وصلتني رسالة وتسابية من إيمان تقترح عليّ تناول فكرة تعريب المصطلحات الأجنبية، بعد وقوعها على تغريدة تدعو لتعريب لفظة «بي دي إف» إلى «بيدوفة».
لا أدري إن كانت إيمان قد رأت تعليقي على تغريدة ذكر أحدهم فيها مفردة بيدوفة قبل تواصلها، ولكن «الأخت الكبرى تراقبك» عبارةٌ مناسبة لوصف ردة فعلي حين قرأت الرسالة. ومن هذا الباب أقترح على ثمود كتابة تدوينة على غرار فضيحة الفراسة الإلكترونية.
لكن رسالتها جاءت دافعًا جديدًا للتخلي عن تقاعسي في التفكير بصوت عالٍ حيال الأمر. فالفكرة كانت تراودني كلما وجدت ردود الفعل على تغريدة لثمانية تحتوي حرف الكاف المعقودة (ق)، قبل قرار ثمانية مؤخرًا اعتماد حرف القاف بديلًا.
في الواقع، يسهل اتهام مجاميع اللغة العربية وحماة طهارتها بعجزهم عن مواكبة كم المصطلحات الأجنبية، كما يسهل نسب شيوع المصطلحات الأجنبية لتقاعسهم، أو لضعف اللغة في الإنتاج المعرفي العربيّ. ولكنني إذا ما استحضرت هذه الحجة أكون وقعت في فخ العلاقة المقلوبة نفسه: تتأسس قواعد اللغة ومفرداتها وتغيراتها عن طريق استخداماتها، وليس بتخيل نطاق ثابت ماضٍ منعزلٍ لكمالها.
ولا شك أنَّ هناك علاقات قوى متباينة من جانب ارتباط أصول المفردات بلغات وسياقات استعمارية معينة، لكن ذلك لا يعني أن المفردات عصية على التطويع والتعريب دون الدخول في أزمات هوية وحروب ثقافية ومحاولات تقنين.
فحين كنت أقرأ الاعتراضات على استخدام ثمانية «لإنستقرام» و«برقر»، أتذكر سعة الاستخدامات اليومية نطقًا وكمية التعريبات السريعة الشائعة التي لا تنتظر مباركة مجمع أو باحث لغويين، فضلًا عن توظيفها بصورة مباشرة في سياقات أخرى.
فالمتابع الكروي مثلًا لا يجد حرجًا من استخدام «الميركاتو» و«الريمونتادا» و«الكلاسيكو» و«الديربي» حينما يحلو له، أو التحدث منفعلًا بأنه كان على اللاعب الفلاني أن «يباصي الكورة» بدل أن «يشوتها». كما أنه لا يتحرج من أن «يوتسب» لأصدقائه «هاردلك» بعدما تجحفل فريقهم بـ«هاتريك» الدقائق الأخيرة.
والمتابع الكروي يعلم إذ يستخدم هذه المفردات وغيرها أنه يتواصل مع مجتمع كروي أكبر يسبغ المعنى عليها، لأنَّ الأهم عنده التواصل مع مجتمعه ضمن لغة مشتركة يفهمها ويتقبلها الكل.
ولذا، إجابةً على رسالة إيمان الوتسابية، فلا ضير من تحميل البيدوفة على قوقل أثناء ارتشاف اللاتيه إن أرادت، دونما اقتحام معمعة مناوشات حماة طهارة اللغة، لا سيما المؤمنون بأن اللغات في الأصل عوالم منفصلة وكاملة لا تلاقح بينها إلا فيما ندر.
مقالات أخرى من نشرة أها!
لست وحدي محور الكون
لازمني اعتقاد بأن إحساس المرء بأنه محور الكون صورة عن أنانية مفرطة أو كبرياء غبي. ولم أفهم أن هذا الشعور متأصل في الطبيعة البشرية.
إيمان أسعدعجوز عشرينية أمام لغة جيل زد
كنتُ أرى سنوات العشرينات ريعان الشباب من عمر أي شخص، لكن حضور الجيل زد الإنترنتيّ غيّر من ذلك. وجعلنا نحن مسنين مقارنةً بهم.
رويحة عبدالربالتدوين علاجك للتصالح مع الذات
القيمة الأكبر للتدوين هي في تمكين المدوّن على التبصّر وفَهم ذاته، وتفسير مواقفه بوضوح، وخاصة ما يتعلق بفهم الأحاسيس والمشاعر.
حسين الضوالأفكار رزق فلا تطيِّرها من يدك
للأفكار حياة خاصة بها، وعندما نرحِّب بها ونعمل عليها فهي تكبر وتنضج. في المقابل، إذا استقبلناها بالتأجيل والتسويف ستذهب إلى من يقدِّرها.
ياسمين فكاكالخوارزميات لا تعرفك
تعقيدنا كبشر أمرٌ يصعب على الخوارزمية إدراكه. قراءتك لكتاب أو إعجابك بمسلسل كان ضمن المقترحات، لا يعكس سوى جزء ضئيل من جوهرك البشري.
ثمود بن محفوظلا يعرف العميل كيف يطوّر منتجك
لكل عميل طلب وحاجة مختلفة عن العميل الآخر. لكن نمو المنتج أو المشروع مرتبط بالأساسيات التي تحتاجها الشريحة المستهدفة.
أنس الرتوعي