تخيل أنك وصلت إلى مقر عملك في تمام الثامنة صباحًا، فوجدت أمامك شخصًا منكبًّا على طبق من قطع الدجاج المقرمش وساندويشة زنجر حارة، تتخللهما لقمات من البطاطس المقلي ورشفات من البيبسي «المسرسح»، (بفرض أنه سيجد مطعمًا يُعِد هذه الوجبات صباحًا). ربما تكون ردة فعلك الأولى استنكارية: «وش هالجو على الريق؟»
فلنتخيل الآن الموقف نفسه، سوى أنك تجد هذا الشخص في صالة المغادرين بالمطار ينتظر رحلته هو الآخر. ثمة احتمالية أن تكون ردة الفعل هنا مختلفة تمامًا. فقد تصادف هذه الوجبة عشاء الشخص حسب ساعة جسمه، التي ظلت عصية على اختلاف المناطق الزمنية والطائرات الصباحية. صحيح أن ما يفصل بين حدة رَدّتَي الفعل -ماديًّا- ليس إلا جدرانًا أسمنتية، إلا أن معاني الزمن بينهما تجري باختلاف. ومن ثم لا مفر من التساؤل عن الارتباط الجوهري بين الزمن والفضاءات التي نعيشها.
لو تركنا حقيقة جوعي «الدايتي» في أثناء كتابة التدوينة جانبًا، فهذا لا يبطل فكرة أننا نعيش الأزمنة بارتباطها المكاني، وبما تحمله الأمكنة من معانٍ. فلستُ الوحيد الذي يجد نفسه يعايش زمنين في أيام الأسبوع: زمن الوظيفة المرتبط بأوقات الدوام ومهامها و«بريكاتها». وزمنًا آخر يرتبط، مثلًا، بأوقات الصلوات الخمس وما يتبعها من ترتيب الجدول داخل الدوام وخارجه.
وينطبق الأمر نفسه على تباين الأزمنة عند من تضطره طبيعة عمله إلى المناوبة ليلًا، أو في أماكن يجري العمل فيها على مدار أربع وعشرين ساعة، كالمستشفيات أو مواقع الحفر. كما ينطبق على من يقطن مدينة تستمر الحياة فيها حتى أوقات متأخرة من الليل، أو مكانًا بلا حياة ليلية بالمعنى الحقيقي. فضلًا عن اختلاف أوقات شروق الشمس وغروبها بما يتيح نطاقات واسعة من تقسيم اليوم، حينما يتعلق الأمر بالتنقل بين مناطق مختلفة.
ويزداد الأمر حدة إذا ما استدعت الحاجة تغيير الروتين بتكرار، إذ يصبح تعاقب الليل والنهار وأيام التقويم محض نقطة مرجعية.
في كل هذه الأمثلة، يجد الفرد نفسه «متشربكًا» بفضاءات تجعل من معنى الزمن المعايش أمرًا متفاوتًا. وفي حين يقول أنتوني قدنز: إن ارتباط الزمان بالمكان سمة من سمات الثقافات ما قبل الحداثية، وإن الحداثة أدت إلى تفريغ مفهوم الزمن وربطه بما هو مطلق وقابل للقياس في سبيل تطويع المكان، فإن هذه الدعوى محض تأويل مغرض للتغيير. ولو كان قدنز محتبسًا معي في مطار أمستردام شتاء عام 2010، حين تسببت العواصف الثلجية في إيقاف كل الرحلات من المطار وإليه، وانسداد الشوارع بالخارج، لربما أعاد التأمل في زمنه المطلق، وهو يعيش يومًا ترانزيتيًّا لم تعد الساعة فيه تعني شيئًا.
مقالات أخرى من نشرة أها!
هل حصلت على نجمتك اليوم؟
الكل يتسابق على وقتك، والطريقة الأمثل للاستحواذ عليه هي في إدخالك لعبة سباقٍ لا ينتهي. يضحكني أنَّ اسم هذه التقنية هو «التلعيب».
مازن العتيبيتحيا الإقطاعيّة الإلكترونية
تطوَّرت الرأسمالية إلى وحشٍ مجهول متعدد الرؤوس يصعب التوقع به حتى في أعين أعتى الرأسماليين. رؤوسه المنصات الرقمية الكبرى، وأشرسها ميتا.
إيمان أسعدماذا لو اختفت اليوم شبكات التواصل؟
تسيطر شبكات التواصل على يوميات حياتنا، ويجادل البعض أنَّها شرٌّ لا بد منه حرمنا السعادة، فماذا سيحل بنا إن اختفت تلك الشبكات اليوم؟
أشرف فقيهرصيدي البنكي يحوّلني للقراءة الإلكترو-ورقيّة
أنا نشأت على الطريقة التقليدية في التعلُّم الورقيّ، ولم تفلح محاولاتي في إقناع دماغي بأنَّ القراءة من على الشاشة ليست مؤقتة وسريعة.
حسين الإسماعيللا تلغ متابعة من تختلف معه!
لا أريد لوجودي في تويتر أن يكون أشبه بالفقاعة، لذا عدت إلى بعض الحسابات التي ألغيتها، والتي تحتوي على المعلومات التي لا تتوافق مع أفكاري.
بثينة الهذلولالتسويف ليس كسلًا، بل مشكلة عقلية
حل التسويف يكمن في مواجهة الخوف الذي يثيره، وذلك من خلال التدوين عن المشاعر السلبية ومواجهتها بدلًا من التهرّب منها.
رويحة عبدالرب