«المنيماليزم» ترفٌ لا يمتلكه الجميع

في حين يدرك المتخففون مدى تغلغل الاستهلاكية في كل تفاصيل حياتنا، تتوجه أصابع اللوم دائمًا لمن لا يستطيع مقاومة المد الاستهلاكي.

حياة التخفُّف / ImranCreative

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
28 يونيو، 2022

جاء ظهور الفلم الوثائقي «منيماليزم» (Minimalism) عام 2015 تتويجًا لحراك «التخفف». ويبشّر الوثائقي برسالة سهلة: يمكنك عيش حياة ذات معنى حين تتخفَّف مما يثقلها من أشياء وأعباء. 

وعلى حد تعبير جوشوا ملبورن وراين نيكوديموس، وهما اثنان من أشهر المتخفّفين، ليس الهدف من التخفف التخلص من فائض الماديات وحسب، بل خلق مساحة للمزيد من كل شيء. فقد ضاقا ذرعًا بما تراكم في حياتهما من سيرة مهنية مرموقة وسيارات فارهة ومنازل ضخمة، ووجدا أنَّ «العودة» إلى اللاشيء هو الحل.

تبدو الرسالة برّاقة ومنطقية. ففي عالم تهيمن الاستهلاكية على مختلف أبعاده، يصبح التخفف وسيلةَ مقاومة وتوكيد للذات. إذ يرفض الفرد ربط معنى الحياة بالتملك، ويستعيض عنه بالتحرر من كل ما يثقل ذاته. 

فحين ينتزع الإنسان من نفسه تلك الرغبة العارمة بمراكمة كل ما يرغب به، يصبح ذهنه متاحًا للتأمل في المهم فعلًا، والذي لا يتطابق نهائيًا مع ما تروّج له أنماط الحياة الأخرى التي تولي التكديس والمراكمة -بمختلف أشكالهما- أهميةً رئيسة.

لكن الحقيقة أنّ حراك التخفف هذا ليس إلا غطاءً يواري جزءًا من المشكلة، ويكرّس بقية أجزائها. فحين يتفاخر جوشوا وراين، مثلًا، بتركهما الحياة السعيدة وفق منظور الحلم الأميركي وتوجههما إلى التخفف، فهما يتجاهلان امتياز حرية الاختيار الذي أتاح لهما ذلك. 

بعبارة أخرى، حين قرّرا اتباع أسلوب حياة تخفّفي، كان التخلص مما اعتبراه فائضًا قرارًا بلا عواقب، وبوسعهما العدول عنه أيَّ وقت، لأنهما حظيا منذ البداية بكل المؤهلات المطلوبة ضمن المنظومة القائمة. 

ولا يقتصر الأمر على ذلك وحسب. ففي حين يدرك المتخففون مدى تغلغل الاستهلاكية في كل تفاصيل حياتنا، تتوجه أصابع اللوم دائمًا لمن لا يستطيع مقاومة المد الاستهلاكي. ويتغافل المتخففون عن حقيقة أنَّ المنظومة التي تخلق الاستهلاكية، تخلق أيضًا الظروف التي تجبر شرائح كبيرة على الحرمان من «ثمار» التخفّف. 

فسواء تمثّل الأمر في تراكم الملابس في الخزائن لكي تُمرر عبر الأجيال، أم في ظروف بيئة اقتصادية-اجتماعية تقف عائقًا في سبيل الصعود الاجتماعي، أم في السياسات التي أنتجت أحياء يتكدس سكانها فوق بعضهم بعضًا، فالحقيقة هي أن خيارك الشخصي الحرّ بالتخفّف امتيازٌ وترف لا يناله الجميع.


مقالات أخرى من نشرة أها!
13 أغسطس، 2023

كن ممتنًّا لذكريات فيسبوك

أجده الضامن الوحيد لئلا نقع في فخ الاعتقاد بأنَّ آراءنا القديمة سطحية. الكثير من تلك الآراء تعبير لحظي عن موضوع ما، إنها نحن خلال وقت معين.

محمود عصام
9 أغسطس، 2022

المستثمر يراهن على اشتراكك الشهري

تراهن الشركة -ومن خلفها المستثمر- على السحب من مالك إلى الأبد بقبولك دفع الاشتراك الشهري، ونسيانك لاحقًا إلغاء الاشتراك.

تركي القحطاني
23 يناير، 2022

موت المؤلف بالضربة القاضية

حتى تحافظ منصات المشاهدة على أرباحها الخيالية، وتضاعف إنتاجها بمحتوى جديد يحافظ على اهتمام المشاهد واشتراكه، لن يعود المؤلف البشري كافيًا.

أشرف فقيه
5 أكتوبر، 2022

الراتب الشهري أم السعي وراء شغفك؟

وبالنسبة للشغف، فهو الوسيلة لكي ننجح فيما اخترناه وليس الغاية. الغاية هي راحة البال، وترك الأثر وأن نكون نسخة أفضل من أنفسنا.

أحمد مشرف
23 يوليو، 2023

محاولتي الإقلاع عن إدمان الدونات

أنا أحبُّ الطعام، فهو نعمة غالية ودلالة خير وحب واكتفاء وأمان؛ لكن بإهمالنا بناء علاقة صحيّة معه نحوله إلى نقمة وابتلاء في العافية.

ياسمين عبدالله
31 أكتوبر، 2022

صانع المحتوى يلحق جزرة الخوارزميّات

لم «تجبرني» إنستقرام على التحوّل إلى الريلز، لكنها بالتأكيد مارست عليّ «الإجبار الناعم» من خلال «دندلة» جزرة الانتشار أمام عينيّ. 

إيمان أسعد