المندي الفضائي!

أوجه تحذيرًا واضحًا إلى من يقرأ هذه النشرة الأسبوعية من الفضائيين، من باب الحرص على علاقات مع البشر مبنية على الاحترام المتبادل.

أصدقكم القول إني مقتنع بأمرين؛ الأول أنه يوجد في الكون مخلوقات غيرنا يستوطنون كواكب لا نعرفها. والأمر الآخر أن تلك المخلوقات لن تفكر في القدوم إلى الأرض. وهاتان القناعتان ليستا بالطبع نتيجة معرفة أو علم أُوتيته، ولكنها من كيسي، وأجد أني حرٌ في تبني أي قناعات حول هذا الموضوع على وجه الخصوص. لأن دولًا عظمى تصرف المليارات، وتبني المراكز من أجل ممارسة «الهبد» في هذا الموضوع؛ ولذلك فلا ضير في أن نمارس ذلك جميعًا، دولًا ومؤسسات وأفرادًا.

وإيماني بوجود تلك المخلوقات في حال كانت غير موجودة، لن يترتب عليه أي التزام أخلاقي أو مادي. وفي حال كانت موجودة بالفعل فإن الأمر لن يختلف كثيرًا؛ وذلك لأني أواجه صعوبات في فهم الكائنات الأرضية التي أتشارك معها العيش في هذا الكوكب. ولن تكون مشكلة كبيرة إن لم أفهم الإخوة الفضائيين، أو لم يكن تواصلي معهم على ما يرام.

الأمر الذي أختلف فيه مع بني جنسي من سكان الأرض بشأن المخلوقات الفضائية هو الافتراض بأنها كائنات ذكية؛ ربما تكون كائنات بلهاء لم تخترع حتى الآن وسيلة للتنقل داخل كواكبهم نفسها، ناهيك عن التفكير في قطع آلاف السنوات الضوئية لزيارة الأرض. وحتى لو افترضنا أنها كائنات ذكية بشكل أو بآخر، فإن فكرة زيارة الأرض فكرة حمقاء لا تنم عن حصافة ولا تفكير سليم.

Giphy 47
لا أمل في البشرية / Giphy

ما الذي يود الفضائيون تعلمه من الأرضيين؟ من المؤكد أنه ليس شيئًا تقنيًّا، لأن وصولهم إلى الأرض يعني أن لديهم تقدمًا تقنيًا وعلميًا ما زال بعيد المنال على الأرضيين. هل أتوا ليتعلموا الشعر والأدب والأخلاق مثلًا؟ وهذا أمر مستبعد لأن كل الزوار الفضائيين الذين نسمع عنهم في الأخبار يأتون من الفضاء إلى أمريكا أو أوربا، وهذا يعني أن الأخلاق ليست غايتهم.

وقدومهم إلى تلك الديار بعينها يشكل خطرًا على هوية الكائنات الفضائية، فمن يعلم، قد تصدر قوانين في أمريكا وكندا تقول إن من حق أي أحد القول بأنه كائن فضائي، وأن تحديد نوع الكائن يشكل تعديًا على حرية الاختيار. الفضائيون يغامرون بتاريخهم وحضارتهم حين يأتون إلى الأرض، ثم لا يزورون سوى الدول التي تسكنها الشعوب اللزجة ممسوخة الهوية.

من جانب آخر، ربما لم نكن نحن المستهدفين بتلك الزيارات الفضائية، قد تكون تلك الكائنات غادرت كوكبها قبل آلاف السنين لزيارة بشريين لم يعودوا موجودين حاليًا. بمعنى أن سبب زيارتهم هو المساعدة في بناء سور الصين أو الأهرامات -على سبيل المثال- وعندما وصلوا اكتشفوا أن العمل قد انتهى، وأن مقاولي الأهرامات قد سلموا المشروع منذ آلاف السنين. وقد تكون الأرض مجرد محطة على الطريق الذي تسلكه تلك الكائنات للذهاب إلى كواكب أخرى، لسنا سوى محطة على الطريق السريع سيشتمونها بعد مغادرتها؛ لأنها تفتقد إلى أبسط معايير الذوق.

وهناك احتمال بأن أولئك الفضائيين ليسوا سكان كواكب أخرى، وأنهم ليسوا سوى الجن الخاص بتلك الكواكب، وأن الجن خاصتنا ذهبوا إليهم في وقت سابق وهم يردون الزيارة. كل الاحتمالات واردة طبعًا، وبما أنني لم ألتق حتى هذه اللحظة بأي كائن فضائي يشرح لي بوضوح من هو، وما الذي يفعله هنا، فإن باب التأليف على ألسنة الفضائيين سيبقى مفتوحًا. وإن لم يعجبهم هذا الأمر، فليخبرونا صراحةً ماذا يريدون. صحيح أننا نحن الأرضيين لا نعرف ماذا نريد حتى الآن، وأنه يبدو سخيفًا أن نسأل الآخرين سؤالًا لم نستطع إجابته منذ وصولنا إلى هذا الكوكب. لكننا في الوقت ذاته لا نخجل من ممارسة الأشياء السخيفة، ولذلك لن نتحرج من السؤال.

الاحتمال الذي يؤيده المنغلقون الذين لا يريدون الانفتاح على الآخر الفضائي، هو أن تلك الكائنات تراقبنا من بعيد، وتتساءل، لماذا يكذب هؤلاء الأرضيون ويدعون بأننا نحوم حول كوكبهم؟ ما الجرائم التي يرتكبونها ويريدون أن نبدو وكأننا من ارتكبها. لا شك أن فضائيًّا الآن يكتب مدونة في كوكبه ويصفنا بأننا مجموعة من القتلة الذين يتفننون في اختراع طرائق لإبادة جنسهم البشري، ولا يخجلون من ادعاء أن سكان الكواكب الأخرى يتربصون بهم، ويرسلون إليهم الأطباق الطائرة. وبالمناسبة فإن فكرة الأطباق فكرة هوليودية في الأساس، ولو أن أفلامًا أنتجت عن قدور طائرة في بداية الأمر لكان الفضائيون يأتون حتى اليوم في قدور.

وبمناسبة القدور والأطباق، فإني أوجه تحذيرًا واضحًا إلى من يقرأ هذه النشرة الأسبوعية من الفضائيين، من باب الحرص على علاقات مع البشر مبنية على الاحترام المتبادل، فاسمعوا مني وانقلوا عني إلى بني جنسكم أني أحذركم من مجرد التفكير في المرور فوق الأراضي السعودية، أو الهبوط فيها. سيكون مسيئًا للعلم والاختراعات والتكنولوجيا التي وصلتم إليها وقادتكم إلى الأرض، أن ينتهي بك المطاف أخي الفضائي في قدر ضغط، وأحد السعوديين -من منطقة ما- يشرح لمتابعيه أفضل طريقة لطبخ الفضائي، وأن «عكرة» الكائن الفضائي منشط جنسي!

الإنسانالمخلوقات الفضائيةالمستقبلالرأي
نشرة الساخرنشرة الساخرالحياة أقصر من أن تستفزك تغريدة على إكس. هذه النشرة من أجل استفزازك بطريقة أخرى!