تضطرني طبيعة عملي إلى الذهاب بين الحين والآخر لمناطق ذات اتصال إنترنتي شبه معدوم، والبقاء فيها أيامًا. بدأ الأمر شاقًّا إبّان محاولة اعتيادي قضاء أوقات أطول مختليًا بنفسي، إضافة إلى التقلب المفاجئ لجدولي إذا ما احتجت إلى الذهاب للعمل، فضلًا عن قضاء دقائق طويلة محدقًا إلى شاشة هاتفي حتى تظهر علامة ✔︎ بجوار رسالة الوتساب. لكن على الرغم من ذلك، صارت العزلة لاحقًا محطة مهمة، فعلى الأقل أتاحت لي الفرصة لكتابة تدوينات مثل هذه.
لمّا ذهبتُ أول مرةٍ إلى بقعةٍ تنعدم فيها شبكة الهاتف كليًّا، أصبت بالذعر مذ اكتشفت شح استعدادي في أيامي الأولى؛ سرعان ما أنهيت الكتابين اللذين أحضرتهما، وقضيت على آخر ذرة قهوة، ولم يكن في هاتفي أي لعبة لا تحتاج إلى اتصال إنترنتي. قضيت أسبوعي الثاني آنذاك دون أن أمتلك شيئًا حقيقيًّا أفعله. كانت هذه الفرصة ما أجبرني على التخطيط لكل عمل ميداني قادم كما لو كان الحال نفسه، وعندئذٍ تفتحت الأبواب.
صرت أتعامل أساسًا مع كل شيء خارج إطار شبكة الإنترنت بقدر المستطاع. بدأت ألعب مجددًا ألعاب الفيديو من أجل قصصها بعد قضاء سنين طويلة مع «كول أوف دوتي» وألعاب الأونلاين، وأرجأت استخدام مستندات قوقل للضرورة مفضلًا الوورد لمختلف كتاباتي، وأنشأت لنفسي خطة غذائية وتمرينية يمكنني متابعتها بلا خوف من افتقاري لتطبيق أوثقها فيه. وبطبيعة الحال، تعلمت درسي بألا أقتصر على إحضار كتابين وكيس قهوة وحيد، فالاحتياط لن يضرني باستثناء حمل شنطة أثقل.
كما صرت مجبرًا على التخطيط لكل ما قد أرغب بمشاهدته والاستماع إليه قبل الذهاب. صحيح أن ذلك يتطلب جلسة حقيقية لكي أرسو على اختيارات من شأنها ألّا تجعلني أندم لاحقًا، ولكنه في الوقت نفسه يتيح لي استكشاف اهتماماتي استكشافًا أكثر اتساقًا وشمولية، وهو ما يعود لاحقًا على أوقات اتصالي الإنترنتي باستكشافات جديدة.
بات السؤال الأهم متى وجدت نفسي على أعتاب ممارسة جديدة أو اقتناء الأشياء: هل سأستطيع وضع ذلك الشيء ضمن جدولي المتقلب أولًا، وهل تلك الممارسة أو ذلك الشيء متنقل وقابل للخضوع لعالم انقطاع النت؟ وهكذا، خلال السنوات الست الماضية، أفضى ذعر البدايات من الحياة بلا إنترنت إلى أسئلة بالغة الإثراء ماديًّا ومعنويًّا.
مقالات أخرى من نشرة أها!
هل تتخطى مقدمة المسلسل؟
في هذه المقدمات، قد تجد ما يرتبط بالعمل ويضيف إليه، إن لم يكن معرفيًّا فعلى الأقل فنيًّا أو أدبيًّا؛ ما يجعل حضور المقدمة أمرًا مرغوبًا فيه.
حسين الضواُدرس معي على يوتيوب
يكمن الفرق بين ظاهرة «ادرس معي» والظواهر الأخرى أنها تقلل الحد الفاصل بين الجدية والترفيه. وتعطي دافعًا لصانع المحتوى للتركيز في مهمته.
أنس الرتوعيمن أين تأخذ أخبارك؟
كان الوعد الإنترنتيّ الأول بضمان معرفتنا الأخبار من مصادر متعددة والتأكد من مصداقيتها. لكن حرَّاس بوابة الأخبار الجدد نقضوا الوعد.
مازن العتيبيجسدك تحت رقابة مديرك
فكرة مراقبة الموظف جزءٌ من بنية الحياة الوظيفية، حيث ثمة ربط بين المراقبة والانصياع. لكن سيُفتح المجال للإنجاز إن انزاحت مراقبة الأخ الأكبر.
حسين الإسماعيلمجموعات التنزه في الطبيعة ليست مجرد «ترند»
يندر حل تعقيدات الصحة العقلية من خلال تغيير نمط واحد في الحياة، لكن أظهرت العديد من الدراسات أن رؤية الطبيعة تهدئ أنظمتنا العصبية.
سحر الهاشميتك توك يُنعش الدودة الراقصة
أصبح تك توك الصانع الحقيقي لشهرة أي أغنية ووصولها قائمة بِلبورد وقوائم التحميل على المنصات، طبعًا بعد وصول «دودتها الراقصة» إلى أدمغتنا.
إيمان أسعد