّل الصدر على الفخذ، ولم أرد تخييب أملها. أو بالأحرى خشيت أن أظهر كاذبة أمامها. 🤷🏻‍♀️🍗

إعداد 🧶

إيمان أسعد


كيف تحبس فلوسك في قفص؟ 💸

الفلوس تطير، هذا طبعها.

لكن فيه ناس تطير فلوسهم بلا رجعة، بين المقاهي والطلبات العشوائية والهبّات.

وفيه ناس يحبسون فلوسهم في قفص، يبنون عضلة التخطيط المالي بالادخار والاستثمار المبكّر، ويشغّلون فلوسهم بالصفقات منخفضة المخاطر عشان تخدمهم طول العمر.

الأهم أنك تستثمر وتدّخر عن طريق منصة مصرحة ومعتمدة، مثل صفقة المالية.


  • «أيها التعساء تشبثوا بالأمل؛ وأيها السعداء احذروا من فقدانه.» روبرت برتون

  • نعت الهدهد وصورته.

  • إلى أي حد قاعدة «عشرة آلاف ساعة» صحيحة؟

  • بنام بينكم، عندك مانع!


نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+40 متابع في آخر 7 أيام