كيف تساعدك العدائية السلبية في العمل؟ 🙂

من سابع المستحيلات ألا يمر أسبوع دون محفز قوي يثير غضبك من مديرك أو زميلك أو فريقك.

يقول لك تك توك: لا حاجة لانتظارك العام الجديد حتى تكتب خطة العام الجديد التي ستغير فيها حياتك للأفضل. 😏 

ابدأها الآن من أكتوبر! 

ترند «نظرية أكتوبر» (October Theory) الرائج حاليًّا يدّعي أنَّ الأفضل اتخاذ قرارات العام الجديد قبل العام الجديد بثلاثة أشهر، لأنَّ العادات الجديدة تتطلب معدَّل ستين يومًا لكي ترسخ. (الالتزام بالذهاب إلى النادي يتطلب تسعين يومًا). كذلك سيسهل عليك الالتزام بعيدًا عن الضغط النفسي للبدايات مع يناير كل عام. وبذلك تصل يناير وقد حققت مسبقًا أكثر من نقطة على خطة العام الجديد.

بما أننا لم نسمع بهذا الترند إلا نهاية أكتوبر، خلينا نؤجل الموضوع ليناير. 😁


العدائية السلبية / Imran Creative
العدائية السلبية / Imran Creative

كيف تساعدك العدائية السلبية في العمل؟

إيمان أسعد

كل من يعرفني يعرف أني أبذل كل ما بوسعي من جهد عقلي ونفسي وجسدي لأتجنب المواجهة المباشرة، وذلك لسببين. الأول، أني بطبيعة الحال أقلق من التعرُّض للتجريح على يد الطرف الآخر. والثاني، وهو الأهم، أني أخشى على الطرف الآخر من التجريح الذي سيتعرض له على يدي متى أطلقت الوحش الكامن من أسفل أعماق غضبي المتراكم عبر عقود من الزمن.

الخشية ذاتها من التعبير الصريح عن الغضب وتفادي المواجهات المباشرة باتت تسيطر على بيئة العمل الحديثة. فلا أحد يود أن يوصَم بوصف «العصبي راعي المشاكل» إذا كان رجلًا، أو بـ«الحساسة المهسترة» أو «اللي شايفة روحها» إذا كانت امرأة. (يعتمد الوصف النسوي هنا على نوعية غضب المرأة إذا كان من النوع الشاكي الباكي أم المتهكم الحازم).

كذلك، أصبحت الشركات تحرص على تكريس بيئة من الأدب المتبادل بين الموظفين ضمن ثقافتها، بتأثير من الواجهة المرحة التي اختلقتها شركات التقنية مثل قوقل، خصوصًا عصر ما قبل الجائحة. تشبه أجواء الأدب المتبادل في لنكدإن، حيث الكل سعيد، وحتى إن أخفق يشارك إخفاقه مرفقًا بدرس ملهم عن الحياة وبامتنان للتجربة ذاتها. فأنا لم يمر عليّ حتى الآن منشور غاضب على مدير أو شركة، لأن منشورًا من هذا النوع يصم كاتبه بالأوصاف التي ذكرتها أعلاه، ويهدد فرص توظيفه.

لكن إن كنت موظفًا، وبالذات لو كنت مسؤولاً عن فريق أو مهام كبرى، فأنت تعرف أن من سابع المستحيلات ألا يمر أسبوع دون محفز قوي يثير غضبك من مديرك أو زميلك أو فريقك.
ومهما أتقنت فن كبت الغضب، واعتدت بلع الجمرة مع فنجان قهوة حتى المركب تسير، فأنت في حاجة بين الحين والآخر إلى التنفيس. وهنا تهب العدائية السلبية إلى مساعدتك للتنفيس بأقل ضرر ممكن عليك وعلى الجميع.

تعرّف مقالة «لماذا العدائية السلبية سادت العالم؟» (Why passive aggression took over the world)، العدائية السلبية بأنها «الأداة المستترة غير المباشرة والماكرة التي نعبّر بها عن مشاعرنا السلبية، بينما نضمن في الوقت نفسه إمكانية إنكار هذه المشاعر إذا واجهنا بها الطرف الآخر. بل ننكر حتى نيتنا في إثارة أي مشاعر سلبية ونقلب الطاولة على الطرف الآخر بأنه إما أساء الفهم أو حساس. بل يحق لنا المطالبة باعتذار إذا كنا ماهرين في هذه الأداة.» ويؤكد أنَّ هذه الأداة متاحة بالتساوي لدى المدراء والموظفين. 

أما الوسيط الذي تزدهر فيه هذه الأداة فهي وسائط التواصل المكتوب، على رأسها الإيميل والرسائل النصية، ومنصات العمل عن بعد. فالتواصل المكتوب يمنحك سعة زمنية للرد العدائي المستتر المهذب والمحسوب كلمة كلمة، على خلاف التواصل الشفهي المنفعل، والذي غالبًا يبدأ مع «اعذرني، لكن أظن تناقشنا سابقًا عن ضرورة تنفيذ.....»، «أعرف أنك منشغل بمهام أخرى وأقدّر صعوبة الوضع، لكن بناءً على التزامك معي، رتبت المواعيد النهائية والآن أنا عالق...» وهكذا دواليك. 

أيضًا، إذا كنت من مستخدمي الإيموجي في التواصل، قد تعكس غضبك بكتابة رد لطيف لكن مجرَّد تمامًا من إيموجيات القلوب والنجوم المعتادة، ليبدو الرد أبرد من قطعة ثلج منسيّة في قاع الفريزر. أو ربما تخفّض مرتبة الإيموجي، بمعنى بدل أن يكون قلبًا يتحول إلى كمشة ورد ناشفة. وممكن الاستعانة بالسخرية اللطيفة مع الاستعانة بالوجوه الضاحكة، لكنها تتطلب مهارة عالية، وشخصية تتقن فن التهكم دون إهانة، لذا قلة قليلة من تلجأ إليها. 

قد تسأل، وسؤالك منطقي، لماذا تنطلي هذه الأداة على الآخر إذا كانت متاحة ومعروفة لدى الجميع؟ وهنا ميزة العدائية السلبية الأهم: أنَّ الجميع يستخدمها، بمعنى بما أنني أمارس العدائية السلبية مع الآخر، سأتقبلها من الطرف الآخر متى استخدمها ضدي. تصوَّر اتفاقًا ضمنيًّا بين الجميع بالسماح للكل بالتنفيس الخفيف عن عدائيته وغضبه، بشرط ألا يجرنا إلى عاصفة من الغضب. لأنك متى تجاوزت حدود اللطف في عدائيتك السلبية، جررت نفسك ومن حولك إلى دوامة من الانفجارات الانفعالية، أنت ستكون الخاسر الأول فيها. 

وغالبًا، بعد ممارستك العدائية السلبية في الرد، وفي حال قابلك الطرف الآخر برد مهذب (وهو الرد الأعلى احتمالًا) ستشعر بفورة الغضب تخمد فورًا، وتجيب رده برد لطيف، وكلاكما يكمل يومه بسلام. (نصيحة: في حال تجاهل الرد، لا تصعّد فورًا، واترك الموضوع يومًا أو اثنين.)

بالطبع الوضع المثالي ألا تضطر إلى الاستعانة بالعدائية السلبية، وأن تكون إيجابيًّا ومسيطرًا تمام السيطرة على مشاعرك، لكن لا أحد منا مثاليّ إلى هذا الحد، أو على الأقل لسنا مثاليين كل يوم. وتحت ضغوط العمل اليومية التي لا تنتهي، لا بأس من التنفيس البسيط، بشرط أن تلزم كامل الحذر والتهذيب، وتحافظ على ابتسامتك البريئة.🙂


فاصل ⏸️


شبَّاك منوِّر 🖼️

الرسم بالحبر الصيني فنٌّ عريق يعود إلى آلاف السنين، وأصبح مرادفًا للفن الصيني التقليدي. فمعظم الفنانين حافظوا على هذا الفن وتمسكوا به، حتى إن توسَّعت أساليبهم أو أدخلوا شيئًا من الحداثة والعناصر المختلفة من ثقافات عالمية عليه. تشانق داي تشين «Chang Dai-chien» أهم فناني الحبر الصيني في القرن العشرين، والذي مارس الفن قرابة ستة عقود دون توقف، ترك للعالم إرثًا فنيًا ضخمًا. 🖼️

  • يصعب الحديث عن الفن الصيني التقليدي باختصار؛ فهو ينهل من الفلسفات الكثير. مثلًا، نلاحظ غلبة العناصر الطبيعية، وهو أحد مبادئ الطاوية التي تشجع على التأمل والارتباط بالطبيعة. بينما تعكس فلسفة الين واليانق التباين بين الظل والضوء، واللون الأسود المستمد من الحبر والمساحات الفارغة، والخطوط الجريئة العريضة مع ضربات الفرشاة الناعمة. وعند تأمل الأعمال يمكن ملاحظة انسيابيتها وبساطة تفاصيلها، وهو ما تجسده فلسفة التشي، حيث يترك الفنان لفرشاته الحرية في الحركة فلا يتحكم بالعناصر. 🖌️☯

  • نشأ تشانق داي تشين في الصين، وتعلم الرسم من والدته قبل تتلمذه على يد فنانين صينيين. عاش في دول كثيرة واستلهم منها تقنيات وأساليب. ولفتني قضاؤه النصف الأول من حياته الفنية ينسخ الأعمال الفنية القديمة ويتعلم من فنانيها، وحتى عند بلوغه السبعين لم يستقر على أسلوب واحد، لذلك يصعب الإحاطة بفنه. ✍🏻📜

  • يتمثَّل منهج تشانق داي تشين في اقتناص الجمال، ويقول: «إبداع الأشكال الفنية لا بد أن يتسم بالجمال، ولكن في الوقت نفسه يكون مفهومًا لدى الناس. وأنا أعتقد أن الجمال الحقيقي لا ينشأ إلا عند اكتمال الروح والشكل، عندئذ فقط سوف يقبله الناس.» 🎨🌬️

  • اهتم تشانق داي تشين برسم الطبيعة بالحبر الصيني التقليدي، وطوَّر تقنية سَكْب أو رش الألوان «splashed-color» التي تُضفي على فنه لمسه تجريدية واضحة، كلوحة «Splash Waterfall» التي يبدو أنها نهرٌ مسكوب من أعلى بالأزرق والأخضر، ولكن بعد تأملها تتضح الجبال السوداء والأشجار الملونة في الأسفل. وتعكس لوحته «A Lady Leaning on a Quilt» تنوع أسلوبه، كأن من رسمها فنان آخر لاحتوائها تفاصيل واقعية دقيقة. 🌊🗻

  • أعجز عن اختيار لوحة مفضلة، ولكني أحببت «Morning View at Alishan» لمشهد الفجر في منطقة أحبَّها تشانق ورسمها مرارًا. مزج هنا تقنية السَّكْب والرسم واكتفى باللون الأسود مع ألوان باهتة. أشعرتني اللوحة بأن البساطة كافية في الفن، ولكنها معقدة ويصعب إتقانها. كما لمست فيها الارتباط والانغماس في الطبيعة؛ فالمنازل صغيرة وغير واضحة كأن الطبيعة المحيطة تبتلعها، بينما تستقر المنازل ساكنة ومستسلمة. 🏘️🌲

🧶 إعداد

شهد راشد


لمحات من الويب


فاصل ⏸️


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

  • يستحيل على المدير القضاء على النميمة في بيئة العمل إلا إذا كنّا عالقين في مسلسل ديستوبي مرعب من الرقابة البوليسية! 😟

  • المدير المدمن على الإنتاجية في العمل غالبًا يتوقع استعداد موظفيه العمل في أيام العطلات وبعد انتهاء ساعات العمل مثله، مما يضاعف شعورهم بالإحباط والذنب. 🤯

نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+520 متابع في آخر 7 أيام