كيف تعلمتُ من القطط رفع استحقاقي الذاتي
زائد: الأبحاث العلمية طفحت في عام 2024

يبدو أنَّ المحتوى ليس الشيء الوحيد الذي «سيطفح» حجمه وتقل قيمته مع تدخل الذكاء الاصطناعي، بل الأبحاث العلمية أيضًا!
ففي عام 2024، بلغ معدل الأبحاث نحو أحد عشر ألفًا، بعدما كان خمسة آلاف في عام 2021. إذ وجد بعض الباحثين طريقة لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في إعداد أوراق علمية اعتمادًا على بيانات موثوقة في المصادر المفتوحة. والأنكى والأمرّ، أنَّ ثمة باحثين وجدوا طريقة لتمرير رسائل سرية إلى الذكاء الاصطناعي وخداعه، بحيث يمنح البحث تقييمًا جيدًا متى قرأه.
فإذا وجدت بحثًا نتيجته غير منطقية، أو نهجه العلمي أقل من المستوى المطلوب، فثمة احتمال لتدخل يد الذكاء الاصطناعي فيها مع يد شخص غشاش 🤷🏻♀️.
في عددنا اليوم، تتأمل أريج المصطفى ما تعلمنا إياه القطط عن شعورنا بالاستحقاق في علاقتنا بالآخرين، وعلاقتنا بأنفسنا. وفي «خيمة السكينة» تبحث أريج المصطفى في صندوق قِطَع الذكريات. وفي «لمحات من الويب» نودعك مع اقتباس من مصطفى محمود عن السعادة، وليه نستخدم رمز ▶️ للعرض ⏹️ للتوقف. 🤔
إيمان أسعد

كيف تعلمتُ من القطط رفع استحقاقي الذاتي
مذ دخلت القطط حياتنا قبل نحو ثمان سنوات، وأنا وعائلتي نستمتع باكتشاف هذا العالم المدهش والمضحك والمزعج أحيانًا. بدأت علاقتنا معهم بأحلام وردية حول صداقة لطيفة تشبه الأمومة؛ نرعاهم، ونطعمهم، ونمنحهم الأمان والدفء. كنا نظن أننا «أمهات» وأننا سنغمرهم بالعطف، فينمو بداخلهم التعلق بنا والامتنان لنا.
وهو ما كان فعلًا…لكن ربما بالعكس.
القطط لا تتعلّق بأحد لأنها «مدينة له»، ولا تطلب إذنًا، ولا تخجل من طلب الحنان. تقترب حين تريد، وتختفي حين تكتفي… بهذه البساطة.
ومع الوقت، بدأت أفهم أن الاستحقاق الذاتي الذي نراه في تصرفات القطط يختلف عن الصورة النمطية التي نحملها عن الحب والتقدير، خصوصًا حين نربطها بالأمومة، وكأننا لا نستحق الحب إلا إن تعبنا وراعينا وضحَّينا. تتعامل القطط معنا بقاعدة تقول أنّنا محبوبون ليس لأننا نمنح، بل لأننا موجودون، موجودون «بحب»؛ وهذه فكرة تهز شيئًا في جذور تربيتنا ومفهومنا لأنفسنا.
ميمي مثلًا، سيدة المزاجية في عالم القطط، تختار أحدنا لتجلس في حضنه ولا تسمح له بالرفض، إذ تقحم نفسها مهما بلغت محاولات الإبعاد أو النَّهر. تأخذ ما تريد من دلع وحنان ولمسات، ثم تنظف جسدها من هذه اللمسات وتمضي قدمًا إلى مكان أريح لنوم أعمق.
أما أختها، شوشو، فقد كانت صديقتي الصدوقة قبل أن أنجب، لكن ابنتي أصبحت الطرف الثالث بيننا، فصارت تتحرّى مواعيد نومها لنحظى معًا بوقت خاص. فالآن، أكتب على جهازي هذه التدوينة مستغلَّة فترة نوم ابنتي لأنعم بشيء من التركيز، لكن شوشو لها رأي آخر، إذ تمشي جيئة وذهابًا على لوحة المفاتيح لتقول لي أنها هنا.
تدهشني هاتان القطتان بالطريقة التي تثبتان فيها وجودهما، وتجعلان كل فرد في هذا المنزل خادمًا لهما وملبّيًا لاحتياجاتهما في أي وقت، مهما بدت علينا علامات القبول أو الامتعاض، فتلك أمور ثانوية لا أظنها تشغل حيّزًا من الملاحظة عندهما. وبينما يراعي أحدنا دومًا مشاعر الآخرين قبل أن يطلب شيئًا، ويتأكد أن الوقت مناسب، أن الآخر مرتاح، أنه لا يثقل عليه، تلغي قططنا كل هذا. تمشي إليك، تقفز في حضنك، تخرخر حتى تحصل على ما تريد، ولا تحاول أن تكون مثالية أو لطيفة.. فقط حقيقية.
وأفكّر أحيانًا: ماذا لو كنا نحن مثلها؟ ما كان سيتغيَّر في علاقاتنا؟
أفكِّر بميمي التي كسرت معظم زجاج منزل أهلي، ومزّقت كثيرًا من الأرائك فيه، وجرحت كلّ واحد فينا مرات عديدة، وأغضبت أمي مرات ومرات، ومع ذلك تدخل ميمي كلّ يوم عند أمي لتجلس في حضنها دقائق وربما ساعات -بحسب مزاجها- دون أن تترك لأمي مجالًا للرفض. تخرخر ميمي وتقحم رأسها بين يدي أمي لتصل إلى مرادها، ودومًا تصل.
ميمي لا تعرف الحرج، ولا تعتذر عن وجودها. لا تفكّر في الألف احتمال الذي قد نفكر فيه قبل أن نعبّر أو نتحدث أو حتى نحب بهذه «الفجاجة» التي تعبّر فيها ميمي…كأنما تقول إن المحبة أحيانًا لا تُطلب بالهمس!
لم تأبه ميمي يومًا لغضب أمي منها ومن سلوكياتها المزعجة، ومحاولتها طردها من الغرف الحساسة في المنزل. بل تتعامل دومًا بأسلوب «تسليكي» محترف، تفعل فعلتها الشنيعة، وتعود إلى حضن أمي صباحًا فتعود العلاقات الودية بينهما.
حتى خرخرة القطط التي قد تظنها مجرد دلالة على الارتياح أو السعادة، فإن تردد الاهتزازات الناتجة عنها يساعد في التئام الجروح وتقليل الالتهاب. وهذا يفسر زيادة خرخرة القطط في أثناء تعافيها من مرض أو إصابة. تلجأ القطط إلى الخرخرة بداية حياتها عند رضاعتها، ثم تصبح وسيلتها في التعبير عن أمرين أساسيين: الارتياح أو عدمه. فكأنها تسترجع تلك اللحظة الآمنة من طفولتها لتطبطب على نفسها وقت الألم أو الخوف، أو تعزز ارتياحها في حضن من تحبّ بتذكر تلك اللحظة.
وهنا أتساءل: ماذا عن صوتك الداخلي؟ أي ذكرى تلك التي تسترجعها حين تشعر بالدفء والحب؟ أي صوت داخليّ يطبطب على روحك حين تتألم؟
ولهذا أفكر أحيانًا… من منَّا يربِّي الآخر؟
هل وجود هذه القطط في حياتنا مجرّد مرحلة حياتية، أم دروسًا نتعلّمها كلّما اندمج أحدنا في الآخر أكثر؟
تعلّمني ميمي أن أقترب ممن أحب دون خجل، وأن أقول «لا» ببساطة دون الشعور بالذنب. تعلّمني شوشو أن أغار، أن أعبّر، أن أطالب بما أريد دون الحاجة إلى صورة مثالية. أتعلم منهما أن الاستحقاق لا يُكسَب فقط بالتضحية، ولا يُثبَت بالمثالية، وأن الحب لا يُمنح كمكافأة، ولا يُطلب كامتياز. بل هو حضورٌ متبادل، وصادق، ينمو حين نكون كما نحن.
وربما، في عالمٍ يمتلئ بالشروط، تعلّمني القطط كيف أعيش بلا كثيرٍ منها.

عملاؤك يستاهلون تجربة شراء سهلة وذكية.
توصيل لكل العالم، وتعامل بكل العملات، وربط مع مختلف التطبيقات، ومئات المزايا الأخرى التي تساعدك على توسيع نطاق تجارتك للعالمية. 🌎
سجّل في سلّة، وانقل تجارتك إلى المستوى الذي تستحقّه.


كيف تحرس قلبك من النسيان؟
لا أحب تجميع كثير من الذكريات المادية، وأميل دومًا إلى التخفف منها قدر المستطاع، لكن بضع قطع منها أتشبّث بها كما لو أنها جزء مني.
إحدى هذه القطع خاتم ذهب، كان أول قطعة ثمينة أشتريها في حياتي من «حرّ مالي» كما يُقال. وكانت تلك المرة الأولى التي اتبعت فيها نصيحة أمي باستثمار المبالغ البسيطة، التي كنت أجمعها في الأعياد أو المناسبات أو غيرها، في شراء الذهب.
أحبّ هذه القطعة، لا لقيمتها المادية ولا لشكلها الذي صار الآن مختلفًا عن ذوقي، بل لما تمثّله لي داخليًّا: لحظة وعي صغيرة، أول مرة أدّخر شيئًا لنفسي، لحظة فرح صافٍ، وإحساس بأنني «كبرت» دون أن يخبرني أحد بذلك.
لكنني أظن أن الرمزية الكبرى، التي تعني لي أكثر من كل ما سبق، هي أن هذه القطعة تحتفظ بشيء من «أريج القديمة»؛ تلك النسخة المتفائلة بي أكثر من أي شخص. أحب أن أعود لها أحيانًا لأطمئن أنها ما زالت هنا ولم تذُب بالكامل في دوامات الحياة.
وهكذا هي كل القطع التي أحفظها عندي كما يحفظ المرء كنزه. في صندوقي مثلًا، لوحة خُطت عليها آية «وقل ربّ زدني علمًا»، وكتاب «الروح» لابن القيم، وزجاجة عطر صغيرة... كلها تفاصيل التقطتها واحتفظت بها من غرفة جدي يوم وفاته قبل تسع سنوات تقريبًا. كأنني كنت أحاول أن أستبقيه بها أكثر، وأُطيل بها وداعه، قبل أن أواجه حقيقة أن لا شيء ماديًّا باقٍ منه، وأننا منذ ذلك اليوم فصاعدًا سنبدأ حكاية كل قصصه بعبارة: «كان.. رحمه الله».
تتنوع بقايا الأحباب في صندوق ذكرياتي بين حزن وسعادة، وألم وفخر. لكنني أتشبّث بهذه الرمزيات كما يتشبّث الفلسطيني بمفتاح بيته؛ لا لأنها تُرجع الغائب، بل لأنها تَعد بالوفاء، كأنها دروع صغيرة تحرس قلبي من الجفاف، وذاكرتي من الخيانة.
قل لي ما بقي في صندوقك، أقل لك من بقي في قلبك!
🧶إعداد
أريج المصطفى

«قد تكون السعادة في ترك الأشياء أكثر من الحصول عليها.» مصطفى محمود
ماذا تعرف عن تاريخ لعبة «الثعابين والسلالم»؟
ليه نستخدم رمز المثلث ▶️ للعرض ورمز المربع ⏹️ للتوقف.
أتحداك تصيدني!

الدرس الذي علَّمني إياه قطّي عن العدوانية السلبيَّة.
هذه حكايتنا مع رمز القلب.


نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.