تصنُّع لنكدإن لا يُطاق

حتى لو كانت لنكدإن مكانًا آمنًا للمهنية، لن أرجع إلى تصفحها؛ فهي تفتقر إلى أهم عنصر لأي منصة تواصل اجتماعي.

تصنّع المهنية / عمران

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
30 أكتوبر، 2022

أنشأت حسابي على لنكدإن في يناير 2021، بعد تشجيع من إحدى زميلاتي، وسرعان ما اكتشفت أن طبيعة المنصة تختلف عن أي منصة استخدمتها سابقًا. فصفحتي الرئيسة كانت مليئةً بمنشورات تبدأ بالمقدمة المتكررة نفسها: «أسعد بانضمامي إلى جهة عمل جديدة»، أو «أفتخر بأنني عملت على هذا المشروع الرائع جدًّا». 

أضحكتني طبيعة المنشورات الاستعراضية، لأني أعرف بعض زملائي عن قرب، وأدرك جيدًا أنَّ شخصياتهم على واتساب وإنستقرام مُختلفة تمامًا عمّا يتباهون به على لنكدإن. 

توسَّعت شبكتي؛ فبدأت تصلني دعوات من أشخاص لا أعرف عنهم شيئًا، إضافة إلى رسائل منهم، تعرض عليّ فرص عمل بقوالب تبدو منسوخة وملصوقة: «مرحبًا رويحة، أتمنى أن تجدك هذه الرسالة بخير». أتفهم أن لنكدإن منصة تستهدف المجتمع المهني، وأن الغرض منها إما استعراض إنجازات سابقة، وإمَّا البحث عن عملٍ جديد، لكن نوعية المحتوى على المنصة جعلتها مصطنعة جدًّا.

تصنُّع لنكدإن لا ينبع من طبيعة المحتوى المنشور فيها فحسب، بل من واجهة المنصة ذاتها أيضًا. فالمنصة تشجّعني على «تقديم تهنئة» بذكرى انضمام زملائي إلى جهات عملهم، وتسمّيه «workversary»؛ كلمة لا ننطقها بالواقع نهائيًّا. ولا يتوقف الأمر هنا، فمن أجل مساعدتي على كتابة تهنئة، لنكدإن تقدّم لي قالبًا جاهزًا أيضًا.

ينتج عن هذه الواجهة تفاعلٌ غير عضوي. فعلى نقيض الميمز المضحكة و«ترند الهاشتاق» على تويتر وإنستقرام المؤدّية إلى تفاعل عفوي و«خفّة دم»، تحبس إشعارات لنكدإن المنشورات والنقاشات في قوالب جاهزة، كأن حياة الفرد ليست شيئًا سوى إنجازات، والضحك على النكت ممنوع.

ومثلما هناك هرمٌ تسلسلي في كل منصة -كأن يكون المصوّرون هم أقوى المؤثّرين في إنستقرام- فالطبقة الأرستقراطية في لنكدإن هم مديرو الموارد البشرية. فالقارئ المستهدَف لأغلب المنشورات والتعليقات التي أشاركها هو مسؤولٌ عن توظيفي أيضًا. فلا لوم إذن على مَن يتفاخر ويستعرض إنجازاته على لنكدإن، لأن الهدف من ذلك جذب انتباه صاحب عمل مُحْتَمل.

ورغم تصنع لنكدإن الذي لا أطيقه، أعترف بأنها حققت أهدافًا لم تبلغها المنصات الأخرى؛ فوجود صور المستخدمين وأسمائهم الحقيقية إلى جانب تعليقاتهم، يجعل تصرفاتهم «مهنية»، في حين عجزت منصات مثل تويتر عن ذلك. 

لكن حتى لو كانت لنكدإن مكانًا آمنًا للمهنية، لن أرجع إلى تصفحها؛ فهي تفتقر إلى أهم عنصر لأي منصة تواصل اجتماعي: محتوى عضوي ونقاشات حقيقية. ولعلي أعود في حال وجد مديرو الموارد البشرية طريقًا إلى صفحتي الرئيسة عن طريق ميمز مضحكة.


مقالات أخرى من نشرة أها!
5 فبراير، 2023

هل صوت آلتك الذكية ذكوري أم أنثوي؟

إن الطبيعة البشرية عامّةً تفضل الصوت الأنثوي. لكن لو أسقطت هذه النتيجة على التعاملات اليومية، فسوف أجد أنَّها ليست صحيحة دائمًا.

أنس الرتوعي
27 يوليو، 2022

حاجة «الأنا» إلى شفقة المتابعين

مهما أمدتنا منشورات «الأنا» بشعورٍ أفضل حول أنفسنا في البداية، فهي تظل مؤقتة في تأثيرها، بل بعد فترة قد تُشعِر المتابعين بالشفقة عليك.

أحمد مشرف
10 فبراير، 2022

الكاش السيء ومستقبل البتكوين

قد تظن خيار التعامل بالكاش أمرًا اعتياديًّا. لكن في الواقع، اعتماد سكان دولة على الكاش في الدفع يعكس ملمحًا سلبيًّا عن اقتصادها.

تركي القحطاني
12 يناير، 2022

عدوى عبر تك توك؟

تنمو عدوى نشر وتوثيق وإنتاج عالي الجودة للمشاكل الصحية التي يمر بها منتجي المحتوى: قبل وبعد العمليات، والتعايش مع المرض وحتى البكاء من شدة الألم!

صالح كيالي
6 أكتوبر، 2022

لا خصوصيّة في زمن المسحّب

أجد نفسي متسائلًا: متى بلغتُ هذا التساهل في إفشاء بياناتي؟ وما الذي جعلني لا أتردد بتاتًا في مشاركة بعضها؟

حسين الإسماعيل
20 يناير، 2022

مستقبلك في أتمتة ادّخارك

مع انتشار فكرة أتمتة القرارات لم يعد تهيُّب الإنسان من اتخاذ بعض القرارات المصيرية مشكلة، من ضمنها قرار الادخار من الراتب.

تركي القحطاني