زمن العطالة الروبوتية
تنبئنا الأخبار بحلول الروبوتات في الكثير من الوظائف، ما يهدد بمستقبل تحكمه البطالة البشرية. لكن كيف سيستفيد السوق من اختفائنا كمستهلكين؟
من أكثر المخاوف المقترنة بتفشي الروبوتات والخوارزميات الذكية استيلاءُ تلك الاختراعات على وظائفنا. لينتهي بنا الأمر في بطالة مرعبة في حين تستأثر الآلات الذكية بكل الوظائف من العتالة حتى الطب والمحاماة. إذ تشير بعض الإحصاءات إلى أنَّ التطبيقات الذكية قد تسحب 20 مليون وظيفة من السوق بحلول العام 2030.
ذلك التصور المخيف مبني على الجدوى الاقتصادية، حيث أن الروبوتات تعمل ببلاش وبكفاءة أعلى من البشر. لكنه تصوُّر يحمل بذرة موته بداخله. فإذا صار معظم البشر عاطلين، فمن أين سيجنون المال لينفقوا على شراء السلع والخدمات التي ستوفرها الروبوتات؟
دعنا لا ننسى أن تلك الروبوتات والخوارزميات الذكية لا تعمل لحسابها الخاص -نرجو ذلك حقًا- لكنها تزدهر بفضل الشركات الكبرى المتحكمة في الاقتصاد العالمي، والتي يهمها أن تقلل من نفقاتها وتزيد إنتاجها لتضاعف في النهاية أرباحها. مجددًا، هذا الإنتاج بحاجة لمن يستهلكه. يعني يجب أن تستمر دورة المال: جني ثم إنفاق وهكذا، ليستمر التبادل التجاري قائمًا.
بالمحصلة، نجد أن البشر لا يزالون مطلوبين لاستمرارية السوق. وتفشي الروبوتات العاملة لن يقود إلى مؤامرة لتقليل تعداد البشر. لكنه سيؤدي بالتأكيد لتقليل عدد الوظائف المطروحة كأحد أبرز تحديات الثورة الصناعية الرابعة.
ولعلنا نشهد نظامًا مستقبليًا يُعطَى فيه الفرد أموالًا بدون مقابل ولا وظيفة، شريطة أن ينفقها على منتجات شركات بعينها. وكلما أنفقتَ أكثر تُعطَى أكثر، وإلا فإنك ستُحرم من الأساسيات. يا له من تخيل أسود لمستقبل تحكمنا فيه الشركات، نحن والروبوتات الذكية، وتعطينا جنسياتها عوضًا عن الأوطان.
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.