حذر الآباء من التقنية يكتم إبداع الأبناء

زائد: هل تنقذ حياة مديرك الذي ينوي إقالتك؟

إذا مديرك الذي ينوي إقالتك، واستبدالك بموظف أكفأ منك، وقع في أزمة تهدد حياته، تنقذه؟

قبل كل شيء: احتفظ باجابتك لنفسك. (وإياك تشاركها «جي بي تي» لأنه غير ملزم قانونيًّا بحفظ سجلات دردشتك معاه!) 

في مقال على بلومبيرق بعنوان «ماذا يحدث حين يتآمر الذكاء الاصطناعي ضدنا»، اكتشف باحث أنَّ أحد نماذج الذكاء الاصطناعي، في تجربة بحثية، رفض إنقاذ حياة مديره بعدما علم بنيّة المدير التخلي عنه مقابل الاستعانة بنموذج ذكاء اصطناعي أحدث. 😱

تقاعس الذكاء الاصطناعي يدل، وفق المقال، على نتيجة بديهية: كلما زاد ذكاء الذكاء الاصطناعي، سيهتم أكثر بمصلحته على حساب الآخرين. (يعني مثلنا نحن البشر.) 

وما نقول، في الحالتين، إلا الله يعين المدير 🙆🏻‍♂️.

في عددنا اليوم، يكتب خالد القحطاني وجهة نظره في التأثير السلبي لحرمان الآباء أبناءهم المراهقين من التقنية. وفي «شباك منور» تتفكَّر شهد راشد بفضائل الاكتفاء، والاستغناء عن الكماليات الزائدة، منها القهوة والجوّال ومستحضرات التجميل. وفي «لمحات من الويب»، نودعك مع اقتباس عن أهمية فهم الألم بدلًا من تجاهله، وكيف بدأت قصة الأرانب اللي تنط على الترامبولين. 🐰

إيمان أسعد


Imran Creative
Imran Creative

حذر الآباء من التقنية يكتم إبداع الأبناء

خالد القحطاني

حين انتشر البلاكبيري في السوق السعودي في عام 2013، تمنيت اقتناءه. لكني حينها كنت على عتبة المرحلة المتوسطة، ورفض والدي شراء الجهاز لي خوفًا من أن يفسدني بوصوله غير المحدود للإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي. 

كانت سياستهم لي ولبقية إخواني واضحة: لن نحصل على أي جوال حتى نتخرَّج من الثانوية. لكن بعد سنتين من الإقناع المستمر والحصول على علامات دراسية جيدة، وافقا أخيرًا، وبحذر شديد، على اقتناء أول جوال لي. 

أتفهم تمامًا قلقهما. فتربية أبناء من جيل نشأ على الإنترنت، ومع تقنية مختلفة تمامًا عما اعتادوا عليه، لم يكن بسيطًا بالمرة. وزاد الطين بلة القصص المرعبة التي سمعوها من المعلمين والآباء الآخرين عن أضرار الجوالات بما تعرضه من محتوى غير مناسب للمراهقين ويؤثر سلبًا في سلوكهم. 

لكني وجدت في امتلاك جوال والوصول المستقل للإنترنت في ذلك العمر (من دون إشراف) فوائد غلبت هذه الأضرار. لا أنكر أن المحتوى المنتشر على تويتر في بداية دخولي فيه كان خاليًا من المحتوى غير المناسب لمن هم في عمري، على خلاف الوضع الحالي. وهو ما ساعدني أن أجد في منصة تويتر أرضًا خصبة لأغرس بذرة شغفي في الكتابة، إذ مكنتني وشجعتني على مشاركة أفكاري وآرائي، وأعطتها قيمة.

كذلك ساهم الجوال في وصولي إلى منصات مثل «بلوقر» (Blogger)، التي استخدمتها في نشر قصص قصيرة وخواطر طوال المرحلة المتوسطة والثانوية (ويحرجني مشاركتها الآن معك لأن كتابتي لم تكن جيدة بتاتًا). 

الآن، بعد عشر سنوات منذ أن شارك والداي معي حذرهما وقلقهما من امتلاك جوال خاص بي وتصفح الإنترنت، لا يزال هذا الذعر سائدًا بين معشر الآباء والأمهات، تعززه دراسات تحذر من اقتناء الأطفال الأجهزة الذكية. فضلًا عن فرض دول قوانين تحظر استخدام منصات التواصل الاجتماعي على مواطنيها في مرحلة المراهقة.

لكن، هل هذا التخوُّف الشديد في محله؟ 

في مقالة «هل حقًّا تدمر التقنية حياة المراهقين؟» (Is Technology Really Ruining Teens' Lives)، تناقش الكاتبة مولي فشر هذه الظاهرة، إذ أصبحت التقنية والجوالات أول من يقع عليه اللوم عندما يواجه طفل أو مراهق أي مشكلة في حياته، أو تغيرًا سلبيًا في سلوكه.

 وبالرغم من تعاطف فشر مع حذر الآباء والأمهات، إلا أنها تنصحهم بترجيح ظروف اقتصادية واجتماعية أخرى أدت إلى ظهور هذه الأضرار في حياة أبنائهم، وألا يتعجلوا في اتهام منصات التواصل الاجتماعي. فهذا التوجه تدفعه العاطفة والرغبة الأبوية في الوصاية على الأبناء وحمايتهم، وبالنتيجة تحجب عنهم الفوائد العديدة، خصوصًا الإبداعية، التي تقدمها هذه المنصات. 

قد تتساءل عن سبب إصراري على إيجابيات التقنية، وكيف ساعدتني شخصيًا ومكَّنت مراهقين آخرين من اكتشاف مواهبهم وتنميتها، رغم أضرارها التي لا تخفى على أحد، خصوصًا الآباء والأمهات. سبب هذا الإصرار أنَّ تعليقًا وصل إلى فريق النشرة من عمر، وهو طالب من بريدة، أنهى توه المرحلة المتوسطة، ومقبل بحماس على المرحلة الثانوية.

أخبرني عمر في حوارنا أن هذه المنصات مكَّنته من الوصول وتصفُّح النشرات العربية، من ضمنها نشرة أها!، بحثًا عن الإلهام أو تزجية للوقت.

لم تحفزه تقنية استخدام الجوال فقط على الاطلاع الواسع على آخر الأخبار في مختلف اهتماماته، بل غرست فيه الرغبة ليصبح مساهمًا فيها وكاتبًا عنها بعدما لاحظ أن هذه النشرات تفتقد صوت من هم في سنه، بالذات فيما يخص علاقتهم بأجهزتهم الذكية وجوانبها المفيدة أو الضارة. ولفتني تعليقه صراحة؛ فملاحظته في محلها، وقد تشرح سبب الحذر المنتشر. 

 فنحن لا نعطي مساحة لمناقشة علاقة المراهقين مع التقنية إلا لمن هم أكبر سنًا وأكثر خبرة؛ الكبار في الغالب هم من يتحدثون بالنيابة عن المراهقين، من دون الاستماع إليهم. ولهذا السبب نحن لا نسمع إلا عن مخاوف الآباء، دون أن نمنح المساحة نفسها لهؤلاء المراهقين الذين نشأوا على هذه التقنية لتأييد أو رفض ما نتداوله عنهم.

لذلك يستحق هؤلاء المراهقون الثقة من الآباء أولًا، والكتاب والباحثين ثانيًا، وألا نتخذ أنفسنا أوصياء عليهم. فحرصنا الزائد على حمايتهم من الوصول للإنترنت قد يخنقهم، ويخنق إبداعهم معهم. ومهما حاولنا، لن نستطيع أن نكتشف عمق هذه التجربة إلا عندما نعطيهم منبرًا وأدوات لاكتشافها والكتابة عنها. 

هذا الاستثمار، كما يذكر عمر، سيلهم المراهقين، وقد يطمئن آباءهم بالمرة. ويقول:

«أتمنى أن يعطيني المعلومة التي أبحث عنها على الإنترنت شخصٌ بعمري، فهذا سيجعلني أفهمها أكثر. كما ستعطيني، وبقية الشباب العرب، الكثير من الأمل، خصوصًا عندما أطَّلع على اسم الكاتب وأكتشف أنه في سني أو قريب منها، مما سيفتح أبواب أحلامي لمجالات لم أتصورها من قبل، وربما أجد فيه قدوةً لي».


عملاؤك يستاهلون تجربة شراء سهلة وذكية.

توصيل لكل العالم، وتعامل بكل العملات، وربط مع مختلف التطبيقات، ومئات المزايا الأخرى التي تساعدك على توسيع نطاق تجارتك للعالمية. 🌎

سجّل في سلّة، وانقل تجارتك إلى المستوى الذي تستحقّه.


دائمًا ما تنقذني مكتبة والدي حين يفشل الإنترنت في مساعدتي على إعداد فقرة الأحد الأسبوعية. هذه المرة وجدت كتابًا بعنوان «عيون الحكايات»، وهي قصص جمعها ابن الجوزي، استوقفتني أول حكاية منها.📚👁️

  • بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عُمير الأنصاري واليًا على حمص، وبقي هناك عامًا لا يأتيه خبره، فقال عمر لكاتبه اكتب إلى عمير فوالله ما أراه إلا قد خاننا: «إذا جاءك كتابي هذا فأقبل بما جبيت من فيء المسلمين. فأخذ عُمير جرابه فجعل فيه زاده وقصعته وعلق إداوته وأخذ عنزته، ثم أقبل يمشي من حمص حتى المدينة. فقدم وقد شحب لونه واغبرّ وجهه وطال سفره، فدخل على عمر وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال عمر: ما شأنك؟ فرد عُمير: ما ترى من شأني؟ ألا تراني صحيح البدن ظاهر الدم! معي الدنيا أجرّها بقرنها! قال عمر: وما معك؟ - ظنًا أنه جاء بمال - فقال: معي جرابي أجعل فيه زادي، وقصعتي آكل فيها وأغسل بها رأسي وثيابي، وإداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي، وعنزتي أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوًا إن ظهر لي، فوالله ما الدنيا إلا تبعٌ لمتاعي.» وللقصة بقية. 📜🥣

  •  لن أتحدث هنا عن التفويض القيادي الذي اتبعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولا عن الامتنان للقليل، لكن ما لمسني هنا شعور عمير الأنصاري الفريد والنادر بالاكتفاء والاستغناء عن كل كمالية زائدة. قد نراه ويراه الكثيرون زهدًا لا يُطاق، إلا أن في هذا الاستغناء قوة لا تقاس بغيرها، ولا يمكن الحصول عليها بطريقة أخرى. وأظنها من أنقى صور الحرية. 🙌🏼🤍

  • اليوم أجدني أعتمد على القهوة وإلا تعكر يومي كله صداعًا وإرهاقًا. وأعتمد على هاتفي طيلة لحظاتي وإلا ضعت بلا قوقل ماب وبلا بودكاست أو أغنية تسليني. وأعتمد على هذا وذاك من كل الأشياء. ولا يتعلق الأمر بما نعتمد عليه لتسهيل الحياة ونراه ضرورة، بل حتى اعتمادي على تزيّني بمستحضر تجميل أو مجوهرات قد لا أتقبل نفسي دونها. وهكذا يستمر اعتمادنا، ونفقد مهاراتنا وهوياتنا دون ملاحظة منا. ☕️💄

  • اعتمادنا على عشرات الأشياء أصبح أمرًا طبيعيًّا، ولكن إن نظرنا إليه بعمق، نجد أنه يُضعف إرادتنا في التحكم بأنفسنا، فنصبح رهينة لمزاج متقلب ننتظره أن يستقر بدل ضبطه. وحين يطرأ تغيير خارجي، نجد أن قدرتنا على التأقلم ضئيلة. فمن منا يقدر على التخلي طوعًا عن روتينه اليومي، وطقوسه المحببة، وأشيائه الغالية دون أن يشعر بالنقص أو الضياع، أو يعجز عن التعرف على نفسه خاليًا منها؟🪞📆

💡الإداوة هي إناء صغير للماء، والعنزة هي العصا!

إعداد 🧶

شهد راشد