سرُّ الجمال في القبيح!

زائد: هل تعرف أين وُلِد مديرك؟

هل لاحظت على مديرك ميله إلى المخاطرة في قراراته، وغالبًا هذه المخاطرة «ما تجيب نتيجة» واحتمال «تودي الفريق في ستين داهية»؟ 

وفقًا لدراسة علمية نشرت عنها الإيكونومست، هذا السلوك سببه ولادة مديرك في بيئة عالية التلوث بالمواد الكيميائية. 

بلاش دي!

هل لاحظت على مديرك حذره الزائد في اتخاذ القرار، وقلقه من الصرف من الميزانية، وغالبًا هذا الحذر الزائد يعطّل المشاريع، واحتمال «يودي الفريق في ستين داهية»؟

وفقًا لدراسة علمية نشرت عنها الإيكونومست، هذا السلوك سببه ولادة مديرك في بيئة تعرضت لكارثة طبيعية مثل الزلازل.

هل لاحظت، أنَّ أيَّا كان المكان الذي وُلِد فيه مديرك، احتمال سيتخذ قرارات غير مجدية، «ويوديك في ستين داهية؟» ☹️

عددنا اليوم عدد فنّي بامتياز 🎨 تستكشف شهد راشد سرّ الجمال الذي نراه في القبيح، وفي شباك منوّر نتأمل كيف لفن الخط العربي أن يتجسَّد في فضاءات إبداعيّة لا حد لها، ونعرف ليه لازم ما تسلّف ملحك لجارك، ونودعك مع صباح الخير 🌞🍶. 


فن قبيح / Imran Creative
فن قبيح / Imran Creative

سرُّ الجمال في القبيح!

شهد راشد

تصالحت مؤخرًا مع طبيعتي الناقدة؛ فأنا، حسب تصنيفٍ طريف، لي عين ذبابة تقع على الأشياء السيئة المنفِّرة، مقابل النحلة التي ترى بعيونها الجمال. وقد أقنعت نفسي أن العالم بحاجة إلى التوازن، وإلا لكنا جميعًا نملك عيون نحل ونبحث عن الرحيق والبريق في كوكب بعيد عن الأرض.

وهنا أدعو الجميع، نحلًا وذبابًا، إلى النظر بعين حيادية إلى الفن. فإن كنت من مرتادي المعارض الفنية، أو من متابعي حسابات الفنون على وسائل التواصل، أكاد أجزم أنك رأيت عملًا تساءلت عن كيفية وصوله إلى جدار معرض لكي يراه الجميع، أو كيف حصل على آلاف نقرات الإعجاب ولم يُخفِه صانعه في درج لا يملك مفتاحه غيره.

كلما فكرت وتمعنت في الفن الحديث بمجالاته، تساءلت عن المسار الذي أوصلنا إلى هذه المرحلة. فمعظم الأعمال من شتى العصور التي رأيتها «ولا أدّعي أني ضليعة بالفن بأي شكل» جميلة ومتقنة وعلى مستوى عالٍ من المهارة والحرفية، عكس غالبية أعمال اليوم. وعندما اعتنقت جهلي وبدأت التعمق والبحث، اكتشفت أن الفن له وجه آخر قبيح منذ عقود، وأعني هذا بمعنى الكلمة، وستتفق معي عندما ترى لوحة «ساتورن يلتهم ابنه» (Saturn Devouring His Son).

الجمال إحدى ركائز الفن الأساسية، سواء كان في العمارة والأزياء أو النحت وبقية الفنون البصرية، وعليه قامت مدارس وأعمال خالدة. ولكنه ليس السبب الأهم، ولا حتى الأسمى رغم سموِّه في كونه يسرقنا من رعب العالم إلى سحره الخلّاب. 

فقد ارتكزت مواضيع الفنانين عصورًا طويلة على المناظر الطبيعية الآسرة، والبورتريهات الجميلة، والعمارة الفارهة بزخارفها، والتفاصيل الأنيقة في الملابس؛ فكأنه عالمٌ موازٍ يعيش فيه المرفهون ويتأملون اللوحات أثناء تناولهم الكعك. بينما تُنبَذ مواضيع هامة مثل الفقر والحروب والجوع والمرض لأن الفن أرقى من ذلك. وهذه نقطة تحسب لنا في هذه الحقبة، فنحن الآن نحتضن العادي ونقدّر اليومي ونبحث عن الجمال فيه بدلًا من الركض لاهثين خلفه فقط.

ولكن وفق طبيعتنا البشرية الباهرة وُلِد فنانون يحبون المعارضة، وصنعوا أعمالًا صُنِّفت على أنها منفِّرة وقبيحة في زمنها، وهدفوا من خلالها إلى خلق حوار ضروري حول مشكلات اجتماعية عديدة. 

يصنّف البعض الموضوع قبيحًا إذا كان منفرًا أو عن موضوع مكروه. فلوحة الفنان بيتر بروقل بعنوان «الشحاتون» (The Beggars) ترسم مجموعة متسولين تعلو ملامحهم الأسى وتظهر الفاقة عليهم، في محاولة لطرح قضية ملحّة. كان يُنظَر إلى العمل بصفته قبيحًا لأنه يثير القلق ويسلط الضوء على فئة منبوذة ولكنه لا يعني أن اللوحة سيئة، بل العكس، إذ تُظهِر جرأة تجاوزت السائد.

الجدير بالذكر أن الكثير من الأعمال التي لم تلقَ الإعجاب لأنها ناقشت مواضيع غير مألوفة، وتحدّت المعايير المجتمعية السائدة، قد لاقت تقديرًا كبيرًا لاحقًا، ونال فنانوها الاعتراف بعبقريتهم، وعُلقت على جدران المعارض. هذا يذكرنا بمرونة الفن وإسهامه في تغيير المعايير الفنية، وربما الاجتماعية.

صحيح أننا وصلنا إلى إدراك مريح بأن الذوق مسألة شخصية بحتة. ولكني أصرّح بحبي للأعمال التي يتعمد فنانها قبحها مع امتلاكه مهارة فنية وتقنية. فهو يقصد بهذا القبح هدفًا معينًا كأعمال: فيليب قستُن التي تحدى فيها العنصرية ورسمها بأسلوب كرتوني كأنه يسخر من ممارسيها ويُخجلهم، وإيقون شيل الذي تعمّد رسم شخصياته مشوهة وفي حالة صراع داخلي مستمر بأسلوب يثير الهلع في النفس.

هذه الأعمال تبعث في متلقيها شعورًا غريبًا وجديدًا بعيدًا عن الإعجاب بجمال الموضوع أو سحر الملامح الملائكي المعتاد. بل تدفع كل من تقع عينه عليها إلى التفكير والتساؤل والبحث في نفسه والعالم وخلق نقاش حولها.

ولا تقتصر التحولات في مفاهيم القبح والجمال على اللوحات، بل تمتد إلى شتى المجالات. ففي الخمسينيات مثلًا ولدت العمارة الوحشية بصفتها اعتراضًا على البذخ في نظيرتها الكلاسيكية، لا سيما أنها أتت بعد حرب عالمية أيقظت الناس ودعتهم إلى الالتفات للضروريات عوضًا عن اللهاث خلف الجمال. وعلامات الأزياء تنافس بعضها في الغرابة لنرى فستانًا كاملًا من شريط لاصق، وحذاء على شكل خفّ حصان، ومثلها السيارات والمقاهي والمطاعم التي تجد في القبح المتعمد وسيلة للفت الانتباه وإثارة الجدل وأحيانًا خلق الحوار. 

فمن كان يدري أن مصمم مطعم «ذا تشيزكيك فاكتوري» تعمّد دمج عناصر معمارية من حضارات وعصور متعددة، وألوان وتصاميم لا تتسق بل تخلق شعورًا منفرًا وغير مريح بهدف إثارة انتباه الزوار، وخلق محادثة بينهم تكسر الجليد وتتمحور حول المكان.

برأيي التلاعب بمفاهيم الجمال والقبح ممتع للفنانين والمبدعين وجزء من العملية الإنتاجية، ولكن الجدير بالذكر أن كلاهما يُفعِّل المنطقة نفسها في الدماغ البشري. الفارق أننا حين نصنّف أمرًا ما على أنه قبيح تتحفَّز المنطقة الحركية في القشرة الجبهية وتجتاحنا الرغبة في الهرب، عكس رغبتنا في الاقتراب من الجمال الذي تحفزه القشرة الجبهية المدارية.

فهل هذا يعني أنَّ اقترابنا من الفن القبيح وتأمله، بدل الهرب منه، دلالةٌ سريّة على جماله؟ 


الحرف العربي يتجاوز اللغة إلى فضاءات فنية وإبداعية تكاد تعجز المخيلة عن احتوائها؛ فإلى جانب كونه فنًا قائمًا بذاته، استلهم منه مئات الفنانين أعمالًا فنية ومعمارية، من ضمنهم الفنان الأردني خالد شاهين الذي تبنّى الهوية العربية وكرَّس لها فنه: 🖋️📜

  • استقال خالد شاهين من وظيفته لكي يتفرغ للفن، حيث علَّم نفسه الرسم والنحت دون سابق تعليم أو تجربة، وكان الخط العربي مصاحبًا له من بداياته. وعندما سُئل في لقاء عما يتطلبه النجاح للفنان، أجاب بتواجد نقطتين مهمتين إضافة إلى الموهبة: «تكريس نفسك للفن والعمل، وإعادة اختراع نفسك وأسلوبك كل فترة». فالتغيير يمنحك فرصة اتصال بجمهور أكبر، واكتشاف زوايا إبداعية مختلفة تمنح عقلك إمكانية الابتكار. 🧠🖋️

  • لدى تأمُّل أعماله تلاحظ التنوّع فيها رغم تشابهها، فحتمًا ستتعرّف على عمل له لو رأيته في مكان ما، ومع ذلك هناك اختلافات كبيرة بين المجموعات، بل تستطيع التنبؤ باللحظة التي قرر فيها التغيير. في مجموعة «صيف» لعام 2013 تجد لوحات بألوان مشرقة وباستيلية تعكس روح الفصل الحار، بينما تبرز الأحرف بألوان صريحة أو بالأسود والأبيض. 

  • لاحظت أنه يسمّي الأعمال أسماء شاعرية وكأنه يدلّنا على المعنى بكلماته. في «أنتظرها» يتوسط العمل تشكيلٌ بشري تتداخل فيه ومعه كلمة «عشق»، كأن الإنسان العاشق لا هوية له سوى عشقه الطاغي بزُرقته على بياض كل شيء. أما «السلام المفقود» المتجسِّد في الفراغ يأخذ حيزًا من المنحوتة وكأنه السلام الذي نبحث عنه جميعًا في نداءٍ يائس ونُبقي له مكانًا خاصًا لا يستولي عليه غيره، مع نقاط متناثرة أُفسِّرها بأنها مشكلات وهموم ومنغصات الحياة، تعكر صفاء السلام وتنفّره فيهرب بعيدًا عنا. 🕊️ ❤️

  • يصعب اختيار عمل مفضل للفنان، إذ أجدني محتارة بين أعماله بألوانها الساطعة التي تبعث فيّ مشاعر من السرور المرِح والخفة، وبين أعماله التي تقوم بشكل أساسي على تكوينات المنحوتة مثل «Solitude» التي شكّلها بلون داكن وحيد لا يرافقه لون غيره، مع بروز تشكيلات الحروف وكأنها تحاول الخروج إلى العالم عن عزلتها الإجبارية وتعجز عن ذلك، وبين عمل «حالات» الذي يشكّل فيه شخصًا متقوقعًا بمنحوتة طينية لا يشوبها لون أو حرف، تذكِّرنا عند تأملها بحقيقتنا البشرية الضعيفة التي تنصهر على نفسها عندما يجنّ العالم. 🗿😔

    🧶إعداد

شهد راشد


  • «كيف أشفق على الذي يبدِّد ألمه في الشكاية والتظلم فلا يبقى منه ما يستدعي الشفقة؟ كل شفقتي تتجه إليك أنت الذي لا تشكو مع أن ألمك صامت لا حد له ولا نهاية .» مي زيادة

  • في حال كنت ناوي تترك طفلك يصادق الذكاء الاصطناعي.

  • ليه لازم ما تسلف ملحك؟

  • صبحكم الله بالخير


نشرةأها
نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+190 متابع في آخر 7 أيام