تمسَّك بالملابس التي تحبّك

الملابس التي نرتديها مثل اللغة، تتكلّم عنك وتتكلّم إليك، حتى إن لم نفهم كل معانيها. لهذا علينا أن نكون أكثر وعيًا بتأثيرها وعلاقتنا بها.

لدى انتظاري في محطة المترو، أتأمل الحشد الكبير من الناس من مختلف الأجناس والثقافات، وأكثر ما يشدني ذلك التباين في طريقة اللباس. فأتساءل: ما الذي تخبره ملابسنا عنّا للآخرين؟ وما تأثير ما نرتديه على أفكارنا ومشاعرنا؟

علاقتي بالموضة لم تكن دائمًا جيدة، ولم أعتبرها يومًا من أولوياتي، لكني وجدت نفسي محاطة بكل تلك الأسئلة حول علاقتنا بما نرتديه من ملابس. فمثلًا، من المرجَّح أن ترتدي المرأة الجينز إذا كانت مكتئبة، ويثق المريض بالطبيب أكثر إذا كان يرتدي معطفًا أبيض

يمكن للملابس أن تكون وسيط تواصل، وفي ثوانٍ تشكّل الانطباع الأوّل عنا. ففي تجربة مشتركة بين دراستين في بريطانيا وتركيا، قيّم 274 مشاركًا أربع صور لرجلٍ واحد، والتقييم كان من خمسة جوانب: الثقة، النجاح، الجدارة بالثقة، الراتب، والمرونة. جرى تصوير الرجل وهو يرتدي بدلة مفصّلة حسب الطلب، وبدلة أخرى عادية تختلف عن الأولى فقط في تفاصيل بسيطة.

شاهد المشاركون الصورتين لمدة خمس ثوانٍ كحد أقصى. وأظهرت النتيجة أنَّ المشاركين صنّفوا الرجل في البدلة المصممة حسب الطلب بشكل أكثر إيجابية في جميع الصفات، باستثناء صفة «الجدارة بالثقة» التي لم تتأثر بالاختلاف بين البدلتين. 

كذلك، يمكن للملابس أن تؤثر على مشاعرنا تجاه أنفسنا وكيف نقيّم ذاتنا. ففي كتاب «انتبه إلى ما ترتديه: علم نفس الموضة» (Mind What You Wear: The Psychology of Fashion) بحثت البروفيسورة كارين باين عن تأثير الملابس على حالتنا النفسيّة والذهنيّة. ووفقًا لتجربة أجرتها، طلبت من الطلاب ارتداء قميص سوبرمان، إذ أرادت معرفة ما إذا كانت الملابس البطولية ستغير ذهنيّة الطلاب. 

وفعلًا، وجدت أنَّ الطلاب الذين يرتدون قمصانًا عليها شعار سوبرمان اختبروا حالة نفسيّة أفضل: «حين ارتدى الطلّاب قميص سوبرمان قيّموا أنفسهم بأنهم أكثر إثارة للإعجاب من أقرانهم. وحين سئل الطلبة عن وزن الأثقال التي يمكن أن يحملوها، أعطى الطلبة الذين يرتدون قميص سوبرمان تقديرًا أعلى للوزن، وتركوا انطباعًا بأنهم أقوى جسديًّا من الآخرين.»

وجدت نفسي أتفحص قطع الملابس لديّ، ووقعت عيني على معطفي باللون الزيتي. ارتديت ذلك المعطف لمرات عديدة في فصل الخريف والشتاء. ولا أعلم سر الشعور الجيد الذي أشعر به لدى ارتدائي إياه، ربما يذكّرني بلون الطبيعة الخضراء مما يمنحني شعورًا جيدًا تجاه نفسي. 

فالملابس التي نرتديها مثل اللغة، تتكلّم عنك وتتكلّم إليك، حتى إن لم نفهم كل معانيها. لهذا علينا أن نكون أكثر وعيًا بتأثيرها وعلاقتنا بها. وإن أردت نصيحتي: تمسّك بالملابس التي تحبّك، وتساعدك على أن تحبّ نفسك متى ارتديتها. 

الإنسانرعاية الذاتملابسالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+340 متابع في آخر 7 أيام