«الدحيح» كبسولة معرفية أم حبة تخسيس؟

تَعِد الكبسولات بتقديم طرح غير ذاتي عبر الاطلاع على مصادر معرفية مختلفة ثم تقديمها للمتلقي، وهذه العملية غير ممكنة في كثير من الحالات. 

الكبسولات المعرفية / عمران

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
30 نوفمبر، 2022

لي موقفٌ سلبي تجاه برامج الكبسولات المعرفية، وأراها برامج تخلق وهم المعرفة عند مستهلكيها. إذ تزعم هذه البرامج قدرتها على إيصال مفاهيم كلية في مادة قصيرة سهلة الهضم. فعشر دقائق من «مالك بالطويلة» أو ربع ساعة من «الدحيح» كفيلة بأن تقدم لك –في ظنهم– تعريفًا جامعًا مانعًا لمفاهيم ثقافية مختلفة معقدة كالتضخم والزمن والماركسية والعنصرية… إلخ.

في معرض مناهضتي للكبسولات المعرفية مع بعض الأصدقاء، احتجَّ أحدهم أن كل ما يُقدَّم في المشهد الثقافي يقع في إطار الكبسولات المعرفية، بما فيها تلك التي أنخرط فيها أنا شخصيًّا. وكانت تلك هي اللحظة التي اكتشفت فيها أنَّ مربط الخلاف يعود لتعريف الكبسولة المعرفية ذاتها. 

توحي مفردة «الكبسولة» بصغر المادة الثقافية المقدمة، فهي إما مقالة في عدد قليل من الكلمات وإما مادة مرئية أو مسموعة في مدة زمنية قصيرة، أو ما يعادل ذلك في الوسائط الأخرى. وهو ما يجعل من جميع المواد الثقافية القصيرة في ظن صديقي أنها تندرج ضمن الكبسولات المعرفية، ولكن تعريفي لها يختلف تمامًا.

فأنا لا أرى في حجم المادة المعرفية معيارًا رئيسًا في هذا التصنيف، بل قد لا أصنف مادة تقع في عشر دقائق بأنها كبسولة، في حين أفعل ذلك مع مادة أخرى أكبر حجمًا منها.

مثلًا، هل يصنف أحدنا مقالة «موت المؤلف» للفرنسي رولان بارت على أنها كبسولة معرفية؟ لمَ لا، فالنظرية تقع في أقل من ست صفحات؛ أي ما يعادل قرابة العشر دقائق من حلقة يوتيوبية أو حلقة بودكاست.

الإجابة في نظري سهلة جدًّا: لا يمكن أن تكون «موت المؤلف» كبسولة معرفية بالرغم من قصرها، لأنها طَرْحٌ أصيل ومَعْلم معرفيّ، وفتح مبين في حقل الدراسات النقدية. والأمثلة كثيرة على الأوراق البحثية القصيرة ذات المحتوى الأصيل.

إذن، شرط الأصالة هو ما يمايز الكبسولة المعرفية عن غيرها، وهذا يقودني إلى الإشكال التالي:

مع غياب أصالة الفكر وإنتاج المعارف الجديدة في الكبسولة، أسأل: ماذا تقدم الكبسولة إذن؟ تدَّعي هذه الكبسولات –ولو ضمنًا– الموضوعية، فهي تَعِد بتقديم طرح غير ذاتي عبر الاطلاع على مصادر معرفية مختلفة ثم تقديمها للمتلقي، وهذه العملية غير ممكنة أساسًا في كثير من الحالات. 

فاختيار المصادر وقراءتها ومن ثم فهمها وتيسيرها يستلزم إما موقفًا أيدولوجيًّا، وإما على أقل تقدير تراكمًا معرفيًّا محددًا يؤثر في اختيار الموضوع ابتداءً، والمصادر المتعلقة به ثانيًا، وطريقة فهمها ثالثًا. وهذا كله ينافي الموضوعية محل الادعاء في المقام الأول.

الأسلم في نظري أن تكون الممارسة الثقافية عضوية، عبر اتخاذ موقف فكري واضح يكون نتاج الاطلاع والقراءة، ومن ثم تناول الموضوعات ذاتها ضمن هذا الإطار بعيدًا عن دعوى الموضوعية. هكذا نتخطى مشكلة العجز المعرفي واجترار المعرفة القديمة، ونتجنب أيضًا التشجيع على الكسل المعرفي وتلقين الجميع المعرفة الوهمية بملعقة من فضة.


مقالات أخرى من نشرة أها!
11 أبريل، 2023

لم تعد أنت السلعة في منصات التواصل

مثلما استسلمتُ لابتزاز إيلون مسك قبل شهر، سأستسلم لابتزاز المنصات الأخرى التي أحب استخدامها؛ فأنا مستعدة للدفع مقابل إنستقرام وسبستاك نوتس.

إيمان أسعد
20 أكتوبر، 2022

هل علاقتنا بالطعام تُقاس بالسّعرات؟

مئة سعرة حرارية من تفاحتين تحتوي على ألياف وفيتامينات، بينما المئة نفسها من مشروب غازٍ لا تحتوي على أية قيمة سوى الماء والسكّر.

رويحة عبدالرب
3 نوفمبر، 2022

هل أنت موهوب؟

لا بأس إن دخلت تجارب جديدة، بل أشجعك عليها، لأنَّ تلك التجارب تعينك على التمييز بين الاهتمام المؤقت أو الجانبيّ، وبين الموهبة الحقيقية.

أحمد مشرف
31 أغسطس، 2022

لا تحوّل عميلك إلى منافسك

إن كنت صاحب منتج يتقاضى رسوم تأخير من المستهلكين، فربما تلهم أحدهم في تقديم منتج يتفوق به عليك ويسلب منك عملائك.

تركي القحطاني
22 ديسمبر، 2022

لا تلغ متابعة من تختلف معه!

لا أريد لوجودي في تويتر أن يكون أشبه بالفقاعة، لذا عدت إلى بعض الحسابات التي ألغيتها، والتي تحتوي على المعلومات التي لا تتوافق مع أفكاري.

بثينة الهذلول
28 فبراير، 2023

فكّر بالسبب وراء تضخيم الحبّة إلى قبّة

دومًا ما نواجه في حياتنا هذا النوع من البشر. أناسٌ لديهم القدرة على تحويل خطأ يسير أو مشكلة محدودة الآثار إلى كارثة عالمية.

أنس الرتوعي