متحف رسائل واتساب الصوتيّة

لعلَّ رسائلنا الواتسابية تجد طريقها إلى أرشيف في متحف، لكنها لن تكون كأشرطة الكاسيت. فتغيّر الوسيلة أدّى إلى تغيّر طبيعة التواصل أيضًا

متحف رسائلنا الصوتية عبر واتساب / ImranCreative

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
5 يونيو، 2022

أثناء زيارتنا متحفًا في منطقة جُبّة التاريخية، التقينا أنا وعائلتي بعامل باكستاني في مجلس المتحف الصغير. اكتشفنا في أثناء حديثنا معه أنه مقيم في جُبّة منذ أكثر من ثلاثين سنة، قبل توفّر أية وسائل تقنية تُعينه في التواصل مع أهله في باكستان. فلا جوّالات، ولا هواتف ثابتة يسهل الوصول إليها، ولا إنترنت تتيح له التواصل الفوري؛ لكن كانت لديه أشرطة الكاسيت.

فقد ظهرت أشرطة الكاسيت باعتبارها وسيلة مفضّلة للتواصل الشفوي لدى آلاف العائلات من الجالية الباكستانية والهندية حول العالم: في بريطانيا وكندا وفي الخليج، وحتى لدى عائلات داخل باكستان نفسها. فأتذكر أن العامل في بيت جدتي في كراتشي كان يحمل معه أشرطة كاسيت سجّلتها عائلته في مدينة بيشاور، ليستمع إليها حتى زيارته القادمة إلى «ديرته». 

وحين ظننا أنَّ أشرطة الكاسيت وُجدت لتبقى، توفّرت أجهزة ذكية بأسعار معقولة سهّلت التواصل. ثم جاءت واتساب وأطلقت عام 2013 خاصية تسجيل الرسائل الصوتية، لتحل محل الأشرطة كليًا، وتُستخدم لإرسال مليارات الرسائل الصوتية يوميًا وبشكلٍ فوريّ. 

قد لا يفهم الجيل الذي ترعرع على مأدبة من الخيارات الرقمية قيمةَ الأشرطة البسيطة تقنيًّا، لكن ها هي اليوم تحمل أرشيفًا شفهيًّا من الذكريات والمشاعر التي تروي جزءًا من تاريخنا وتستحق الحفظ. 

فهنا مثلًا مشروعٌ أردني ثقافي يعمل على تفريغ أشرطة من السبعينيات للحفاظ على الهوية الأردنية. وابنٌ باكستاني يحاول التمسك بذكريات والده الراحل المخزّنة في أشرطة الكاسيت. 

وسينطبق الأمر نفسه على الرسائل الصوتية التي نرسلها عبر  واتساب اليوم؛ وستصبح في المستقبل جزءًا من تاريخ البشرية. وقد تؤرشفها الأجيال القادمة حينما تندثر هذه الوسيلة أيضًا.

ولعلَّ رسائلنا الواتسابية تجد طريقها إلى أرشيف في متحف كالذي زرتُه في جُبّة، لكنها لن تكون كأشرطة الكاسيت. فتغيّر الوسيلة أدّى إلى تغيّر طبيعة التواصل أيضًا، ورسائلنا الكثيرة التي تُرسَل عدّة مرات باليوم لا تحمل تلك الكثافة في الوصف والعاطفة التي حملتها الأشرطة. 

فبوسعي الآن -وبضغطة زر- أن أسجّل صوتًا لأطلب شيئًا أو ألغي موعدًا؛ أمور تدلّ على رفاهية التواصل الشفوي في حياتنا. لكنها ستتطلب من الباحثين المستقبليين الكثير من الجهد والوقت لغربلة الرسائل القليلة المهمة منها.


مقالات أخرى من نشرة أها!
28 مارس، 2022

لماذا أحبُّ علبة غدائي

أنا أكره الطهي، فقد رأيت إلى أي حد كان يرهق أمي. ويرعبني الوقت والجهد الذي يتطلبه لنصف يوم، كل يوم، فيما كانت تستطيع فعل شيء آخر تحبه.

إيمان أسعد
22 مايو، 2022

يوتيوب يُشبع حاجتك العاطفية

على أي شيء يدل الطلب العالي لمنتج الـ«ASMR»؟ أهو انعكاس لحاجة الإنسان الأساسية إلى الاهتمام؟ أم أنه أسلوب الحياة العصرية؟

معاذ العميرين
2 مارس، 2022

ماذا لو تلاعبوا بوجودك الرقميّ؟

إن وجود أحدنا عبارة عن بيانات قابلة للتداول وللحفظ، وقابلة أيضًا للفقد والتلاعب. فماذا يحدث إذا تلخبطت السجلات الرقمية فجأة؟

أشرف فقيه
1 يناير، 2023

ضوضاء المقهى تحفّز تفكيرك الإبداعي

يجد البعض تركيزه وزيادة إنتاجيته بالعمل في مستوى معين من الضوضاء. فإذا كنت تنتمي إلى هؤلاء، فأجواء المقهى هي البيئة الإبداعية الأفضل لك.

بثينة الهذلول
5 فبراير، 2023

هل صوت آلتك الذكية ذكوري أم أنثوي؟

إن الطبيعة البشرية عامّةً تفضل الصوت الأنثوي. لكن لو أسقطت هذه النتيجة على التعاملات اليومية، فسوف أجد أنَّها ليست صحيحة دائمًا.

أنس الرتوعي
18 ديسمبر، 2022

سماعة تسليك وتحافظ على بيئتك

في حين نعيش اليوم في خضم أزمات جدالات الطاقة المتجددة، تثبت لنا سماعة أديداس أن الإبداع التصنيعي لا يتعارض مع الحفاظ على البيئة.

حسين الإسماعيل