جاء العيد وصار وقت التعزيل 📦🪣
زائد: الموهبة تنضج على صرير الجنادب 🦗


عيدكم سعيد ومبارك، وتقبَّل الله منكم ومنَّا صالح الأعمال. 🤲🏻🌙
اليوم عددنا الأخير من شهر رمضان المبارك، وسنلقاك ان شاء الله صباح أول أحد بعد العيد، في السادس من أبريل.
اليوم عددنا رائق وخالٍ تمامًا من سيرة الذكاء الاصطناعي😏. نتناول تعزيل فوضى الدماغ والمكتب بالتوازي، ونتأمل تأخُّر حصاد المواهب، ونشاركك لمحاتنا المفضلة من الويب.📬

جاء العيد وصار وقت التعزيل 📦🪣
الأسبوع الأخير من رمضان كان تجسيدًا لفوضى المهام التي أعيشها في الفترة الأخيرة. أوضح دلائلها أني أعددت ثلاثة أعداد من نشرة أها! بأكملها هذا الأسبوع، بتدوينتها الرئيسة والفقرات الجانبية وتسجيل المقالة صوتيًّا، لأني لم أحسب مسبقًا توزيع تواريخ تسليم الكتّاب الآخرين تدويناتهم (مع الوضع في الحسبان أنَّ الكتّاب يُرهقون آخر أسبوع من رمضان)، ولم أوزّع المهام على الفريق كما يجب منذ البداية بحيث لا أصل إلى النقطة حيث أنا الآن:
أحاول العمل وأنا مرهقة، أستمع إلى أغنية «Anxiety» على وضعية التكرار، ومتى مللت منها أحوِّل إلى أغنية «حالك وحالي» من تتر مسلسل «ظلم المصطبة» على وضعية التكرار أيضًا.
ولا يحسِّن الوضع أني أعمل في مكتبي المنزلي والنافذة أمامي متسخة ومغبرة من آثار الأمطار الأخيرة، وطاولة المكتب «معجوقة» بالأغراض، وأكوام من الكتب والدفاتر تحيط بي من كل زاوية، وكراتين مسودات ترجماتي ورواياتي فوق بعضها البعض، وحمّامي معطَّل، ومعطف الفرو الصناعي لا يزال معلقًا منذ شهرين على ظهر كرسي المكتب حيث أجلس، والنمل بدأ يتسلل من شقوق الجدران الخشبية التي بدأت تتهتك بعد سبع سنوات من تركيب الغرفة.
لا تسئ فهمي، المكان نظيف. فكل ليلة قبل مغادرتي إياه أكنس الأرضية وأمسح طاولة المكتب بالديتول حيث أرفع الأغراض عن الطاولة ثم أعيدها هي نفسها بعد المسح (حتى ورقة الملاحظات الصفراء أعيدها رغم انتهاء صلاحية الاستفادة مما كتب عليها)، وأخيرًا أبدّل أكياس المهملات بأكياس جديدة. ما أشير إليه هنا هو الفوضى المتأتية عن تراكم الأغراض وتأجيل الصيانة، أي بعبارة أوضح: أحتاج إلى التعزيل، لأنَّ وضع مكتبي الحالي يزيد إحساسي بالاختناق والعجز.
وأجل، ثمة علاقة بين فوضى الدماغ وفوضى المكان.
إذ بمناسبة التعزيل الربيعي، خصصت نشرة أكسيوس «Finish Line» أربعة أعداد منذ الحادي والعشرين من مارس لفضائل تعزيل المكتب على الصحة العقلية. وتنطلق الأعداد من فرضيَّة أنَّ فوضى المكان حيث نعمل تنتقل بعدوى الفوضى إلى الدماغ، وهذه العدوى تتجلَّى في تباطؤ العمل وتشتت التركيز ورفع منسوب القلق، وتوحي إليك بأنك لا تسيطر على زمام الأمور.
لكن لديّ نظرية معاكسة، أنَّ فوضى الدماغ تنتقل بعدواها إلى المكان حيث نعمل. المهام تتراكم يوميًّا من كل حدب وصوب، الدخول إلى صندوق البريد (البريد المهني والشخصي) تحوَّل إلى كابوس حقيقي تتراكم فيه الرسائل التي تحتاج إلى رد وما أفتأ أؤجل الرد لأنَّ لديّ أولويات أخرى (والحال نفسه مع رسائل الواتساب). كذلك فقد ماطلت في تقديم الإجازة السنوية المطلوبة لترميم جدران دماغي وصيانته.
وكل طريقة من طرق إدارة الوقت والتنظيم التي حاولتها لا تنفع معي، لأنَّ تلك الطرق أشبه بتنظيفي اليومي للمكتب المنزلي: علاج سطحي لا يمس المشكلة الأكبر ألا وهي التراكم. والحل مع التراكم هنا أيضًا هو التعزيل وليس التنظيف.
الوضع بالضبط كما يقول أوليفر بركمان في كتابه «أربعة آلاف أسبوع» (Four Thousand Weeks):
«المشكلة في محاولتك فسح وقتٍ لكل شيء تراه مهمًّا أنك أبدًا لن تجد الوقت الكافي. وليس السبب أنك لم تجد الحيلة الصحيحة من حيل إدارة الوقت والتنظيم أو أنك لم تبذل الجهد المطلوب، أو لأنَّ الحل يكمن في استيقاظك أبكر بساعة. بل يعود السبب إلى انطلاقك من فرضية خاطئة: أنَّ بإمكانك فعلًا السيطرة على زمام الأمور وتنفيذ كافة مهامك إذا عملت وقتًا أطول. بينما المشكلة ليست في الوقت، بل في كمية المهام.»
فيما يخص تعزيل مكتبي المنزلي، فقد زارني نهار اليوم مهندس صيانة واتفقنا على تجديد الحمام وسد شقوق الجدران، وسيبدأ العمل ثالث يوم العيد. كما اتفقت مع فريق تنظيف شامل من خلال تطبيق خدمات التنظيف المنزلية لتنظيف المكتب بكل ما فيه وترتيب الأغراض، وسيشمل التنظيف السقف والجدران الداخلية والخارجية. وطلبت خدمة المصبغة وسيأتي المندوب بعد ساعة لاستلام معطف الفرو، ورميت ورقة الملاحظات الصفراء في سلة المهملات، وسأجمع مسوداتي في أقل عدد ممكن من الكراتين بدل توزيعها كل رواية في كرتون، وسأنقل الكتب والدفاتر الفائضة خارجًا.
أما تعزيل دماغي سيتطلب مني توزيع المهام المتكدسة ما بين التفويض والإغلاق والاعتذار، وترتيب عمل الفريق ضمن آلية توزّع الجهد على النحو الصحيح، ومعالجة الشقوق في عجلة العمل.
ما أحتاج إليه هو تقنين المساحة التي يستهلكها العمل في حياتي ويومي ما بين الوظيفة والترجمة، حتى نشرتي البريدية الشخصية لن تكون أسبوعية بل نصف شهرية.
ومهمة التعزيل الربيعي هذه لن تساعدني فحسب على استعادة زمام السيطرة على الأمور في العمل، بل ستهبني وقتًا أعيش فيه فوضى خلَّاقة من التجارب الحياتية خارج مكتبي المنزلي.
خيمة السكينة🏕️

الموهبة تنضج على صرير الجنادب 🦗
إذا تابعت المسلسل اللبناني «بالدم»، فعلى الأغلب أَسَرتك شخصية «عدلا» التي أدتها سينتيا كرم بإتقان مبهر، وربما انسلَّت دمعة وأنت تصغي إلى أغنيتها «نملة صغيرة» التي رافقت نهايتها المأساوية. 🎈 🐜
رافق نجاح سينتيا تغريدات كثيرة تتساءل: لماذا تطلَّب الأمر أكثر من عشرين عامًا منذ ظهورها في ستار أكاديمي في عام 2003 حتى تحصد هذا النجاح وتظهر موهبتها؟ لكن السؤال الأهم هو لماذا لم تيأس سينتيا طيلة الأعوام العشرين الماضية، كيف صبرت كل هذا الوقت على تأخُّر موسم الحصاد؟
هذا التساؤل حفَّزني للعودة إلى مقال قرأته منذ مدة طويلة للكاتب لويس هايد. المقال بعنوان «ما الذي سمعه ثورو في أغنية الجنادب» (What Thoreau Heard in the Song of the Crickets). إذ لاحظ هايد أنَّ فيلسوف القرن التاسع عشر، ديفيد هنري ثورو، دوَّن الكثير عن صرير الجنادب التي ظلَّ يسمعها على مدى سنوات إقامته في معتزله في الطبيعة «والدن».
وفي هذه التأملات، ربط ثورو بين صرير الجنادب ومفهوم الوقت. فالجنادب تعلن بصريرها تبدُّل المواسم؛ تعلن في أغنيتها أنَّ موسمًا انقضى من عمرنا فتذكّرنا بمحدودية وجودنا على هذه الحياة. وفي الآن ذاته، في إعلانها الانتقال إلى موسم جديد، تبشّرنا أنَّ فسحةً من الوقت لا تزال أمامنا.
وأغنية الجنادب هذه تجسّد روح صاحب الموهبة، إذ يرثي انقضاء موسم دون حصاد، لكن يستقبل الموسم الجديد بأمل، وفي غضون ذلك لا ييأس من العمل ومحاولاته النضوج من خلال عمله وتجاربه. مثلما يقول لويس هايد:
«العقلانية تعني أنَّك متى تحرَّرت من عجلة مرور المواسم، ستحظى بكل الوقت المتاح لكي تنهي عملك، لكي تدع موهبتك تنضج.»
في بدايات كتاب «والدن»، دوَّن ثورو مشاعره لدى سماعه صرير الجنادب، وإحساسه بنذير مرور الوقت عبثًا، مدوِّنًا: «ماذا فعلنا بموهبتنا؟». سيتطلب الأمر تسع سنوات حتى ينهي ثورو كتابه، على سبع مسوّدات، تغيّر خلالها النذير في صرير الجنادب إلى أغنية أمل، مدوِّنًا: «إن كان مغيب الشمس يذكّرنا بالتعجُّل قبل انقضاء اليوم، فأغنية الجنادب تطمئننا ألا بأس إن تمهَّلنا وأخذنا وقتنا.»
فإن كنت موهوبًا وتخشى أنَّ موسم حصادك قد فات، اصغِ إلى صرير الجنادب. 🌾🦗
🧶إعداد
إيمان أسعد
لمحات من الويب
«لا أكثرت كيف يراني الناس بقدر ما أكترث بكيف أرى أنا نفسي.» ميشيل دي مونتين
المصممة التي أسَّست خطوط وأيقونات أبل.
من صندوق ذكريات أشرف فقيه للجين زد.
لعبة جِد قرينك الفنّي لصورتك السلفي (لعبة من قوقل للفن والثقافة).
دور مهندسة الإضاءة في مشهد ختام الحلقة الأخيرة من «سيفيرينس».
نطِّي نطَّة يا قطقوطة!
قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀
ما أهمية شكل المكتب الذي تعمل عليه؟ لا يهم كيف يبدو، بل كيف توظّفه ليخدمك وتنجز عملك بإتقان.
هل أنت موهوب؟ لا تستبعد أن تكون موهبتك في شيء ظننت يومًا أنه لا يشبهك


نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.