ألغيت اشتراكي في «ميديَم» (Medium) بعد تحوُّلها إلى مكينة إنتاج مقالات عن تطوير الذات وقصص الاستقالة، و«كيف تبني ثروتك وأنت قاعد على كرسي حمامك، تحك أنفك، تشاهد مقاطع تك توك لشاب يمثل سكتشًا كوميديًا سرق فكرته من سكتش سابق، والسابق لا ندري سرقه ممن!»
بفضل الإنترنت، انهارت حواجز دخول عالم الكتابة، وأصبح بمقدورك حجز عمودك في منصات مثل ميديم والكتابة فيها مثل أكبرها صحفي. وحتى تحقق الصعود السريع، يجب أن تكتب بحسب مقترحات الخوارزميات وقوائم «الأكثر قراءة» للحصول على لقمة العيش إلى أن يقضي الله أمرًا.
وهذه الخوارزميات والأرقام التي تُظهِر إقبال الناس على المقالات هي سبب الانحدار في «ميديَم». فهي تدفع الكُتاب إلى إعادة طرح الفكرة نفسها مرارًا وتكرارًا، مع تزيينها بعناوين تستغل فضولنا على شاكلة «لماذا تركت وظيفتي التي تحقق 200 ألف دولار في السنة؟»
«ميديم» تكافئ كتّابها بحسب مدة قراءة مقالاتهم، وأول طريقة لسحب الزبون عنوانٌ يثير الفضول يدخلك الباب. وما إن تدخل، سيحاول الكاتب إبقاءك أطول مدة ممكنة عبر سرد قصة تجذبك، أو إغوائك بوعد كشف سر الثراء الأبدي لو واصلت القراءة للختام. وسيصيبك الملل قبل أن تنهي المقال، لكن لا يهم، فكل ثانية مضت تعني بعض السنتات التي تضاف إلى جيب الكاتب.
لهذا، سيظل ربط الجودة بالأرقام معضلة المحتوى الأبدية. فالأرقام تعطي معيارًا قابلاً للقياس، لكن جودة أي مقال نسبية، وتختلف بحسب ذوق القارئ وثقافته. لذا من الآمن للكاتب أن يبحث عن قاسم يشترك فيه أكبر قطاع من الزبائن «القرّاء». فمن لا يريد المال؟ أو تطوير مهاراته؟ أو معرفة أفضل عشرة تطبيقات تساعده على تنظيم حياته!
لكن الاستمرار في تتبع الأرقام وتحسين الكتابة لأجلها يوقع منصات المحتوى في مماشاة السائد ويقلل حس المغامرة عند الكاتب، فيتحول إنتاجه إلى كلام بلا طعم.
وأثناء كتابتي لهذه الحروف، أدركت أنني، على قولة حبايبي المصريين، «مُرزَقْ» لوجود رئيسة تحرير تتفهم رغبتي في الكتابة عن حلمي الأزلي بطردها، أو على الأقل أن يترأسها محرر قوقل… مهلاً… هل سيرغمني حينها الذكاء الاصطناعي على الكتابة لأجل رفع عدد المشاهدات؟!
#الأكثر_قراءة
مقالات أخرى من نشرة أها!
عواقب الإدانة بقطع سويفت
خرج بيان من الاتحاد الأوربي يقضي بإخراج بعض البنوك الروسية من نظام الرسائل البنكية العالمية «سويفت» لتقليل قدرتها على العمل عالميًا.
تركي القحطانيخرافة «من الصفر» في حكاية رائد الأعمال
إن نقطة الصفر التي ينطلق منها دعاة الاستثمار خرافة، والتنظير الفوقي المتعالي منهم ليس إلا إمعانًا فيها وإهانة ضمنية لظروف الآخرين.
حسين الإسماعيلعملك ليس عائلتك
اعتراف الشركة وموظفيها بطبيعة العلاقات المؤقتة جزء من خلق بيئة احترافية. بيئة تقوم على أداء كلٍّ لمهامه وواجباته تجاه الفريق.
رويحة عبدالربالعواقب الحقيقية للزائفات
في حين ينادي البعض بضرورة تحرّي الدقة في نقل الأخبار والمرئيات، فإنهم يتناسون أنَّ الحقيقة ليست هي المُنى هنا، بل المنى إحداث أثرٍ ما.
حسين الإسماعيلصُنع في الذاكرة
لا يمر يوم دون التقاطنا صور توثق لحظاتنا بأدق التفاصيل خوفًا من النسيان. لكن حتى تتشكل الذاكرة عاطفيًّا لدينا نحتاج إلى نسيان التفاصيل.
إيمان أسعدلو كان ستيف جوبز رئيس قوقل
لو كان ستيف جوبز رئيس قوقل، لما أبقى على التقنية الثورية «تبيت» لديه في المختبرات، بل لسعى إلى توظيفها بسرعة في منتج ثوري في متناول الجميع.
إيمان أسعد