أسطول الصمود وتاريخ كسر الحصار 🌊

زائد: المقاهي تزيد ألفة المدن ☕️

متحمس للغاية لنهاية الأسبوع لعدة أسباب، أحدها أنني لن أضطر للاستيقاظ على صوت المنبه، وأهمها أني سأزور أخيرًا معرض «ما خلف الإطار» في جدة. فقد دعى معرض «أثر» مسؤولي حمل الأعمال الفنية وتركيبها لانتقاء أعمالهم المفضلة وعرضها. فعلى عكس الباحثين والمدراء، هم وأياديهم أقرب إلى هذه الأعمال وحميمية تفاصيلها.

تسحرني المشاهد التي تجري خلف الكواليس، وأصبحت مؤخرًا مهووسًا بها. ففي كل مكان أزوره أو موقع أتصفحه، أتذكر أن خلفه فريقًا كاملًا يعتني بكل تفاصيله، لذا أقف لوهلة لكي أتأمل عمله الذي قد يخفى عليَّ في زيارة أو تصفح عابر.

أتمنى لك نهاية أسبوع مكللة بالراحة، تكافئ نفسك بها على جهدك الذي لا يشهده غيرك. 💪🏽

في عددنا اليوم، تتأمل آلاء عبدالرحمن تاريخ أساطيل الصمود بين طوفان نوح وغزة، ورمزية مقاومة السفن للحصار. وفي «خيمة السكينة»، تكتب إيمان أسعد عن مقهى واسى شعورها بالغربة في عمّان، وكيف تزيد المقاهي من ألفة المدن. ونودعك في «لمحات من الويب» مع اقتباس من نشرة حين عن أهمية اختيار ما تكابده في حياتك، ولماذا ينتمي أبو العلاء المعرّي إلى جيل زد. 🧋

خالد القحطاني


رسم: الفنان عمران
رسم: الفنان عمران

أسطول الصمود وتاريخ كسر الحصار 🌊

آلاء عبدالرحمن

فكرة «أسطول الصمود» ليست جديدة، فهي تجد جذورها الأولى في سفينة نوح كما وردت في النصوص الدينية. في مواجهة الطوفان، لم تكن ثمة جيوش أو تحالفات، بل سفينة حملت البشر إلى برّ النجاة. بهذا المعنى، السفينة الأولى كانت إعلانًا أن النجاة ممكنة أمام التهديد الشامل. 

هذا النموذج المبكر شكّل لاحقًا مرجعًا في المخيال الإنساني، وأصبح كل بناء للسفن في ظروف الحصار يعيد إنتاج المعنى ذاته: البقاء في مواجهة الفناء.

ففي غزة، يُستخدَم مصطلح «أسطول الصمود» لوصف محاولات كسر الحصار البحري المستمر منذ عام 2007. ولا يقتصر هذا المصطلح على وصف مادي لسفن أو قوارب، بل يشير إلى فكرة أوسع: مواجهة الحصار عبر البحر بصفته وسيلة مقاومة. وقد ارتبط المفهوم خصوصًا بـ«أسطول الحرية» عام 2010، الذي أبحر من عدة دول محمّلًا بالمتطوعين والمساعدات الإنسانية، واعترضته دولة الاحتلال الإسرائيلي بالقوة. 

ورغم فشل مهمته المباشرة، تحوّل الأسطول إلى رمز دولي يذكِّر بأن الحصار على غزة ليس مسألةً محليةً فحسب، بل قضية سياسية ذات بعد عالمي.

هذه الصورة تكررت عبر التاريخ في أشكال متعددة. ففي معركة ليبانتو عام 1571، واجه الأسطول العثماني تحالفًا أوربيًّا واسعًا. ورغم الخسارة العسكرية، بقي مجرد خوض المعركة أمام قوى متفوقة رمزًا على أن البحر يمكن أن يكون ساحة مقاومة، لا مجرد مجال لهيمنة الأقوى.

وفي الجزائر، ما بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر، قاومت قوارب محلية صغيرة الأساطيل الفرنسية والإسبانية، ووصف الأوربيون هذه العمليات بالقرصنة، بينما رآها السكان المحليون مقاومةً مشروعةً للدفاع عن السواحل. هذا النموذج يكشف أن السفن ليست دائمًا قوة مهيمنة، بل قد تكون وسيلة شعوب ضعيفة لمعادلة التفوق العسكري.

وفي الحرب العالمية الثانية، واجهت بريطانيا حصارًا بحريًّا من ألمانيا النازية. كان الحل في قوافل الأطلسي التي حملت المواد الغذائية والعتاد. كانت قوافل تجارية وليست عسكرية، لكنها حافظت على بقاء بريطانيا خلال أصعب مراحل الحرب. عُرفت هذه القوافل لاحقًا في الذاكرة البريطانية بأنها رمز لصمود أمة بأكملها.

وفي أمريكا اللاتينية، أبحر يخت صغير باسم قرانما عام 1956 من المكسيك إلى كوبا، وعلى متنه مجموعة من الثوار بقيادة فيدل كاسترو وتشي جيفارا. لم يكن اليخت معدًّا لمثل هذه المهمة، لكنه تحول إلى رمز لأنه دشّن بداية الثورة الكوبية. هذه الحالة أوضحت أنَّ حتى القوارب الصغيرة يمكن أن تحمل مشاريع سياسية كبرى.

وعند العودة إلى غزة، يصبح «أسطول الصمود» امتدادًا لهذا التاريخ الطويل. فالفلسطينيون، عبر محاولات كسر الحصار، يستعيدون رمزية السفن التي واجهت عبر العصور طوفانات مختلفة: دينية أو طبيعية أو عسكرية أو استعمارية. غزة اليوم ليست استثناء، بل استمرار لهذا النمط: كل شعب مُحاصَر يلجأ إلى البحر بوصفه وسيلة للبقاء والاتصال بالعالم.

لكن ما يميّز الحالة الفلسطينية أن الحصار على غزة لم يعد مجرد سياسة أمنية إسرائيلية، بل أصبح مشروعًا سياسيًّا مدعومًا من الولايات المتحدة والغرب. تحوّل البحر هنا إلى أداة عقاب جماعي يُحرَم بسببها مليونَي إنسان من أبسط حقوقهم. وتحميل المسؤولية على دولة الاحتلال وحدها لا يكفي؛ فالدعم السياسي والمالي والعسكري الأمريكي هو ما يجعل الحصار ممكنًا وممتدًا. ومن دون هذا الغطاء، ما كان لإسرائيل أن تفرض على غزة عزلة بهذا العمق وهذه القسوة.

تكشف استمرارية «أسطول الصمود» عجز النظام الدولي وازدواجية معاييره: يعترف القانون الدولي بحرية الملاحة وحقّ الشعوب في الغذاء والدواء، لكن حين يتعلّق الأمر بغزة تُعلّق هذه المبادئ، ويُعامَل الفلسطينيون كاستثناء دائم. لذلك، فإن أي حديث يفقد معناه ما دام الحصار قائمًا، وما دام المجتمع الدولي عاجزًا عن إلزام إسرائيل برفعه.

وبقدر ما يُظهِر «أسطول الصمود» إرادة الفلسطينيين في النجاة، فإنه يفضح أيضًا انهيار المنظومة الأخلاقية التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان. وفي النهاية، يبقى هذا الرمز شاهدًا على حقيقة واضحة: لا يمكن حبس شعب إلى الأبد، وكل حصار يولّد أساطيل صمود جديدة.


Bon Bock Café
Bon Bock Café

المقهى مرساتك في المدينة

أتذكر حين قرأت مقالة لهشام البستاني عن مدينة عمّان، يصف فيها الأردني المقيم خارجها، والذي يكتفي فقط بالزيارة الصيفية العابرة، بأنه مجرد سائح لا يعرف وجه المدينة. وبالطبع، فورًا تحسستْ أصابعي البطحة على رأسي، وما أكبرها من بطحة! 😞

فأنا لست فقط أردنية مغتربة (كما هو مدون على بطاقة هويتي الأردنية)، بل أمي كويتية. ما يجعل إقامتي في الكويت واغترابي عن الأردن مسألة تتعلق أيضًا بالهوية والتباساتها، التي لا أود جرّها معي إلى خيمة السكينة. 

في كل المرات التي زرت فيها الأردن في العقد الأخير، كنت أكتفي بالتناوب ما بين الذهاب إلى سيتي مول ومكة مول في عمان الغربية، وأحتسي قهوتي في المقاهي ذات العلامة التجارية العالمية. العام الماضي فحسب كسرت هذه القاعدة؛ إذ نصحتني صديقة بتجربة مقهى في جبل لويبدة في عمّان الشرقية، وهذا المقهى يدعى «فن وشاي».

المقهى أسسته المصورة الفوتوغرافية ليندا خوري، في بيت صغير على الطراز المعماري الأردني. في حديقته الصغيرة ترعى القطط بأريحية، ولها حرية التجوال داخل المقهى وخارجه. كذلك يُمنَع التدخين في المقهى، وهذه ميزة نادرة في مقاهي عمّان المحلية. 

أتذكّر جيدًا لحظة دخولي إليه، وأتذكر الإحساس الذي رافقني: لم أشعر بالغربة وأنا فيه. ولم أشعر أيضًا بأني الأردنية المغتربة المتطفلة على عمّان. وهذا الإحساس تكرَّس مع كل مرة أذهب فيها إلى المقهى وأعمل فيه.

حين اصطحبت قبل يومين أحد الأصدقاء الناشرين إليه، ورغم قدومه المتكرر إلى عمان ودراسته وعمله فيها سنوات، لم يعرف بهذا المقهى. بالطبع لم يخفِ امتعاضه وهو يضحك من قانون المقهى ضد التدخين، وحين سألني عن سبب إحضاره إلى هنا، وجدتني أجيبه بارتجال: «لأنه مرساتي في عمّان».  

ثمة مقاهٍ في كل المدن، تمنح الغريب الألفة مع المدينة التي يود أن يعرف وجهها وتعرفه. ومقاهٍ كهذه لا تنتمي عادةً إلى العلامات التجارية، بل مقاهٍ يرعاها أصحابها، وألفة المقهى من ألفتهم. 

ويكفيني أنَّ البطحة، وإن لا تزال على رأسي، لكن حين أتحسسها بأصابعي اللحظة أجدها قد صغرت قليلًا. ☕️

إعداد 🧶

إيمان أسعد


كيف تحبس فلوسك في قفص؟ 💸

الفلوس تطير، هذا طبعها.

لكن فيه ناس تطير فلوسهم بلا رجعة، بين المقاهي والطلبات العشوائية والهبّات.

وفيه ناس يحبسون فلوسهم في قفص، يبنون عضلة التخطيط المالي بالادخار والاستثمار المبكّر، ويشغّلون فلوسهم بالصفقات منخفضة المخاطر عشان تخدمهم طول العمر.

الأهم أنك تستثمر وتدّخر عن طريق منصة مصرحة ومعتمدة، مثل صفقة المالية.


  • «إن لم تكابد مشقّة التعلّم، ستكابد غربة الجهل. وإن لم تكابد تعب السعي، ستكابد مرارة الركود. وإن لم تكابد مسؤولية العلاقات، ستكابد قسوة الوحدة. خُلقنا في كبد، فاختر ما تكابده.» نشرة حين

نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+60 متابع في آخر 7 أيام