حرية الاختيار لا تسهّل اتخاذ القرار

كثرة الخيارات على الإنترنت في ظل تلاشي القيود قد تؤدي إلى حيرة في اتخاذ قرارات كانت أسهل مع وجود خيارات أقل.

العجز عن اتخاذ قرار مناسب / ImranCreative

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
28 يوليو، 2022

لدى بحثي عن ملحقات لجهازي الآيباد، قضيتُ أيامًا في الاطّلاع والتخطيط ومشاهدة تقييمات يوتيوب. وبعد شعوري بالدوخة من رؤية عشرات المنتجات، وعدم الاقتناع بموثوقيتها، اتّجهت نحو أقرب متجر إلكترونيات من منزلي، واخترتُ من الأكسسوارات القليلة المتوفرة هناك. هكذا، وخلال دقائق، خرجت بحل لمشكلتي. 

لطالما كانت «الحرية المطلقة» وعدم محدودية الخيارات حلمًا لتقديم المحتوى والمنتجات عبر الإنترنت، فهي ما تميّز السوق الإلكترونيّة عن سابقتها التقليدية. فخبّازة الكعك لم تعد بحاجة إلى مخبز على أرض الواقع، وتستطيع البيع على المستهلكين مباشرةً من خلال متجرها على إنستقرام. الأمر كذلك لصانع المحتوى على يوتيوب، فبإمكانه مشاركة فيديوهاته مع جمهوره مباشرةً دون وجود محطة تلفزيونية تتوسط بينهما.

لكن هذا الحلم لا يمثّل سوى جزء من الواقع. إذ لا شك أن الإنترنت فتح أبوابًا لكل من يريد إنشاء قناة يوتيوبية أو متجر إنستقرامي، لكن شركات مثل قوقل وميتا لا تزال «تُفلتر» تجربتنا الإنترنتية. فكم سمعنا عن مقاطع من يوتيوب تُحذف أو حسابات في تويتر وإنستقرام تُحجب لعدم موافقتها شروط المنصة؟

هنا أتفهم الرغبة في وجود نسخة من الإنترنت لا يحكمها حرّاس التقنية؛ النسخة التي تُلقّب بـ«ويب ثري» «web3». فشركات التقنية العملاقة تضعنا جميعًا  تحت سيطرة قراراتها التي قد لا تكون في صالحنا في كثير من الأحيان.

لكن كثرة الخيارات على الإنترنت في ظل تلاشي القيود قد تؤدي إلى حيرة في اتخاذ قرارات كانت أسهل مع وجود خيارات أقل. وتُسمَّى هذه الظاهرة «مفارقة الاختيار» (Paradox of Choice)؛ فمن يختار بين ثلاث كعكات معروضة في مخبز الحي، يسهل عليه الوصول إلى قرار أكثر ممّن يتصفح مئات الحسابات الإنستقرامية بحثًا عن كعكة.

ورغم أنَّ انتقاد حرّاس عالمنا مهم وفي محله، أرى فائدةً في الاستعانة بجهات كُبرى متحكّمة تحدد خياراتنا، سواءً أكان ذلك على أرض الواقع أم في عالمنا الافتراضي. فالمحطات التلفزيونية تُعد برامجها مع منتجين لديهم سنوات من الخبرة، ومنصات مثل يوتيوب وفيسبوك -رغم عيوبهما- تدعم صنّاع المحتوى في الوصول إلى جماهيرهم.

ولا بأس، في سعينا الأعمى نحو «الحرية المطلقة»، إن لجأنا بين فترة وأخرى إلى قيود التسوق من المتجر الصغير في الحيّ.


مقالات أخرى من نشرة أها!
23 يناير، 2023

الموظف غير المدخّن يستحق إجازة أطول

اعترف صديقي أنه لم يبدأ رحلته في التدخين إلا حين صار موظفًا، إذ منحته السجائر في المقام الأول فرصةً للتعرف على الناس في بيئة جديدة.

حسين الإسماعيل
23 أغسطس، 2022

الشغف لا ينتهي عند التخصص الجامعي

لا شيء يدعونا لاكتشاف الذات سوى كثرة التجارب والخبرات المتراكمة، التي لا تأتي إلا من خلال الانخراط في مهام عملية يومية مع فريقٍ داعم.

أحمد مشرف
20 يناير، 2022

مستقبلك في أتمتة ادّخارك

مع انتشار فكرة أتمتة القرارات لم يعد تهيُّب الإنسان من اتخاذ بعض القرارات المصيرية مشكلة، من ضمنها قرار الادخار من الراتب.

تركي القحطاني
29 مارس، 2022

لسنا مسؤولين عن الشركات اللاأخلاقيّة

علينا معاينة الأمور عن كثب بغية التحقق ما إذا كنا بالفعل مسؤولين أفرادًا، أم أنَّ أنظارنا تُصرف عن الآليات المؤسساتية المبطنة اللاأخلاقية.

حسين الإسماعيل
14 فبراير، 2022

أشتهي طبق فول بالبستاشيو

غيَّر الإنترنت، وإنستقرام بالذات، من علاقتنا مع الطعام. فمع هوسنا بالتصوير، تحوَّل الطعام إلى نوع من الفنون البصرية التي تمتِّع الناظرين.

ثمود بن محفوظ
11 أغسطس، 2022

أنا أنام إذن أنا أفكّر

تعلمت أيضًا درسًا لن أنساه: حين تستفحل المعضلة وتستغلق أبوابها، فالنوم جزءٌ رئيس من أي محاولة لإدراك خيوط حلها.

حسين الإسماعيل