الجوانب المظلمة لرعاية الذات 🙅♀️
قد تبني عادات الرعاية الذاتية شيئًا من الضعف وتراجع المرونة في التأقلم مع تغيرات الحياة وضغوطاتها.
لفتت انتباهي في مقالة على الإيكونومست المقارنة بين سباقات المئة متر السريعة وسباقات المسافات المتوسطة والطويلة:
الأولى تذهلك لأنَّ فيها استعراضًا لخوارق الإنسان في غضون عشر ثوانٍ، لكنها لا تمنحك الدراما الإنسانية واستراتيجية النفس الطويل في الوصول إلى خط النهاية التي نشاهدها في سباقات المسافات المتوسطة والطويلة.
فكِّر فيها شوي. 🏃🏻♂️
الجوانب المظلمة لرعاية الذات
شهد راشد
لجأتُ إلى مختصة نفسية في إحدى مراحل حياتي، وأخبرتها أنني أفعل كل ما يُفترض أن يساعدني على تحسين شعوري، ضمن قائمة الاهتمام بالذات التي أراها في كل مكان. وبرغم طول القائمة فقد كنتُ أحاول تنفيذ الكثير منها؛ فأنا أتمرن بانتظام، وأعمل في مهنة شيّقة، وأمارس هوايات عدة، وأحاول الحصول على ساعات نوم جيدة، ومع ذلك لا يمكنني إزاحة الغمامة السوداء من فوقي، فأين تكمن المشكلة إذن؟
فكان ردها: ولكنك تقضين كثيرًا من الوقت وحدك، حتى أنك تميلين إلى الهوايات التي تمارسينها وحدك في غرفتك.
عند الحديث عن رعاية الذات أو ما يعرف بمصطلح «Self Care» تتكرر جمل رنانة مثل رعاية الذات، وأنها تختلف حسب كل شخص، وأن عليك أن تختار ما يجلب لك السعادة. بيد أنه تظهر في كل فترة ممارسة جديدة تندرج تحت الرعاية الذاتية. فلم تعد هذه مقصورة على العادات الأساسية الموصى بها، من التي تدعم جودة حياة أي شخص مثل الرياضة والنوم والغذاء، بل تحولت إلى جدول يومي لا بداية له ولا نهاية.
لا بد من نظام عناية بالبشرة بمراحل معقدة، ووجبات صحية محضّرة منزليًا بمكونات عضوية ثمينة تصاحبها مكملات وأطعمة سحرية، مع العمل الجاد لتحقيق النجاح الساحق. لكن التمادي في العمل قد يسيطر على حياتك، ولا تنسَ أنك تحتاج الرياضة اليومية مع مشي عشرة آلاف خطوة، إضافة إلى جلسات يوقا وتأمل صباحي، ورحلات استرخائية، واختلاط مع الأصدقاء، والحصول على وقتك الخاص، والنوم ثماني ساعات متواصلة كل يوم، يحسبها لك آخر إصدار للخاتم الذي يراقب نبضات قلبك في أثناء النوم… سأكتفي بهذا.
أعتقد أن الوعي بضرورة الاهتمام بأنفسنا روحيًا وجسديًا وعقليًا أمرٌ رائع، ولكن له جوانب سلبية قد تقوّض سعينا للوصول إلى السلام النفسي والتوازن. كثرة المتطلبات التي نسعى لإدخالها حياتنا تنبع من حاجتنا لنصبح نسخة أفضل من أنفسنا ولنستمتع بحياتنا، ولكننا في المقابل نشعر بالتقصير والذنب وبأننا خذلنا أنفسنا إذا لم ننفذ جميع ما خططنا له لنصبح أفضل، بخاصة إن كنا نمر في مرحلة صعبة كضغوطات عملية أو مصاعب عائلية. فهنا تصبح الرعاية الذاتية عبئًا أكثر من كونها نظامًا داعمًا؛ فالحياة تجبرنا أحيانًا على عدم التوازن؛ وهذا يدفعنا لإهمال بعض الجوانب والتركيز في غيرها.
وعلى الجانب الآخر قد تسهم الرعاية الذاتية المتطرفة في إشعارنا بالوحدة وزيادة أنانيتنا وانغلاقنا داخل فقاعة الذاتية. لأن معظم منتجات وعادات رعاية الذات التي يُسوَّق لها تُوجَّه للأفراد، وفي قالب فردي، كما تنادي بضرورة فرض الحدود وطردِ جميع من يؤثر سلبًا فينا أو لا يجلب لنا المتعة من حياتنا، مع وضع الأولوية لما نحتاجه ونرغب فيه كل مرة. فنهمل حاجات من حولنا التي قد تتطلب حضورنا ودعمنا، لنكتنز المحبة واللطف والتفهم لأنفسنا. ولا يعني هذا تقبل الإيذاء، أو عدم الاستمتاع بشيء من العزلة طبعًا.
زيادةً على كل هذا، قد تبني العادات المدرجة تحت مظلة الرعاية الذاتية شيئًا من الضعف وتراجع المرونة في التأقلم مع تغيرات الحياة وضغوطاتها. فنحتاج إلى التوقف عند كل عقبة لإعادة شحن أنفسنا وممارسة طقوسنا، حتى نتمكن من العودة إلى حياتنا كما اعتدناها ضمن نظام محسوب.
في المقابل قد تعوق أو تؤخر هذه الممارسات اللجوء إلى المساعدة عند حاجتنا إليها؛ فيشعر الذي يمر بفترة اكتئاب أو يعاني قلقًا مزمنًا بأن الحل في متناول يده، وما عليه إلا حضور جلسة يوقا يصاحبها التأمل على أصوات الكريستالات مع كتابة يومياته في دفتر ليتحسن. لكن هذا قد يدخله دوامة من الحلول التي قد تساعده لحظيًا أو يعجز عن تنفيذها أو تُشعره بالإحباط، وقد يكون بحاجة إلى تشخيص ودعم طبي ليمارس حياته بشكل طبيعي.
والآن أود زيارة الزاوية المظلمة من حركة الرعاية الذاتية، التي تكمن في كونها تجارة مربحة. فقد سجلت هذه الصناعة أرقامًا هائلة بأرباح بلغت 5.6 تريليون دولار خلال 2022، وتندرج ضمنها منتجات الجمال والأغذية والرياضات والسياحة وورش العمل. وهذا يدعو لتسليط الضوء على أن الأمر قد ينحصر في الفئات الأشد ثراءً ويشكل ضغطًا كبيرًا على الفئات الأقل حظًا.
أظن أن ممارسة الرعاية الذاتية ضرورية، لكنها تتطلب وعيًا مضاعفًا بحاجاتنا وبيئاتنا ومجتمعنا، وألّا ننساق خلف كل ما نراه منها، بخاصة مع تحولها إلى صناعة تريليونية في السنوات الأخيرة. وقد تكون العودة إلى الأساسيات وتشذيب الزوائد انطلاقة تمكننا من بناء نظام مستدام.
شبَّاك منوِّر 🖼️
في القرن الرابع الهجري، شُغِل ذهن وقلب أبي حيان التوحيدي الأديب والفيلسوف بأسئلة لا يعرف لها جوابًا، فتوجه بها إلى الفيلسوف المُطّلع مسكويه، وقد أطلق على أسئلته اسم «الهوامل»، أي الإبل التائهة؛ فكأن أفكاره تاهت وتبعثرت. وسمى مسكويه إجاباته «الشوامل»، وهي الحيوانات التي تحرس الإبل التائهة وتجمعها وتعيدها لمكانها. فخرجا إلينا بكتاب «الهوامل والشوامل». 📜
في أثناء تصفح الكتاب استغربت أننا ما زلنا بعد قرون عدة نتساءل الأسئلة نفسها ونحتار في الأمور ذاتها، ولا أعرف هل يعود هذا لقلة اطلاعنا أم لعدم قبولنا إجابات من سبقونا؟ أم لأن العصر تغير وتغيرت معه الإجابات وبقيت الأسئلة كما هي؟ يتناول الكتاب مسائل طبيعية وخلقية واقتصادية واختيارية بلغت 175 سؤالًا. قراءتها ممتعة؛ لأنها حوار بين عقل متذبذب وحكيم مستمع. 🌟🌪️
يقول الشاعر: «رُبَّ يوم بكيتُ منه فلما/ صرتُ في غيره بكيتُ عليهِ». ذلك ما دعا أبا حيان للسؤال: «ما السبب في اشتياق الإنسان إلى ما مضى من عمره حتى إنه ليحن حنين الإبل ويبكي بكاء المتململ ويطول فكره بتخيُّله ما سلف؟» 🐪 🥲
أجاب مسكويه إجابة مطولة اخترت منها ما أظنه يلامس الكثيرين، بعد ذكره لسببين أضاف سببًا ثالثًا: «يُشوِّق إلى الصبا أن الأمل حينئذٍ في البقاء قوي، وكأن الإنسان ينتظر أمامه حياة طويلة، فكلما مضى منها زمان تيقَّن أنه من أمدِه المضروب وعمره المقسوم، فاشتاق إلى أن يستأنف به طمعًا في البقاء السرمدي الذي لا سبيل للجسد الفاني إليه.» 🕯️ ⏳
🧶 إعداد
شهد راشد
لمحات من الويب
«إيّاك تتعجَّل، وإيَّاك تركن إلى الراحة.» يوهان قوته
ما اللون الذي يُفقِد الرسامين عقولهم؟
من مدونة هيفاء القحطاني: كيف يساعدك المثل «الكلمة اللي تستحي منها بدها» على طرح السؤال الصعب.
مو على أساس الحب جنون ويخلص بحرف النون؟
قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀
من أهم صفات المدقق اللغوي أن يكونَ متربّصًا، ما دام يتربّص قبل النشر. ✍️
كعادة الآباء في جيلي حاولت يائسًا نقل تجربتي تلك إلى طفلتيّ الصغيرتين وسرد فوائد القراءة عليهما لكن دون جدوى. 🧛
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.