متقاعدة في الأربعين 😌

زائد: هل أنت نباتي اصطناعي؟

هل أنت «نباتي اصطناعي»؟ 

أعتذر مقدمًا عن الترجمة الركيكة (شات جي بي تي هو المُلام🫣).

القصد أن تكون ترجمة عن مصطلح تعريفي جديد بدأ يذيع صيته في الغرب: «A. I. vegan». ويُقصَد به الشخص الذي يمتنع عن استخدام الذكاء الاصطناعي لأسباب أخلاقية وبيئية، بالضبط مثلما يمتنع النباتي عن تناول اللحوم والألبان والبيض. 

عمومًا، لدي شعور أنَّ من سيعرِّف عن نفسه عربيًّا بهذا المصطلح لن يقول «أنا نباتي اصطناعي» أو «أنا نباتي تقني» أو «نباتي رقمي» (كلها مقترحات من جي بي تي)، بل سيقول «أنا إيه آي فيقن» 🤷🏻‍♀️.

في عددنا اليوم، أكتب الانطباع الذي تكوَّن لدي بعد مشاهدة فيديو رائج  في «أكس» عن التقاعد المبكر في سن السادسة والأربعين. وفي «شباك منور» تكتب شهد راشد عن التوازن ما بين اللين والحزم، سواء في إدارة الآخرين أو إدارة النفس. وفي «لمحات من الويب» نودعك مع اقتباس يطمئنك في حال ارتكبت قرارًا خاطئًا لا رجعة فيه. 😥

إيمان أسعد


Imran Creative
Imran Creative

متقاعدة في الأربعين 😌

إيمان أسعد

شاهدت قبل أيام مقطع فيديو لأروى الوقيان، تشارك فيه حيثيات قرارها التقاعد من الوظيفة في سن السادسة والأربعين. وطبعًا أثار الفيديو اهتمامي، فأنا على مشارف السادسة والأربعين. 

وإن كان قرار الزواج والطلاق مصيريًّا، فقرار التقاعد قد لا يقلُّ عنهما مصيريَّةً، (على الأخص إذا كان قرارك التقاعد يتمثَّل في ترك الوظيفة دون أي راتب تقاعدي). ذلك لأنك ستعيش تبدُّلًا جوهريًّا في حياتك، حيث لا تعود الوظيفة هي محور من محاورها الأساسية، أو في بعض الحالات، لا تعود محورها الأساسي والوحيد. 

وإذا اتخذت هذا القرار في شبابك (النسبيّ) في الأربعينات، بدل الخمسين أو الستين (أو السبعين كما الحاصل في بعض الدول الأوربية والآسيوية)، فأنت أشبه بالمراهق في الخمسين. ففي الحالتين، يتخذ المرء قرارًا بأن يعيش حياته خارج الجدول العمري المفروض عليه اجتماعيًّا: الأول يريد أن يعيش تقاعده في شبابه، والثاني يريد أن يعيد مراهقته (أو يعيشها لأول مرة) في السنوات المتأخرة من الكهولة. 

إذا ما تأملنا قرار التقاعد في الأربعين فهو يعكس عدة عوامل، منها ما يتعلَّق بالامتياز، ومنها ما يتعلُّق بالتخطيط. الامتياز الأول وجود راتب تقاعدي (أو راتب من التأمينات الاجتماعية) يغطي الاحتياج المالي الأساسي. والامتياز الآخر، ألا تكون المعيل الأساسي في عائلتك، ما يعني قبول المعيل الآخر مسؤولية التعويض عن النقص الناتج عن قرارك، أو استعداده للتكيُّف مع النقص وما يتطلبه من تغيير في النمط الاستهلاكي والمعيشي. والحالة المثالية طبعًا، هي ألا تكون معيلًا لأحد، اللهم إلا قطتك (كما هو حالي مع قطِّي دعبول).

أما التخطيط، كما بيَّنت الوقيان بوضوح في مقطعها، فيشمل الاستعداد المالي الذي يتحقق بالتوفير، ويشمل الاستعداد المهني. فالتقاعد المبكر غالبًا يأتي معه قرار مستتر بتبديل المسار المهني، من وظيفي شاق إلى شخصي حر. هذا التبديل له إيجابياته، من أهمها سيطرتك على وقتك وتوزيع جهدك والتركيز على أداء مهام تحقق شغفك، وله أيضًا سلبياته بالحاجة المستمرة إلى تسويق نفسك وخدماتك، وإثبات حرفية عالية في مجالك.

وهذا طبيعي، فكل قرار مصيري في الحياة له تبعاته الإيجابية والسلبية، وله منافعه ومخاطره. والأمر برمته يعتمد على ميزان. في حالة أروى الوقيان، الميزان كان صحتها، إذ اكتشفت إلى أي حد كانت تعاني التوتُّر والاحتراق بسبب وظيفتها. والتوتُّر والقلق ليسا بالأمر الهيِّن. واستذكرتُ -بعد مشاهدتها- هذا النص عن القلق ضمن آخر ما كتبه الدكتور شفيق الغبرا - رحمه الله - في أيامه الأخيرة مع مرض السرطان: 

«السماح للقلق يعني أن تذهب وراء الشمس. لا بد من قرار القتال والحرص على عدم القلق، فهو عدو. القلق المحدود لا بأس به لكنه يبعدك عن الاستمتاع بما تبقَّى من حياتك التي قد تمتد دون علمنا. سيمنع القلق الإنسان من الاستمتاع مع الأسرة والعائلة والأصدقاء والمعارف. سيمنع القلق الشخص حتى من الاستمتاع بالأخبار الجيدة، سيستسلم للروح المتراجعة والطاقة السلبية. هذا يعني أنَّ جسدك سيمتلئ بالطاقة السلبية وتنقلها للآخرين. أي لن تستمتع ببقية حياتك.»

لا يفوتني أنَّ حديث د. شفيق ينطلق من تجربته مع المرض والقلق الناشئ عن دنو الموت، ولا علاقة مباشرة له بالوظيفة. لكن ما الفرق فعلًا إن تسببت لك الوظيفة بهذا النوع من القلق السلبي، المسيطر على كل مفاصل يومك وتفكيرك، وفوَّت عليك أن تعيش حياتك قبل فوات الأوان؟

قبل أن يخطر على بالك الآن أن ما كتبته تبريرٌ ذاتي لكي أتخذ خطوة أروى الوقيان أنا أيضًا، فأنا لن أتخذ هذا القرار، ليس في هذه المرحلة من حياتي. هذا لا يعني أني لا أعمل مليًّا على الاستعداد له، بل أعمل. أوفّر المال، ولي مسار مهني في الترجمة الأدبية وما يتفرَّع عنه من تقديم ورش ومحاضرات. 

لكني، على خلاف تجربة أروى، مدركة تمامًا أنَّ منشأ القلق العارم في حياتي ليس الوظيفة بل منظوري للحياة ومنظوري لنفسي. أنا في حاجة إلى تعلُّم ممارسة الحياة الممتعة، وبناء علاقات صحية مع الأصدقاء والمعارف، وبناء علاقة صحية مع ذاتي وجسدي، والكتابة بشغف، بينما أنا أعمل في وظيفتي. ذلك أني إذا تقاعدت دون حلِّ المشكلة الأساسية، أكون الخاسرة.  

كما قلت، التقاعد ليس مجرد قرار، بل حياة جديدة. وسواء قررت التقاعد في الأربعين أو الخمسين أو السبعين، فهذه حياة لن تريد أن تدخلها وأنت تنوء بأحمالك الثقيلة من ذاتك السابقة. 


عملاؤك يستاهلون تجربة شراء سهلة وذكية.

توصيل لكل العالم، وتعامل بكل العملات، وربط مع مختلف التطبيقات، ومئات المزايا الأخرى التي تساعدك على توسيع نطاق تجارتك للعالمية. 🌎

سجّل في سلّة، وانقل تجارتك إلى المستوى الذي تستحقّه.


في أثناء قراءتي لكتاب «الفوائد والأخبار» لابن دريد، وجدتُ قصصًا كثيرة ومواقف تمنحني منظورًا جديدًا لأمر أعرفه منذ وقت طويل، أو لم أفكر فيه حتى. ومع أنه يعود للقرون الأولى من الهجرة، نجد فيه بعد أكثر من ألف سنة سلوى أو فكرة تمنحنا لحظة تأمل، ومن ذلك: 🗣️

  • «عن العتبيُّ قال: قال زياد: ما غلبني مُعاويةُ في السياسة إِلّا في أمر واحدٍ. استعملت رجلًا من بني تميم فكسر الخراج ولحق بمعاوية. فكتبت إليه: إِنَّ هذا أدب سوءٍ، فابعث به إِليَّ. فكتب إليَّ: لا يصلح أن نسوس الناس أنا وأنت سياسة واحدةً؛ فإنا إن نشتدَّ نهلك الناس جميعًا، ونخرجهم إلى سوء أخلاقهم. وإن لِنَّا جميعًا أبطرهم ذلك؛ ولكن ألين وتشتدُّ، وتلين وأشتدُّ، فإذا خاف خائفٌ وجد بابًا يدخله.» ❤️‍🩹🪨

  • هذا المفهوم ينطبق كثيرًا على الوالدين، فغالبًا ما تُقسم بينهما المسؤوليات، فيكون أحدهما شديدًا في أمر متساهلًا في آخر، وكذلك الثاني. ولكننا نفقد هذه الديناميكية في علاقاتنا الأخرى، فالمديرون، في كثير من الأحيان، يظنون أن عليهم أن يكونوا حازمين طيلة الوقت، وأن على المنظومة بأسرها أن تكون صارمة وإلا تداعى العمل. وتكمن الصعوبة في تقمص المدير دورين في وقت واحد، فيعجز موظفوه عن الثقة به أو معرفة أسلوبه وطباعه، وهنا يأتي دور شخصٍ آخر له مكانته ليتخذ الدور المُقابل. وأعدّها موازنةً ضرورية، وإلا انطبقت مقولة: لا يستقيل الموظف الممتاز بسبب العمل، بل بسبب المدير. 👨🏻‍💻👺

  •  ولكن، عندما قرأت هذه العبارات فكرتُ في تعاملي مع نفسي؛ راجعتُ كيف أتعامل معها حين تخفق أو تحزن أو تشعر بالتعب، ولاحظت أني لا أعاملها بلين ورحمة إلا في حالة واحدة وهي المرض، فهو خارج إرادتي ومقدرتي. أما في غير ذلك، فيكون التأنيب والعتاب والقسوة. ولا عجب أني أريد الهرب من هذه الحالة، ولكن هل يستطيع الإنسان الهرب من نفسه؟ وهل هذه رغبة صحية أو ممارسة سليمة؟ والسؤال الأهم، لماذا أعامل نفسي كمدير حانق؟ 🤦🏻‍♀️😅

  • أتحدث دائمًا عن ضرورة إعادة الإنسان تربيته لنفسه، ليدرك استقلاله وكينونته المنفردة، ويكوّن مبادئه وآراءه بعيدًا عن التلقين الوالديّ والمجتمعي، وإن تبنّى بعضه بطبيعة الحال. ولم أفكر يومًا في ضرورة إعادة تربية الإنسان نفسه في تعامله معها بالطريقة التي تعينه على أن يفهم حاجاته ورغباته ويدرك منابعها، ويتخذ الخطوات الجادة تجاه ذلك؛ ما سيقوده لتقبل نفسه وتحسينها على المدى البعيد، بل ومعرفة كيف يتعامل مع غيره. لأننا بفهمنا لهذه الطبقات نكون أكثر تعاطفًا وفهمًا للنفس البشرية المعقدة وأكثر رأفة بالغير. وهذه رسالة لنفسي قبلك عزيزي القارئ: ربما لستَ بحاجة إلى التأنيب أكثر من ذلك، بل بحاجة إلى محبة ورحمة تبذلها لنفسك كما تبذلها لمن حولك. 💌😌

إعداد 🧶

شهد راشد



نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+70 متابع في آخر 7 أيام