عجوز عشرينية أمام لغة جيل زد
كنتُ أرى سنوات العشرينات ريعان الشباب من عمر أي شخص، لكن حضور الجيل زد الإنترنتيّ غيّر من ذلك. وجعلنا نحن مسنين مقارنةً بهم.
كثيرًا ما أشعر أني عجوز بين أخواتي الصغيرات، رغم أني في أواخر العشرينات. فهن يتحدثن ما أسميه لغة «الجيل زد» (Generation Z)، أو بوصف أدق لغة «تك توك».
يعدّ تطوّر أية لغة أمرًا طبيعيًا. لكن الإنترنت أسهم في تسريع هذا التطور، لتظهر في غضون سنوات تغيرات كان حدوثها يتطلب قرونًا. وظهور تك توك، بوصفه تجمعًا للجيل زد، هو جزء من هذا التطور، فقد حمل معه لغة مختزلة ومشفّرة لم نشهدها من قبل. منها مثلًا كلمة (sus) بمعنى «مُريب» بدلًا من (suspicious)، واستخدام رمز الجمجمة «💀» للتعبير عن الضحك، مثل «مُتّ ضحكًا 💀».
ورغم أن هذه الملامح أصبحت جزءًا من هوية الجيل زد الإنترنتية، فهي لا تحمل نكهة تك توك بالضرورة، بقدر ما تحملها الكلمات التي تحاول تحاشي الخوارزميات والحجب. منها كلمة «غير حي»(unalive) التي تُستخدم للتحدث عن الموت أو الانتحار، من دون استخدام مباشر للكلمتين.
كلمة «ثروباك» أو (throwback)، أي تذكّر ذكريات الماضي، مثال آخر على لغة تك توك، التي قد تُثير الاستغراب والحيرة لدى من هم أكبر سنًا من الجبل زد. ولعل الأغرب منها كلمة «ثروناو» (thrownow)، التي لا تشير إلى الماضي أساسًا، بل إلى أمر يحصل في اللحظة الراهنة.
وإن كانت تك توك تجمعًا للجيل زد، فألعاب مثل «ببجي» (PUBG)، و«روبلوكس» (Roblox)، بيئات أخرى لظهور كلمات جديدة كـ«نوب» (newb)، أي لاعب جديد وقليل الخبرة، و«سكواد» (squad)، أي فريق أو مجموعة.
تشير اللغة التي نستخدمها في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل غير مباشر إلى الفئة العمرية التي ننتمي إليها، ولم يكن الجيل زد أول من تميز بذلك. فملامح لغة جيل الألفية (millennials) لا تزال موجودة، لكنها أُلبست ثوب «الشيخوخة» لدى من جاء بعدهم. فظهرت العبارة «Ok, boomer» لشتم أي شخص لم يعزف على وتر الجيل زد.
كنتُ أرى سنوات العشرينات ريعان الشباب من عمر أي شخص، لكن حضور الجيل زد الإنترنتيّ غيّر من ذلك، وجعلنا نحن -مواليد التسعينيات الميلادية- مسنين مقارنةً بهم. فنحن، من وجهة نظر هؤلاء، قد هرمنا وأصبحنا عجائز. لكن ما يجهله الجيل زد أن الوقت سيأتي حين يقتحم حياتنا تطبيقٌ جديد ويجعل منهم عجائز قبل العشرين.
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.