توارث الملابس ضمن العائلة خيرٌ من إعادة تدويرها 🧳
زائد: القطط الروبوتيَّة تعمل في المطاعم! 😽




توارث الملابس ضمن العائلة خيرٌ من إعادة تدويرها
عندما زارتني أمي آخر مرة أحضرت لي معها فستانًا -لا يقل عمره عن خمسين سنة- سُكّريّ اللون، متوسط الطول، مطرز تطريزًا فلسطينيًا بلونٍ أحمر قانٍ. ولهذا الفستان تاريخ، فقد خاطته جدتي وطرزته عندما كانت حاملًا ببكرها -رحمهما الله- ولبِستْه خلال ذلك الحمل، ثم لبسته أمي وهي حامل بي وأنا بكرُها، وأحضرته أمي لألبسَه وأنا حاملٌ ببكري.
هذه العادة -الحفاظ على الثياب وتدويرها بين الأجيال- عادة متجذرة في عائلتنا، فكثيرًا ما كانت جدتي تفتح حقائب مملؤة بالثياب التي تناسب مختلف الأعمار وتخرج منها ما يناسبنا وهي تقول: «ما بِيلْبِس تيابنا إلا احْبابنا»، ثم تخبرنا قصص هذه الثياب؛ لمن كانت، مَن خاطها، أو مِن أين شروها، ومتى؟ ومتى وأين هاتان طريقهما طويل؛ فلطالما لبِستُ ثيابا أكبر مني عمرًا، وزارت دولًا أنا ما وطأتُها.
انتقلت هذه العادة من جدتي إلينا، إذ احتفظت أمي وخالاتي دائمًا بملابس أطفالهن وتداولْنها بينهن، وبقينا نحن محافظاتٍ على هذه العادة رغم تناثرنا في البلاد. فتجد الواحدة منا -إذا نقص وزنها أو زاد- تخيّرَت من ثيابها أحسنها، لترسلها إلى من تظنها مناسبة لها من بنات العائلة، وإن تباعدت المسافات.
الحقيقة أنّ لهذه العادة عندنا أسبابٌ عديدة، أهمها أنّ من هذه الثياب ما خاطها أو طرزها أحد أفراد العائلة، وهو ما يحمِّلها إرثًا معنويًّا يعزّ معه التفريط بها، وأما الثياب المشتراة فكانت أمي حريصةً دائمًا على اقتنائها عالية الجودة ليطول عمرها وتحتفظ برونقها، فيستفيد منها جيل بعد آخر، خاصة ثياب الأطفال.
المثير للتفكّر في الأمر أنّ أحد أهم أسباب حفاظنا على هذه العادة استمتاعُنا بهذه الثياب المتوارثة أكثر من استمتاعنا بالثياب الجديدة التي نشتريها. وربما يرجع ذلك إلى تدنّي جودة الثياب في جلّ العلامات التجارية الشائعة مقارنةً بتلك القديمة. مما يدفع إلى استهلاك الثياب الجديدة واستبدالها بوتيرة أعلى.
ووتيرة الاستهلاك العالية للثياب لها مضار كبيرة على البيئة لأنها تُخلِّف كميات هائلة من النفايات. فوفق مقال في نيويورك تايمز بعنوان «هل سنتمكن يومًا من إعادة تدوير ثيابنا كما نفعل مع علبة الألمنيوم» (Will We Ever Be Able to Recycle Our Clothes Like an Aluminum Can) فإن أغلب ثيابنا تنتهي في النفايات. حتى تلك التي أرسلت إلى الجمعيات الخيرية، وذلك بسبب وفرة ما يصلها مما دعاها إلى الكف عن إصلاح الثياب، وإرسال بعضها للبيع في الدول النامية. ومع ذلك فإن 40% مما يُرسَل إلى هذه الدول يعد قمامة تصل أكوامًا إلى الشواطئ والصحاري ومكبات القمامة في دول إفريقيا وأمريكا الجنوبية.
كل هذا دفع عالم الأزياء إلى محاولة إعادة تدوير الثياب وأقمشتها وإعادة تصنيع ثياب جديدة منها. لكن رغم كل المبادرات والتشجيع الحكومي والمصانع التي تسعى إلى ذلك فإن عددًا قليلًا جدًا من نفايات النسيج يعاد تدويره لتصبح ثيابًا جديدةً، وذلك للتعقيدات الكبيرة لعملية التدوير. حتى إن المقال ذكر أن 1% فقط من نفايات النسيج هذه يعاد تدويرها في أوربا الغربية.
وخُتم المقال بنتيجتين؛ الأولى أنّ البشرية ستصل إلى سنة 2050 دون أن يكون لديها بنيةٌ حقيقية لإعادة تدوير النسيج إلى نسيج يمكن استخدامه في صناعة الثياب. أما النتيجة الثانية فهي أنّ حلّ هذه الإشكالية يكمن في إعادة استخدام هذه الملابس وإصلاحها كما كان يفعل الناس في القرن التاسع عشر.
لا أستطيع أن أقول إن عائلتي تحاول أن تنقذ الكوكب منذ أجيال؛ فتبادل الثياب عندنا له بُعْد عاطفي ونفسي، فقصص هذه الثياب تشكل روابط بيننا، وقد وجدت من يشاركنا هذه النظرة. ففي تدوينة بعنوان «مشاركة الملابس مع العائلة» (Sharing Clothes in the Family) تتحدث الكاتبة رونيت باراس عن تجربتها في مشاركة ثيابها مع أخواتها، وكيف كانت هذه المشاركة متعلقة بكونهن صديقات مقربات. وترى أنّ هذا الفعل كان رمزًا للحب والرابطة التي جمعتهن. فنقلَت هذه التجربة الإيجابية إلى عائلتها الصغيرة، وحثّتْهم على مشاركة كل ما يمكن مشاركته.
وفي تدوينة أخرى بعنوان «كيف نبقى على تواصل مع العائلة من خلال تبادل ملابس الأطفال» (How We Stay Connected to Family With Hand-me-Down Kids' Clothes) تتحدث الكاتبة آمي ربل عن تجربتها في تدوير ملابس أطفالها وملابس أطفال أخيها بينهم. إذ إنها قبل أن تصبح أمًا كانت ترى جدوى ذلك من الناحية الاقتصادية فقط، فالأطفال يكبرون سريعًا ويحتاجون إلى تبديل ثيابهم قبل أن تبلى.
ولكنها بعد الأمومة أصبحت ترى هذه الثياب مشبّعة بالذكريات. لذلك تشاركها مع بنات أخيها رغم بعد المسافة بينهما، فتنتقل الملابس من ابنتها الكبرى إلى ابنة أخيها ثم تعود مرة أخرى إلى ابنتها الصغرى وهكذا دواليك. وتبذل آمي جهدًا في رتق القطْع وتنظيف البُقَع، لتحكي قصة عن عائلتها ولتُنمّي الروابط بين بنات الخال.
أما أنا فدومًا ما ساورني حزنٌ خفيف لأني لا أملك إرثًا عائليًّا متناقلًا بين الأجيال، مثل خاتم انتقل من أم جدتي إليها ثم إلى أمي إلى أنْ وصلني. لكني عندما جاءني ذلك الفستان السُّكْريّ ذو التطريز الأحمر تنبهت إلى أن خزانتي مليئة بإراثٍ عائلية، وأننا رغم تقدم الأجيال وتباعد المسافات ما زلنا في نطاق العائلة الممتدة حريصين وقادرين على بناء روابطنا وصيانتها.
خبر وأكثر 📰🔎

آلاف القطط الروبوتيَّة تعمل في المطاعم!
أكثر من ألفي مطعم في اليابان يعتمد على روبوتات في خدمة الزبائن، وهذه السلسلة من الروبوتات تأخذ رؤوسها هيئة أذني القطة ووجهها، في أشكال شبيهة بقطط أفلام الأنمي «الكيوت». وهي تشبه القطط أيضًا في أنها ليست بحاجة إلى إشراف مباشر، وتحسن التصرف بهدوء ووداعة حول زملائها البشر والزبائن. 😽🍛
من المعروف أنَّ اليابان تعاني نقصًا حادًّا في عدد المواليد، ولهذا النقص تأثيرٌ حاد في اقتصادها، إذ من المتوقع أن تعاني في عام 2040 عجزًا في العمالة يصل إلى 11 مليون. وتزدهر سوق العمالة الروبوتيَّة في اليابان، لا سيما في القطاعات الخدميَّة مثل المطاعم ودور رعاية كبار السن والتمريض، إذ من المتوقع أن تصل قيمتها نحو 2.7 مليار دولار في عام 2030. 💰🤖
مع اعتماد اليابان على إعادة توظيف المتقاعدين ممن يزيد عمرهم عن السبعين لتعويض العجز، أثبتت الروبوتات أنها عنصر مساعد في تأهيل كبار السن للعمل ودعمهم في أداء وظائفهم. ففي المطاعم التي توظف الروبوتات، غالبًا النادل البشري يكون من كبار السن. كذلك، تساعد الروبوتات العمالة الأجنبية على التواصل وأداء مهامها بصورةٍ أسلس إلى أن تتعلَّم العمالة اللغة اليابانية. 🧓🏻💬
صحيح يحلو لنا أن ننظر إلى كل ما يحدث في اليابان على أنه يحدث في كوكب آخر غير الأرض، لكن ظاهرة تفوق عدد كبار السن على المواليد بدأت تتجلى في مختلف الدول حول العالم. وسبق أن أشرنا في تدوينة سابقة في أها! أننا مقبلون على أول انكماش للبشرية بعد عقود قليلة من الزمن، ووجود الروبوتات إلى جانبنا لن يعود من نسج الخيال العلمي. 🌏🤏🏻
اقتباس اليوم 💬
«القائد الذي لا يتحمَّل النقد قائدٌ غير كفؤ. فالقائد الضعيف يُخرِس النقد لكي يحمي أناه، ويرى في مخالفة آرائه تهديدًا لسلطته. أما القائد القوي يُخرِس أناه لكي يتعلَّم من النقد، ويرى في الاستماع إلى الآراء المخالفة فرصةً للتعلُّم والتطوُّر.» آدم قرانت
قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀
تمسَّك بالملابس التي تحبّك، تتكلّم عنك وتتكلّم إليك، حتى إن لم نفهم كل معانيها. لهذا علينا أن نكون أكثر وعيًا بتأثيرها وعلاقتنا بها.
من أكثر المخاوف المقترنة بتفشي الروبوتات استيلاءُ تلك الاختراعات على وظائفنا. لينتهي بنا الأمر في بطالة مرعبة.


نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.