تنويه: هذه التدوينة قد تثير حفيظة أهل الرياض.
أتحلطم بين الحين والآخر مع زملاء الدوام بشأن ازدحام الطريق يوميًا إلى مقر العمل ومنه. فلو تأخرتُ بضع دقائق عن موعد خروجي المعتاد، أو صادف أنَّ هنالك حادثًا مبكرًا على الطريق، فإن مشوار النصف ساعة قابلٌ لأن يزيد على الساعة بسهولة تامة، حيث يزداد الازدحام أُسّيًا «ما يعني أيضًا ازدياد الذين يعتقدون أنه طريق والدهم».
ولأنني أسكن في محافظة أخرى، فلا يجد بعض الزملاء بدًّا من إسداء النصيحة المعتادة: «ليش ما تسكن في الخبر أقرب لك؟» فيأتيهم ردي المعتاد: «من قال إني أبغى الدوام يصير محور حياتي؟!» (أدرك طبعًا ما ينضح به ردي من حرية اختيار، وهو امتيازٌ لا يتأتى للجميع، ولذا فحلطمتي لا تشمل الحالات كلها.)
تنطوي «البداهة» التي صاحبت فكرة الانتقال إلى سكن أقرب إلى مقر العمل على اعتقاد بأنَّ حياة العمل أولوية تعيد ترتيب ما سواها. فلا يكفي عند معتنقي هذا الرأي أن الدوام يسرق أكثر من ثلث اليوم أو نصفه حتى، بل يمنحونه أيضًا حق تقرير ما يمكن ممارسته خارج تلك الساعات الطوال.
المسافة بين مسقط رأسي ومقر عملي الرئيس أقل من أربعين كيلومترًا، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار حاجتي إلى التوقف عند محطة تجمّع باصات مدرسة ابني يوميًّا. فأي ازدحام غير متوقع لن يكون أسوأ مما يواجهه أهل الرياض على الدائري قبل حتى طلوع الشمس. لكن مع ذلك، لا أستنكر الازدحام ولا المشوار بقدر ما أستنكر البداهة المصاحبة للسكنى بالقرب من مقر العمل.
وفي حين يمكن لوم ثقافة عبادة الهرم الوظيفي والشركات الذي يعد لنكدإن أوضح تجلياتها، إلا أن الأمر يشمل أيضًا التغلغل المتزايد لنمط علاقات اجتماعية متمحورة حول الفرد بوصفه أساسًا منهجيًا لكل شيء، وحول العمل بصفته وسيلة تحقيق الإنسان لذاته. على ضوء هذا النمط، تترتب أولويات العيش الرغيد بمنطق الفرد العامل وَحدةً أساسية، وترتسم مختلف العلاقات (الاجتماعية والذاتية والترفيهية وغيرها) وفق ما يعيد إنتاج هذه الوحدة.
والنتيجة أن تنزرع في الأذهان صورة الموظف المثالي الذي يقبل رسم حياته على خطوط المهنية المزعومة، متشدقًا بكليشيهات «أحب وظيفتك ولن تضطر إلى العمل يومًا ما»، أو ما كتبه أحد المغردين مؤخرًا عن إيجاد معنى لحياته من خلال العمل الوظيفي.
ولربما منتهى هذا المنطق ما وجدته من خطأ مطبعي في شعار إحدى الشركات الخدماتية، والذي حوّل عبارة «سعادةٌ حيثما تسكن وتعمل» إلى «السعادة هي أن تسكن حيث تعمل».
مقالات أخرى من نشرة أها!
صُنع في الذاكرة
لا يمر يوم دون التقاطنا صور توثق لحظاتنا بأدق التفاصيل خوفًا من النسيان. لكن حتى تتشكل الذاكرة عاطفيًّا لدينا نحتاج إلى نسيان التفاصيل.
إيمان أسعدلماذا لا أستثمر في تسلا؟
لا أتحمّل أن أكون رهين قرار شخص عبقري لكنه مزاجي، فضلًا عن ذهاب مدخراتي وكدحي إلى حساب شخص حاد المزاج قد يغيّر رأيه في أي حال.
تركي القحطانيلا تكتب بلغة «بطتنا بطّت بطتكم»
كلما زاد مستوى تعليم الشخص، زاد الحشو الذي يستخدمه في الكتابة، ولعل ذلك يفسّر كثرة الزوائد بالأبحاث العلمية.
رويحة عبدالربالعواقب الحقيقية للزائفات
في حين ينادي البعض بضرورة تحرّي الدقة في نقل الأخبار والمرئيات، فإنهم يتناسون أنَّ الحقيقة ليست هي المُنى هنا، بل المنى إحداث أثرٍ ما.
حسين الإسماعيللا تنظروا جهة الموت
إن الكارثة -الموت- آت لا محالة بفعل نيزك أو أزمة قلبية أو قشرة موز. فلماذا نجح فلم «لا تنظروا للأعلى» في تعليقنا بأحداثه؟
أشرف فقيهآلامك الجسدية قد يكون أصلها نفسيًّا
تنبهت أنَّ الآلام تتصاعد حدتها تحت القلق. لذا، بدلًا من التركيز على التفسير الظاهري للألم الجسدي، بدأت رحلة التركيز على معالجة أصله النفسي.
بثينة الهذلول