خبئ ملاحظاتك النقديّة في شطيرة التواصل 🍔
هل نحتاج إلى المديح لكي نتقبَّل النقد؟
إذا كنت تشعر بالضيق، أو تعاني ارتفاعًا في ضغط الدم، أو دماغك يبحث عن مصدر إضافي للدوبامين اليومي، تقترح عليك وول ستريت جورنال أن تمنح صدقة، أو تساعد أحدًا، أو تتطوع بوقتك.
أتفق تمامًا مع الخاطر الحانق الذي مر على بالك الآن: هل نحن في حاجة إلى وول ستريت جورنال حتى تعظنا حول الصدقة، التي هي في صلب قيمنا وثقافتنا الإسلامية؟
القصد ليس مشاركة موعظة وول ستريت جورنال، بل مشاركة المفارقة الساخرة في ربط ثقافة الفردانية أحد أفعال الإيثار والكرم والعطاء بمصلحة ذاتية بحتة، لا بقيمته الأخلاقية والإنسانية. 🤷🏻♀️
خبئ ملاحظاتك النقديّة في شطيرة التواصل
في الأسبوع الماضي، أوكلت إليّ مهمة كتابة مقالين. وبعد التسليم شاركتني الزميلة المسؤولة عن المراجعة إعجابها بجودة الكتابة في المقالة الأولى، وأنها وجدت تطورًا ملحوظًا في الصياغة، فانشرح صدري وانكشفت أنيابي من الفرح والسرور. لكن سرعان ما أردفت قائلةً: «أما في المقالة الأخرى تحتاجين إلى إعادة كتابة بعض النقاط..» ووجَّهتني إليها، ثم أنهت حديثها بإعجابها بالطريقة التي أتعلم فيها سريعًا.
لحظتها شعرت بجدّية الملاحظات الإثرائية، وأخذتها بالحسبان من أجل تطوير بقية المقالات، ولم تختفِ ابتسامتي كليًا حتى عند تلقي نقدها البناء. ما فعلته الزميلة معي يُعرَف في بيئة العمل بمصطلح: «شطيرة التواصل» (communication sandwich).
إذا لم تسمع من قبل عن «شطيرة التواصل» فدعني أخبرك عن إحدى أكثر الطرق فعاليةً لمشاركة مرئياتك إزاء أي موضوع يواجهك، لا سيما مع أشخاص يهمك أن تكون على علاقة جيدة بهم.
بالطبع لا يمكن تقليل أهمية الصراحة في العلاقات العملية أو العاطفية، لكن دعنا نتفق أيضًا على أن بعض الصراحة الجامدة قد تظهر قاسيةً وجارحة. وإن كان الهدف منها تطوير جانبٍ لدى الشخص الموجه له النقد، فتأكد أن الطريقة الفظّة ستفقد الأمر جوهره، وربما تنقلب إلى نتائج عكسية!
في إحدى الدراسات، أجرى باحثان تجربة تقديم مرئيات زائفة (مثل إخبار المشاركين بأنهم غير جذابين أو غير أذكياء) لمعرفة كيف ستتأثر حالتهم النفسية. ورغم تلقّي المشاركين شرحًا توضيحيًا مفصلاً بأن ما سمعوه كان تعليقًا زائفًا بغرض قياس الأثر النفسي فقط، إلا أنَّ النتائج أكدت أنَّ المشاعر السلبية استمرَّت لدى البعض منهم. ومن ضمن تلك الآثار انخفاض الإحساس بالرفاهية وارتفاع مشاعر العداء.
تُظهِر هذه الدراسة مدى حساسية النفس البشرية تجاه التعليقات السلبية وأثرها العميق والمستدام، حتى عندما يدرك الشخص أن هذه التعليقات غير حقيقية. وتأتي هنا «شطيرة التواصل» لتحقيق هذا التوازن، حيث تعتمد الشطيرة على حشو الملاحظات النقدية بين طبقتين من التقدير والثناء، فيتلقى الشخص النقد مغمورًا ببقايا فرحة من مقدمة تعزيزية.
تأكَّد أن استخدام الشطيرة لا يعني التظاهر أو التملق، بل هو ببساطة محاولة للحفاظ على سياق إيجابي في الحوار، حيث يشعر الطرف الآخر بالدعم بدلاً من الدفاعية.
ولكي تصنع شطيرتك الخاصة، اتبع خطوات بسيطة تضمن فعالية الشطيرة وتجعلها شهية ومهضومة:
ابدأ دائمًا بطبقة ناعمة، وهي تقدير صادق يعزز شعور الطرف الآخر بالاحترام ويخفف التوتر.
بعد ذلك، قدِّم الملاحظة النقدية بوضوح، مع التركيز على السلوك لا الشخصية، حيث تجعل هذه الخطوة النقد يبدو فرصةً للتحسين بدلاً من الهجوم.
وأخيرًا، اختم الحوار بطبقة من التشجيع، تؤكد فيها ثقتك بقدرة الشخص على التحسُّن، مما يعزز الانطباع الإيجابي، ويجعل المحادثة تجربةً أسهل تقبُّلًا.
قد يبدو الحديث متألقًا وفعالاً من الناحية النظرية، إلا أن لكل فكرة مؤيديها ومعارضيها. في هذا السياق، يعبِّر عالم النفس روجر شوارز عن معارضته أسلوب «شطيرة التواصل» في مقاله بعنوان «أسلوب الشطيرة يُضعِف ملاحظاتك» (The Sandwich Approach Undermines Your Feedback).
يرى شوارز أن هذا الأسلوب، رغم مظهره الجذاب، أقل فعالية مما يُعتقَد. إذ يؤدي تكرار نمط استخدام المديح كمقدمة للنقد إلى جعل المتلقي يتوقَّع المديح كل مرة مهما ارتكب من أخطاء، مما يضعف مصداقية المرئيات. كما أنَّ اعتماد «الشطيرة» قد يعطي انطباعًا بأن القائد يحاول تلطيف النقد بدلاً من التعامل بصدق وشفافية، ومع مرور الوقت قد يؤثر سلبًا على قوة الثقة بالعلاقة المهنية بين الطرفين.
يشدِّد شوارز على أن الطريقة الأمثل لتقديم النقد تكمن في الشفافية المباشرة، وإشراك الطرف الآخر في حوار بناء، حيث يُوضَّح الهدف من النقاش من البداية، مع إتاحة الفرصة للمتلقي للتفاعل والنقاش حول النقاط المطروحة. بهذه الطريقة، يُبنَى تواصل حقيقي قائم على الاحترام المتبادل، بعيدًا عن تقنيات مصطنعة للتحكم بالموقف.
ولأنهم يقولون اسأل مجرّبًا ولا تسأل طبيبًا، ما حدث معي الأسبوع الماضي يمكن تلخيص أثره بجملة بسيطة: لأول مرة تتحول ردة فعلي على نقد يصلني من «أوه لا» إلى «أهــــــا»؛ تغيُّرٌ بسيط، لكن أثر الثاني عميق.
وعلى العموم، مع شطيرةٍ أو بدونها، لدى مشاركة المرئيات، لا تخلط بين النقد البناء والتجريح.
فاصل ⏸️
شبَّاك منوِّر 🖼️
تصفحت قبل أيام كتاب «الكامل في اللغة والأدب»، أحد أركان الأدب العربي حيث جمع أبو العباس المبرد مواقف وحكم ونصوص نثرية نطقت بها عقول عربية ألمعية. 📚💡
من النصوص التي استوقفتني قول عمرو بن العاص عندما شوهِد «يركب بغلة قد شمط وجهها هرمًا، فقيل له: أتركب هذه وأنت على أكرم ناخرةٍ بمصر؟ فقال: لا ملل عندي لدابتي ما حملت رجلي، ولا لامرأتي ما أحسنت عشرتي، ولا لصديقي ما حفظ سري، إنَّ الملل من كواذب الأخلاق.» 🫏
تصدق عبارة عمرو بن العاص «إن الملل من كواذب الأخلاق» على حياتنا اليوم بكل جوانبها. فنحن نعيش عصرًا يُراهِن فيه الجميع على شعورنا بالملل ليكسب منه. فنغيِّر جوَّالًا يعمل بالجودة ذاتها منذ حصولنا عليه لأنَّ إصدارًا جديدًا بلون مختلف نزل للسوق، أو نستزيد من كماليات، لدينا منها ما يكفي حاجتنا، لأننا نريدها بتصميم مختلف. 🛒🛍️
يذهب الأمر لأبعد من ذلك، إذ تُبتَكر تطبيقات وخدمات تعزف على وتر الملل، لنشاهد مقطعًا لا يتجاوز الثلاثين ثانية قبل أن نضجر ونحرك أصابعنا للتالي، وأصبحنا نفقد متعة الكثير من الأشياء لاعتيادنا على السرعة والاقتناء المستمر. 😔⏰
قد لا يبدو الأمر بذاك السوء، فالملل جزء بسيط من بشريتنا مثل غيره من المشاعر التي نحسها لأسباب عدة. وأنا هنا لا أحاول شيطنة الملل، لأنه دلالة مهمة للالتفات إلى أنفسنا ومعرفتها أكثر، لكني أظنه تحوَّل إلى سلعة لدى من يسعى للربح. وهكذا تغيَّر موقع الملل في نفوسنا من صفة غير مستحبة إلى ثابت يومي يسهم في زيادة الاستهلاك المفرط بأضراره المالية علينا والبيئية على الكوكب، ويكرّس الشعور المتدني بالرضا والفراغ الروحي. 💳 🌍
🧶 إعداد
شهد راشد
لمحات من الويب
«ثمة أوقات لا يسعك فيها التغلب على الخوف، حينها عليك المضي فيما تود فعله رغم خوفك.» إليزابيث إليوت
تفكّر باستبدال أحد تطبيقات الإنتاجية بتطبيق آخر؟ إليك أربعة أسباب لماذا قرار الاستبدال قد لا يكون في مصلحتك.
أداة تصميم إنفوقرافك مجانية من (Canava).
الرحلة رائعة، بس الجسر شوي واطي.
قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀
الخطر في غرس البلاهة أنها مع تغلغلها اليوميّ إلينا سنقتنع بأنَّ البلاهة التي يقدمها إلينا الآخرون هي فكر. 😧
إلى الآن لا توجد دراسة واحدة تؤكد أنَّ لمنصات التواصل الاجتماعي تأثيرًا سلبيًّا حقيقيًّا على الصحة العقلية للمستخدمين. 🚬
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.