لماذا لم نعد نطلب من جيراننا حبتي ليمون؟ 🍋🛵
زائد: هل لا بد للفن أن يحمل رسالة أو يعبّر عن شعور؟
مع دخولنا العام الثالث على موَّال «جي بي تي» وسيطرة الذكاء الاصطناعي على الوظائف واختطافها، تسري شائعات عن إعلان قريب من «أوبن إيه آي» بمدِّ سوق العمل بعملاء خارقين من الذكاء الاصطناعي من حملة شهادة الدكتوراه.
لكن، كما الحال مع الموظفين البشر، ما تريده الشركات من عملاء الذكاء الاصطناعي ليس الشهادة العلمية التي يحملها، بل إلى أي حد ممكن أن يعمل دون توجيه مستمر وتصحيح وترقيع من المدير المباشر، والثقة بأنَّ هذا العميل لن يخرب الدنيا في غفلة!
لأن هذه تجربة العمل الحالية مع عملاء الذكاء الاصطناعي من حملة شهادة البكالوريوس.😑
دعوة للمساعدة 👋
ستسافر قريبًا؟ أو خطّطت لوجهتك السياحية القادمة؟
هذا الاستبيان القصير موجّه لك.
يحتاج إكماله أقل من 45 ثانية من وقتك.
لماذا لم نعد نطلب من جيراننا حبتي ليمون؟
كنت أُحضّر العشاء بينما أتكلم مع أمي بالهاتف، واحتجت إلى حبتي ليمون، فقلت في لحظة حماسة، «سأطلب من جيراني ليمونتين». فأجابتني أمي، «اطلبي من أحد تطبيقات التوصيل ولا تزعجي جيرانك، فما عاد هذا مقبولًا.»
أثارت إجابتها في نفسي تساؤلات عدّة عن علاقتي بجيراني، والتغيرات التي طرأت على هذه العلاقة عبر الزمان والمكان.
ففي اللحظة التي فكرت فيها أن أطلب ليمونًا من الجيران كنت أشعر بالحنين إلى الطفلة التي تدق باب جيرانها في الطابق الأسفل. إذ كان مألوفًا في منتصف التسعينيات في الرياض أن نطلب من الجيران مكوّنًا من الطبخة التي على وشك أن تجهز. وكانت الأمهات تقيس مدى تحمل بناتها المسؤولية بدقة أدائها هذه المهمة، وأنا كنت دائمًا أطلب من الجيران النوع والعدد الصحيحين، على خلاف ابنة جيراننا التي يمكن أن تطلب الليمون بدلًا من البيض.
في الحقيقة ما عادت علاقاتنا بالجيران على حالها، فأختي التي ولدت في بداية الألفية الثانية لا تملك أيَّ ذكريات عن الجيران. ففي ذاك الوقت انتقلنا إلى فيلا، وبهذا الانتقال تحولت طبيعة علاقاتنا بالجيران، حدَّ أني سكنت ذاك البيت ثلاث عشرة سنة ما عرفت خلالها اسم ابنة الجيران التي شاركتها الطريق إلى المدرسة.
قرأت في مكانٍ ما أن اتساع المساحات التي يسكنها الناس تؤثر سلبًا في قوة علاقاتهم، وقنِعتُ بهذا التفسير. وافترضت أن المساحات في العمائر السكنية أدعى للألفة بين سكان العمارة الواحدة من المساحات بين سكان الفلل في شارع واحد.
في عام 2018 عدت للسكن في عمارة في اسطنبول، حيث تشاركنا الطابق مع جارتين حرصتا على زيارة جدتي التي لا تعرف التركيّة، وتصرّان على تبادل أطراف الحديث معها رغم جهلهما بالعربية. أقامتا علاقة جيرة مع جدتي كانت في نظري قادمة من التسعينيات؛ بتبادلهما أطباق الطعام معنا وحرصهما على زيارة صباحية ومشاركتنا فنجان القهوة.
عندما انتقلت إلى إسطنبول انبهرت بكثير من سماتها، أبرزها في نظري أنها متطورة وحديثة في جوانب ومتمسكة بأصالتها في جوانب أخرى، كبيرة ومزدحمة ومترامية الأطراف، ومع ذلك كثير من سكانها يتصفون بصفات أهل القرى الصغيرة. فقد تجلس في محطة بانتظار الحافلة، وتسألك الخالة المنتظرة بجانبك من أي بلاد جئت، وأين تسكن، وكم عدد أخوتك، وقد تعرض عليك أن تزاحمها في كرسي الحافلة بدل بقائك واقفًا.
ولكن المدينة تغيرت كثيرًا في السنوات الماضية؛ ما عادت الخالة بجانبك في المحطة تتطفل عليك بأسئلة شخصية، وما عاد الشباب في الحافلة يقفون ليجلس مكانهم من يكبرهم، وأصبحت أسكن البناية وأنتقل منها ولا أعرف اسم الجار الذي يسكن أمامي.
لا يمكن حصر أسباب هذه الظاهرة في سبب أو سببين، ولكن ما الذي جعل الجيران في هذه المدينة، وفي نطاق زمني قصير نسبيًا، ينتقلون من زيارات وتبادل أطراف الحديث دون لغة مشتركة إلى جيران يجهلون اسم من يسكن في الشقة أمامهم؟
أعادني هذا التفكير عن العلاقة بين الجيران إلى ما ذكره زيقمونت باومان عن المدن الحديثة والعلاقات بين سكانها في فصل عنْوَنَه بـ«معًا… ولكن فُرادى» من كتابه «الأزمنة السائلة». ذكر أن من أهمّ سمات المدن الحديثة أنها مكانٌ يسكن فيه الغرباء ويتحركون في مساحات قريبة جدًا، وبذلك يصبح هذا الحضور القريب للغريب دافعًا دائمًا للقلق والخوف وعدم الألفة. وإذا نظرنا إلى إسطنبول من هذه الزاوية فكل من فيها غريب. فهي نسيج من غرباء جاؤوا من مدن تركيّة مختلفة، أو من دول أخرى، لا يجمعهم في كثير من الأحيان حتى اللغة.
غير أنَّ هذا التفسير لم يجب سؤالي. فاسطنبول موطن الغرباء منذ عقود. ولكن باومان ذكر شيئًا آخر مثيرًا للاهتمام، إذ أشار إشارةً خفيفةً إلى تمتع بعض الطبقات في هذه المدن بالفضاء الإلكتروني وتطبيقاته إذا أرادت الابتعاد عن الفضاء المادي. هذه الإشارة أعادتني إلى بداية القصة، عندما أردت أن أطلب الليمون من الجيران، وأخبرتني أمي أن أستخدم تطبيقات التوصيل.
في الحقيقة كنت معتادة على الطلب من خلال تطبيقات التوصيل قبل قدومي إلى إسطنبول. وسألت لدى انتقالي إليها عن تطبيقات مشابهة لكني لم أجد إجابة؛ لأنَّ عموم الناس حينها لم يستخدموا مثل هذه التطبيقات. وبحثت بإصرار إلى أن وجدت تطبيقين كان التعامل معهما صعبًا بسبب اشتراط الدفع بالفيزا ومحدودية خدماتهما. وفي تلك الفترة كنت أتواصل مع الجارة، وبائع الشطائر والسميت القريب من بيتي، و الباريستا في مقهاي المفضل بلغة تركيّة ركيكة جدًا.
لحسن الحظ -أو لسوئه- زاد عدد هذه التطبيقات كثيرًا منذ عام 2020، وزادت إعلاناتها وخدماتها وسهُل استعمالها، وبطبيعة الحال زاد عدد مستخدميها. أولها تطبيق «يميكسبيتي» (Yemeksepeti) الذي بدأ في 2001، وكان مختصًا في توصيل الطلبات من المطاعم فقط. احتاج التطبيق إلى ست سنوات تقريبًا ليصل إلى عشرة آلاف طلب في اليوم الواحد، ثم استحوذت عليه ديلفري هيرو في 2017، وتوسعت خدماته ليبدأ خدمة توصيل البقالة في 2019.
حين ضرب وباء كورونا تغير سلوك المدينة، وأصبح لكل سلسلة متاجر تطبيق خاص بها غير التطبيقات العامة الأخرى، واعتمدنا على هذه التطبيقات بالكليّة. وأصبح تطبيق «يميكسبيتي» يخدم أكثر من 30 مليون مستخدم لم يعودوا بحاجة إلى طلب شيء من جيرانهم.
ثمة أسباب كثيرة تحدد طبيعة علاقتنا بجيراننا، ولكن على امتداد العصور كان ثمة نوع من العلاقة النفعية تربط بين سكان المكان الواحد، كذلك نوع من التشابه والألفة الذي يمتاز به سكان المدن الصغيرة.
ولكن عندما كبرت المدن واتسمت بالحداثة، أصبحت سمتها الأساسية ذاك الغريب الذي يشاركك مساحتك القريبة وفقًا لزيقمونت باومان. ولكن بقيت النفعية دافعًا من دوافع التفاعل بين الجيران إلى أن قلّ احتياجنا لهذا التفاعل بوجود بدائل أخرى مثل تطبيقات التوصيل. فأصبح طلب الليمون من خلالها أسهل من طلبه من جارة يفصل بين بابي وبابها متر ونصف.
شبَّاك منوِّر 🖼️
نتفق على أساس الفن في تعريفنا إياه، بينما تختلف الآراء حول تفاصيله: هل لا بد أن يحمل رسالة أو يعبّر عن شعور؟ أم علينا الاكتفاء بالمهارات والجمال؟ بالنسبة إليّ، الاتصال بالعمل وفهمه، أو الشعور به دون حاجة إلى معرفة القصة أو قراءة شرح العمل، علامةٌ هامة لإعجابي به. لكني بدأت أدرك أنَّ الشروحات تضيف بعدًا أعمق للعمل الفني وتقديرًا أكبر تجاهه. 🔍
أحب تأمل الأعمال الفنية التي لا يكتفي الفنان بهيئتها الأولية. فلا يلتقط صورة وحسب، بل يرسم عليها، أو يجرب تقنية تنتهي بنتيجة غير متوقعة حتى لو لم تكن رائعة. وهذا ما تفعله المصورة اليابانية يوكي أونوديرا. 💎🎨
بعد تخرُّج أونوديرا من كلية التصميم، عملت مصممة إكسسوارات لدى مصمم أزياء، لكنها لم تشعر بقيمة عملها التجاري، وعاشت حصارًا إبداعيًا سيَّرته صيحات الموضة المتغيرة. فقررت ترك مجال التصميم لكي تتعلم التصوير بنفسها، وكانت بداياتها في تصوير الشارع واكتشاف الأسلوب التجريدي. 📸🪞
لا تصوِّر يوكي صورًا معقدة، بل تحاول إيجاد التفافة ذكية أو مختلفة لمشاهد عادية. ففي أحد أعمالها المبكرة، حصلت على مجموعة ملابس مستعملة، وعلقتها على نافذة غرفتها وأسمت العمل «بورتريه ملابس مستعملة» (Portrait of Second-hand Clothes). فهدفها من الصور جعلنا نفكر بالأشخاص الغائبين الذين تخلّوا عن هذه الملابس لسببٍ أو لآخر. كذلك أضفى اختيارها الصور الأحادية وخلفية السماء الغائمة رثاءً للفقد الذي تمر به الملابس ومن تخَلّى عنها. 👚🎥
أما في عمل «كيف تصنع لؤلؤة» (How to Make a Pearl)، أدخلت يوكي لؤلؤة صغيرة إلى صندوق الكاميرا، ثم خرجت إلى الشارع لتصوّر مجموعة من الناس. في كل صورة، تظهر جماعات مختلفة فوقها كرة بيضاء غامضة تخفي جزءًا من الصورة، في دلالة على تَكوّن اللؤلؤة عند دخول جسم غريب للصدفة، وتعايش الصدفة مع الغريب حتى أنها تصنع منه جمالًا نفيسًا. في دلالة اللؤلؤة تساؤلٌ عن تحولاتنا كأشخاص في كل مرة نتعرف بها على جديد، أو نصطدم بفكرة طارئة، أو حتى تعرضنا للصدمة. 📷🦪
عملي المفضل للفنانة يحمل عنوان «الإصبع الحادي عشر» (Eleventh Finger). المجموعة صورٌ عشوائية لأشخاص عابرين في حياتهم وتحركاتهم اليومية التي لا يفكرون بها قبل الإقدام عليها، ثم تطبعها وتلصق عليها قصاصات تقصّها يدويًا لقطع دانتيلية بأشكال تجريدية، وأحيانًا بتفاصيل مستوحاة من الطبيعة والثقافات. 🚶🏻♂️🌿
في هذا العمل تُضفي يوكي على طبيعتنا الجادة حسًّا فكاهيًا، فتصبح لقطة امرأة غاضبة مشهدًا ظريفًا. كما تذكِّرنا الصور بتزايد العيون علينا، وتراجع خصوصيتنا يومًا بعد يوم. ومن هنا أتى اسم المجموعة، فهي تشير لإصبعها الذي يلتقط الصورة إضافة إلى أصابع الشخص الذي صوّرته. ☝🏻👁️
ما أحبه في هذا العمل إضفاؤها عنصرًا ملموسًا بعد الطباعة، بحيث لا تعود الصورة مجرد صورة على شاشة، بل يمكنك رؤية القماش والإحساس به. فقد سمحت يوكي لنفسها بالتلاعب بالصورة واللعب في التراكيب بعيدًا عن الجدّية التي يفرضها المشهد الفني على الفنان، وهذا برأيي أحد تعريفات الفن. ✂️🖼️
🧶 إعداد
شهد راشد
اقتباس اليوم 💬
لا أدري إن كنت سأظل دومًا أحب نفسي، لكن ما تعلمته من سنوات طويلة أني دومًا سأظل أسامح نفسي. فمن المهم لكل إنسانٍ منا أن يغفر لنفسه أخطاءها، لأنك ما دمت حيًّا سترتكب الأخطاء. ومتى تعلمت أن تنظر إلى أخطائك، ستسامح نفسك وتقول، "الآن أدركت خطأي، وسأحرص أن أكون إنسانًا أفضل من الذي ارتكب هذا الخطأ."
— مايا أنجلو
قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀
الكتابة اليدوية أنقذتني من سوء الخط والفهم السطحي، لكن ماذا عن جيل لم يعتمد في دراسته على الكتابة؟ ✍️
يسهّل الاعتماد على البيانات الرقمية إجراء التجارب دون المرور بصعوبات بيروقراطية وبحثيّة. 🐜📲
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.