ماذا أعددنا في مواجهة التسطيح الثقافي؟ 🙄

ما العدة التي أعددناها في مواجهة التسطيح الثقافي، عدا السخرية في البودكاست ممن يقولون «أوه جييز»؟

النصيحة التسويقية التي يشجع بها مؤسسو حاضنة الأعمال «واي كومبيناتور» روّاد الأعمال الشباب على التقدُّم إلى البرنامج: زد رقعة حظك!

النصيحة معناها أنك كلما وضعت نفسك في مواقف قد تتعرض فيها للرفض، فأنت تمنح الحظ فرصة أعلى لكي يحالفك.

فنصيحتنا لك هذا الصباح من غير أي نيّة تسويقية: زد رقعة حظك!🪄


التسطيح الثقافي / Imran Creative
التسطيح الثقافي / Imran Creative

ماذا أعددنا في مواجهة التسطيح الثقافي؟

إيمان أسعد

مر عليّ في تك توك مقطع من بودكاست «أريكة»، يستغرب فيه طلال لجوء بعض معارفه من الشباب إلى التعبير عن ذهوله بالتعبير الأمريكي «أوه جييز» أو «جيسيس كرايس». وعدا أنَّ كلا التعبيرين ينافيان الجانب العقائدي الإسلامي، يعكس التعبيران صورة هزلية عن تقمُّص قائلها الثقافة الأمريكية السطحيَّة التي تشرَّبها من الأفلام والمسلسلات.

تذكرت هذا المقطع وأنا أقرأ مقال «أوربا مذعورة من فقدان الصلة الثقافية في عصر الذكاء الاصطناعي» (Europe Scrambles for Relevance in the Age of AI) الذي ابتدأ بالإشارة إلى المعضلة التي يعيشها الشعب الفنلندي بسبب استخدام «تشات جي بي تي». وهذه هي المعضلة:

«حين يتحدث الفنلندي مع "تشات جي بي تي" وأشباهه من أدوات الذكاء الاصطناعي، غالبًا يستشعر وجود خطب مستتر في عملية المحادثة حتى إن كانت باللغة الفنلندية، وأنَّه لو كان يجري هذه المحادثة بشكل طبيعي مع فنلندي آخر لما جرت على هذا النحو. فمثلًا، معروف عن الشعب الفنلندي صراحته المباشرة في الحوار حدّ الجلافة والفظاظة، بينما تميل بوتات الدردشة إلى اللطف والدماثة والصوابية.»

هذا الخطب المستتر يعود إلى نشأة بوتات الدردشة على يد مطورين في شركات أمريكية من جهة، واعتمادها الكاسح في التدرُّب على بيانات المحتوى الأمريكي من جهة أخرى، ما يكسبها «النبرة» الأمريكية.

ويعبِّر بيتر سارلِن، مؤسس (Silo AI) أكبر مختبر أوربي للذكاء الاصطناعي تابع للقطاع الخاص في أوربا، عن قلقه الحقيقي من اختفاء التمايزات المجتمعية والثقافية في لغة الحوار على مدّ قارة أوربا، وانصهارها في سمة ثقافية أمريكية مسطَّحة، قائلًا: «قد تتحدَّث هذه البوتات باللغة الفنلندية، لكنها يقينًا لا تفكِّر بها.»

من هذا المنطلق الثقافي الهويّاتي، ولأسباب اقتصادية أيضًا، تسابق أوربا الزمن في تحقيق هدف «السيادة الوطنية على الذكاء الاصطناعي» (AI sovereignty) من خلال إنشاء شركاتها الكبرى في الذكاء الاصطناعي وتطوير بوتات دردشة محلية، ومحاولة ردع تغلغل عمالقة التقنية الأمريكية في أوربا من خلال القوانين والتشريعات. لكن من الواضح أنها دخلت السباق متأخرًا مع تقدُّم أمريكي شاسع، ينافسه حاليًا الصيني فحسب.

فماذا عنّا نحن العرب؟ محتوانا العربي في الإنترنت لا يتجاوز 3%، ونعتمد اعتمادًا شبه كليّ على منتجات شركات التقنية الأمريكية، من ضمنها «تشات جي بي تي». ما العدة التي أعددناها في مواجهة التسطيح الثقافي، عدا السخرية في البودكاست ممن يقولون «أوه جييز»؟


شبَّاك منوِّر 🖼️

غالبًا تكون اختياراتي لتوصيات الخميس خفيفة، إلا أنني تابعت «مير أوف إيست تاون» (Mare of Easttown) الأسبوع الماضي ولم أتمكن من التوقف. يتناول المسلسل قصة محققة تعيش في بلدة صغيرة تلاحق قضايا قتل واختفاء عدة فتيات من البلدة، في سبع حلقات حزنت فيها وابتسمت وصُدمت! 😟

  •  تصارع ماري صعوبات حياتها الشخصية والمهنية، وفي أحد المشاهد تتهجم لفظيًا على والدة ابنة مفقودة طالبت إعلاميًا بإيجاد ابنتها. تراه ماري اعتداءً موجهًا لها باعتبارها مقصرة، وفي كل حلقة يتضح تمحور تركيزها على «الأنا» واعتقادها أن الجميع يتصرف بسوء لاستقصادها. قد يكون منبع هذا التصرف داخليًّا، ولكن علينا التوقف لحلِّه عندما يظهر على السطح ويؤثر في كل تعاملاتنا. وربما علينا التواضع وتذكير أنفسنا أن لكل شخص حياته ولسنا محورها. 🫣🗣️

  • تمر لوري صديقة ماري بصعوبات زوجية، شهدها طفلها وعلم السر الذي يخفيه والده إلا أن الأب أجبر ابنه على إخفاء حقيقة مؤلمة عن والدته، ولم تكن هذه المرة الأولى. أعتقد أن إدخال الأبناء، لا سيما إن كانوا أطفالًا، في تفاصيل الخلافات الزوجية تصرف خاطئ تمامًا لأنه يشعرهم بضرورة الانحياز، وقد يبعث الحيرة أو الغضب أو الخوف فيهم. وقد يتهاون الوالدان بذلك باعتبارهم أطفالًا يكبرون وينسون، لكن الذكرى ستبقى، وربما تقود إلى نتائج لا تحمد عقباها مثلما حصل هنا. 🤫👀

  • كان ابن ماري يعيش مرحلة حرجة إثر إدمانه، وركزت هي وزوجها على دعمه، وبعد وفاته غرقت في عملها. في خضم هذه المعمعة تُنسَى ابنتهما «شيوفان»، وتُترك لتعتمد على نفسها باعتبارها الطفلة الصالحة. مع ضرورة إعطاء الدعم للطفل الذي يحتاجه أكثر، إلا أننا دائمًا نرى أطفالًا يُهملون باعتبارهم مثاليين، بينما تكمن الأبوة والأمومة ببذل الحب والرعاية، ولا تقتصر على الدعم عند الحاجة الماسّة. 🧒🏻❤️‍🩹

  • ترفض ماري التفكير بابنها المتوفى، أو اللجوء إلى مختص نفسي يساعدها في معالجة حزنها. تتناساه وتحفر حفرة عميقة تختبئ فيها، وترتكب أخطاء كبيرة، وتتعامل بسوء مع الآخرين، وتفوت الكثير من الفرص لأنها تهرب من حزنها وترفض تقبُّل ما حدث. يختلف تقبل كل شخص وتعامله مع فقد أعز ما لديه، ولا يوجد تاريخ محدد يُتوقَّع منا خلاله تجاوز حزننا، ولكن المهم إدراكه والتعرف عليه والسماح له بالتواجد بدلًا من الالتفات عنه، لأنه لن يعيش معنا. 🫂💗

🧶 إعداد

شهد راشد


لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀