أنشأت حسابي على لنكدإن في يناير 2021، بعد تشجيع من إحدى زميلاتي، وسرعان ما اكتشفت أن طبيعة المنصة تختلف عن أي منصة استخدمتها سابقًا. فصفحتي الرئيسة كانت مليئةً بمنشورات تبدأ بالمقدمة المتكررة نفسها: «أسعد بانضمامي إلى جهة عمل جديدة»، أو «أفتخر بأنني عملت على هذا المشروع الرائع جدًّا».
أضحكتني طبيعة المنشورات الاستعراضية، لأني أعرف بعض زملائي عن قرب، وأدرك جيدًا أنَّ شخصياتهم على واتساب وإنستقرام مُختلفة تمامًا عمّا يتباهون به على لنكدإن.
توسَّعت شبكتي؛ فبدأت تصلني دعوات من أشخاص لا أعرف عنهم شيئًا، إضافة إلى رسائل منهم، تعرض عليّ فرص عمل بقوالب تبدو منسوخة وملصوقة: «مرحبًا رويحة، أتمنى أن تجدك هذه الرسالة بخير». أتفهم أن لنكدإن منصة تستهدف المجتمع المهني، وأن الغرض منها إما استعراض إنجازات سابقة، وإمَّا البحث عن عملٍ جديد، لكن نوعية المحتوى على المنصة جعلتها مصطنعة جدًّا.
تصنُّع لنكدإن لا ينبع من طبيعة المحتوى المنشور فيها فحسب، بل من واجهة المنصة ذاتها أيضًا. فالمنصة تشجّعني على «تقديم تهنئة» بذكرى انضمام زملائي إلى جهات عملهم، وتسمّيه «workversary»؛ كلمة لا ننطقها بالواقع نهائيًّا. ولا يتوقف الأمر هنا، فمن أجل مساعدتي على كتابة تهنئة، لنكدإن تقدّم لي قالبًا جاهزًا أيضًا.
ينتج عن هذه الواجهة تفاعلٌ غير عضوي. فعلى نقيض الميمز المضحكة و«ترند الهاشتاق» على تويتر وإنستقرام المؤدّية إلى تفاعل عفوي و«خفّة دم»، تحبس إشعارات لنكدإن المنشورات والنقاشات في قوالب جاهزة، كأن حياة الفرد ليست شيئًا سوى إنجازات، والضحك على النكت ممنوع.
ومثلما هناك هرمٌ تسلسلي في كل منصة -كأن يكون المصوّرون هم أقوى المؤثّرين في إنستقرام- فالطبقة الأرستقراطية في لنكدإن هم مديرو الموارد البشرية. فالقارئ المستهدَف لأغلب المنشورات والتعليقات التي أشاركها هو مسؤولٌ عن توظيفي أيضًا. فلا لوم إذن على مَن يتفاخر ويستعرض إنجازاته على لنكدإن، لأن الهدف من ذلك جذب انتباه صاحب عمل مُحْتَمل.
ورغم تصنع لنكدإن الذي لا أطيقه، أعترف بأنها حققت أهدافًا لم تبلغها المنصات الأخرى؛ فوجود صور المستخدمين وأسمائهم الحقيقية إلى جانب تعليقاتهم، يجعل تصرفاتهم «مهنية»، في حين عجزت منصات مثل تويتر عن ذلك.
لكن حتى لو كانت لنكدإن مكانًا آمنًا للمهنية، لن أرجع إلى تصفحها؛ فهي تفتقر إلى أهم عنصر لأي منصة تواصل اجتماعي: محتوى عضوي ونقاشات حقيقية. ولعلي أعود في حال وجد مديرو الموارد البشرية طريقًا إلى صفحتي الرئيسة عن طريق ميمز مضحكة.
مقالات أخرى من نشرة أها!
البط في علاج الاحتراق الوظيفي
من خبرتي الطويلة في فترات نهاية العام هذه، يمكنني القول إن الاستقالات فيها تكثر، نتيجة حالات الاحتراق الوظيفي التي يمر الموظفون بها.
أنس الرتوعيعجوز عشرينية أمام لغة جيل زد
كنتُ أرى سنوات العشرينات ريعان الشباب من عمر أي شخص، لكن حضور الجيل زد الإنترنتيّ غيّر من ذلك. وجعلنا نحن مسنين مقارنةً بهم.
رويحة عبدالربلماذا نجح موقع حراج رغم واجهته البدائية
إن أردت تصميم تجربة مستخدم لموقع يستهدف جمهورًا محددًا، ينبغي عليك تجربة الموقع على هذا الجمهور والتأكد من قدرتهم على التعامل مع الموقع.
أنس الرتوعياللّعب على عواطفنا
تخدع ألعاب الواقع الافتراضي عقولنا نحو تصديق السيناريو المفترض لأحداثها. لكن ماذا لو تجاوز الإقناع ساحة اللعب إلى توجُّهنا في اتخاذ موقف؟
أنس الرتوعيمستقبلك في أتمتة ادّخارك
مع انتشار فكرة أتمتة القرارات لم يعد تهيُّب الإنسان من اتخاذ بعض القرارات المصيرية مشكلة، من ضمنها قرار الادخار من الراتب.
تركي القحطانيخرافة «من الصفر» في حكاية رائد الأعمال
إن نقطة الصفر التي ينطلق منها دعاة الاستثمار خرافة، والتنظير الفوقي المتعالي منهم ليس إلا إمعانًا فيها وإهانة ضمنية لظروف الآخرين.
حسين الإسماعيل