هل يجب أن يفيدك التعليم في وظيفتك؟

من شأن تعليمٍ في الآداب أن يكون «استثمارًا» ذاتيًا. فمهارات التفكير النقدي والاطلاع الواسع التي سأكتسبها تعود إيجابيًّا على أدائي الوظيفي.

تعليم نفعي / Aleksandar Savić

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
29 مايو، 2022

لو أردتُ تعداد أكثر الأسئلة التي طرحت عليَّ في السنين الخمس الأخيرة، لكان سؤال «وش بيفيدك في وظيفتك؟» حتمًا من الثلاثة الأوائل. ويَرِد السؤال في أغلب الأحيان كردة فعلٍ على إدراك سائلي أني التحقت ببرنامج ماجستير الآداب عن بُعد، رغم أن الجيولوجيا تخصصي الوظيفي، وليس ثمة علاقةٌ بينهما -حسب ما يفترض السائل. 

منذ ذلك الوقت وحتى اليوم، يظل جوابي كما هو: «ليش لازم يفيدني؟»

لا مراء في وجود تلازم بين الدراسة النظامية والمؤهل التعليمي وسوق العمل، سواء أتعلق الأمر بنطاق التخصصات المعروضة، أم بمنهجة المقررات، أم ببنية المواد الدراسية نفسها. بل كان هذا التلازم موضوع ندوةٍ أقيمت في أكتوبر من العام الماضي، تنادي بضرورة أن تُفصّل الجامعات برامجها بما يعود بالنفع على سوق العمل. 

وفي هذا السياق يمكن فهم تصريح وزير التعليم السابق باحتمالية إلغاء بعض التخصصات الجامعية، وفهم منطق من طرح السؤال عليّ في المقام الأول. إذ تتلازم الدراسة الجامعية في المخيال العام باستيفاء شروط الحصول على وظيفةٍ ما.

ويمكنني طبعًا الإجابة على سؤال «وش بيفيدك في وظيفتك؟» بأن من شأن تعليمٍ واسع النطاق في الآداب أن يكون «استثمارًا» ذاتيًا. فمهارات التفكير النقدي والاطلاع الواسع التي سأكتسبها خلال البرنامج تعود إيجابيًّا على أدائي الوظيفي. 

لكني حينها سأكون قد وقعت في شراك ما أحاول الفرار منه، وهو تصوّر عملية تحصيل المعرفة بحد ذاتها ضمن إطارٍ نفعي مادي مرتبط بحياة مهنية. أي بتصوّر المعرفة وسيلةً لغاية خاضعة لمعايير سوقية تسبغ عليها مختلف القيم والأولويات.

ما ينبغي التشديد عليه في المقابل هو تجريد اكتساب المعرفة (ولا سيما الأكاديمية) من هذا الإطار النيوليبرالي. فتتجرد المعرفة من قابلية التسليع والسوقنة مقابل جعلها مرتبطةً بالذات وتقويمها. 

وفعلًا، بدأت بعض المؤسسات الرائدة بفك هذا الارتباط الحاصل. قد يتمثل ذلك في عرض تخصصات مستقلة يصمم الطالب كامل خطتها الدراسية، أو في طرح برامج أكاديمية غير اعتيادية. أو حتى في فتح نسخ سابقة من المواد المعروضة في الجامعة بغية أن تعم فائدتها على نطاقٍ أوسع. 

يبقى إذن أن تتغير تصوراتنا نحو التعليم الممنهج، ونكف عن سؤال أنفسنا والآخرين «وش بيفيدك في وظيفتك؟».


مقالات أخرى من نشرة أها!
5 أبريل، 2023

هل تخشى صحبة الصمت؟

الآن، وفي هذا الشهر الفضيل، أستحضر فضيلة السكينة، وأجدها فرصة مناسبة لتوطيد العلاقة بالنفس والتعوّد على إمضاء الوقت معها.

حسين الضو
6 أكتوبر، 2022

لا خصوصيّة في زمن المسحّب

أجد نفسي متسائلًا: متى بلغتُ هذا التساهل في إفشاء بياناتي؟ وما الذي جعلني لا أتردد بتاتًا في مشاركة بعضها؟

حسين الإسماعيل
26 أكتوبر، 2022

تمسَّك بالملابس التي تحبّك

الملابس التي نرتديها مثل اللغة، تتكلّم عنك وتتكلّم إليك، حتى إن لم نفهم كل معانيها. لهذا علينا أن نكون أكثر وعيًا بتأثيرها وعلاقتنا بها.

بثينة الهذلول
15 نوفمبر، 2022

هل تتغلب تك توك على قوقل؟

إن كنتُ أبحث عن تقييمات ممتعة حول مطعم، سألجأ إلى تك توك. لكن اختياري للبحث العميق وقراءة المصادر والأبحاث سيظل قوقل.

رويحة عبدالرب
11 أبريل، 2023

لم تعد أنت السلعة في منصات التواصل

مثلما استسلمتُ لابتزاز إيلون مسك قبل شهر، سأستسلم لابتزاز المنصات الأخرى التي أحب استخدامها؛ فأنا مستعدة للدفع مقابل إنستقرام وسبستاك نوتس.

إيمان أسعد
12 ديسمبر، 2022

ازدواجية «الألمان في خبر كـان»

يجب ألا نتخلى عن حقيقة وجود أوجه متعددة اليوم لفرض حضور الثقافات وتباينها، دون الارتكان لمنظور الغرب الشمولي وتعريفاته عن الحياة الفاضلة.

حسين الإسماعيل