الشركات التقنية وتطبيع الخداع 🤔
زائد: هل دعوت أن يرزق رئيسك التنفيذي بابنة؟

هل تدعو ربك أن يُرزَق رئيسك التنفيذي بابنة؟ 🙁
في دراسة شاركها محمد الحاجي على لنكدإن، تبيَّن أن الرؤساء التنفيذيين، ممن كان طفلهم البكر من البنات، ترتفع بنود الصرف لدبهم على عدالة الرواتب وتحسين ثقافة الشركة والمبادرات المجتمعية. وفي إحدى التعليقات الذكية، تصورَّر أحدهم لو أصبح السؤال: «طفلك البكر بنت؟» معيارًا من معايير استقطاب الرؤساء التنفيذيين، حسب ما تتوقعه الشركات من حيث الصرف الزائد أو تقليص المصروفات! 😏
في عددنا اليوم، يحاول حسن الحسين تفسير تطبيع الخداع في الشركات التقنية، ولماذا يسهل عليها النجاة من انكشاف أمرها. وفي «شباك منور» أشاركك زاوية للنظر نحو الملل من حيث علاقته باختفاء الحكاية الشفهية من جهة، وعلاقته بأملنا المدفون من جهة أخرى. ونودعك في «لمحات من الويب» مع اقتباس عن حقنا الأساسي لدى خروجنا كل يوم من الدوام، ولماذا نحتاج إلى الكف عن الانكماش. 🤏
إيمان أسعد

الشركات التقنية وتطبيع الخداع 🤔
في حادثة غريبة، «انقفطت» الشركة البريطانية «نثِنق» (Nothing) وهي تستخدم صورًا من كاميرات احترافية على أنها ملتقطة من جوالها الأخير «فون 3» (Phone 3). وفي سياق الخبر، اشترت الشركة ترخيص استخدام هذه الصور من أحد المتاجر الإلكترونية لبيع الصور. وجرى التأكد من خلال البيانات المُلحقَة بالصور (EXIF Data) أنها التُقطَت عام 2023 باستخدام كاميرات احترافية، وليست من الجوال المُعلَن عنه في منتصف يوليو الماضي.
هذه ليست المرة الأولى التي تخدع فيها شركة تقنية جمهورها عن طريق الاستخدام التسويقي لصور مُلتقطَة بكاميرات احترافية على أنها ملتقطة بالجوال الذكي المُعلَن عنه. نوكيا «انقفطت» عام 2012، وكذلك سامسونق (مرتين) وهواوي (مرتين).
وأول ما يتبادر إلى ذهني هنا المثل الأحسائي القديم: «بو طبيع ما يجوز عن طبعه»؛ إذ هل من المعقول أن الشركات لا تتعلم درسها إلى الآن رغم اتهامها بالخداع عدة مرات؟
صحيح أن الناس يخضعون للظواهر النفسية والاجتماعية مما يفسّر تطبّعهم، لكن الشركات تخضع للعوامل التنظيمية والبيروقراطية وقوانين السوق والاقتصاد. لذلك لا يمكننا أن نُسقِط «بو طبيع ما يجوز عن طبعه» على ما حدث لكي نفهم هذا التصرف من مختلف الشركات. نحتاج إلى مسارٍ آخر.
في حادثة مأساوية عام 1986، انفجرت المركبة الفضائية «تشالنجر» التابعة لناسا، وراح ضحية الانفجار سبعة من روّاد الفضاء. ويُعزى سبب الانفجار إلى وقوع تسريب في أحد محركات الصاروخ، والذي بدوره أشعل خزان الوقود الأساسي.
على مستوى أعمق، حدث الخلل في إحدى الحلقات المطاطية (O-Rings). الخلل الذي كان ظاهرًا وقت التصميم للمهندسين، لكنهم اعتبروه في كل مرة «خطورة مقبولة»؛ لأن احتمالية تسببها في مشكلة كبيرة كانت ضئيلة جدًا. فأكملوا على ما هم فيه مع إقرارهم بالخلل، وبثقة مفرطة، من أجل أن «تمشي الأمور» … إلى أن وقعت الواقعة.
في عام 2018، نُشرَت ورقة علمية تفسِّر ما حدث، واقترحت مسمى «تطبيع الانحراف» (Normalization of Deviance) على هذه الظاهرة. ومعناها باختصار: التغاضي عن القواعد أو القوانين مرة واحدة فقط، لتقليل التكاليف أو تسريع العمليات أو أيًا يكن السبب، على ألا يتسبب ذلك بوقوع مصيبة أو عقاب مباشر، على المدى القصير على الأقل. ومن ثَم تظهر حاجة أخرى للتغاضي عن القانون نفسه أو الممارسة نفسها، فيصبح التغاضي أسهل من ذي قبل. وتظهر حاجة ثالثة ورابعة إلى أن يصبح هذا التجاوز هو الطبيعي لأنه «كذا تمشي الأمور»، ويصير جزءًا من ثقافة الفريق أو المنظمة.
عندما نأتي إلى بعض ممارسات الشركات التقنية، على غرار التي ذكرناها، نرى أنها تجاوزت القانون أو اختارت اللعب في منطقة رمادية منه لتحقيق العوائد المرغوبة، مثل زيادة المبيعات. ولأن نتائج المخاطرة بهكذا ممارسات تُعَد هيّنة مقارنة بالأرقام المُحقَّقة فهي مُبرَّرة حسابيًّا. بعبارة أخرى، فإن المبيعات المحققة من وراء الخداع أكثر من مساوئها، حتى إن «انقفطت» الشركة.
فإذا اختارت الشركة أن تعمل في منطقة رمادية من القانون ثم «انصادت» تكذب على الجمهور، يمكنها أن تصدر بيانًا للاعتذار تلوم فيه فريق التسويق «المتحمس»، أو أنهم «نسوا» تغيير الصور المُلحقَة بالجوال. ولن يعاقب عليها القانون لأنها لم تخالفه.
يمكن للشركة مثلًا أن تكتب بخط صغير لا يكاد يُرى هذه العبارة: «هذه الصورة لغرض العرض والمحاكاة فقط».،من أجل أن يظهر الإعلان بأبهى صورة ممكنة، وفي الوقت نفسه تخلي مسؤوليتها القانونية.
نظريًا وقانونيًا، لم تكذب الشركة؛ لكنها خدعت الجمهور بأن أوهمتهم بإمكانية التقاط صور مشابهة لهذه عن طريق هذا الجوال. ويستمر هذا الخداع على مدى السنين، لأن آثاره السلبية على المبيعات تكاد تكون معدومة حتى بعد افتضاح الشركة لأنه «كذا يمشي الشغل» حتى عند المنافسين. الأمر الذي يجعل حساب الربح والخسارة عند الشركات يرجّح خيار الخداع دومًا. بدليل أن الشركات المذكورة أعلاه تحقق إلى اليوم أرباحًا طائلة سنة بعد أخرى، ولم تفقد مصداقيتها حتى بعد أن انفضحت.
ما يحدث أنَّ الشركات تتجاوز -بخطوة صغيرة- القاعدة، لا يحدث شيء، ولا تقع عليها أي محاسبة حقيقية، فيتكرر التجاوز مرتين وثلاثة … إلى أن يصبح الانحراف نفسه هو القاعدة. وهكذا يكون تطبيع الخداع في الشركات.


في كتاب «مقالات الحكَّاء» (The Storyteller Essays) للمترجم والفيلسوف فالتر بنيامين. ومن بين أفكار لامعة كثيرة تضمنتها هذه المقالات، لفتني هذا الاستنتاج عن تلاشي الحكاية الشفهية من منظومة الحياة البشرية:
«يستحيل على أي شخصٍ لم يسبق أن شعر بالملل أن يغدو حكَّاءً؛ ففي عصرنا التقني ما عاد للملل حيزٌ في حياتنا. وكل الأنشطة الحميمة التي اعتدنا ممارستها مع الآخرين من باب الملل بدأت تموت. وهذا سببٌ إضافي وراء تلاشي فن الحكاية: أن الناس ما عادت تغزل وتطرز المناديل وتمارس النجارة على وقع سماع حكايا من الآخرين... ومع تلاشي الحكاية الشفهية فقدنا الحكمة، فقدنا الشورى والسلوان؛ فمن خلال الحكاية، كان الحكَّاء من العائلة والأصدقاء وحتى الأغراب يمدنا بها كلها.»
(فيما يخص نقطة العصر التقني، ضع في الحسبان أنَّ بنيامين كتب المقال في عام 1932!)
هذا الارتباط ما بين الملل والحكاية عاد وخطر على بالي لدى قراءتي مقالًا بعنوان «عن الملل» (On Boredom) للكاتبة والشاعرة نوار الصدر. وتستهل الصدر مقالها بالأضداد: الكراهية ليست ضد الحب، بل اللامبالاة هي ضد الحب. وبالمثل: الإثارة ليست ضد الملل، بل هدوء البال هو ضد الملل.
وتعزو الصدر هذا الاستنتاج إلى كون الملل تجلٍّ للقلق المكبوت من الحياة.
ولهذا حين يصيبنا الملل، يعالج دماغنا هذه الحالة بمنحنا حيزًا للسرحان في عالم أحلام اليقظة، حيث الحياة التي نأملها؛ فهذا السرحان يهدئ أعصابنا، وننتقل من الملل إلى الهدوء. والشيء نفسه مع الاستماع إلى حكاية أو قراءة رواية: تحتاج إلى الملل أولًا، تحتاج إلى الفسحة الزمنية التي يمنحك إياها، إلى التباطؤ الذهني، لكي تغدو قادرًا على بناء عالم متكامل ومتخيَّل في ذهنك، لكي تجد السلوان والحكمة في تلك العوالم.
ولهذا أيضًا، لا نجد هدوء البال حين نحاول معالجة الملل بالتصفح العشوائي؛ لأنَّ التصفح لا يمنحك فسحة زمنية ولا تباطؤًا ذهنيًا ولا حيّزًا للسرحان، بل يهيّج شبكتك العصبية في التبدل كل عدة ثوانٍ من عالمٍ إلى آخر، بين منشورات لا تمت بصلة إلى بعضها البعض، ويغرقك في كومة هراء لا متناهية من المشاعر السلبية في التعليقات. لنخرج بعد التصفح مع مشاعر أعمق بالقلق والإجهاد الذهني مع أننا فعلًا لم نفعل شيئًا.
ودعني أشاركك هنا ختام مقال الصدر، لحظة الأها!، إذ تقول:
«الملل هو المساحة حيث الأمل مدفون. وحين يداهمك الملل تعجز عن الحلم، وبدون أحلام من الصعب عليك الاكتراث بالمستقبل. فإذا ما التفتنا إلى الملل وحاولنا فهمه حقًّا، سنكشف رغباتنا الدفينة من خلاله، وندرك التغيير الحقيقي الذي نود السعي إليه.»
إعداد 🧶
إيمان أسعد

كيف تحبس فلوسك في قفص؟ 💸
الفلوس تطير، هذا طبعها.
لكن فيه ناس تطير فلوسهم بلا رجعة، بين المقاهي والطلبات العشوائية والهبّات.
وفيه ناس يحبسون فلوسهم في قفص، يبنون عضلة التخطيط المالي بالادخار والاستثمار المبكّر، ويشغّلون فلوسهم بالصفقات منخفضة المخاطر عشان تخدمهم طول العمر.
الأهم أنك تستثمر وتدّخر عن طريق منصة مصرحة ومعتمدة، مثل صفقة المالية.

«العودة من العمل ملهَمين وآمنين وممتنين وراضين هو حقنا الإنساني لنا جميعًا، وليست رفاهية مقتصرة فقط على القلة المحظوظة منا.» سيمون سنيك
لماذا بذل جهد زائد في عملك لا يحقق النتيجة المرجوة؟
توقف عن الانكماش.
بيت الدببة.

التخلُّف عن التقنية خيرٌ من التقنية العرجاء
«إيرتاق» والوجه المظلم للتقنية


نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.