هل من الممكن للأجانب ارتداء الثوب والشماغ؟ 🌍

أحيانًا لا ندرك أن تجربة ارتداء الزائر أو السائح أزياءنا الوطنية دلالةٌ على تعلقه بالمكان، واندماجه مع البيئة وثقافة المجتمع.

اكتسح المسلسل الناطق باليابانية «شوقن» (Shōgun) جوائز الإيمي ليلة البارحة، وحقق إنجازًا تاريخيًّا. بالتأكيد لا أشاركك الخبر هذا الصباح طمعًا بصيحة ابتهاج منك، لكن لأنَّ الانتصار الذي حققه المسلسل تطلَّب قرارًا إستراتيجيًّا خارج نطاق العمل الفني الإبداعي: الإعلان مبكرًا عن موسم ثانٍ والترويج له.

فالمسلسل جسّد كامل فصول الرواية التي اقتبس منها، ما يعني إنه ينتمي إلى فئة «مسلسل درامي محدود»، وحتى يتأهل إلى فئة «مسلسل درامي» الأهم بكثير، لا بد أن يتضمن أكثر من موسم، أو يوحي بوجود موسم إضافي.

ثمة حكمة شهيرة يقولها بطل المسلسل: «أنا لا أتحكّم بالرياح، لكني أدرسها.» هذه الحكمة حول الإمساك بدفّة مصيرك هي ما أود مشاركتك إياه هذا الصباح. ⛵️🌬️


دعوة للمساعدة 👋

إذا كنت سعوديًا، في أواخر العشرينات فما فوق، فهذا الاستبيان القصير موجّه لك. ستساعدنا إجابتك عليه بدقّة في كتابة مقالة قادمة في نشرة الصفحة الأخيرة.

يحتاج الاستبيان أقل من 30 ثانية من وقتك.


الشماغ وغير السعوديين / Imran Creative
الشماغ وغير السعوديين / Imran Creative

هل من الممكن للأجانب ارتداء الثوب والشماغ؟

أنس الرتوعي

حكت لي جدتي نورة رحمها الله، بلهجتها البدوية الحجازية، عن يوم لا يُمحَى من ذكريات طفولتها: «جانا عبد العزيز بن سعود في عفيف، وكُنا بدو رحل ما عندنا شي.» كانت جدتي حينها مختبئة في خيمة والدها، وتسترق النظر إلى الملك عبد العزيز ورجاله -رحمهم الله- الذين كانوا يوزعون الطعام على كل أسرة، وكانوا كذلك يمنحون كل رجل ثوبًا وشماغًا جديدًا.

اعتدت ارتداء الثوب والشماغ منذ كنت طفلًا، وأحسب أن غالبية السعوديين مثلي. فأماكن العمل والأسواق، وحتى صورنا في مواقع التواصل، تجعلنا قادرين على تمييز أنفسنا. في المقابل، انظر إلى أي صورة في أي دولة غربية، وحاول تمييز هوية الظاهرين أو جنسياتهم من خلال أزيائهم. غالبًا لن تستطيع، فلا لباس واضح يجمعهم؛ فهم مشتتون، وكل منهم يمثِّل هوية وبيئة مختلفة!

قد لا ندرك في أحيان كثيرة جمالية الثوب الأبيض؛ فنحن اعتدناه، واعتدنا أننا كلنا بمستوى أناقة واحد، ليأتي مظهرنا معًا لوحةً فنية خالية من العيوب. فكر فقط في اللحظة التي تفتح فيها خزانتك وتختار أي ثوب أبيض، أنت بذلك جاهز للعمل وللمناسبات العائلية ولقاءات الأصدقاء. والأمر ذاته مع النساء، فالعباءة ترفع مستوى أناقتهن دون عناء الدخول في عالم من الاختيارات غير المنتهية.

تقول الخبيرة في مجال التراث، وأستاذة الأزياء والمنسوجات الشرقية، الدكتورة ليلى البسام: «لقد تميزت بلادنا بأزيائها التقليدية الخاصة بها المستمدة من بيئتها، والمناسبة لطبيعة معيشة سكانها. فهم يلبسون ثيابًا واسعة هفهافة من القطن الأبيض الرقيق لتحميهم من لفح الشمس، وتساعد في مرور الهواء لتبريدهم بشكل طبيعي.»

إن ارتداءنا لباسنا التقليدي يساعدنا على تحسين الذوق العام وحفظه من خلال الحفاظ على الاتصال بقيمنا الثقافية والجمالية المتوارثة. كما أنَّ لباسنا التقليدي يجسِّد قرونًا من الحكمة المتراكمة في التصميم، حيث يتميز بالبساطة والأناقة الدائمة في كل وقت.

بحثت عن رأي غير السعوديين في ارتداء ثوبنا الأبيض، والغالبية رأوه جميلًا للعين ومريحًا عند الارتداء، لكن السؤال دومًا كان: «هل من الممكن للأجانب ارتداء الثوب والشماغ؟» ورغم عدد الأجانب الضخم في الرياض، إلا أنه يندر ارتداؤهم الثوب السعودي، باستثناء من نشأوا وعاشوا بيننا، فتطبَّعوا بطباعنا وأصبحوا مثلنا.

ولعلنا أحيانًا لا ندرك أن تجربة ارتداء الزائر أو السائح أزياءنا الوطنية دلالةٌ على تعلقه بالمكان، واندماجه مع البيئة وثقافة المجتمع. إضافة إلى أنها دليل على عمق التجربة الثقافية التي حصل عليها، والتي قد ينقلها إلى شتى أنحاء العالم. 

لذا قد يكون السؤال «هل من الممكن للأجانب ارتداء الثوب والشماغ؟» مفتاحًا لنا للعالم، ودعوة الجميع ليكونوا جزءًا من ثقافتنا. فكما نقدم اليوم قهوتنا السعودية لجميع زوارنا، لماذا لا نبدأ من حيث بدأت جدتي قصتها، ومن حيث بدأ الملك المؤسس، ونبدأ بتسويق أزيائنا في كل مكان، وننشر لباسنا التقليدي الذي يقف درعًا حصينًا يحمي هوياتنا، ويحكي قصتنا، ويرحّب بالعالم أجمع في وطننا.


فاصل ⏸️


شبَّاك منوِّر 🖼️

تعرفت على فن صفية بن زقر صدفةً، ودهشت أنني لم أعرفها قبل ذلك. اكتشفتها في أثناء بحثي عن الأزياء التقليدية ضمن مهام عملي. وبرغم انشغالي الشديد بالمهمات المتراكمة ومواعيد التسليم، إلا أنني كنت أختلس الوقت لتأمل لوحاتها.

فهي فنانة لها بصمتها التأسيسية، وأسلوبها المختلف عن فناني جيلها. إذ بينما شُغِل الفنانون السعوديون بالحياة والتراث خارج أسوار المنزل بحثًا عن الإلهام، قررت صفية بوعي أن تركز على الحياة اليومية داخل البيت السعودي.🇸🇦🏡

  •  أول لوحة وقعت عيني عليها هي «الزبون»، المعروفة أيضًا بـ«موناليزا الحجاز». والطَّريف أنني لم أنتبه للزي، بل غرقت في الملامح وسطوع الألوان وصراحة التفاصيل ودقتها رغم قلة عناصر اللوحة. لحظتها أدركت براعة فنها وصدقه، كأنني أتعرف على المرأة الجالسة أمامي وأنتظر حكاياتها. فهي حجازية ترتدي زيها التقليدي «الزبون» المقلّم بلون ساطع، وتجلس على كرسي محفور مزيّن بالصدف، بخلفية زخرفية بسيطة.

  • صحيح أن الهدف توثيق الزي التقليدي، لكن اللوحة أكثر من ذلك، لأنها تعكس ثقافة المنطقة وفنونها. فالزخارف الإسلامية على الجدار تشبه ما عرفناه في بيوتنا، وفي وقار المرأة وتقاطيع وجهها شعورٌ بالألفة، وهذه الألفة هي طابع أعمال صفية بن زقر، فكل لوحة تُشعرك بانتمائك إليها بشكل ما، وترسم في مخيلتك زمنًا تود السفر إليه. 🧕🏼💛

  • في أعمال صفية بساطة موضوعية آسرة، تختار المشاهد العادية والجانبية، مثل الأعمال اليومية وألعاب الأطفال والحرف الشعبية، وتحوّل المعتاد بفرشاتها إلى عمل يبهرك ويُشعرك بضرورة التوقف لتقدير جمال البساط في مجلس العائلة، وفي زي تراثي لم يعد يُرتدَى، وفي نافذة خشبية قديمة في مبنى متهدم لا يلتفت إليه أحد. 🪟 🖼️

  • أسرتني لوحة لا أعرف اسمها، لمجلس تتوزع فيه النساء، إحداهن تعزف العود والأخرى تدق على المرواس، بينما تجلس أخرى لتضفير شعرها وتحنية يديها، ومن الباب تقبل امرأة حاملة صينية كبيرة. تبدو اللوحة لأول وهلة لقطة لجلسة معتادة في يوم اجتمعت فيه نساء العائلة، ولكني أظنها تجهيز عروس لليلة حنائها. وكلما أعدتُ التأمل، ظهر تفصيلٌ جديد، مثل الكتابات على العمود، والزخارف على البساط، والألفة المعهودة. هنا قوة فن صفية: في توثيقها تفاصيل بدأت تندثر، وإيقاد رغبتنا في إعادة إحيائها. 🎶🌿

🧶 إعداد

شهد راشد


لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+330 متابع في آخر 7 أيام