توأمك الرقمي سيستهلك ماءك، ويتركك عطشانًا! 🥵
من المتوقَّع أن يستهلك توأمك الرقمي ثلاثة لترات يوميًّا من الماء الصالح للشرب، أكثر مما تستهلكه أنت.
خطة تك توك في الدفاع عن نفسها ضد القرار الأمريكي بحجبها إذا لم تجد شاريًا أمريكيًّا لفرعها الأمريكي تتلخَّص في التالي:
شمعنى أنا!
ففي مقاضاتها للحكومة الأمريكية، فتَّنت تك توك على رفيقتيها الصينيتين: «شي إن» و«تيمو»، زاعمةً أنَّ كلا التطبيقين يشكلان خطرًا أفدح على الأمن القومي الأمريكي من خلال البيانات التي يجمعانها.
يبدو أنَّ تك توك تلعب على رهان إثبات أن القرار الأمريكي يخص تك توك تحديدًا، وليس معنيًّا بالحالة الأمنية القومية ككل، وإلا لطبَّق القرار على الكل.
لكن في حال خسرت تك توك الرهان، منظرها لن يبدو جيدًا أمام الرفاق الذين خانتهم، و«رمت بهم تحت الباص»! 👀🚌
توأمك الرقمي سيستهلك ماءك، ويتركك عطشانًا!
أكتب هذه التدوينة الخامسة والنصف فجرًا، في عمّان، بعد انقطاع الماء عن الشقة بسبب عطل في السخّان أسفل العمارة، وتسريبه الماء طيلة اليوم في غرفة السخانات دون أن ندري، بدل وصوله إلى الخزان على السطح. لنجد أنفسنا في وقت متأخر من المساء دون ماء.
وبفضل حلول ترقيعية طارئة، في انتظار تبديل السخان والمضخات في النهار التالي (إذ كعادة كل التصليحات المنزلية، دومًا يكتشف المصلّح مشكلة أكبر وأعقد وتتطلب تكلفة أعلى وعددًا أكبر من العمّال)، فعلينا الاعتماد على القليل من الماء المتقطر من الحنفيات، وقناني الماء من البقالة.
وضع مزعج، أليس كذلك؟ خصوصًا لو فاتك موعد استحمامك المسائي.😣
الآن تصوَّر أن تعيش هذا الوضع كل يوم، لكن بدل أن يُهدَر نصيبك من الماء في غرفة السخانات، يُهدَر في مخازن البيانات الرقمية (المخازن السحابية حيث تحفظ كل الهراء اليومي الذي تنتجه) التابعة لقوقل ومتا ومايكروسوفت و«أوبن إيه آي» وأمازون، وكل شلة عمالقة التقنية والذكاء الاصطناعي!
هذا هو التهديد البيئي الذي ينتظرنا مع حلول عام 2030 (كلها كم سنة بس😰) الناتج عن استعمار جديد من نوعه هو «الاستعمار البياني» (data colonialism)، والذي يُعد امتدادًا للفكر الاستعماري الغربي التاريخي.
ظهر هذا المصطلح في كتاب «التكالب على البيانات» (Data Grab) للباحثين يوليسوس مهياس ونك كولدري. وهذا الاستعمار البياني له شقّان: الأول، امتلاك الشركة أكبر قاعدة بيانات ممكنة من المستخدمين حول العالم وتوظيفها لصالحها. والشق الثاني: حفظ هذه البيانات في مخازن في الدول النامية ودول العالم الثالث التي تتمتع بموارد ماء طبيعية وطاقة كهربائية رخيصة وضرائب منخفضة وتفتقر إلى تطبيق المعايير البيئية، ودول أمريكا اللاتينية على رأس هذه المناطق حاليًا.
وبالطبع الجفاف نتيجة مباشرة وفورية لهذا الاستعمار البياني البيئي.
نأخذ أورقواي على سبيل المثال. ففي تقرير مفصَّل نشرته المنصة البيئية الصحفية «مونقاباي» (Mongabay) حول الاستعمار البياني البيئي، لطالما تمتعت أورقواي بوفرة طبيعية من مياه الأمطار. لكنها الآن تعيش جفافًا هو الأسوأ بكثير منذ سبعة عقود، وعاصمتها مونتيفيدو أول عاصمة في العالم تعيش «اليوم الصفري»، أي اليوم الذي انعدم فيه وجود مياه صالحة للشرب. والحل الترقيعي الذي لجأت إليه الحكومة تمثَّل في السماح للسكان بشرب المياه المالحة مؤقتًا!
ضع في الحسبان هنا، أنَّ بينما السكّان يشربون الماء المالح غير المعالَج، مخازن البيانات الرقمية لا تستخدم المياه المالحة في التبريد، بل مياه الشرب. لماذا؟ لأنَّ مياه الشرب مياه معالَجة بالكلورين والبروماين، ما يعني أنها خالية من الكائنات المجهرية التي تهدد سلامة الأجهزة. فالماء متى مرَّ في تمديدات التبريد ترتفع درجة حرارته، وإذا لم يكن معالجًا، ستتكاثر الكائنات المجهرية وتهدد الأجهزة بالضرر.
ولأنَّ مياه الشرب الحكومية مصدر رخيص، بالطبع سيكون المصدر المفضَّل لدى شركات التقنية، التي لا تفضّل صرف أرباحها المليارية على معالجة المياه التي تستهلكها. وإذا ستسألني الآن: «لماذا تعتمد شركات التقنية على الماء للتبريد بدل أجهزة التكييف؟» فهنا تكمن المفارقة الساخرة. فامتناع الشركات عن استخدام أجهزة التكييف ينطلق من «التزامها البيئي» بخفض الانبعاثات الكربونية. أي تسهم بيدها اليمنى بإصلاح خلل بيئي، بينما يدها اليسرى تتسبب بكارثة بيئية أسوأ.
المفارقة الأخرى نجدها في تفسير بابلو قاميز سيرسوسيمو -الباحث في التقنية والتنوُّع الأحيائي- حين قال: «أنَّنا كلما اعتمدنا على وجودنا الافتراضي، سيحتاج ذاك الوجود إلى المزيد من الماء للبقاء. فالماء هو الذي يحيي وجودنا الافتراضي ويجعله ممكنًا.»، أي كما حال الماء مع كل شيءٍ حيّ.
وللعلم فقط: مع حلول عام 2030، من المتوقَّع أن يستهلك توأمك الرقمي ثلاثة لترات يوميًّا من الماء الصالح للشرب، أكثر مما تستهلكه أنت. (الإحصائية تخص المستهلك الأوربي، وأنا أدري أنَّ استهلاكي للإنترنت يفوق استهلاكه!) حينها لن تفيدنا الحلول الترقيعية ولا الحلول الجذرية، أمام استعمار تقنيّ يرى الحفاظ على توأمنا الرقمي حيًّا أهم من الإبقاء علينا أحياء.🤷🏻♀️
الشيء بالشيء يُذكَر ✍🏻
الكولاج وترتيب الأفكار والتدبُّر ✂️
يوم السبت قررت ألا أعتذر للمرة الثانية عن حضور ورشة «فن الجورنال» بسبب انشغالي بالمهام. وفي حال لم تمر عليك مقاطع «الجورنال» في تك توك، فهو فن التدوين العاطفي التصويري، ويعتمد كثيرًا على القص واللصق مع صندوق مليء بـ«الاستكرز». من جهة يبث فيك الحنين إلى أيام الروضة والابتدائي، ومن جهة أخرى يمنحك وقتًا للتدبُّر والتأمُّل في أفكارك دون ضغوط.
وأنا أقص الصور الأولى التي يفترض أن تكون الخلفية، تذكرت افتتاحية الروائية الألمانية جيني إيربنبيك لكتابها «ليست رواية لكنها شتات مذكراتي». في عام 1992، استغرقت إيربنبيك في كتابة بحث حول موضوع اقترحه أستاذها، وتقول إنها كانت المرة الأولى التي تعيش فيها متعة أن يفتح أحدهم بابًا لها لكي تتدبَّر وتتأمل في موضوع جديدٍ عليها.
كانت حينها تطبع على الآلة الكاتبة. وما أن انتهت من كتابة المسودة الأولى للبحث، حملت المقص وقصَّت الأوراق التي طبعتها، بحيث قصَّت كل فقرة وحدها. بعدها فرشت القصاصات على الأرض، وراحت تعاود ترتيب الفقرات، كل مرة في ترتيب مختلف، إلى أن شعرت أنَّ الأفكار باتت سلسة ومنطقية. هنا حملت الصمغ، وألصقت الفقرات بعضها ببعض في كولاج نهائي.
حين قرأت تلك الفقرة في مقدمتها، تذكرت لقاءً مع توم هانكس على بودكاست (The Ezra Klein Show)، ذكر فيه أنه حريص على اقتناء الآلات الكاتبة وجمعها، وإذا أحبَّ شخصًا، حرص على إهدائه آلة كاتبة. وحين سئل عن السبب وراء إهدائه هذه الهدية، قال: «لأن الآلة الكاتبة تجبرك على التروّي والتدبُّر مليًّا فيما تكتب، على خلاف الكتابة في الحواسيب والجوالات.»
بما أنه لا يوجد في حياتنا توم هانكس حتى يهدينا آلة كاتبة، ومع ضغط الحياة السريعة لن نستغني عن الكتابة بالحواسيب وممارسة القص واللصق بضغطة زر، علينا تدريب أنفسنا على التروي والتدبُّر. وليست فكرة سيئة على الإطلاق أن نبدأ هذا التدريب من ممارسة فن «الجورنال».
🌟 إعداد
إيمان أسعد
لمحات من الويب
«إياك تشعر بالأسى على حالك، فهذا دَيْدَن الحمقى.» هاروكي موراكامي
منذ اختيار أبل «التفاحة» رمزًا لعلامتها التجارية، وهي تدفع تعويضات لفرقة البيتلز. لماذا؟
بالتأكيد تعرف فرانس فورد كوبولا بوصفه مخرجًا عبقريًّا، لكنه أيضًا رائد أعمال بمسار مثير للاهتمام، ومع دروس قد تستفيد منها.
لما تقص شعرك عند حلاق ياباني.
قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀
مثلما يكمن الشفاء من الاكتناز القهري برمي الخردة خارج بيتك، فالشفاء من الاكتناز الرقمي يكمن في حذف تلك الملفات والقوائم بكل أشكالها. 😰
التقارير الأولية لجهاز مايكروسوفت الجديد «سرفِس إكس برو» (Surface X Pro) تشير إلى أنه جهاز واعِد. 🏎️
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.