عبدالحليم وسعاد على مشانق فيسبوك 💌
زائد: نستمد حبنا لذاتنا ممن نجاورهم


قررت الاستيقاظ مؤخرًا مع شروق الشمس وعلى أشعتها بدلًا من صوت المنبه، لصباحٍ أهدأ وأقل استعجالًا.
وبمناسبة الحديث عن الشمس، تسجّل مدننا العربية أعلى درجات الحرارة من الآن، بالرغم من أن فصل الصيف لن يحل حتى منتصف الشهر القادم. ومع ذلك، نجد أن نقص فيتامين (د) منتشر بيننا، ومصدره الطبيعي هو أشعة الشمس.
لا حياة على كوكبنا دون الشمس وأشعتها، حتى لو ضقنا ذرعًا بحرارتها. وأعرف أنك تحتاج إلى تجنبها صيفًا في المباني والسيارات المكيفة، لكن لا يمنع أن تقابلها ولو لبضعة دقائق في بداية يومك أو نهايته، ولو من نافذة غرفتك.😎
في عدد اليوم، تجد إيمان أسعد نفسها غارقة في منشورات فيسبوك التي علّقت المشانق لفنانين من الزمن الجميل. وفي «خيمة السكينة»، تكتب لنا أريج المصطفى عن لحظة إدراكها بأن حبنا وتقديرنا لأنفسنا امتدادٌ للاحترام الذي نناله ممن نجاورهم. ونودعكم في «لمحات من الويب» مع اقتباس من هيفاء القحطاني عن إبداع بيوت الجدَّات، وتسمع صباح الخير بلغة لم تسمعها من قبل ☀️.
خالد القحطاني

عبدالحليم وسعاد على مشانق فيسبوك 💌
رغم احتياجي الشديد والماس إلى كل دقيقة هذه الفترة لكي أنهي مهامي قبل خروجي في إجازة طويلة نهاية الشهر، وجدتني أهدر نحو ساعتين يوميًّا الأسبوع الماضي في متابعة فيسبوك، تحديدًا المشانق التي علقها الناس لمحمود عبدالعزيز والإعلامية بوسي شلبي حول صحة زواجهما (أو طلاقهما). طبعًا المشانق هنا لا تهدِّد الفنان بالكنسلة لأنَّ الفنان ميّت، لكنها تهدد بمصيرٍ أسوأ: تحويله إلى ميم ساخر.
الصراحة، لم تأت متابعتي لهذه الجلبة من حبي للفنان محمود عبدالعزيز، فمشاعري تجاهه حيادية. بل أتت، وأكره نفسي للاعتراف بهذا، من بغضي لشخصية بوسي شلبي. لهذا لم أستطع كبح الضحكة الخافتة بيني وبين نفسي على الميمز الساخرة من الموقف «الصعب والمؤلم» الذي وجدت نفسها فيه، خصوصًا الميمز المتعلقة بشهادات زميلاتها ومعارفها من الوسط الفني.
مع خفوت الموجة، صعدت موجة مفاجئة أخرى في فيسبوك، هذه المرة تتعلَّق أيضًا بصحَّة زواج بين فنانيْن، بين عبدالحليم حافظ وسعاد حسني. لطالما كانت قصة زواج عبدالحليم بسعاد حسني أسطورة من الأساطير عن حياة الفنانين الغامضة، ولطالما كانت هذه القصة تحديدًا محاطة بهالة رومانسية، قصة الحب الذي لم يكتمل لسبب أو لآخر، سواء كان الزواج ضمن فصولها أم لا. وطيلة تلك العقود من التكهنات، لم تُعلَّق المشانق لأيهما كما حدث في فيسبوك في اليومين الأخيرين.
بدأت الموجة مع كشف عائلة عبدالحليم حافظ رسالة يُزعَم أنَّ سعاد حسني هي التي كتبتها، ويُفتَرض بهذه الرسالة أن تثبت أنَّ سعاد كانت تحب عبدالحليم ومتعلقة به لكنه حبٌّ من طرفٍ واحد (أشبه بما يكتبه معجب مجنون مترصّد، أو ما يكتبه «جي بي تي» لغير المشتركين)، وبالتالي يستحيل أن يتحقق معه الزواج. والأثر الذي نتج عن إظهار الرسالة جاء عكسيًّا، وربما بتأثير مما تعرضت له بوسي شلبي. فالمشانق عُلّقت في فيسبوك لعبدالحليم، وتزايدت المنشورات التي اتفقت على وصفه بـ«الفلاح التوكسك»!
حتى خيار الصور في تلك المنشورات جاء غريبًا، إذ فجأة بتنا نرى صورًا يظهر فيها عبدالحليم متجهمًا ولئيمًا، أبعد ما يكون عن صوره الحالمة الباسمة التي اعتدناها، وذلك لإثبات سميَّته التي كان يجدر بسعاد حسني أن تراها و«لا تدلق نفسها عليه». طبعًا، في المقابل، ظهرت سعاد حسني في تلك المنشورات بكامل جمالها ورقّتها وعز شبابها اليانع.
مع ذلك، حتى سعاد حسني لم تسلم من المشنقة، لأن وقوع برنسيسة رقيقة في غرام «فلاح توكسك» خطأٌ لا يغتفر، لتظهر موجة أخرى من الميمز الساخرة من رسالة سعاد حسني، وبالمرة تسخر من أم كلثوم!
كيف؟
سردية هذه المنشورات أنَّ أم كلثوم -المرأة النرجسيّة و«الفلاحة التوكسك» هي الأخرى مثل عبدالحليم في نظر البعض، والمرأة الجبّارة و«الكوين» في نظر البعض الآخر- عرفت كيف تستغل لمصلحتها عواطف الشاعر المثقف رقيق القلب أحمد رامي وحبه الجارف تجاهها، وحولتها إلى أغانٍ خلدتها ونصّبتها كوكب الشرق بلا منازع.
هكذا، في غضون عشرة أيام، ضجّت منصة فيسبوك بالسخرية من جوانب شخصية في حياة فنانين أموات هم من رموز الفن في الزمن الجميل، الجوانب نفسها التي في أيامنا (نحن جيل الطيبين وما قبل) كنا نراها عاملًا جاذبًا إلى إعجابنا بهم، لأنَّ قصص «رومانسية» مثل هذه لا تقع إلا مع النجوم. هذا بالطبع كان قبل أن تشنقهم الميمز الساخرة في فيسبوك وتحولهم إلى شخصيات نرجسية وتوكسك واستغلالية وغبية وهشّة، مثلها مثلنا.
تعليق عالسريع 📜
ضمن المهام التي انخرطت بها قبل سنوات عديدة مهمة جرد «أرشيف عائلي»، وفي هذا الأرشيف اطّلعت على عدد لا يُحصَى من الأوراق والسجلات والرسائل والدفاتر الشخصية. وتزامنت مع عملية الجرد محاولة بناء سردية لمعرفة تاريخ العائلة وأفرادها ممن توفّوا. وأعلم علم اليقين أنَّ الأوراق التي يتركها الشخص خلفه لا تعبّر ضرورةً عن كل ما جرى في حياته، ولا حتى تعكس المنظور الصحيح للأحداث. وممكن، من الرسالة نفسها، أن تخرج بسرديتين مختلفتين (على حسب هواك).


أن تحبَّ نفسك بجوار أحدهم
في أثناء دراستي الجامعيّة، كنت ممّن يحرصون كل الحرص على انتقاء أستاذات المادّة المعروفات باللطف ولين التعامل أو السمعة الطيّبة عمومًا. وعدَّلت خطتي الجامعية مرات عديدة -حتى صارت فوضوية أكثر من اللازم- فقط لأدرس عند أستاذات يُعرفْن بأخلاق حميدة وتعامل مرن، وإن كنَّ شديدات في اختباراتهن أو تقييمهن.
لم تكن أغلب الطالبات تشاركنني الاختيار ذاته، فكثير منهن كنَّ يخترن الأستاذة الأكثر تساهلًا في إعطاء الدرجات وكتابة الاختبارات مهما كانت صعبة التعامل.
لكن، من بين كل تلك الأستاذات كانت إحداهنّ استثناء، فقد كانت شديدة في اختباراتها ودرجاتها. تدرِّس مادة ثقيلة ودسمة على أغلبنا (مادة البلاغة)، ومع ذلك كانت شعبتها أكثر شعبة ممتلئة في كل فصل، وأول شعبة تغلق يوم إعداد الجداول.
في إحدى محاضراتها في آخر سنة دراسية لي، تأمّلت أي شيءٍ تعطيه لكل واحدة فينا لكي نحبّها وتحبّنا حتى لو صدمتنا باختباراتها المكونة من سؤال واحد محمّل بدرجات كثيرة.
فالطالبة التي تكاد لا يُسمَع لها صوت في محاضرة أستاذة أخرى، كانت تشارك معها وتناقشها بكل ثقة في مواضيع لا تساوي معرفتنا بها شيئًا أمام معرفتها هي. لكنها مع ذلك كانت تحترم كل طالبة وكأنها زميلة لها لا طالبة عندها، بل وتشجّع كل نقاش وكل فكرة، حتى أني لم أسمعها قالت لجواب واحدة منّا «خطأ» قط!
كانت تقدّر كل إجابة، وتشجّع كل فكرة مهما كانت بعيدة عن الجواب الصحيح؛ كانت ببساطة تظهر أفضل ما في كلّ واحدة فينا. كنّا نحبّ أنفسنا عندها فنحبّ حضورها.
الواحد فينا يزهر ويشرق مع من يحبِّبنا في نفسنا حين نكون جواره، مع من نرى صورتنا منعكسةً في عينيه بأبهى الصور التي نحبّها، مع من يقدِّر ذاتنا ويحترمها مثلما نحترمها.
🧶إعداد
أريج المصطفى

«هل انتبهتوا من قبل لبيت الجدّة كيف يشبهها؟ أثاث منوّع لا ينتمي لبعض، قطع سجّاد من كل البيوت التي سكنتها من قبل، أواني مرّت على جيل واثنين، تذكارات من مدن لم تزرها، ولحف أطفال أصبحوا آباء. ومزيج روائح وألوان صعب يجتمع في مكان واحد.» هيفاء القحطاني
عمرك فكّرت تقرأ خرابيش الناس وأنت في متجر القرطاسية؟
التطوع رحلة تبدأ كهواية وتنتهي بفخر.
حتى المتنبي!!

خدعة الحنين لدى جيل الطيبين.
الشغف لا ينتهي عند التخصص الجامعي.


نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.