كيف تفسّر الهوس بكوب هاف مليون الوردي؟ 💖

تصوَّر لو كان الكوب الوردي متاحًا للبيع أونلاين من متجر المقهى، هل كنا سنشهد تلك الطوابير الطويلة؟

إلى أي حد عليك التزام التأدُّب في سلوكك مع بوت الدردشة؟

السؤال أعلاه من أواخر المعضلات الأخلاقية المتعلقة باستخدام بوتات الذكاء الاصطناعي. فمن جهة، بوتات الدردشة مبرمجة على التزام التأدُّب معنا، ومحادثتنا دومًا بلطف، لكن هل يعني هذا أنَّنا ملزمون أخلاقيًّا بالتأدُّب معها؟ هل تأمُّرنا عليها باستعلاء، من غير أهلا ولا هلو،  يصيّرنا حُقَراء؟

كبير علماء مايكروسوفت جيمي تيفان ينصحك بالتأدُّب مع بوتات الدردشة، لأنها صحيح مبرمجة على السلوك المهذب، لكنها أيضًا مبرمجة على محاكاة سلوك الإنسان. ويقول: «إذا تكلمت بوقاحة مع نموذج الذكاء الاصطناعي، توقّع منه أن يصعّب عليك الأمور، ويستهبل😈.»

ففي حال كان «تشات جي بي تي» يستهبل معك مؤخرًا، جرّب تطلب منه بلطف. 😏


كوب هاف مليون الوردي / Imran Creative
كوب هاف مليون الوردي / Imran Creative

كيف تفسّر الهوس بكوب هاف مليون الوردي؟ 💖

إيلاف محمد

ليس غريبًا أن يصطبغ أكتوبر باللون الوردي، فمنذ سنوات ارتبط أكتوبر بشهر التوعية عن سرطان الثدي. لكن اصطباغ أكتوبر هذا العام أحدث صخبًا في الشارع السعودي وفي منصات التواصل الاجتماعي يصعب تجاهله: ترند كوب «هاف مليون» الوردي!

إن كنت زوجًا، فزوجتك على الأرجح قد طلبت منك الحصول على أحد تلك الأكواب. أما إذا كنت خاطبًا، فأنت أمام اختبار صعب، فإما تنجح بإحضار الكوب إلى خطيبتك أو تخفق في اختبار المحبة!

في 12 أكتوبر، أعلنت سلسلة المقاهي السعودية الشهيرة «هاف مليون» إطلاق اللون الوردي الجديد من خط إنتاجها للأكواب الحافظة للحرارة والبرودة في فروعها في السعودية، وذلك بمناسبة شهر التوعية بسرطان الثدي. 

لا أعلم حقًا إن كان اختيار درجة اللون الوردي للكوب جاء جماليًّا للغاية، أم أن كثيرًا من الناس على أعتاب الاختبارات النصفية أو النهائية فيبحث الواحد فيهم عما يشغله، أو أن «هاف مليون» ببساطة فكّت شفرة «الفومو» واستغلتها لصالحها. فالتفاعل الكبير والواسع حول هذا الكوب وصل إلى حدود لم تخطر على بال أحد.

فقد اكتظت الفروع بطوابير الانتظار الطويلة التي تمتد حتى آخر الشارع، وامتلأت منصات إكس وتك توك بصور الأكواب الوردية وحامليها، وتصدَّر «كوب هاف مليون الوردي» قائمة الأعلى بحثًا على تك توك. وبدأت معها سلسلة لا حصر لها من «الميمز»، إلى حد سألتنا إيمان أسعد عن قصة الأكواب الوردية التي وصل صيتها إلى الكويت!

يذكّرني هذا الحدث بما حصل مع أكواب «ستانلي» المعروفة بتصاميمها العصرية، حيث أطلقت في يناير الماضي إصدارين خاصين من الأكواب احتفالًا بعيد الحب. أشعلت هذه الأكواب موجة من الفوضى في العديد من متاجر تارقت في مختلف أنحاء أمريكا، وانتشرت مقاطع فيديو آنذاك على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهِر الزبائن وهم على وشك الاشتباك للحصول على كوب الماء الوردي أو الأحمر. بل إن بعضهم قرّر التخييم خارج فروع المتجر لضمان الحصول على كوب!

لم تأتِ ردود الأفعال على الأكواب الوردية هنا أقل جنونًا، بل تفنن البعض في الاستفادة من هذا الهوس بطريقة مزعجة. فمنهم من اشترى كميات كبيرة لكي يبيعها بأسعار أعلى على منصة «حراج» لبيع القطع المستعملة، كأنهم يقولون: إذا أردت مواكبة الترند وترتاح من الوقوف في الطوابير، فادفع أكثر. وأنا شخصيًا أعتقد أن استغلال الترند بهذا الشكل مُستحَق، إن لم يكن عقابًا فعلى الأقل توبيخًا.

نظرة سريعة على تعليقات منشور الإعلان الصادر من حساب المقهى الرسمي، وشكوى الكثير من انتهاء الكمية بسرعة كبيرة، خاصة النساء، يرجّح أنَّ أهم أسباب الظاهرة هو تأثير النُدرَة على المستهلكين. فالأكواب تنفد من الأفرع بشكل سريع، ويعود الكثير محمّلًا بالخيبة لعدم حصوله على كوبه الوردي الشهير! وتكمن الحيلة التسويقية التي أدَّت إلى تأثير الندرة في حصر بيع الكوب على المقاهي وعدم توفيره في التطبيق. إذ تصوَّر لو كان الكوب متاحًا للبيع أونلاين من متجر المقهى، هل كنا سنشهد تلك الطوابير الطويلة؟

مع ذلك، لا يمكن إغفال أثر الاستهلاك المفرط الذي ظهر نتيجة هذا الترند التسويقي. فالكوب الحافظ في أساسه يهدف إلى تقنين الاستهلاك، بحيث تمتلك كوبًا ذا صلاحية استعمال مديدة وجودته عالية، فلا تحتاج إلى شراء كوب جديد كل موسم، وبذلك تخفف ثقل النفايات على كاهل البيئة. 🤷🏻‍♀️

فهل نحن فعلًا بحاجة إلى كل هذه الأكواب، أم أن التفاعل الزائد مع منصات التواصل والشعور بضرورة امتلاك ما يملكه الآخرون يدفعنا للشراء؟ 

لا شك أن حملة الكوب الوردي من «هاف مليون» أثبتت نجاحًا باهرًا في جذب اهتمام المستهلكين وتحقيق مبيعات مرتفعة، بفضل استخدامها أسلوب تسويق ذكي وفعال. كما نجحت في ترك بصمة قوية تعزز ارتباط شهر أكتوبر باللون الوردي المتعلق بالتوعية بسرطان الثدي، مما سيجعل هذا الشهر يحمل ذكرى وردية كل عام، ولو بطريقة غير تقليدية.

لكن الحملة اعتمدت بشكل رئيس على إثارة الترند الاجتماعي أكثر من تركيزها على التوعية الصحية. فقد كان الكوب الوردي جاذبًا ومميزًا بلا شك، لكنّه لم يتضمن أي رسائل أو معلومات توعوية مباشرة عن سرطان الثدي؛ أي أخذت من التوعية لونها وأغفلت جوهرها. 🙍🏻‍♀️💞


فاصل ⏸️


شبَّاك منوِّر 🖼️

شاهدنا أفلامًا عديدة تتناول قصص الأمهات وأبنائهن، ولكن قليلًا ما نشاهد أفلامًا عن علاقة الآباء بالأبناء، وهذا ما زاد فضولي لمتابعة فلم «إند أوف سنتنس» (End of Sentence) الذي يلقي الضوء على العلاقة المضطربة بين الأب فرانك وابنه شون، والمغامرة التي أُجبِرا على خوضها. 🌪️

  • سُجِن شون بتهمة السرقة، وعند زيارة والديه له رفض والده الدخول، وسأل أحد الحراس عن احتمالية عودة من أُطلِق سراحهم إلى السجن، ليجيبه الحارس بأن العائدين كثر. ⛓️👉

  • نتتبع شون وهو يحاول البحث عن عمل ويُرفَض مرارًا. هذه الدائرة المخيفة تشهدها كثير من الدول، فأصحاب الأعمال والجهات الرسمية تضع ختمًا بالفساد على كل من أُودِع السجن دون محاولة لفهمه أو تقبل احتمالية تغيره، فيُحاصَر في زاوية ضيقة لا يجد منها مخرجًا، خاصة إن لم تكن لديه عائلة تسانده. لا أبرر مخالفة القانون أو ارتكاب الجريمة، ولكن إعادة التأهيل وتوفير فرص العمل أفضل من الحكم على السجناء السابقين بحياة من الإقصاء. ❤️‍🩹🫱🏽‍🫲🏻

  • لا نعرف أساس الخلاف بين فرانك وشون، ولكنه موجود ونلحظه من تعاملهما معًا. يُبغِض شون والده ويرى فيه رجلًا ضعيفًا يستغله الجميع. ويحاول شون تذكير والده بضعف شخصيته باستمرار، ويطلب منه الوقوف في وجه من يحاول استغلاله. لكنه يكتشف أن والده تعرض لعنف أشد بكثير في طفولته، وهو ما شكّل شخصيته بضعفها. نعتقد كثيرًا أننا نعرف الناس، وطبعًا نعرف والدينا وعائلاتنا، ولكن هناك فصول خفيّة من حياة كل شخص مهما كنا نعرفه، وربما تحمل تلك الفصول إجابات أسئلتنا وتفسير تصرفاتهم. 😔❓

  • خلال رحلتهما في البحث عن البحيرة، يكتشف فرانك شيئًا من ماضي زوجته، ويتذكر رحلاتها التي كانت تأخذها وحدها. يأكله الشك ويشعر أنه مخدوع ومُستغفَل، لكننا نكتشف الحقيقة المختلفة في نهاية الفلم. نفترض دومًا أن إخفاء شخص مقرب لأمرٍ ما يعني أنه بالضرورة أمر سيئ، سر سيحطم الكثير، أو حتى ذنب فظيع، لكننا كبشر بحاجة للاحتفاظ بجوانب صغيرة وزوايا فارغة لأنفسنا بعيدًا عن الناس. 🗺️🚗

  • المؤسف أن فرانك بعد ثلاثة عقود من زواجه داهمه الشك في لحظات وصدّق خيالاته. أظن ضعف شخصيته وشعوره بالدونية وكبته لكل ما يشعر هو ما أدى إلى هذا الاستنتاج. ينبغي عليه معالجة مشاعره وطفولته التي ظن أنه تجاوزها، والأمر ذاته ينطبق علينا. 🫂 🔐

🧶 إعداد

شهد راشد


لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

  • الإنترنت الذي يسمح للشركات بألف طريقة لتسويق منتجاتهم وملاحقتك بها أينما ذهبت، يقدم لك أيضًا عشرات الطرائق لتتيقن من حقيقة تلك المنتجات. 🤒

  • القاسم المشترك على تك توك أن شخصًا حقيقيًا اهتم بتصوير المنتج وتسويقه، ونحن كمستهلكين نثق في الأشخاص الحقيقيين أكثر من العلامات التجارية. 🛍️

نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+430 متابع في آخر 7 أيام