كيف نرى الجمال من خلال قوة الكلمات🦭
لا تتعجب إذا أقسم أحدهم بأن ثمة كائنًا بشارب كث يراه الجميع جميلًا، لأنَّ هذه قوة الكلمات.
بالتأكيد سمعت من أحدهم أنَّ الأولاد أشطر من البنات في العلوم والرياضيات، صح؟ وأنَّ البنات أشطر من الأولاد في القراءة، صح؟ وتعاملت مع كلا المقولتين بأنها لا تتجاوز كونها صورة نمطية لا أساس لها، صح؟
قبل نحو أسبوعين، نُشرَت دراسة حديثة بلغت عينتها 2.5 مليون طالب، في 85 دولة، على مدار 12 سنة، تبحث في نقاط القوة الأكاديمية لدى الجنسين. واستنتجت أنَّ الأولاد أظهروا تفوُّقًا في نقاط القوة في العلوم والهندسة والرياضيات، بينما البنات أظهرن تفوُّقًا في نقاط القوة في القراءة.
العنصر المثير للاهتمام في هذه الدراسة، والذي شجَّع الصحف والنشرات على تداولها من ضمنها نحن🙃، أنَّ هذا التباين كان أشدَّ وضوحًا في الدول التي تطبق أقصى حدود المساواة بين الجنسين في التعليم والفرص الجامعية والوظيفية، مثل فنلندا والدول الاسكندنافية.
ليش؟؟؟
لم تصل الدراسة إلى هذا الحد من البحث. لذا لو كنت مكانك ما كنت لأكترث لها، لأنك سواء كنت متفوقًا في الرياضيات أو كنتِ متفوقة في القراءة، أو العكس والعكس صحيح، كلنا سيدور علينا حجر الرحى نفسه دون أي تمييز جندري، لذا كن سعيدًا بنقاط قوتك، أيًّا تكن، وادرس ما تحب.🎓💙
كيف نرى الجمال من خلال قوة الكلمات
قبل وداعنا الإجازة الصيفية، حضرت رفقة الأطفال عرضًا ممتعًا من بطولة الكائنات البحرية. ولأننا لم نكن على علم مسبق بالبرنامج، استمعنا بتركيز عالٍ إلى كلمات مقدم العرض لنتعرف على بطل الفقرة قبل ظهوره.
جاء صوت المقدم جافًا أغلب الوقت، إلا أنه انتعش فجأة وهو يقدم فقرة تبدو أنها المحببة لدى الجماهير، حيث صاح في سعادة: «الآن مع جميلة الجميلات "الآنسة ليلا"، ألطف كائن بحري على الإطلاق، فاتنة البحر التي يزداد جمالها يومًا بعد يوم.» ولم يكتف بذلك، بل أسهب في وصف جمال ليلا.
لم تكن الآنسة ليلا سوى فقمة رمادية اللون بشارب كث!
صحيح كانت فقمة شديدة الذكاء والمهارة، إلا أنها لا تختلف شكليًّا عن أي فقمة في العالم، ولا تتفوق بأي مميزات جماليَّة على رفيقاتها. غير أن كلمات المقدم اللطيفة عنها، جعلتنا نحن الحضور نؤمن أن الآنسة ليلا ذات الشارب الكث هي صدقًا جميلة الجميلات بين رفيقاتها من الفقمات.
هذا ما يطلق عليه عالم النفس جاك شافر «تأثير الأسبقية» (primacy effect)، حيث يعتقد شافر أن الكلمات لا تستطيع تغيير الواقع، لكنها قادرة على تغيير الكيفية التي ينظر بها الناس إلى الواقع. وطالما وثقت بالمتحدث، فإن كلماته ستؤثر فيك وتمنحك رأيًا مسبقًا عن واقع الأشياء. فإذا أخبرك صديقك مثلًا، قبل مقابلة شخص ما للمرة الأولى، أن الشخص الذي ستقابله ودود، فمن المرجح أن تنظر إليه على أنه ودود، بصرف النظر عن درجة ودّ الشخص، والعكس صحيح.
وللكلمات الإيجابية تحديدًا أثر لا يمكن تخيله، حيث لاحظ دان بويتنر، الذي سافر حول العالم ليكتشف سر المجتمعات التي يعيش فيها الناس حياة طويلة وحيوية، أن الصداقات الإيجابية عاملٌ هام في زيادة العمر.
ففي أوكيناوا في اليابان، حيث يبلغ متوسط العمر المتوقع للنساء نحو تسعين عامًا، يشكل الناس نوعًا من الشبكة الاجتماعية تسمى «موآي» (moai)، مجموعة من خمسة أصدقاء يتشاركون الدعم الاجتماعي والعاطفي مدى الحياة. يعلّق بويتنر على الأمر بأن لكلمات الأصدقاء الداعمة تأثيرًا ملموسًا ومستمرًا في سلوكيات الفرد الصحية، بطريقة لا يستطيع النظام الغذائي أن يفعلها أبدًا.
تتفق كارين ريدل مع بويتنر في مقالها «للكلمات قوة» (Words Have Power) الذي كتبته بمناسبة اليوم العالمي للتشجيع، الذي يوافق الثاني عشر من سبتمبر. تقول ريدل إننا جميعًا مبرمجون على الرغبة في تلقي التشجيع، ومن دونه غالبًا ما نتعثر ونشعر بأننا غير مرئيين.
وأنا أتفق مع الاثنين. فقط تذكر كم مرةً بذلت مجهودًا إضافيًا في العمل دون شكوى بسبب أن «الصُّحبة تهوِّن الوقت»، وكم مرةً في المقابل تهربت من العمل لأنك برفقة زملاء لا يحملون من الود شيئًا.
لكن لنكن واقعيين، لقد أصبحنا نقضي أوقاتًا أقل مع الأصدقاء، ونقضي أغلب رفقتنا مع أنفسنا وأجهزتنا الرقمية، بل بات الكثير منا يعمل عن بعد دون زملاء في محيط العمل، وأصبح من الصعب تشكيل «موآي» خاص بنا وسط زحام العمل والالتزامات التي لا تنتهي. فمن أين إذن نستمد مشاعر الدعم وتأثير الكلمات الإيجابية؟ الإجابة: من أنفسنا، ومما نشاهده.
يقول ستان تولر في كتابه «قوة الكلمات الإيجابية» (The Power of Positive Words) أنَّ للعقل البشري قدرة هائلة على التأمل في أفكار إيجابية أو في أفكار سلبية، وأيًا يكن ما نركز عليه من الجانبين، فإنه يحدد الواقع الذي نعتقد عن أنفسنا. وتنشأ الكلمات التي نوجهها لأنفسنا من قوى إيجابية وسلبية في دواخلنا، تتغذَّى على كل ما نقرأه ونشاهده يوميًا عبر مختلف التطبيقات، بالطبع إلى جانب التعاملات اليومية مع من حولنا.
لذا لا تستهن أبدًا بالكلمات الداعمة البسيطة والابتسامات والتربيت على أكتاف الآخرين، ولا تتعجب إذا أقسم أحدهم بأن ثمة كائنًا بشارب كث يراه الجميع جميلًا، لأنَّ هذه قوة الكلمات.
فاصل ⏸️
شبَّاك منوِّر 🖼️
في كتاب «الأدب الكبير» انتقى عبدالله ابن المقفّع حكمًا فارسية بصفتها لغته الأم، لكنه كتبها بعربية أنيقة تلامس القارئ. في القسم الثاني من كتابه، تناول الأصدقاء وما يجب أن يكون بينهم من طيب العشرة ولطف المعاملة وحسن الظن، وحكمةٌ منها لفتت انتباهي لمعالجتها انتحال الآراء بين الأصدقاء: 🥸
«إنْ سمعتَ من صاحبك كلامًا أو رأيتَ منه رأيًا يعجبك، فلا تنتحِلْه تَزَيُّنًا به عند الناس، واكتفِ من التزيُّن بأن تجتني الصَّواب إذا سمعته، وتنسُبَه إلى صاحبه. واعلم أنَّ انتحالك ذلك مسخطةٌ لصاحبك، وأنَّ فيه مع ذلك عارًا وسُخْفًا. فإن بلغ بك ذلك أن تُشير برأي الرجل وتتكلمَ بكلامه وهو يسمع؛ جَمَعْتَ مع الظلم قلَّةَ الحياء، وهذا من سوء الأدب الفاشي في الناس. ومن تمام حسن الخُلُق والأدب في هذا الباب، أن تَسْخُو نفسُك لأخيك بما انتحلَ من كلامك ورأيك، وتنسُبَ إليه رأيه وكلامه، وتُزيِّنَه مع ذلك ما استطعت.» 📜🙏🏼
ينبّهنا المقفّع إلى تصرف قد نراه عاديًا أو لا ننتبه له حتى، خاصة في العمل عندما ينسب زميل أو مدير إلى نفسه فكرة أو اقتراحًا دون الإشارة إلينا، وقد نكون نحن الفاعلين. أو حتى عندما تعجبنا مقولة أو رأي، فنتبنّاه كأنه لنا. 🫢🕴🏻
تحذِّرنا حكمة المقفع من ذلك لأنه يفتح بابًا لتقبّل النفس سرقة ما يعود إلى غيرها، والتسامح مع سلب حقٍّ فكري لآخر. بل لو أننا اعتدنا هذا الفعل، سنتورط عندما يُطلَب منا الإتيان بفكرة. كما سيؤدي نسب آراء الآخرين وأفكارهم لأنفسنا إلى الكسل الذهني، لنصبح شتات شخصيات مُقتبَسة من هنا وهناك، بدل بناء شخصيتنا الفكرية المستقلة والأصيلة. 🧟♂️🫳🏻
أما السماح بتبنّي الآخرين لأفكارنا ففيه تهذيبٌ للنفس بالتخلّي عما من شأنه دفعها إلى التباهي والعُجب، كما يدفع إلى تقوية النفس وتذكيرها بمقدرتها على الابتكار. فالعقل الذي أتى برأي أو فكرة كهذه، لا يعجز عن الإتيان بما هو أفضل. 🌾 🌟
🧶 إعداد
شهد راشد
لمحات من الويب
«لا أعرف لماذا أصنع ألعاب الفيديو التي أصنعها، كل ما أعرف أني أستمتع بصنعها، وهذا هو الدافع الذي يحفّزني.» شيقيرو مياموتو
«ذ فيرج» تجرِّب نظارة متا الجديدة «أورايون» برفقة مارك زوكربيرق.
في الثمانين من عمرك تكون قد أنهيت تدريبك، وتبدأ بممارسة فنَّك.
خلوني في قيلولتي.
قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀
لماذا أعدنا إحياء معايير جمالية متعِبة تهدد راحة واحدة من أساسيات الحياة مثل النوم في عصرنا هذا؟ 🪞
«كل عام تحضر لي هذه الصورة، وكل عام أحكم عليها أنها سيئة، فلماذا لا تزال متشبثًا بها إلى هذا الحد؟» 🏔️
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.