خسارتنا فادحة بابتعادنا عن الكتابة اليدوية ✍️

الكتابة اليدوية أنقذتني من سوء الخط والفهم السطحي، لكن ماذا عن جيل لم يعتمد في دراسته على الكتابة؟

احتفاءً بموسم العودة إلى المدارس، شاركت «ذ أتلانتك» خلاصة ورقة بحثية بعنوان «العلاقة ما بين إغلاق المدارس وصحة الآباء والأمهات العقلية» (School Closures and Parental Mental Health)، وهذه الخلاصة تقول:

إن المدارس عنصر حيوي في الحفاظ على الصحة العقلية للمجتمع، وتسهّل على الأمهات تحديدًا التعامل مع ضغوطات الحياة اليومية بينما يقضي الأطفال نصف اليوم في المدرسة تحت رعاية المعلمين والإدارة، كما يسهل ممارسة الحياة ضمن روتين يومي ينظّم حياة البيت بدلًا من فوضى الإجازات الطويلة.

ومن هذا المنطلق تدعو الورقة البحثية إلى مدّ فصول الدراسة، ولا مانع من استمرارها طيلة العام بدون إجازة صيف!😳

(واضح أنَّ الباحثين نسوا أنَّ المعلمين ضمن المجتمع! 😫👩🏻‍🏫)


الكتابة اليدوية / Imran Creative
الكتابة اليدوية / Imran Creative

خسارتنا فادحة بابتعادنا عن الكتابة اليدوية

محمود عصام

كنت مرافقًا لوالدي في المستشفى خلال الأيام الماضية، وكان لزامًا عليّ تدوين مواقيت السوائل التي يشربها ومقدارها. كذلك طُلِب مني تدوين بعض الملاحظات المتعلقة بتأثير الأدوية في ورقة صغيرة يفحصها الطبيب في كل صباح.

لم أكن المرافق الوحيد لوالدي، لذا سلمت الورقة في منتصف اليوم لأخي كي يكمل التدوين أثناء غيابي. وبمجرد عودتي ألقيت نظرة على الورقة فلم أفهم شيئًا مما كتبه من ملاحظات. وقبل أن أسأل، أجابني أخي: «يبدو أن خطي تدهور، فأنا لم أكتب كلمة على ورقة منذ سنوات الدراسة، وهكذا الجميع، لقد أنقذك دفتر ملاحظاتك من المصير ذاته.»

أخي محق. أنا أدون ملاحظاتي في أثناء كتابة المقالات في دفتر ورقي صغير، وهي عادة بقيت معي من أيام الدراسة، ثم اكتشفت أنها أفادتني كثيرًا فيما يخص الأسلوب. وفقًا لدراسة أجريت في جامعة برينستون، أظهر الطلاب الذين يكتبون ملاحظات مكتوبة بخط اليد معالجة أعمق بكثير للمواضيع من الذين كتبوا ملاحظاتهم على الكمبيوتر المحمول. فالملاحظات المكتوبة يدويًا دائمًا تحمل أسلوب كاتبها الخاص، مما يؤدي إلى تحسين فهم المحتوى، بينما تعتمد الملاحظات المكتوبة إلكترونيًا إلى حد كبير على النسخ واللصق.

ويؤكد وليد عبد الوهاب عضو هيئة التدريس في جامعة «الحدود الشمالية» السعودية أن الاعتماد المتزايد على أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية أدى إلى ضعف جودة الكتابة اليدوية ووضوحها، مما ترك أثرًا بالغًا في انخفاض قدرة الفرد على التعبير عن نفسه. فقد وفرت التقنية طرقًا أسهل للكتابة، مثل ميزة «التصحيح التلقائي للكلمات»، إلا أن النتيجة كانت انخفاض الاهتمام في التهجئة وبنية الجملة وعلامات الترقيم.

لذا يبدو أنَّ الكتابة على دفتر الملاحظات أنقذتني من سوء الخط والفهم السطحي، لكن ماذا عن جيل لم يعتمد في دراسته بشكل أساسي على الكتابة؟

فأنا أظهر في حياة بناتي الدراسية عادةً في فترة الاختبارات، ولفتني تقلص مساحة الكتابة اليدوية في الدراسة بشكل ملحوظ. فمادة الخط العربي ألغيَت منذ سنوات، ومعظم الاختبارات باتت تعتمد بشكل أساسي على أسئلة الاختيار دون غيرها.

فداحة إلغاء مادة الخط العربي ليست بالأمر الهين، لا سيما في سنوات الدراسة الأولى. فقد ثبت أن تعلم الكتابة بخط اليد يحسِّن نمو الدماغ في مجالات التفكير واللغة والذاكرة، حيث تحفِّز الكتابة بخط اليد التشابكات العصبية في الدماغ، كما تحسِّن التزامن بين نصفي المخ الأيسر والأيمن. ونتيجة لذلك، فإن الفعل الجسدي للكتابة بخط اليد يؤدي إلى زيادة الفهم والمشاركة.

وإذا كانت أهمية الكتابة اليدوية واضحة على العموم، إلا أن تلك الأهمية تزداد مع اللغة العربية تحديدًا. يقول الخطّاط إبراهيم العرافي، الذي قضى سبعة عشر عامًا يُدرِّس الطلاب فن الخط العربي في الحرم المكي، إنَّ حياة طلاب الخط تتحول تدريجًا من العشوائية إلى التنظيم، يعلمهم الصبر على تحقيق أهدافهم، ويغرس فيهم قيم الجمال والأدب. 

يبدو حديث العرافي منطقيًا حتى لكاتب اللغة العربية العادي وليس المتخصص في الخط. فالكتابة اليدوية باللغة العربية تجبرك على التأني والصبر لأجل كتابة واضحة ومفهومة، هذا التأني نسيناه مع طغيان الكتابة الإلكترونية والاستيكرز والإيموجي.

بعدما غبت يومًا كاملًا عن المستشفى نظرًا لظروف العمل، عدت في اليوم التالي فلم أجد الورقة ولا القلم، سألت أخي فأخبرني أنه اتفق مع الطبيب على إرسال تلك الملاحظات عبر الواتساب! ولم أجد ردًّا سوى الضغط على دفتر ملاحظاتي.


فاصل ⏸️


شبَّاك منوِّر 🖼️

🧶 المصدر


لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+330 متابع في آخر 7 أيام