«أنا كين» والشر المطلق في كونك عاديًّا

مرآتنا الذاتية تشوَّهت بفعل سيلٍ لا ينقطع من صور تفوُّق الآخرين -سواء من محيطنا العائلي والمهنيّ أو الأغراب-.

«ليست إبادة جماعية إذا لم يشكِّل القتلى حتى اليوم إلا 1% من سكَّان غزَّة.» 

هذه خلاصة الحجة الداعمة للكيان الإسرائيلي في حربه الوحشيَّة ونفي صفة الإبادة عنها. لكن لننظر إلى الأرقام الأخرى: 1.9 مليون فلسطيني (85% من سكَّان غزة) نزحوا عن بيوتهم التي تدمرت معظمها، 1.4 مليون فلسطيني لاجئ في مدارس ومراكز الأونروا، ثلثا المستشفيات تعطَّلت والبقية عاجزة عن تقديم المساعدة للجميع، لا وجود لمياه نظيفة، جيوب الأوبئة والمجاعة تمتد، البنية التحتية انهارت، الجامعات تفجَّرت إلى غبار، عدد الأطفال الذين يموتون من الرعب (بمعنى الكلمة) في ارتفاع، قلوبهم الصغيرة لا تحتمل ضخ الأدرينالين المتواصل. 

غرض هذه الحرب ليس قتل البشر فحسب، بل قتل «قيام فلسطين» كدولة حقيقية، وهذا هو جوهر «الإبادة الجماعية». 

في عددنا اليوم 📨 نتأمَّل أغنية «I'm Just Ken» وجذور الشر المطلق في كونك عاديًّا، وكيف قلبت حملة في تك توك الرأي العام ضد اللاجئين الروهينقا، وما النصائح التي تساعدك على كبح رغبتك في الشراء الإلكتروني، وكيف تنفِّذ بنفسك تجارب المحقق كونان.❤️

إيمان أسعد


كين حبيس الاعتيادية / Imran Creative
كين حبيس الاعتيادية / Imran Creative

«أنا كين» والشر المطلق في كونك عاديًّا

إيمان أسعد

على خلاف ريان قوسلينق، لم أتفاجأ بفوز أغنية «أنا كين فحسب» «I'm Just Ken» على أغنية «لأي غاية صُنعت» «What was I made for». لا علاقة للأمر بشبهة تحقيق الذكوريَّة انتصارًا ساحقًا على النسوية في عقر عالمها الزهري، بل له علاقة أنَّ معاناة كين الواقعيَّة مسَّتنا وفاجأتنا نساءً ورجالًا أكثر بكثير من معاناة باربي الوجودية المتوقَّعة لامرأة مثالية طيلة الوقت.

كين يعيش الشرَّ المطلق في أن تكون «مجرَّد إنسانٍ عاديّ».

إذا قرأتَ مقالات الفيلسوفة الفرنسية الصوفيّة «سيمون فيه» ورسائلها الشخصية، ستعرف أنِّي استعرت وصف «الشرَّ المطلق» منها. في نظرها، «الاعتيادية» (mediocrity) خطيئة بشريَّة وشرٌّ روحي كامن لا بد للإنسان من السعي الحثيث نحو الخروج من دائرته. «ما يصعِّب علينا الارتقاء بذواتنا إلى صورتنا المثلى هو ذاك الجزء "العادي" فينا الذي لا يخشى الإرهاق والمعاناة في محاولاتنا المتكررة، بل يخشى على نفسه من أن نقتله.»

حتى أكون صادقة، ولكي لا أمارس خطيئة الاقتباس بما يتوافق مع أهوائي خارج السياق، فالسياق الفلسفي هنا هو الارتقاء الروحي إلى الصورة الإنسانية المثلى بكل فضائلها الأخلاقية التي خلقنا عليها الرب. لكن هذا السياق الفلسفي لا ينفصل عن تجربة سيمون الشخصية القريبة إلى تجارب الكثير منَّا. 

عاشت سيمون طفولتها بصفتها الأخت الصغرى لأخٍ نابغة في الرياضيَّات منذ طفولته، وكان محط اهتمام والديها والجيران والعائلة الممتدة والمجتمع المحيط بها. وكما تقول ليزلي فيدلر: «كانت تلك العلاقة مع أخيها الجذر الأساسي لكل مشاكلها وتصوُّراتها عن نفسها، ومهما بلغت إنجازاتها الأكاديمية والفلسفية، ورغم كل الاحترام والاعتراف الذي نالته، لم تتخلص من الإحساس بأنها مجرد عادية وغبيَّة.»

ومثلما عاش كين حبيس صورته مقارنةً بباربي، عاشت سيمون حبيسة علاقتها بأخيها وصورتها مقارنةً به. الغريب أنَّ هذا الإحساس لم يتزعزع حتى مع ابتعادها عن عائلتها، وكأنَّها عجزت عن التحرُّر من العالم المتخيَّل الذي شيَّدته في ذهنها حيث يسيطر تفوُّق أخيها ومثاليته على صورتها وانطباعها عن نفسها، وتسلَّل حتى إلى فكرها الفلسفي. 

في هذا العصر، ما عدنا بحاجة إلى أخ نابغة يُشعرنا بشرِّ عاديّتنا. فمرآتنا الذاتية تشوَّهت بفعل سيلٍ لا ينقطع من صور تفوُّق الآخرين -سواء من محيطنا العائلي والمهنيّ أو الأغراب- في عالم متخيَّل مشيَّد في جوالاتنا وقوامه منصات التواصل الاجتماعي. وليست نظرتنا إلى أنفسنا فحسب تشوَّهت، بل حتى رغباتنا؛ إذ كما يقول رينيه جيرار حول أزمة الهوية، «أخطر الرغبات التي تنتابنا هي تلك التي تنتابنا لأنَّ الآخر الذي تعلَّقنا به هو من رغب فيها.» 

إذا شاهدتَ الفلم، واستفزَّك توق كين غير الطبيعي إلى اهتمام باربي، فنحن لا نختلف عنه كثيرًا. كل «إعجاب» و«إعادة نشر» وتفاعُل هو في الواقع اهتمامٌ انتزعناه من «الآخر» ويسعدنا، ويفسِّر إدمان الكثير منا على هذه المنصات، والذي انتقلت عدواه إلى حياتنا الواقعية. «لا احتياج يتوق إليه التعساء من الناس أكثر من نيل الاهتمام.» طبعًا، مرة أخرى، سياق هذا الاقتباس من سيمون هو التعاسة المتأتية عن المعاناة الحقيقية، البعيدة كل البعد عن معاناة عصرنا المعروفة بلقب «الهشاشة النفسية». 

هذه العلاقة «الاعتمادية» على الآخر في رؤية الذات وتشكيل رغباتها وصنع سعادتها، تصفها سيمون: «حين تغدو كل طاقتك الحيوية معتمدة على ضرورة وجود الآخر، فهذا التعلق يستهلك طاقتك إلى أن تخبو ولا يعود لك وجود..أي علاقة أساسها هذا التعلُّق علاقة قبيحة ومرعبة أكثر من أي شيء آخر.» 

هذا الرعب نستشعره في كين، ويخترق قشرة شخصيته السطحيَّة المتبديَّة لنا، حتى إن كان «يجهل كيف يعبر عنه» (I have feelings I can't explain)، وعلى ما يبدو نحن أيضًا نجهل كيف نعبِّر عنه.

لهذا فوجئ الكثير منَّا، بصرف النظر عن هوية المتلقي الجندرية، بتأثير أغنية كين فينا رغم طابعها الساخر قصدًا من الذكوريَّة الهشة، الذي فاق بكثير تأثير أغنية باربي العاطفية الأشبه بالنواح حول إشكالية المثالية في حياة المرأة العصرية. ربما لأنَّ الهشاشة المتأتية عن رفضنا تقبُّل شرَّ اعتياديتنا هي مرض العصر، والذي لن نتحرَّر منه إلا إذا فعلنا ما فعله كين، وكسرنا قيودنا التي تربطنا بالآخر لنكون «أنفسنا فحسب».


خبر وأكثر 🔍 📰

نشر الشائعات / Giphy
نشر الشائعات / Giphy

منصات التواصل تقلب الرأي العام على اللاجئين الروهينقا!

  • أتشيه الإندونيسية تنفر من الروهينقا! كان إقليم أتشيه من الأماكن القليلة في العالم التي شكَّلت خلال الأعوام ملاذًا آمنًا مضيافًا للاجئين المسلمين الروهينقا الفارين إليها على القوارب إما من الاضطهاد العرقي في ميانمار أو من الظروف البائسة في مخيمات اللاجئين في بنقلاديش. لكن في الأشهر الأخيرة، بدأ السكان المحليون يرفضون استقبالهم، وبلغ الأمر التهجُّم عليهم وطردهم من مساكنهم. فما الذي تغير؟ 🫴🏻🛶

  • حملة شائعات منظَّمة سبقت التغيُّر! انتشرت في تك توك فجأة حسابات تعتمد خطاب الكراهية في وصف الروهينقا. منشور نال 200 ألف إعجاب وصف الروهينقا بأنهم «طفيليون» وشبَّه وجودهم بخطر الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. منشور آخر اتهمهم بأنهم «لا يبدون مسلمين حقيقيين»، وأخرى وصفتهم بالكسالى النهمين ناكري الجميل والقذرين. تلك المنشورات، وفقًا لممثلة مفوضية شؤون اللاجئين، تبدو «محترفة» من حيث إعداد المحتوى والتنسيق الزمني في النشر على مختلف المنصات تحت أسماء مختلفة. 🥸📲

  • كلما هدأ الوضع اشتدَّت الحملة! أشار منسق إقليم أتشيه لجمعية الأشخاص المفقودين وضحايا العنف أنَّ مستوى العداء تجاه الروهينقا هو الأعلى منذ وصولهم في عام 2009. التواصل مع السكان المحليين كان يلطِّف الوضع إذا وقعت أي مشكلة، ولكن استمرار تشويه صورة اللاجئين عبر منصات التواصل الاجتماعي أدى إلى تصاعد الاحتجاجات ضدهم، وإثارة مخاوف السكان المحليين من عدم كفاية الموارد المحلية، وتحريضهم على المطالبة بطرد منظمات العمل الإنساني من الإقليم. 👊🏻😤

  • الكثيرون نسوا قضية الروهينقا! يوجد حاليًّا 1,750 لاجئًا من الروهينقا في أتشيه، وبعض السكان يتبرعون لهم بالغذاء والملابس ما أن يصلوا منهكين إلى الشاطئ. لكن المشكلة الحقيقية أنَّ التمويل المخصص للمنظمات الإنسانية الداعمة للروهينقا ومعدل التبرعات انخفض إلى حد كبير مع انخفاض الاهتمام العالمي بقضيتهم الذي بلغ حدَّ النسيان دونما حل حقيقيّ للأزمة. وانخفاض الدعم المالي مع النسيان يغذيَّان ظاهرة تأليب الرأي العام على اللاجئين، ظاهرة لا تقتصر على أتشيه والروهينقا، بل للأسف تتهدد اللاجئين في مكان. 📉😔

🌍 المصدر

شبَّاك منوِّر 🖼️

هل الشراء الإلكتروني وسيلتك لتخفيف التوتُّر؟ لا أستطيع إحصاء المرات التي وجدت نفسي فيها أتصفح حسابات المتاجر الإلكترونية كلما شعرت بالحزن أو الاستياء أو التوتر، لأجد نفسي قبل نهاية الشهر في ضائقة مالية! اليوم نستكشف نصائح الخبيرة المالية «تيفاني أليش» في السيطرة على الشراء الإلكتروني حتى لا يلتهم ميزانيتنا. 🛍️❤️‍🩹
  • لا تخطط ميزانيتك داخل رأسك، بل دوِّنها. عندما تقسم دخلك في رأسك ستتداخل المعلومات وتنفق معظمه في أول أسبوع. حدد مبالغ احتياجاتك الضرورية مثل الطعام والسكن والادخار، ولا تنسَ وضع مبلغ للمرح والمتعة، سواء كان 20 ريالًا في الأسبوع أو 200 ريال.💵🤩

  • اسأل نفسك قبل ضغط زر الشراء: هل أحتاجه؟ هل يعجبني ويسعدني؟ أم رغبتُ فجأة بالحصول عليه؟ ما تحتاجه قيمته فيه، ما يعجبك سيكون أثره الإيجابي قصير المدى، وربما يظل يعجبك لمدة عام، أما ما رغبت فيه فجأة ستضجر منه سريعًا وتندم على شرائه. 🫢💸

  • تعلَّم ميزانية «الخبز والجبن». ما الحد الأدنى الذي تحتاجه للاستمرار دونما اقتراض؟ وما الأشياء التي يمكنك الاستغناء عنها عند ضائقة مالية؟ ينبغي لك أن تكون قادرًا على إلغاء اشتراكاتك الشهرية في المنصات مثلًا، والاستغناء عن شراء القهوة اليومية، وإلغاء بطاقتك الائتمانية، وأن تتناول الخبز والجبن كل يوم، قبل اللجوء إلى مدخراتك، لكي تتعلَّم عواقب الإسراف. 🍞🧀

  • الفلس الأبيض لليوم الأسود. يفضل أن تمتلك في حسابك ما يكفيك لمدة 3 إلى 6 أشهر من المدخرات، وهذه النصيحة مني: افتح حسابًا بنكيًا منفصلًا في بنك مختلف، وفي كل شهر حوِّل مبلغًا ثابتًا أو اضبط سحبًا تلقائيًا، ثم حاول زيادته في بعض الأشهر. إياك تستخدم بطاقة ادخارك لأي عمليات شرائية، ولا تدرجها أبدًا في «أبل باي».📱🚫

  • لا تخُن نفسك المستقبلية. امنح نفسك المستقبلية اسمًا مختلفًا عن اسمك، فمثلًا تسمي «أليش» نفسها في عمر السبعين «واندا». هذه التسمية البديلة تقنعك بمسؤوليتك تجاه شخص آخر مسن يعيش حياة ما بعد التقاعد، وأنت مسؤول عن تأمين الأمان المالي له. تصوَّر شكل الحياة الجيدة التي تريدها لهذه النفس المستقبلية، ولا تخنها لأجل متعة لحظية لن تحلَّ مشكلتك الحقيقية التي تسبب لك التوتُّر. 🍹🏖️

🧶 المصدر

لمحات من الويب

نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+60 متابع في آخر 7 أيام