يحيى حقي وثنائية المشي والإبداع 🚶

زائد: الفوضى تجلب السعادة أحيانًا

هل جرعة من الطبيعة تعادل أثر الأدوية المسكّنة؟ 

تحاول دراسة جديدة أن تجد بدائل لمعالجة ألم الظهر المزمن. فمعظم من تواجهه هذه الحالة يلجأ إلى المسكنات وغيرها من الأدوية.

وجد الباحثون في دراستهم أن المرضى، منهم من عاش مع هذا الألم لأكثر من أربعين سنة، يعتمدون على الطبيعة للتعايش معه. يجلسون ويتمشون في حدائق بيوتهم أو حاراتهم، أو يجدون أنفسهم في أماكن بعيدة عن زحام المدينة. 

ساعدهم الاتصال بالطبيعة على تحريك أجسادهم، وتصفية أذهانهم، والابتعاد عن مصادر قلق قد تسبب ألمهم المزمن. لذلك وأنت تخطط لفعاليات نهاية الأسبوع، لا تنسَ أن تضيف جرعةً من الطبيعة، سواء في البر أو البحر أو الخضرة، لصحة جسدك وذهنك. 🌿 

في عدد اليوم، يذكر لنا محمود عصام فائدة أخرى للمشي، وارتباطه الوثيق بالإبداع. وفي «خيمة السكينة» تذكِّرنا أريج المصطفى بنعمة الفوضى السعيدة وتغيير روتيننا المعتاد. ونودعكم في «لمحات من الويب» مع تطبيق يدلك في مشاويرك، ومع معلومة تطمئنك إذا نزل أدائك هذا الأسبوع🪨.

خالد القحطاني


Imran Creative
Imran Creative

يحيى حقي وثنائية المشي والإبداع 🚶

محمود عصام

قد يكون حي القلعة – رغم فقر سكانه – أغنى أحياء القاهرة بالمشاهد، وأحفلها ذكريات. ينام والجبل يرعاه، ورمل الصحراء وسادته، تاركًا قاهرة الأزبكية تحت قدميه. إذا أشرقت الشمس، فهو أول من يخلع عنه غلالة الظلام ويهرع لاستقبالها.

هكذا يفتتح الكاتب يحيى حقِّي قصته القصيرة «عضَّة»، وفي تسلسل بديع نجده يصف لنا بشغف متَّقد مساجد أمير الجيوشي والسلطان حسن ومحمد علي، قبل أن يصل بنا أخيرًا إلى حارة طُلْبَة باشا حيث تبدأ أحداث القصة الفعلية. كان حقي مغرمًا بشوارع القاهرة بشكل واضح، وكانت تمشيته في تلك الشوارع طقسًا لا يمل منه أبدًا.

وقد أثَّرت هذه العلاقة بينه وبين القاهرة في أجيالٍ من الكتّاب، منهم الروائي خيري شلبي، الذي يحكي في مقالته «أين ذهبت دحديرة يحيى حقي؟» عن ثراء المشي متأبطًا ذراع أستاذه، بل ويصفه بأعظم المشّائين في تاريخنا المعاصر. ذلك لأن حقي لم يكن يرى في المشي نشاطًا صحيًا فحسب، بل كان يعدّه ثقافةً، ومعرفةً، وتنشيطًا للذاكرة الوجدانية القومية. وقد كتب شلبي مقالته تلك بعدما طلب منه الكاتب بلال فضل الحديث عن تجارب المشي في شوارع القاهرة، فقد كان شلبي من المشّائين العظام هو الآخر.

ثمة علاقة واضحة بين الأعمال الإبداعية والمشي، فقد لُقِّب أرسطو بـالمتجول لعادته في المشي أثناء تدريس الفلسفة. وعُرِف عن ديكنز وفيرجينيا وولف حرصهما الشديد على المشي كل يوم. وكان تشايكوفسكي يمشي كل صباح قبل أن يبدأ العمل على موسيقاه، وأينشتاين يمشي على الشاطئ عندما يحتاج إلى حل مسائل معقدة.

وقد أثبتت دراسة من جامعة ستانفورد صحة تلك العلاقة، إذ وجد الباحثون أن الإنتاج الإبداعي زاد لدى المشاركين في الدراسة بنسبة 60% في المتوسط عند المشي مقارنةً بالجلوس. في الدراسة، طُلِب من المشاركين أداء بعض المهام الذهنية المستخدمة عادةً لاختبار الإبداع، وتبيّن أن ما بين 81% و100% منهم أنتجوا أفكارًا إبداعية أكثر أثناء المشي مقارنةً بالجلوس.

وعلى خلاف الاعتقاد السائد بأن المشي في الهواء الطلق أكثر تفجيرًا للطاقات، فقد استنتجت الدراسة ذاتها أن الشخص الذي يمشي على جهاز المشي في غرفة مغلقة ويواجه حائطًا فارغًا، قد زادت قدراته الإبداعية تمامًا مثل الذي يمشي في الهواء الطلق. كما وجدت الدراسة أنَّ تأثير المشي على العملية الإبداعية يستمر حتى بعد الجلوس. 

ما الذي يجعل المشي مفيدًا جدًا للإبداع؟ تكمن الإجابة في التغييرات التي تطرأ على كيمياء أجسامنا. عندما نتمشى، يضخ القلب الدم بشكل أسرع، مما يؤدي إلى توزيع المزيد من الدم والأكسجين، ليس فقط على العضلات بل على جميع الأعضاء، بما في ذلك الدماغ. وقد أظهرت تجارب عدة أن الأشخاص يؤدون أداءً أفضل في اختبارات الذاكرة والانتباه بعد المشي. كما يعزّز المشي المنتظم الروابط الجديدة بين خلايا الدماغ، ويبطئ الذبول المعتاد لأنسجة المخ مع تقدم العمر.

ولا تقتصر ثنائية المشي والإبداع على مجالات الفن والأدب فحسب، بل يؤمن بها أيضًا العاملون في مجال التقنية؛ فاجتماعات المشي أصبحت رائجة جدًا في وادي السيليكون. تقول نيلوفر ميرشانت، المحاضرة في ستانفورد والمسؤولة عن إطلاق 100 منتج تقني خلال مسيرتها المهنية الممتدة لخمسة وعشرين عامًا، إن اجتماعات المشي تمثل الآن 70% من تمارينها الرياضية خلال الأسبوع، وإنها أكثر إنتاجية بكثير من أنواع الاجتماعات الأخرى.

يحكي مارك أندريسن، رجل الأعمال ومهندس البرمجيات، أنه كان يقود سيارته بجوار منزله في كاليفورنيا، وكاد أن يصطدم برجل عجوز يعبر الشارع. نظر إلى العابر الذي كاد أن يدهسه، فلاحظ بنطاله الجينز الأزرق المميز وكنزته السوداء! كاد أن يصدم ستيف جوبز! كان جوبز في ذلك اليوم في إحدى جولاته العديدة في منطقة «بالو ألتو»، حيث مقر شركة أبل. فقد اشتهر بعقد الاجتماعات شديدة الأهمية أثناء المشي.

أتخيل لو أن حقي علم عن ستيف جوبز لأحبَّه على الفور؛ فهو عبقريٌّ مجنون يقدّس المشي مثله. وربما لكتب عنه قصة يتجول فيها جوبز بين دروب الغورية، يهوى فتاةً من حي الحسين، قبل أن ينتهي به المطاف هناك في حي الصليبة، حيث دحديرة يحيى حقي.


عملاؤك يستاهلون تجربة شراء سهلة وذكية.

توصيل لكل العالم، وتعامل بكل العملات، وربط مع مختلف التطبيقات، ومئات المزايا الأخرى التي تساعدك على توسيع نطاق تجارتك للعالمية. 🌎

سجّل في سلّة، وانقل تجارتك إلى المستوى الذي تستحقّه.


العودة إلى الروتين بعد فوضى العيد السعيدة

في الأيام القليلة الماضية، مع سهرات العيد وليالي الأُنس الطويلة، انقلب توقيتي -وغالبًا لدى معظم الناس- رأسًا على عقب. تأثرت كل مهامي الروتينية وتفاصيل يومي البسيطة المقدَّسة لدي، لكنني في كل مرة أشعر فيها بالارتباك نتيجة تلك الفوضى السعيدة أُذكِّر نفسي بمحاولة التلذذ بهذا النوع منها. 

إذ ليست كل فوضى تأتي تكون بسبب أيام عيدٍ سعيدة، ولقاءات أحبة عديدة، أو تجارب جديدة لا تتاح كل يوم.

أحب أن يبقى روتيني دومًا ثابتًا ومنتظمًا دون أدنى خلل، وأتوتر إن فقدت شيئًا من نظامي هذا ولو لمرة واحدة. لكنّي أحب هذه الأيام التي تعلِّمنا لذَّة ألا تسير الأمور مثلما نخطط لها، وأن نستسلم لخطط ومفاجآت تتقرَّر جماعيًّا، ونستمتع. نستمتع حين نغضّ الطرف عن قائمة المهام التي تنتظرنا بعد الإجازة، وننسى أنفسنا في متعة اللحظة التي نعرف أننا سنشتاق إليها حين يعود روتيننا، مهما كان هذا الروتين مريحًا ورائقًا. ثم نتصالح مع كل تلك الفوضى حين نتذكر أن روتين الدوام، سواء كان وظيفة أو دراسة أو مهام شخصية، كفيلٌ بإعادة ترتيب كل ما اختلط وارتبك.

من زاوية أخرى أقرب للواقع وأبعد عن المثالية، تصبح العودة إلى الروتين بعد تلك الأيام صعبة ومرهقة. فها أنا أكتب فقرتي المعتادة في النشرة وبالكاد تتدفَّق الأفكار في رأسي، بينما كتبت غيرها قبل أيام خلال ساعة أو أقل.

أكتب هذا لأذكِّر نفسي أولًا بأن هذا التذبذب المرهق ظاهريًّا بين الروتين والفوضى ضروري، ضروري لنتوقف قليلًا عن مهامنا الآلية ونصنع ذكريات عميقة ودافئة مع أطفالنا وأهلنا وأحبابنا، ولكي نتقبّل ثمن الراحة الذي لا بد منه. فلولا هذا الثمن ما شعرنا بالراحة أصلًا، ولو كانت كلّ أيامنا عيدًا وفرحًا وسهرًا ما ذقنا لهذه الأيام طعمًا مختلفًا.

خلال أيام قليلة ستترتب الأوراق المبعثرة، وتعود ساعاتنا البيولوجية مرتاحةً في توقيت ثابت، وتنتظم ساعات يومنا، كلّ ساعة بمهمة معيّنة. لكننا لن ننسى كم أنعشت قلوبنا تلك الأيام الفوضوية، وساعدتنا على استشعار قيمة الهدوء في روتيننا اليومي ومعناه.

🧶إعداد

أريج المصطفى


  • «الوهم هو الميزة الوحيدة التي تمنح الإنسان قدرة على تحمل تكرار الألم، دون أن يكسرهُ الإقرار به؛ لذلك لا نخشى الحقيقة قدر خشيتنا زوال أوهامنا، لأنها آخر قلاع الدفاع عن هشاشة كينونتنا.» أنور المطيري

  • اصطدمت بعائق في عملك وهبط أدائك؟ تحتاج هذه المعلومة

  • عاش سنبل الحبُّوب

  • رايح مشوار وتحتاج من يدلك؟ جرب خرائط هدهد بتوصية من راشد العنزي. 

  • معك ترقص روحي


نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+120 متابع في آخر 7 أيام