أنت النملة في أبحاث التقنية 🐜📲
يسهّل الاعتماد على البيانات الرقمية إجراء التجارب دون المرور بصعوبات بيروقراطية وبحثيّة.
إذا كنت تنوي اليوم التذرُّع بعدم ردك على رسالة واتساب، بأنك كتبت رسالة رد فورًا لكن نسيت تبعثها، فقد حرمتك واتساب هذه الحجة. 🙃
مع التحديث الجديد، أي رسالة تكتبها ولا تبعثها ستظل محفوظة لديك على صيغة «مسودة»، يعني يسهل على الطرف الآخر أن يطلب منك أن تريه سكرين شوت من «الرسالة المنسية» حتى يصدقك. 🤨
أنت النملة في أبحاث التقنية
بعد عام ونصف على رعايتي قطة الشارع «نَم نَم» في فناء البيت، أنجبت خلالها تسع هررة في ثلاث ولادات (الولادة الأخيرة كانت في محترف الكتابة عندي، تحديدًا في حقيبتي الكبيرة)، والتسعة لقوا حتفهم دون أن يكمل أحدهم عامه الأول، وبنفسي دفنت عددًا منهم بحضور «نَم نَم» التي فورًا تواصل حياتها كأن لم يكن، ظلَّ يؤرقني السؤال: هل تحزن «نَم نَم» وتبكي أطفالها كما بكيتهم أنا؟
أشاركك هذه المقدمة حتى أبرر لك تحميلي الكتاب الصوتي «ادعاء الموت: كيف تفهم الحيوانات الموت» (Playing Possum: How Animals Understand Death) للفيلسوفة الإسبانية سوزانا مونسو، الباحثة في العقل الحيواني ونظامه الأخلاقي. واستهلَّت الكتاب بتجربة أجراها عدد من الباحثين على النمل، لمعرفة إن كان النمل يعي كيف يبدو الموت.
قبل كل شيء، عليك أن تعرف أنَّ النملة متى ماتت، يفرز جسدها مادة كيمائية تنتشر على مدى معين من محيطها، يشمها النمل الموجود في هذا المحيط فيأتي إليها ويحملها ويدفنها. وعليه قرَّر الباحثون إجراء هذه التجربة:
اختاروا نملةً حية ورشوا عليها المادة الكيميائية نفسها. الهدف معرفة إن كانت عملية الدفن لدى النمل استجابة فطرية لمحفز كيميائي، أم استجابة عقلية عاطفية. ما جرى أنَّ النمل استجاب للمادة الكيميائية، توجَّه نحو النملة وحملها رغمًا عنها، ورغم تبدي علامات الحياة عليها بوضوح، دفنها وهي حية.
لا يهمنا هنا الجانب الأخلاقي في تصرفات النمل، بل أخلاقية التصرف البشري: أولًا النملة لم تكن على علم أنها مشاركة في تجربة، ثانيًا النملة لم تمنح موافقتها على خضوعها للتجربة، ثالثًا تأثرت حياة النملة بالتجربة دون إدراك بأنها خاضت تجربة، ولربما ماتت وهي تلوم نفسها وتلوم عشيرتها دون إدراك وقوعها معهم ضحية تلاعب قوى أكبر منها.
قبل أن تقول «وأنا إيش دخلني في النملة؟» اعلم أنَّ وضعك لا يختلف عنها.
في مقال على دورية (nature) بعنوان «لماذا جميعنا فئران تجارب في العالم الرقميّ» (Why we are all lab rats in the digital world) يدخل الباحث تيم ويس في موضوع المقال مباشرةً دون مراوغة أو مقدمات شخصية عاطفية، ويقول من أول سطر:
«كلما دخلنا الإنترنت فثمة احتمال أننا جزءٌ من تجربة بحثية لا علم لنا بها البتة. إذ تقتفي المنصات الرقمية كل حركة يؤديها المستخدم، وكيف يتفاعل مع خصائص المنصات ومع منشورات الآخرين. وهذه الأبحاث التي تُجرَى علينا قد يكون لها تأثيرٌ واقعي بالغ فينا.»
وكيف تجرؤ تلك المنصات على إخضاعنا لتجارب رقمية دون علمنا؟ لأننا سمحنا لها بذلك لحظة توقيعنا على الشروط والأحكام! فالبيانات المهولة التي تجمعها شركات التقنية منجم ذهب للدراسات والأبحاث. إذ بينما تواجه المؤسسات الأكاديمية والجامعية البحثية صعوبات في إجراء تجارب على مشاركين، وضرورة نيل موافقتهم ومتابعة نتائج التجارب عليهم، وتخضع طيلة تلك المرحلة لرقابة قانونية وأخلاقية، يسهِّل الاعتماد على البيانات الرقمية إجراء التجارب دون المرور بكل تلك الصعوبات.
ويورد تيم ويس مثالًا على تجربة أجراها باحثون أكاديميون مع منصة لنكدإن حول تأثير المعارف العابرة في إيجاد المرء وظيفة جديدة. وفَّرت لنكدإن بطبيعة الحال فرصة ذهبية للوصول إلى أعداد مليونية من المشاركين بدل بضع مئات أو آلاف، وفي هذه التجربة تحديدًا مدَّت المنصة الباحثين ببيانات عشرين مليون مستخدم، وكيفية تفاعلهم مع خوارزمية التوصية «أناس قد تعرفهم» (People you May Know).
على مدى خمس سنوات من إجراء التجربة، عدَّلت لنكدإن عشوائيًّا خوارزمية المستخدمين الذين تتابعهم التجربة على أساس مدى بُعْد التوصية وقربها من المستخدم. بمعنى أنَّ الخوارزمية لم تكن ثابتة مع جميع مستخدمي لنكدإن على حدٍّ سواء.
ومن يدري، هل فقد أحد المستخدمين فرصة وظيفة جديدة بسبب هذا التلاعب، وهل نال أحدهم وظيفة جديدة بسبب هذا التلاعب؟ في كلتا الحالتين، أحدهم تغيرت حياته بسبب تجربة كان مشاركًا بها دون علمه.
ليس المستخدمون وحدهم من قد يقعون ضحية تلاعب شركات التقنية بالخوارزميات لأجل جمع البيانات المطلوبة، العلماء والباحثون الأكاديميون عرضة أيضًا. ويورد تيم ويس مثالًا على دورية «Science» التي اعترفت في سبتمبر أنَّ الدراسات التي نشرتها بخصوص الانقسام السياسي في أمريكا اعتمادًا على «تايم لاين» المستخدمين في فيسبوك تعرَّضت مصداقيتها للتشكيك، بعدما اكتشفت أنَّ فيسبوك غيَّرت الخوارزميات في أثناء فترة البحث والتجربة دون معرفة العلماء والباحثين المسؤولين عن الدراسات.
ربما مصيرنا كفئران تجارب في الأبحاث الرقمية ليس أبدًا بفداحة المأساة التي لقيتها تلك النملة. لكن أزعم أنَّ الوازع غير الأخلاقي غير المبالي بمصائر المشاركين الغافلين هو ذاته.
فاصل ⏸️
شبَّاك منوِّر 🖼️
أستلهم الكثير من الثقافة الصينية، وأستمتع للغاية بقراءتها: فهي تتمتَّع بحس فكاهة غير مباشر، وتستنبط الحكمة من بين سطورها. منها قصة اليوم من التراث الشعبي، والتي وقعتُ عليها في أثناء قراءة كتاب «ألف حكمة وحكمة صينية». 🪔
«سرق لص دجاجة من حظيرة الدجاج، وعندما كان يهرب اصطدم بالمصباح فاشتعلت الحظيرة. أدارت الدجاجة رأسها ورأت النار تلتهم المكان، وأيقنت أن اللص أنقذها. وعندما كان اللص يطعمها الحَب أحست أنه يعتني بها، ولأنه يخبئ مسروقاته، خبأ الدجاجة في صدره فشعرت أنه يحبها. وفي يوم شاهدت اللص قادمًا وهو يرفع سكينًا، فظنَّت أنه يريد قتل نفسه، فاستخدمت جسدها لتمنعه، وماتت سعيدة». 🐓🗡️
تخبرنا القصة عن حسن الظن الساذج. رغم تشجيعي دومًا على إحسان الظن بالآخرين وتوسّم الخير قبل الشر من الغريب والقريب، ففي الحقيقة الخطر يلوح دومًا، ولا تدري من أي مكان قد يهجم عليك. وعواقب المبالغة في إحسان الظن قد تدمر حياتك، لأنك تظن أنها تصرفات لا ضير بها فلا تأبه لتأثيرها فيك. 😟❤️🩹
تعمُّد الغفلة المستمرة عن الإشارات الخطرة والتعديات اللفظية والتلاعب النفسي من باب حسن الظن، سيقود إلى موقف قد لا تتمكن فيه من إنقاذ نفسك. وفي كل مرة تتغاضى عن إساءة من أحد سيعتقد أنك ستتقبل الإساءة التالية، وهذا غالبًا ما سيحدث، مما سيصعّب عليك اتخاذ موقف ضد تصرفاته لاحقًا، وسيتطلب منك مواجهة أشد صرامة. فلا تخشَ توضيح حدودك ورفضك للتصرفات المؤذية ضدك. 👀✋🏽
🧶 إعداد
شهد راشد
لمحات من الويب
«مصيرك هو أن تحقق الهدف الذي أنت مقدَّرٌ لتحقيقه. ونوائب الدهر هي كل شيء يركلك حتى تمضي قدمًا نحو مصيرك.» هنري ميلر
عرض بياني مرئي وممتع، يبين حرب متصفحات الإنترنت من عام 1993 حتى عام 2024.
هاجر القايدي تسألك: هل أنت ملك الفصول الأولى؟ هل تبدأ بأعمال رهيبة ولا تكملها؟
قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀
لم نستغن عن الحواسيب، والآيفون وبقية الجوالات تطورت إلى حد كبير، مما جعل وجود الآيباد كجهاز ثالث وجودًا هامشيًّا. 😠
أتمنى ألّا تصبح «مراجعات الرؤساء التنفيذيين» لمنتجات منافسيهم ظاهرة جديدة؛ فهي فكرة مشوبة بعدم الموضوعية. 😎
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.