قمة مجموعة العشرين في الرياض: “ألوان السدو” ترسم اجتماع مجلس اقتصاد العالم وأمنه
أقيم اجتماع قمة مجموعة العشرين في الرياض، كتوكيد لأهمية المملكة الاستراتيجية مزيّن بألوان السدو.
لن يكون عام 2020 عامًا عاديًا للمملكة العربية السعودية على الأصعدة كافة، فهو العام الذي في مستهله تظهر نتائج برنامج التحول الوطني -أحد برامج رؤية المملكة 2030– في قياس أداء الأجهزة الحكومية، من خلال 551 مؤشرَ قياس تركز على 17 مكونًا رئيسًا.
وفي أواخره (21-22 نوفمبر 2020) تستضيف العاصمة السعودية الرياض قمة مجموعة الدول العشرين (G20) التي تسلّمت رئاستها من اليابان في 1 ديسمبر 2019.
وستُعقد القمة التي تكاد تكون مجلس اقتصاد العالم اجتماعها الخامس عشر في قلب الجزيرة العربية، تحت شعار استمد مصممُه الفنان السعودي محمد الهواس ألوانَه من خطوط النسيج البدوي التقليدي الذي يعرف بـ«السدو».
وتوجّهت أنظار العالم إلى هذه القمة لسببين:
الأول أن المملكة أول بلد عربي يستضيف قمة العشرين
والثاني أن الرياض بدأت باستضافة الاجتماعات التمهيدية التي يبلغ عددها حوالي 124 اجتماعًا
ومن المتوقع أن تستقبل الرياض أثناء القمة نحو 10 آلاف زائر إلى جانب زعماء ووفود الدول العشرين وضيوف الشرف.
وتركز السعودية التي تعد لاعبًا رئيسًا في المنطقة وتؤدي دورًا مهمًا في استقرار الاقتصاد العالمي، إضافة إلى ارتباط رؤيتها 2030 ارتباطًا وثيقًا بجوهر أهداف مجموعة العشرين من حيث التركيز على الاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة وتمكين النساء، وتعزيز رأس المال البشري وزيادة تدفق التجارة والاستثمارات- خلال رئاستها لمجموعة العشرين على الهدف العام وهو «اغتنام فُرَص القرن الحادي والعشرين للجميع» المتضمن 3 محاور رئيسة:
تمكين الإنسان: تهيئة الظروف التي تمكِّن جميع الأفراد، خاصة النساء والشباب، من العيش والعمل والازدهار.
الحفاظ على كوكب الأرض: تعزيز الجهود التعاونية فيما يتعلق بالأمن الغذائي والمائي والمناخ والطاقة والبيئة.
تشكيل آفاق جديدة: اعتماد استراتيجيات جريئة وطويلة المدى لتبادل منافع الابتكار والتقدم التكنولوجي.
ورسمت قيادة المملكة مع تسلمها رئاسة المجموعة في الأول من ديسمبر 2019 خريطةَ الطريق لعمل المجموعة حتى تاريخ عقد قمتها، إذ أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن
السعودية تعلن للعالم تفاؤلها وسعيها إلى أن تبني لمجموعة العشرين لعام 2020، بيئةً حيوية للخروج بمبادرات ومخرجات تحقق آمال شعوب العالم
وقال في كلمة ترحيبية بمناسبة تسلم السعودية رئاسة المجموعة:
اليوم، نواجه جميعًا مشهدًا عالميًا متغيرًا بسبب التغيرات المتسارعة تقنيًا واقتصاديًا وبيئيًا وديموغرافيًا، وحيث إن العالم يزداد ترابطًا يومًا بعد يوم، تواجه دول مجموعة العشرين وشعوبها تحديات مشتركة، وفي ظل هذه التحديات، فإن التعاون الدولي أصبح ضرورة ملحة لمواجهتها، ومن هذا المنطلق تؤمن السعودية بفاعلية العمل متعدد الأطراف للتوصل إلى توافق ذي منفعة متبادلة والتصدي للتحديات وصنع فرص للبشرية
وأضاف خادم الحرمين الشريفين:
لدينا في مجموعة العشرين مسؤولية وفرصة مشتركة لتطوير التعاون إلى آفاق جديدة، ويتوجب علينا استثمار ذلك لتمكين الإنسان وتمهيد الطريق للجميع نحو مستقبل أفضل وسن سياسات اقتصادية مستدامة لحماية كوكب الأرض، كما يتوجب علينا أن نمضي قدمًا للمستقبل وفق رؤية طموحة وطويلة المدى من شأنها أن تحقق أقصى استفادة من موجة الابتكار الحالية لتشكيل آفاق جديدة
وكذلك قال الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في تصريح:
تلتزم رئاسة المملكة العربية السعودية خلال رئاستها لمجموعة العشرين بمواصلة العمل الذي انطلق من أوساكا وتعزيز التوافق العالمي، وسنسعى جاهدين بالتعاون مع الشركاء بالمجموعة لتحقيق إنجازات ملموسة واغتنام الفرص للتصدي لتحديات المستقبل
وأضاف ولي العهد:
تقع المملكة العربية السعودية على مفترق الطرق لثلاث قارات وهي: آسيا وإفريقيا وأوربا. وباستضافة المملكة لمجموعة العشرين، سيكون لها دور مهم في إبراز منظور منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ونحن نؤمن أنّ هذه فرصة فريدة لتشكيل توافقٍ عالميٍّ بشأن القضايا الدولية عند استضافتنا لدُول العالم في المملكة
وتلقف الإعلام العالمي ومراكز الأبحاث الدولية خبرَ تسلم السعودية رئاسة مجموعة العشرين بإيجابية كبيرة، ووُصف الحدث بأنه «تاريخي» بصفته الأول من نوعه على مستوى العالم العربي، مما يعكس الدور المحوري للمملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي، خصوصًا أن دول مجموعة العشرين تُمثل ثلثي سكان العالم، وتضم 85% من حجم الاقتصاد العالمي، و75% من التجارة العالمية.
ولا يخفى على السعودية أنها برئاسة مجموعة العشرين، تدخل في تحدي الملفات الشائكة، خصوصًا الاقتصادية منها، إذ يقاسي العالم حاليًا جملة من المصاعب المرتبطة بالتنمية، يمكن اختصارها في 3 أشكال:
الأول يتعلق بالاقتصاد الكلي العالمي
والثاني بالأنماط أي التوتر السياسي
والثالث مرتبط بالاقتصادات المستجدة
إلا أن السعودية ستحقق في المقابل مكاسب إلى جانب المكسب السياسي من استضافة القمة؛ مكاسب اقتصادية خصوصًا للقطاعين السياحي والتجاري، إضافة إلى تعزيز الثقة في البيئة الاستثمارية والترويج لبرامج ومبادرات رؤية المملكة 2030، والشهادة الدولية بأهمية اقتصاد المملكة ودورها في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي في العالم.
ومن المكاسب أيضًا أن القطاعات الاقتصادية السعودية ستكون على موعد مع زخم كبير تقدمه القمة، من ناحية تعميق الشراكات التجارية الدولية والاستفادة من الفرص الاستثمارية الكبيرة المتاحة داخل المملكة، لا سيما أن قمة العشرين قمةُ الاقتصاد والمصالح، وفرصةُ ذهبية لدول العالم ذات الاقتصاد الأقوى لتبادل الفائدة والطروحات والخبرات.
وكذلك تكتسب القمة بعدًا سياسيًا كبيرًا، إذ ثمة من يشبهها بـ«مجلس أمن عالمي»، لكن بعضوية أكبر من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ومن هنا، تحمل قمة الرياض معانٍ سياسية كبيرة على المستويين الإقليمي والدولي، وتمنح المملكة مكانةً مرموقة واعترافًا دوليًا بأهمية دورها على شتى الأصعدة ومختلف الملفات في ظل حزمة من الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تهز العالم أجمع، في مقدمتها مواجهة التطرف والإرهاب بكل صوره، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، والعلاقات الأميركية-الروسية الفاترة، والعلاقات الأوربية-الروسية، مروًرا بالأزمات في المنطقة.
وتمتلك المملكة، انطلاقًا من موقعها القيادي في العالمين العربي والإسلامي، ونفوذها وعلاقاتها الدولية، أوراقَ تأثير قوية في معظم هذه الملفات، ويُتوقع أن تساهم بفعالية في تقديم حلول لمعظم هذه الملفات بما يعزز الأمن في المنطقة والعالم.